An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Wednesday, April 4, 2012
  • كلمات لها معنى/ الخنساء
  • Published at:مجلة الخفجي/ السعودية يوليو1996، صفر1417
  • كلمات لها معنى

    الخنساء

     ا.د. يحيى جبر

    تمر بعض مفردات اللغة العربية في رحلتها بمنعطفات دلالية تتراوح في حدتها وفقاً لعوامل التغير الدلالي التي تؤثر في مسارها ، ومن المفردات التي تطورت دلالتها لما هو أحسن الخنساء ... مذكر الأخنس ، وكلاهما من أسماء العرب ، فمن الأول الخنساء لقب تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية الشاعرة المخضرمة المشهورة بمراثيها أبناءها وأخاها صخراً ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستنشدها ويقول: هيه يا خناس ، إعجاباً بشعرها ، ومن الرجال الأخنس بن شهاب التغلبي الشاعر الجاهلي صاحب البائية المشهورة في قبائل العرب ومساكنها ...

    والخنساء قبل ذلك ، هي البقرة الوحشية ، وربما أطلق على الناقة ، ذلك لاطمئنان أنفها وتراجعه ، وتلك صفة البقر جميعاً ، وهي صفة غير مستحبة ، ولكنها في الحيوان حقيقة لازمة. قال لبيد ابن ربيعة العامري :

    خنساء ضيعت الفرير فلم يرم             عرض الشقائق طوفها وبغامها

    أي ضيعت وليدها فلم تزل تطلبه هنا وهناك بين الرمال ، وهي تصيح بصوت حزين.

    وينصرف الأصل اللغوي \"خنس\" لدلالة أصلية تقع على معنى التراجع والانقباض ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم \"إذا ذ كر الله خنس الشيطان\"  أي ولى وتراجع ، ومن هنا جاء اسمه الخناس ، على المبالغة ، من قوله تعالى \"قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس ، من شر الوسواس الخناس\".

    ومن هذا الأصل الخنس ، وهي النجوم التي تخنس في الأبراج وتتراجع على فلك البروج ليلة فليلة حتى تختفي ، على نحو ما نجده في قوله تعالى : \"فلا أقسم بالخنس ، الجوار الكنس\" ، لكن ترى ما الذي أغرى العربي بتسمية ابنته خنساء ، وابنه أخنس؟ أهو ما عليه البقرة الوحشية من فطس الأنف؟ لا نظن ذلك ، ولا نرى أن أحداً يراه

    نعم ربما كان الأمر من قبيل تسميتهم الجميلة شوهاء ، دفعاً للعين ، ولكن الأولى بالأخذ هو أن العربي أسمى البقرة خنساء لما لاحظه في أنفها من الفطس ، أي على الحقيقة ، ولكنه نظر إلى البقرة فرأى قريباً من أنفها عينين جميلتين  \"عيون المها...\" فانجذب إليهما ، ورأى فيهما مكمناً للجمال فإذا بكلمة الخنساء تأخذ موقعاً جديداً في نفسه ، فلم يلبث حتى نقلها من عالم الحيوان إلى عالمه لقباً واسماً لأولاده.

    وهكذا بعد أن كانت كلمة \"خنساء\" صفة للبقرة الوحشية على الحقيقة وهي صفة قبيحة انتقلت بالجوار لعلاقة المشابهة في جمال العينين ، بين الإنسان والبقر الوحشي ، وهي صفة جمالية مستحبة ودخلت عالم الإنسان.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me