An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, February 1, 2009
  • تكامل الغاية والوسيلة في التعليم
  • Published at:Not Found
  • تكامل الغاية والوسيلة في التعليم

    (إن الأمم أفكار تمشي على أرجل رجالها وهؤلاء الرجال)

                                                                    حسني عصر

     

                                                           أ.د. يحيى جبر

    أستاذ علم اللغة بجامعة النجاح الوطنية

                                                                       فلسطيـــن

    الأصل اللغوي علم:

    ينصرف هذا الأصل لدلالة تقع على معنى مادي هو: "تعريف شيء بإشارة ما تكون فيه أو تلحق به" وقد انبثق عنه معنى مجازي يتمثل في معرفة معنى ما من خلال لفظ يكون علامة عليه، وإشارة إليه. وتكتسب المشتقات منه هذه الدلالة إلى جانب ما تفيده المباني التي تصاغ على غرارها.

     

    فعلامات الطريق تدل عليه، والكلمة تدل على معناها، والبعرة تدل على البعير، والعالم هو واضع العلامة، وهو أيضاً العارف بالأشياء والحقائق استناداً إلى علامات ترسخت في ذهنه جراء تجربته، وما أفاده من معلومات استقاها من تجارب الآخرين، ذلك أن "التعليم هو نشاط عقلي يقوم بالتحديد والتوجيه والتحكم في العمليات واستخدامها مع معلومات جديدة بحيث تصبح جزءاً أساسياً من المعرفة التي تختزنها ذاكرة الطالب لمدة طويلة".           (كييف ص126)

     

    والتعليم ليس شأناً ذاتياً وحسب، ولكنه مع ذلك إسهام في خدمة المجتمع الذي ننتمي إليه على الصعد المختلفة، فالتعليم "عملية واسعة ومعقدة للغاية … وإذا كان من الممكن والضروري أن ننظر إلى التعليم باعتبار الغايات والوظائف والمهام الخاصة به، فهذا لا يعني بالطبع أنه معزول عن المجتمع الذي يحيط به، فهو يؤثر باستمرار في تيارات التطور الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، وتمثل المساهمة التي يجب أن يقدمها لهذا النمو جزءاً من المهام الثقيلة الواقعة عليه، وكل رؤية شاملة للتعليم لا يمكن أن تتم إلا من خلال هذا التطور"  (بدران ص5) إذ أن من شأن التعليم أن يفعل في المجتمع فوق ما يفعله في الفرد، يسمو به، ويرتقي بإمكاناته ويفعّل مناشطه، "فالعلاقة بين التعليم كنظام اجتماعي، والمجتمع، علاقة جدلية فاعلة … (فهو) يعكس حركة تطور المجتمع برمته سلبياً أو إيجابياً (بدران ص9) وهو عندما يتخذ وسيلة للتطور. والتنوير يمكن أن يعبر بالمجتمع عشرات، إن لم يكن مئات السنين، معوضاً بذلك حقباً وسنين طويلة من التخلف والجمود الفكري والثقافي"                (بدران ص128)

    والعلم، بهذا، إنما يكون زيادة في الذات، ولو لم يكن محسوساً، ذلك أنه يؤدي إلى تمكين صاحبه من توظيف الأشياء من حوله استناداً إلى ما استقر لديه من معلومات، وبلفظ آخر، فإن العلم زينة وأداة، فبقدر ما يكون لديك منه، يكون رضاك عن نفسك أعلى، وتكون الأدوات المساعدة أكثر، مما يعني أنك بذلك تغدو قادراً على السيطرة على مقاليد الأمور، وعلى تصريف الأشياء وفقاً لما تراه مناسباً.

     

    يقول لمستر ثرو: "في حين أن التكنولوجيا تخلق الميزة النسبية التي يصيغها الإنسان، يحتاج ذلك إلى يد عاملة ماهرة من القمة إلى القاعدة، وستصبح مهارات القوة العاملة السلاح التنافسي الرئيسي في القرن الحادي والعشرين، وستخلق القوة العقلية brain power تكنولوجيا جديدة. (ص46)

     

    بين التعلم والتعليم:

    يتمثل الفرق بين هذين المصدرين في أن أولهما يكون ذاتياً، بينما يكون التعليم للآخر، كأن تعلَّم غيرك، أو يعلمك غيرك، وهذا ما يتناوله الدرس الصرفي، ولا مجال فيه لاجتهاد، أو اختلاف.

     

    وقد تواتر الحث على التعلم والتعليم في كل زمان ومكان، وجرت عادة الناس أن يرفعوا من شأن المتعلم، وقد أقرت ذلك الأديان والأعراف، ومن يقرأ كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه r، يدرك المكانة التي رفع إليها العلم والعلماء مما تناسخ في تراث المسلمين من بعد، كقول الله عز وجل: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". (الزمر 9).

     

    وتجلى ذلك في آداب المسلمين، وفي مقدمة ذلك الأدب العربي، حتى وضعت في ذلك المؤلفات والأشعار، ونحيل القارئ هنا لاستعراض مادة كتابي ابن جماعة وبرهان الدين الزرنوقي في التعلم، وبعض مأثورات الإمام الشافعي وغيرهم.

     

    العلم غاية:

    استناداً إلى ما تقدم، نستطيع أن نقول إن تحصيل العلم غاية في حد ذاته وأي غاية، وما أشبه المعلومة بالشمعة، وكلما ازدادت الشموع التي تنير سبيل الإنسان كان أهدى إلى ما يريد، ومن هنا فليس غريباً أن يُشبه الجهل بالظلام، والعلم بالنور، والله يخرج الناس من الظلمات إلى النور بهديه وما ينهيه إليهم عبر رسله، سلام الله عليهم، من المعلومات والحقائق.

    وكأن الإنسان قطعة معدن، كلما اكتسب علماً كانت تلك القطعة مشوفة واضحة مجلوّة. وكلما كان أقرب إلى الجهل والظلام كانت تلك القطعة صدئة غير واضحة المعالم، وترجمة هذا أن العلم يسمو بالذات ويجلوها ويحققها، والجهل، نقيض ذلك، يطمس الذات، ويغمرها، ويفقدها رونقها وبهاءها، وبعبارة أخرى، تأكيداً لم تقدم، فإن العلم زيادة في الذات، والجهل نقص فيها، مما يعني أن اكتساب العلم غاية في حد ذاته وتحصيله ضرورة، لأن دأب الإنسان أن يسعى إلى ما هو أفضل، ولأن في العلم تحصيناً للذات وتمكيناً لها، وتحقيقاً، لارتباطه بجوهرها، ولانعكاس آثاره عليها بشكل فعّال، وفي هذا كله ما ينسجم مع تكريم الله عز وجل لبني آدم، وتفضيلهم على العالمين علاوة على انسجامه مع الهدف الأول من الخلق، وهو عبادة الله وحده، إذ أن العلم يجعلها خالصة، ومعمقة.

     

    والعلم وسيلة:

    ذلك أن مدلول العلم واسع يرتبط بمناشط الإنسان المختلفة، منه ما يهذب النفس، ويسمو بها، على نحو ما تبيّن في السطور السابقة، فهي تعرف به حدودها وواجباتها، وكيف تتحصن في وجه الشرور والعوادي. ومن العلم ما يمكّن الإنسان من تسخير البيئة من حوله لتكون طوع أمره، فهو بذلك "أسباب" تصل بين الإنسان وأغراضه المختلفة، ووسيلة يحقق بها أهدافه المعاشية.

     

    فقد نجح المخططون في ربط التعليم بالاقتصاد والتجارة، بعد ان صارت الحياة برمتها لا تعدو (فرصة اقتصادية) عند الكثيرين.

     

    لا عجب أن نرى تغلغل هذه الظاهرة في عقول النشء، فالأبناء لا يطلبون العلوم لذاتها، وأنا لا أنكر أن تكون هناك دوافع اقتصادية، لكنني أنكر أن تكون الغاية كلها اقتصادية، لذلك اندفع الأبناء نحو الكليات التجارية التي تدر الربح السريع كالطب وغيرها. وأنا أسمي هذه الظاهرة "العلمانية التعليمية" (التخريب المنظم للتعليم / توفيق أبو شومر، ط1، 1994، ص85).

     

    وهكذا، نستطيع أن نقول إن العلم غاية في ذاته، ووسيلة لنيل الأهداف السامية في الدارسين، به نتقرب من الله عز وجل، وبه نحكم السيطرة على الأشياء من حولنا، ونخضع الظواهر لإرادتنا، فنتمكن بذلك من رقبة هذا الكون، بمشيئة خالق الكون الذي يمكننا، كل يوم، من الإحاطة بشيء من علمه.

     

    وبإجمال، نستطيع أن نقول إن التعليم يباشر إعداد الإنسان للحياة. ويمكنه من التعامل مع مستجداتها، ومع البيئة بما طبعت عليه من مواصفات، "فالتعليم والإعداد للحياة متلازمان، الأول وسيلة والثاني غاية". (صقر ص11)

     

    النظر إلى العلم أو تطور النظرة للتعليم بين الأجداد والأحفاد

    قلما نجد ما يفيد بربط العلم بالمنفعة المادية في التراث الإنساني القديم، ذلك أن كل الأمم كانت تنظر إلى العلم باعتباره زينة وكمالاً يرتقي بصاحبه، ويكرس إنسانيته، وينبغي هنا أن نشير إلى أن العلوم المهنية التي ترتبط مباشرة بالنفع المادي لم تكن شائعة كما هي الحال اليوم، إذ كان يغلب عليها أن تكون متوازنة تنتقل من الآباء إلى الأبناء، مما يفسر ظاهرة الأسر المنسوبة إلى مهنة بعينها أو حرفة، كالشماع، والحداد والنجار، والحايك، والبرادعي، والحصري والسروجية، واللحام … إلى آخره. يضاف إلى ما تقدم أن هذه المهارات لا تدخل في المفهوم الذي كان سائداً للتعليم.

     

    ومع تقدم الزمن، أخذت ظاهرة التكسب بالتعليم تشيع في المجتمع الإنساني حتى غدا التعليم نفسه مهنة رسمية، وتنوعت أشكاله، حتى غدا "ضابط الإيقاع في حيوات المجتمعات، وهو المسؤول عن نوع هذه المجتمعات، ومستوى تحضرها لا تمدنها، أي المسؤول كل المسؤولية عن جوهرها" (حسني 101)، واستشرى السباق في مضماره، وأدرك التربويون حقيقة ما حذر منه الشاعر الإنجليزي هـ.ج.ويلز بقوله: "إن على التاريخ الإنساني أن يكون مستعداً لمواجهة أحد أمرين؛ إما سباق التعليم أو مواجهة الكارثة (تعليم المواطن الأمريكي  ص27) إذ لم تَعد التربية وسيلة لغاية محدودة، لأن الزمن تجاوز الصورة القديمة إلى المجتمع الدائم التعلم، من المهد إلى اللحد، وفي كل مجالات الحياة، ولم تقتصر أهمية التربية "على ما تسهم به في تشكيل المستقبل المهني للفرد، بل إنها تمتد لتشمل القيم التي تصيغها إلى نوعية حياة المرء في عمومها" (أمة معرضة للخطر ص24)

     

    وقد أدى ذلك إلى اختلاف النظرة للتعليم والأهداف المنوطة به، وكأن المجتمع الإنساني يكتشف، يوماً بعد يوم، غايات جديدة للتعليم واكتساب المعارف "ومن هنا تتضح أهمية تقديم المعرفة للطلاب في سبيل تهيئتهم للتفكير الفعال" (التدريس من أجل التفكير ص17) في الوقت الذي ينظر فيه معظم المربين "إلى اكتساب أساسيات المعرفة والمهارات الأساسية على أنها الهدف الأولي للتعليم (التدريس من أجل التفكير ص208).

     

    وفي الاتجاه الآخر، تبيّن أن التعليم يرتقي بجوانب الحياة المادية بشكل مطلق، فأقبل الناس عليه لهذا الغرض إقبالاً شديداً، وتغيرت نتيجة لذلك النظرة إليه باعتباره رأسمال خطير، يفوق في أثره ومردوده رأس المال المادي، أجل فقد "تغيرت النظرة التقليدية التي كانت سائدة خلال الثلاثينات من هذا القرن (العشرين)، وهي أن رأس المال يعتبر من أهم مجالات الانطلاق في التنمية الاقتصادية، وأدرك الاقتصاديون أهمية رأس المال البشري الذي لا يقل أهمية عن رأس المال المادي في عمليات التنمية. وأن نسبة العائد في الاستثمار في التعليم تعتبر مرتفعة بالمقارنة معها في رأس المال المادي" (ملاوي ص185)، ومن هنا كان تركيز العلماء والمربين على التعليم، فهذا آدم سميث في كتابه "ثروة الأمم" يبيّن أهمية التعليم ويجعله من بين عناصر رأس المال الثابت.

     

    وذلك كألبريت حين يؤكد أن التربية ليست خدمة عامة تؤدي للأفراد، وإنما هي عملية إنتاجية ينتظر منها عائد أو مردود، ولكنه طويل المدى، ومن ثم فإن ما ينفق على التعليم لا ينبغي أن يدخل في باب الاستهلاك، ولكنه بالضرورة يدخل في باب الاستثمار" (ملاوي 187، وانظر لمثله الرداوي ص77)، وبهذا فإن "التربية الأساسية هي أكثر من غاية في حد ذاتها، فهي الأساس للتعليم المستديم وللتنمية الإنسانية" (مجلة التربية الحديثة ص131) مما أدى إلى تغيير المفهوم الحديث للتعليم الأساسي وجعله "يتمحور حول تزويد الفرد بالمهارات والقدرات الأساسية للتكييف مع بيئة ومجتمعه وتعزيز قدراته الذاتية لكي يكون منتجاً قادراً على العمل" (أبو بطانة ص21).

     

    وهكذا ارتبط التعليم كرأس مال ثابت بمتطلبات التنمية، وأصبح الوسيلة الطولى في هذا المضمار، وإن كان مردوده يأتي متأخراً بعض الوقت، ذلك لأنه يتعامل مع العقل المنتج عبر سلسلة من التفاعلات البطيئة، لكنها مع ذلك، أكيدة موثوقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي الشامل.

     

    "فالتربية بمراحلها ومستوياتها وأنماطها المختلفة أصبحت ضرورة تفرضها متطلبات التنمية الشاملة من حيث هي استثمار له مردوده الاقتصادي والاجتماعي … حيث تهدف التربية من بين ما تهدف إلى تنشيط المجتمع بشكل يجعله قادراً على تأمين حاجات أفراده من خلال الاستقلال الأمثل لثروات الطبيعة … إن للنمط التعليمي دوراً ينبغي له أن يؤديه في إطار سياسة التنمية الوطنية، ويصعب تصور خطة تعليمية لا تتمثل مرحلتها الأولى في تشخيص إجمالي غايته الإجابة عن السؤال الآتي: ما مدى إسهام التربية في تحقيق الأهداف العامة للبلاد (مكتب التربية العربي ص9)، وهذا ما أكده محمد الأحمد الرشيد في مقدمته لكتاب "التربية والتنمية الإقليمية ص8" ، إذ اعتبر التعليم عنصراً هاماً من عناصر التنمية الإقليمية والاجتماعية والثقافية.

     

    ولما كانت هذه هي طبيعة التعليم وحقيقته، فإنه لا بد له من التجدّد ومواكبة المتغيرات التي تستجد ليس على الصعيد الإقليمي وحسب، ولكن على الصعيد العالمي، ذلك أن العالم أصبح – كما يقولون – قرية صغيرة، وفي أدبيات الإسلام الحنيف ما يترجم هذه القضية ممثلاً في ما ورد في الأثر "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" أو ما يسمى بلغة العصر التعليم مدى الحياة (life long education). وسبب ذلك أنه "إذا لم يتواصل التعليم، ويتوافر على مدى رحلة حياة المرء كلها فسوف تصبح مهاراته، بشكل متسارع، مهارات عفا عليها الزمن"  (عبد المعطي ص24)، نظراً لتسارع المستجدات في مجالي العلوم التطبيقية والتقنية، يضاف إلى ذلك ما أسلفناه، على الصعيد الروحي، من السمو الذي يتحقق للنفس جراء الاستزادة من العلوم والمعارف، ذلك أن عملية التعليم الحقيقية، وبغض النظر عن وجه الانتفاع بها، لا تحدث إلا "عندما تصبح المعلومات جزءاً من الذاكرة طويلة المدى، وهنا تحدث عملية التغيير في البنية المعرفية للفرد (… كييف وزميله ص208)، وبهذا يصبح المرء قادراً على توليد المعرفة بدلاً من اكتسابها، ذلك بما يتاح له من مقدرة على ممارسة التفكير الاستنتاجي الذي "يعتبر الحصيلة النهائية لعملية اكتساب المعرفة الإنسانية، وذلك لاستعمال المعرفة في بناء أسس معرفية معقدة وجديدة (كييف وزميله ص210).

     

    التعليم في استراتيجيات الأمم

    كان التعليم هدفاً للاهتمامات الخاصة عبر الأحقاب الخالية، وكان اجتهاداً شخصياً قلما تولاّه الحاكم، ولم يكن إلزامياً وإن حثت عليه الأديان والفلاسفة، ولم يحتل التعليم في الممارسة العملية مكانة في سياسات التنمية الإقليمية إلا منذ عهد قريب، وتختلف أهميته من بلد لآخر" (اليونسكو – عملية التخطيط ص22).

     

    ومن هنا كان على الدولة أن تتولى رسم سياسة التعليم، وأن تبيّن الأهداف المرجوّة منه "لأنه موضوع متصل بالسياسة العامة للدولة، ويجب أن يتضح الغرض من التعليم"             (بدران ص49).

     

    وتختلف الأمم في أهدافها، وتتباين أغراضها، وإن كانت تسعى جميعاً إلى الارتقاء بمستوى الإنسان، لكن ذلك إنما يتم انطلاقاً من رؤى خاصة، تخضع لاختلاف العقائد والثقافات "ذلك أن لكل نظام اجتماعي أو سياسي هدفه التربوي ومثله العليا في إعداد الشباب وإعداد المواطن الصالح، ويرجع تنوّع الأهداف وتباين الغايات إلى اختلاف النظرة الفلسفية نحو تنظيم المجتمع، ونحو حياة الفرد وعلاقته بالمجتمع" (صقر ص7).

     

    فالأجيال الراهنة هي نتاج الجيل السابق، وجبلت وفقاً لأفكاره وفلسفته، فالأمم "أفكار تمشي على أرجل رجالها، وهؤلاء الرجال حصاد عمل مسبوق بتصور في أذهان فلاسفة الأمم وعلمائها ورجال الفكر فيها من كل جنس وصنف من أصناف الفكر الذي يعمل على بثه ودسّه في عقول الأفراد نظام التعليم" (عصر، ص5) ذلك لأن "نظام التعليم آلة المجتمع في إعداد الرجال الذين يدلون بسلوكهم وعرقهم وكدحهم على نوع أمتهم، وصنف تعليمهم، وما ارتقت أمة ولا علا شأنها هكذا بضربة حظ، وإنما ارتقاء الأمم أساس نظام تعليمها الذي هو القوة العظمى الكامنة من وراء تطور الأمة" (عصر ص5).

     

    وربما اشتد طلب العلم بين الدول على طريق التنافس والسباق في مضمار الإنتاج والجودة، وهذا نشاط مشروع، لا سيما أن غاياته تفضي إلى منفعة الإنسان، يقول أحد رجال الأعمال الألمان "تحارب ألمانيا للتفوق في الجودة على دول مثل كوريا واليابان، وليس الولايات المتحدة، وهذا هو المبرر للتوسع الكبير في التعليم في ألمانيا حتى الآن" (لستر ثرو ص246، 253).

     

    والتعليم سبيل الأمم إلى الحصانة والتماسك، وهو عقار فعال ضد التبعية، وأوضح أعلام الهداية إلى طريق التقدم، وهو العامل الذي به تتحقق الذات، وتتبلور السيادة، ويتضح ذلك في أن الأقاليم الاتحادية تستشعر "غيرة شديدة على سلطتها التعليمية … ولذلك فقد قاومت بضراوة ما اعتبرته عدوانا اتحادياً على اختصاصها في هذا المجال، وأبلغ وصف لهذا الوضع هو حالة جمهورية ألمانية الاتحادية، فبافاريا مثلاً ترفض بصورة قاطعة أي تعديات جديدة على استقلال الكيان المحلي بالوسائل التربوية والثقافية، بل إن هذه الوحدة، أو الكيان المحلي، قد يرى في الاحتفاظ بمسؤوليته الشاملة عن المسائل الثقافية والتربوية ما يشكل محور السيادة التي يتمتع بها ويود الحفاظ عليها" (اليونسكو / عملية التخطيط التربوي ص58).

     

    وفي مصر "كان الاستعمار والقوى الرأسمالية يعلمون أن في التعليم يكمن جوهر الوعي والتحضر، وإذا ناله الشعب فسوف تنمو معه الحركة الوطنية، وتزداد بوعيها حتى تدرك العدو الحقيقي لها وللطبقات الشعبية المقهورة" (بدران 149). وقد تنبه لهذه الفكرة قادة الأحزاب والحركات الاجتماعية المختلفة، ليس في مصر وحدها، بل في كل البلاد التي ابتليت بالاستعمار، فقد نشط عبد الحميد بن باديس في الجزائر في ثلاثينات القرن الماضي، وعمل على تأسيس كتاتيب كثيرة أسهمت إلى حد كبير في المقاومة التي شهدتها الجزائر من بعد ضد الاستعمار الفرنسي، "كما قاد الحزب الوطني حركة نشر التعليم الأهلي واتخذ منها سلاحاً قوياً لدفع الحركة الوطنية" (بدران 128).

     

    وما يعانيه الوطن العربي اليوم، من تردٍ وضعف، ناجم في جملته عن نظام التعليم الذي يفترض فيه أن ينقذ الأمة مما هي فيه، حتى غدا هذا الواقع حقيقة ما لبثت حتى انعكست على طرق التفكير، وتجسّدت شعوراً بالإحباط والعجز إلى حد الإفلاس. يقول أحمد المهدي "إن الأوضاع الراهنة في نظم التعليم العربية قد انعكست في مرآة عقل المؤلف بصورة معينة، جعلته يعبر عنها على أنها كوكبة من الهيمنات التي شوهت – ولا تزال – العقل العربي، وأن هذه الهيمنات قد انطلقت بفعل قوة طاغية وعاتية واحدة، هي النقل التربوي عن الغرب في "إصرار وعن عمد، ولكن ليس عن وعي ولا عن بصيرة" (عبد الحليم، أحمد ص.ح).

     

    ويتابع كلامه معلقاً على ما يفيض به كتابه "تشويه العقل العربي وهموم التربية اللغوية" لحسني عبد الباري عصر "والكتاب الذي بين يديك الآن سُجلت فيه صرخات عالية تنبئ من وجهة نظر مؤلفه عن حالة التوتر الماثلة في الوعي العربي من جراء نقل الفكر التربوي الغربي، ومحاولة استزراعه في الثقافة العربية من خلال أنظمة التعليم فيها"               (عبد الحليم، ص.ب).

     

    وفي الولايات المتحدة، أدرك القائمون على شؤون المجتمع الأمريكي ما يتهدد مستقبل البلاد ما لم يعد التفوّق والامتياز هما الهدفين اللذين يسعى التعليم لتحقيقهما، وقد جاء التقرير الذي أعد لمعالجة هذه الأخطار تحت عنوان يعكس بجلاء ووضوح حقيقة الوضع الراهن هناك: "خطاب مفتوح إلى الشعب الأمريكي: أمة مهددة بالخطر" ومما جاء فيه ترجمة لأهم الحقائق أن "المشكلة ليست قضية تهم المدارس، بل هي قضية أمة تود أن تأخذ مكانها في عالم شديد التنافس ليس لديها من أداة لتحقيق ذلك إلا التربية التي تصوغ مواردها البشرية، فهي التي تحدد بنوعيتها ومستواها مكان الولايات المتحدة وسط هذا العالم"                          (عبد المعطي ص12، 14).

     

    ويبدو أن هوس الاستعلاء على العالم هو الحادي الذي يوجه النشاطات الفكرية والتربوية والتقنية في الولايات المتحدة، كأنهم يرون أنهم الأحق في كل الأمم بالفوز بقصب السبق على كل صعيد وفي كل مجال، وقد جاء في كتاب تعليم المواطن الأمريكي ما يعضد ذلك، فقد "عرف رجال الفكر الأمريكان أن التفوق على العالم في جميع الأحوال يبدأ من الفصل الدراسي في مراحله الأولى، وأن مفتاح هذا التفوّق هو المدرس الجيد والمنهج الدراسي الجديد" (مكتب التربية العربية – تعليم ص5) وهم يرون أن المعلومات التي هي سمة العصر هي "المداد الذي يسطر صفحات التفوق، وهي السلاح العتيد الذي يأخذ من العقل معقلاً، وتندحر أمامه أسلحة المعتدين" (المصدر السابق نفسه).

     

    وينتقد التقرير سالف الذكر ما آلت إليه الأمور في بعض مناطق المدن الأمريكية، إذ أصبحت التربية الأساسية "هدفاً للتعليم بدلاً من أن تكون نقطة بداية" (عبد المعطي ص25)، بمعنى أن التربية الأساسية ينبغي أن تكون نقطة انطلاق نحو الإبداع والتجدد على نحو متواتر لا يقف عند حد. ولهذا فقد نعى بول كوبرمان، في تحليل ورد في التقرير السابق، على التربويين قصورهم، وتدني مستوى أدائهم الذي تمثّل في "أنه لأول مرة في تاريخ بلادنا (الولايات المتحدة) تصبح المهارات التعليمية لجيل من الأجيال لا تفوق، بل لا تساوي، ولا تقترب من مهارات آبائهم" (عبد المعطي ص20).

     

    ولكن التقرير سالف الذكر يضع الإصبع على الجرح، ويحدد مكمن الخلل الذي أصاب النشاط التعليمي في الولايات المتحدة الأمريكية، مما ينطبق على نظائره في كل بلاد العالم، وهو الفلسفة التي ينطلق منها التعليم هي التي تتحكم في زخمه ومخرجاته وجودته، فقد ندد التقرير بانخفاض مستوى التعليم وأبرز الآثار الناجمة عن ذلك، وذكر أن "في مقدمة الأسباب وراء انخفاض مستوى التعليم ذلك التغير الذي لحق بالقيم والاتجاهات، مما ألقى عبئاً ثقيلاً على المدرس. (عبد المعطي 57، 60). وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حين ساوى بين تدني مستوى التعليم ونزعه باعتباره سلاحاً تدافع به الأمة عن وجودها (ص60).

     

    ومن العلماء والساسة من أولَى التعليم اهتماماً خاصاً لما له من دور مادي صرف، وربط مدخلاته بما يمكن أن ينتج عنها من منافع خاصة وعامة، وقد تكثف هذا التوجه، وتعمّق في الآونة الأخيرة بحيث غدا تعليم ثقافة الاستهلاك مدخل القوى الرأسمالية المتنفذة إلى عصر العولمة، وفرض رؤيتها على الآخر، ففي "عالم الرأسمالية المادي البحت كان من اللازم ترفيع ثقافة الاستهلاك الجديد هذه إلى مرتبة العلم، وقام أصحاب الثروات والقائمون على الإنتاج بإيجاد تحالفات مع الجامعات والكليات الرائدة التي بدأت بتعليم التجارة وإدارة الأعمال في كليات جديدة استعملت لهذا الغرض (زلوم 88).

     

    ومن هنا يتبين الدور الخطير الذي تلعبه الجامعات والمعاهد في مجالي توجيه التعليم وتوجيه المجتمع، ففي حديثه عن الجامعات ومحاولات الربط بين التعليم والعمل، ذهب منصور حسين إلى أن هذه المؤسسات ذهبت بعيداً في هذا المضمار "مما اضطرها إلى قبول أعداد تفوق طاقتها، ومن ثم تخريج أعداد تزيد على احتياجات خطط التنمية في عدد من مجالات التخصص" (يوسف ص5).

     

    وذهب حسني عصر إلى ما يوازي ذلك في ما يتعلق بدور الجامعات إذ جعل من مهنة التعليم (سلعة) شاريها (المتعلمون)، والأمين عليها وصانعها الفكر التربوي في كليات التربية، هذا الفكر الذي يفترض فيه أنه رائد لا يكذب أهله (عصر ص101)، ومن يطالع النشرات الإحصائية التي تصدر عن بعض الجهات الرسمية العربية يقف على جوانب الإشكالية المتمثلة في سوء التقدير والتباين في نسب العرض والطلب، وارتفاع معدلات البطالة جراء التخطيط السيء.

     

    ومن الربط المحكم بين التعليم الحديث والقيم الاستهلاكية تلك النظرة السقيمة للتعليم فقد "أصبحت المعرفة والتعليم والمعلومات والذكاء الذي أُحسن تدريبه هي الخامات الجديدة للتجارة الدولية … فالتعليم أصبح الاستثمار المطلوب في عصر المعلومات"                       (عبد المعطي  ص15).

     

    وراحت الجامعات تتنافس في هذا المضمار، ومن أسف أن ما يشهده العالم اليوم من ذلك لا يمكن أن يوصف بأنه تنافس شريف، ولا يهدف إلى نفع البشرية بقدر ما يهدف إلى تحقيق أرباح خاصة، مما ينسجم مع مفهوم العولمة الذي يعمل على تركيز ثروات العالم في أيدي مؤسسات وقوى هيمنة محددة. جاء في كتاب "أرض الرغبة" أن أي مؤسسة تعليمية في العالم لم تدان أو تجار جامعة هارفارد من حيث الطريقة التي خدمت بها المتطلبات العملية للنشاطات التجارية والاقتصادية، وساعدت على بناء الاقتصاد القائم على الاستهلاك الكمي الشامل (زلوم 93) والسر في ذلك هو أن الجامعات هي التي تصنّع العقول، وتبرمج الأفكار ومن هنا "يشتد التنافس حول المكانة العالمية والأسواق، ولا يقتصر ذلك على تسويق المنتجات، بل يتعداها إلى الأفكار التي تقود المختبرات والمصانع" (عبد المعطي 14).

     

    التعليم سبيل الإنسان إلى تحقيق إنسانيته

    لا أحد ينكر ما للتعليم من دور في صياغة الحياة على كل صعيد، سواء في ذلك ما ارتبط منها بالبيئة وتسخيرها لما فيه مصلحة الإنسان، وما ارتبط منها بالإنسان على طريق بناء العلاقات المختلفة من اجتماعية واقتصادية وسياسية، والتعليم مع ذلك، يصوغ حياة المرء نفسه، إذ أن له بعدين، بعد فردي وآخر عام، وهذا العام قد يتعاظم ليسهم في إحداث تغييرات إيجابية على مستوى العالم بأسره، وما الجوائز الدولية كنوبل، وجائزة الملك فيصل، إلا دليل على ذلك.

    فالمطلوب أن ينهض التعليم بكل ما يؤدي إلى شعور العقل التحدي، ويثير نشاطه ويؤجج فعالياته (كييف ص8)، مما يفضي، بالتالي، إلى إنتاج فريد من المعارف على نسق متوالية هندسية من شأنها فتح مجالات وآفاق جديدة، أرحب وأبعد، ومن هنا كانت مناداة علماء التربية "بضرورة تعليم الأطفال طريقة التفكير، … لأن المهم في نظرهم هو تدريب الوظائف العقلية على التفكير، وطرق التفكير الصحيحة. (صقر ص19). وقد نذكر هنا بما ذهب إليه ديكارت في مقولته المشهورة "أنا أفكر فأنا موجود".

     

    ولا تتوقف أهمية التربية والتعليم عند هذا الحد، بل تتعداه إلى ما يسمو بالنفس، ويحقق لها إنسانيتها، ويمكّنها من التعامل مع ما حولها بمرونة وانطلاق وحيوية "فالتربية والتعليم هما الوسيلة لتحرير العقول من الجهل وضيق الأفق، وتحرير النفوس من الحسد والضغينة وسوء الطوية، وتحريرها أيضاً من الضعف والخوف والذل والخنوع. (بدران 192)

     

    غير "أن الأهمية العظمى يجب أن تعطى لإسهام التعليم في السلام والتفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب، وبين المجموعات الدينية والعرقية. إن هذا المبدأ يؤكد على قطبي العمل التربوي وهما: تطوير الشخصية الإنسانية، وتقدم المجتمع" (بدران ص16) وهذان هما الوجه الآخر للحياة، وهما وجها الانتفاع المرتبطين بالتعليم على صعيدي الخصوص والعموم.

     

    وأخيراً فلما كان الإنسان بنيان الله، ملعون من هدمه، فإن "تخريب عقل الإنسان يعدل جريمة القتل عمداً (عصر 103). وإن مهمة الارتقاء بالعقل لهي أسمى المهمات، لما يتيحه ذلك من العيش الهنيء، والحياة السعيدة، للناس جميعاً. وما أجمل صنيع دكرولي حين أطلق على مدرسته التي أنشأها سنة 1907 اسم "المدرسة التي تعد للحياة عن طريق الحياة" وذلك هو ما حدا بجان جاك روسو في كتابه Emile إلى القول: "إن الحياة هي المهنة التي أود أن أعلمه إياها، فالمدرسة الحديثة إذن تسعى إلى تكوين الفرد خلقياً واجتماعياً بجانب تكوينه عقلياً" (صقر 53).

     

    فالتعليم يحقق للإنسان إنسانيته على أرفع وجه ممكن، وهو بذلك في تحدٍ ما دام يصبو إلى المعالي والسؤدد والفلاح، وهذا ما يترجمه قول الله تبارك وتعالى "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".

    صدق الله العظيم

     

     

    مصــادر البحــث

     

    1.          أبو شومر، توفيق، التخريب المنظم للتعليم، ط1، غزة، 1994.

    2.          ملاوي، أحمد إبراهيم، التعليم استهلاك أم استثمار، مجلة التربية، العدد 113، السنة  24، قطر يونيو 1995.

    3.          الرداوي، تيسير سليمان، وجهة نظر في اقتصاديات التربية والتعليم، مجلة التربية، العدد 114، السنة 24، قطر سبتمبر 1995.

    4.          مجلة التربية الحديثة، منشورات اليونسكو، العدد 50، السنة 17 مايو 1990.

    5.          أبو بطانة، عبد الله، دور الجامعات في تطوير التعليم الأساسي وتحسينه، اليونسكو.

    6.          لستر ثرو، التناطحون، المعركة الاقتصادية القادمة بين اليابان وأوروبا وأمريكا، ط1، سلسلة دراسات مترجمة 1، ترجمة محمد فريد، منشورات مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، دار الساقي 1995.

    7.          زلوم، عبد الحي يحيى، نذر العولمة، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1999.

    8.          مكتب التربية العربي، مكانة المعلمين، وثيقة لتطويرها، ترجمة فخري رشيد خضر.

    9.          بدران، شبل، التعليم والتحديث، ط4، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1996.

    10.      وليامز، ليندا فارلي، التعليم من أجل العقل ذي الجانبين، ترجمة خبراء معهد التربية التابع للأونروا/اليونسكو، 1987.

    11.      صقر، محمد جمال، اتجاهات في التربية والتعليم، دار المعارف، مصر، 1958.

    12.      دانيلسون، شارلوتي، مهنة التدريس، ممارستها وتعزيزها، ترجمة عبد العزيز بن سعود العمر، مكتب التربية العربي، الرياض 2001.

    13.      كييف، جيمس وهمبرت ويلبرج، التدريس من أجل تنمية التفكير، ترجمة عبد العزيز البابطين، مكتب التربية العربي، الرياض 1995.

    14.      اليونسكو، عملية التخطيط التربوي، الوحدة الثالثة، التشخيص، أعداد قسم السياسة التربوية والتخطيط، مكتب التراث العربي، الرياض 1992.

    15.      مكتب التربية العربي، التربية والتنمية الإقليمية، الرياض 1984.

    16.      مكتب التربية العربي، تعليم المواطن الأمريكي من أجل المستقبل. (ترجمة ونشرة مكتب التربية)، الرياض 1987.

    17.      عبد المعطي، يوسف (مترجم) أمة معرضة للخط، مجلة رسالة الخليج العربي، عدد 12، سنة 1984.

    18.      يوسف، يوسف خليل، التعليم الأساسي، دار غريب للطباعة، القاهرة 1986.

    19.      عصر، حسني عبد الباري، تشويه العقل العربي وهموم التربية اللغوية، المكتب العربي الحديث، الاسكندرية، 1999.

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me