An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Friday, June 19, 2009
  • الأدب الشعبي وملامح الشعر القديم
  • Published at:مؤتمر الأدب الشعبي/ جامعة بيت لحم
  • الأدب الشعبي وملامح الشعر القديم 

    الأدب الشعبي وسيلة تلقائية تعبّر بها الأمم عن ذاتها بكل حرية، وتجرد. فالأدب الشعبي هو التعبير الفطري الصادق عن أحلام الأمة، وآمالها، وبؤسها، وشقائها، وهو ظلها الذي يصاحبها عبر الزمن، مهما اختلفت الأحوال والأماكن.

     

    ولهذا السبب كانت دراسة الأدب الشعبيّ بالغة الأهمية لمن يحاول دراسة نفسية شعب من الشعوب. ومثل هذه الدراسة، إن اتسمت بالعمق والجد، فإنها تساعد على إدراك الخصائص الأساسية لهذا الشعب أو ذاك، وتمكّن من رسم طريق واضح الأهداف لمستقبل أفضل.

     

    إن هذا النوع من الأدب متداول بشكل شفاهي عبر العصور، متوارث جيلاً بعد جيل، ويشمل الفنون القولية مثل الحكاية الشعبية، والأغاني الشعبية، والألغاز، والنكات، والنوادر، ونداءات الباعة، وشعارات المظاهرات، والتعبيرات  الشعبية  الشائعة.. وهو لا ييسند لفرد بعينه، بل تشارك الجماهير في إبداعه وإعادة إنتاجه عن طريق قبولها له، وتعديلها لصورته، وتهذيبها لصياغته لتناسب ذوقها عندما تتداوله، وما احتفاء الجماعة به إلا لأنه صادر عن وجدانها الجمعي.

     

    تكمن أهمية دراسة الأدب الشعبي، في توطيد العلاقة بين ماضي الشعب وحاضره، وربط هذا الحاضر بتطلعات الشعب المستقبلية، ومن هنا تتأتى مسؤولية الشعب، والباحثين في مجال الأدب بشكل عام، والشعبي منه بشكل خاص، في دراسة هذا الأدب بشكل جدي، ووضعه تحت مجهر النقد التحليلي، لمعرفة امتدادات هذه الأمة؛ المادية، والمعنوية، والقيم، والمفاهيم، والاتجاهات، التي كانت أساساً لثقافتها، فنحن نمارس كثيراً من فنون تراثنا وأنشطته بشكل تلقائي، فطري يومي، مثل الغناء، والرقص، والنواح على الميت، واستخدام المثل الشعبي.. إن هذه الممارسة تتعمق إذا أدركنا كنه هذه الفروع والأنشطة، وربطناها بماضي الأمة وحاضرها.

     

    إن التمسك بالمورث الشعبي ظاهرة صحية، وقد قيل : "من لا تراث له.. لا وطن له".. وكثيراً ما استخدمت عناصر التراث لتدعيم قضية صراع وطنية، وكسب حقوق، ونحن اليوم في مواجهة سارقي حضارات، وقد تكالبت علينا الأمم، والصهيونية العالمية تسرق الأرض، والزي، والحكاية، والمأكولات الشعبية، وتنسج منها ثقافة تدافع عنها.... إننا اليوم أحوج الناس للدفاع عن هذا الموروث، لا أن ننظر إليه نظرة استخفاف، واستهزاء، وتعال.. إن تمسكنا بتراثنا سيكون أنجع، إذا أدركناه، وتعلمناه وتذوقناه، وعلمنا كنهه، ونقلناه للأبناء.

     

    ما أحوجنا اليوم إلى إعادة النظر في كثير من الأمور، ومراجعة ما نحن عليه، بعين الناقد الحكيم ، وبطريقة جريئة لا تأخذها في الله لومة لائم، ولا تخضع لرؤى جامدة متحجرة؛ تمعن النظر، وتكتشف مواطن الخلل والزيغ، وتزن الأمور بميزان العدل، ثم تنقضّ على أهدافها لا تلوي على شيء ولا تعقّب، حتى ننجز مشروعنا الحضاري، ونسير في ركب الحضارة الإنسانية شركاء فيه لا متسولين.

     

    تنظم حياة الإنسان حصيلة من القيم والمعارف الثقافية، ولقد لجأ الإنسان إلى أساليب وطرق مختلفة لنشر هذه المعارف منها: الأدب الشعبي، الجامعات، وسائل الإعلام، الأندية وغيرها.. وربما كان الأدب الشعبي أهمها في وقت من الأوقات، نظرا لضآلة حجم الوسائل الأخرى وقلة فاعليتها ، ولم يقتصر دور الأدب الشعبي في ترسيخ القيم والعادات ونشرها فحسب، بل ساهم أيضاً في نقد السلبي منها ونبذه.

     

    ويرى المطالع في الأدب الشعبي أن كثيراً من أنواعه تمثل امتداداً لأدب القبائل العربية التي ظلت محافظة على النمط التقليدي للحياة من حيث التماسك الاجتماعي والارتحال طلباً للماء والكلأ، مما انغرس في جوهر حياتهم ولوّن بأصباغه ثقافتهم العامة ووقاهم كثيراً من غوائل الدهر التي من شأنها أن تذيب الشعوب وتشتت شملها أو تسلبها أبرز الصفات التي تميزها عن غيرها من الأمم، وهذا في حقيقة الأمر ما جعل حركة التاريخ ودورته أبطأ في فعلها وتأثيرها في البدو منها في الحواضر، لأنهم كأنهم باستمرار تحركهم وارتحالهم ـ لا يتيحون لعامل التاريخ ممثلاً في منتجات الحضارة المادية ـ أن يعجّل في دورة الحياة، فهم بذلك يصنعون الحياة بهدوء ويصوغونها ببطء، مما يزيد في الاستقرار الثقافي وبروز السمات الذاتية المميزة بشكل واضح. وهذا من وجهة نظرنا ما جعل الروح التي تسود في كثير من القصائد الشعبية المعاصرة صورة أخرى لما تتضمنه القصيدة العربية القديمة لولا المستوى اللغوي الذي تمتاز به هذه عن تلك.

     

    وفي هذه الدراسة نتقفّى امتداد الأدب العربي القديم في الشعر الشعبي الفلسطيني، وقد تجلى ذلك في مظاهر شتى، سنستعرض طائفة منها، مع التركيز على ظاهرة الكرم وما مُدِح به الكريم أو تغنى به الشعراء الشعبيون في هذا المجال مما جاء متشحا بملامح الأدب العربي القديم.

     

    في مجال الكرم

     

    ولنأخذ على سبيل المثال نموذجين يوضحان ملامح الأدب القديم في نظرته للكريم وتصرفاته مما انعكس في الأدب الشعبي الفلسطيني. قال راجح بن غنيم السلفيتي ( من ديوانه الذي أعده عبد اللطيف البرغوثي):

           

    الحداء:                   هي يا رايح بلدنا                      وقف خذ هالوصييي

                  الجمهور:                                      يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   تلفي عادار أبو أحمد                    راعي الدار الغربيي

                  الجمهور:                                      يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   تلقا الفراش امفرش                      و المساند مركيي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   يامر عالناطور يدور                  ايدير القهوة احجازيي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   الطبخا من القهوة رطل                 والتبهيري وكم وقيي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   ما يذبح غير الحايل                        والخروف ابو ليي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   بطلع المنسف مليان                     رز وما بي اشعيريي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   واللحم فوقه مرجوم                        اتقول بناية عليي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   يا يوم يصب السمن                       ميّة عين الغربيي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   طوف يقعد طوف ايقوم                  واتظل احرافو مبنيي

    يا حلالي يا مالي

    الحداء:                   واختم وصلي عالزين                 امحمد خير البريي

    يا حلالي يا مالي

     

            فالشاعر في هذه الطلعة يحاكي الشاعر العربي الجاهلي في إكرام الضيف، ويذكر أفعالا تؤكد ذلك الكرم، فهو يخاطب الراكب المزجي مطيته إلى بلده ويوصيه بان يتوجه إلى داره، لأنه سيجد أبوابها مفتوحة تستقبل الضيف، وسيجد الفراش موطأ لأنه لا يرفع عن الأرض لتوافد الضيوف على نحو متصل.

     

            وسيجد في ذلك البيت من يقوم على أمره ويقدم له واجب الضيافة، سيجد خادما قائما على تلبية طلبات الضيف، ويقدم له القهوة الطيبة، الحجازية، التي طبختها رطل وهي مبهرة بالهال وغيره من البهارات المعهودة.

     

            ومن ملامح كرمه أنه لا يذبح العجاف من الأنعام بل يبادر إلى الحائل منها، وهي التي فاتها العشار فسمنت، كما يذبح الخراف التي تجرجر ألياتها؛ كناية عن سمنها. وهنا نشير الى ان العرب كانوا لا يبالون بأكل الدهون؛ لأنهم كانوا دائبي العمل والحركة، بمعنى أن أجسامهم كانت تحرق أولا بأول، وفي هذا ما يذكّرنا بقول اليشكري:

    ومستنبح بعد الهدوء دعوته    وقد حان من نجم الشتاء خفوق

    ....

    فقلت له: أهلا وسهلا ومرحبا ... فهذا صبوح راهن وغبوق

    فقمت إلى البرك الهواجد فاتقت    مقاحيد كوم كالمجادل روق

    فبات لنا منها وللضيف موهنا ... شواء سمين زاهق وغبوق

    وكل كريم يتقي الذم بالقرى    وللخير بين الصالحين طريق

    لعمرك ما ضاقت بلا باهلها  ولكن أخلاق الرجال تضيق

     

            ولذلك؛ فهذا الرجل يكرم ضيفه باللحم الطيب، الكثير، وإذا نقص الأرز أو اللحم فإنه يبادر إلى تزويد الإناء بهما فيظل ممتلئا، كما أنه يضيف إلى المنسف سمنا غزيرا كأنه عين الماء المشهرة في بلدهم بغزارتها. وجدير بالذكر ان الفلسطينيين كانوا يذكرون الأرز في سياق الكرم والجود والثراء، لندرته في بلادنا قديما. وهذا البيت معروف لدى الناس بكرم اهله، فالناس يطرقونه للتزود بالطعام، وهو لا ينتقر في دعوته، بل يأتيه الناس فوجا وراء فوج، ويقم لهم ما يشبعهم جميعا. وفي هذا المعنى نجد قديما قول كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه ويذكر من محاسنه وفي مقدمتها الجود والكرم فيقول:

    أخو شتوات يعلم الضيف أنه   سيكثر ما في قدره ويطيب

    وقول طرفة بن العبد البكري الأثير المشهور:

    نحن في المشتاة ندعو الجَفَلى   لا ترى الآدب منا ينتقر

     أي  في سني الجدب ندعو الناس كلهم، ولا نقصر الدعوة على بعضهم.

      وهذا نص شعبي آخر يدعم ما تقدم( انظر كتابنا: نصوص في الدب الشعبي):

    الحدّاء                     الله يمسيكم بالخير                      امسيا تطرد امسيا

    الجمهور                                        يا حلالي يا مالي

    أول طوف للضيوف                  اوثاني طوف امحليّا

    يا حلالي يا مالي

    ثالث طوف للرعيان                 أهل لبشوت الملويا

    يا حلالي يا مالي

     

            ونقول في تحليل سريع للنصين السابقين إن الشاعر الشعبي المعاصر لم يحد كثيرا عما جرت عليه عادة الشعراء العرب قديما، لا سيما في العصر الجاهلي، من حديث عن الكرم والكرماء والمواصفات التي ترتقي بالإنسان إلى مصافّهم، من توطئة الفراش للضيف، والإكثار من السمن المستخلص من الزبد، وذبح الكبش السمين والحائل من النعم؛ وهي التي أخلفت فلم تعشّر، مما ينعكس عليها سمنا، وفي هذا ما ينسجم مع ما ذكرناه في بحثنا: القصيدة الجاهلية تتناسخ في الشعر الشعبي.

     

    وهذا نص ثالث يصب في الاتجاه نفسه؛ يقول الحدّاء:

    أهلا وسهلات ومرحبتين                        في جميع الزائرين

    وجينا نغني من جنين                           أجمل أغاني الأفراح

    يا حلالي يا مالي

    واجينا نحيي الجمهور                          نورو علينا زايد نور

    واللي لديرتنا يزور                             يلقا النشاما الملاح

    يا حلالي يا مالي

    يوم الفرح عنا عيد                            لما نشوف الأجاويد

    من قريب ومن بعيد                          وصلونا والبدر لاح

    يا حلالي يا مالي

    عادتنا نحيي الزوار                       ونصب القهوي ببهار

    ونشرّع ابواب الدار                    لهل الواجب والاصلاح

    يا حلالي يا مالي

     

    فالجميع مرحب بهم في هذه المناسبة من أي مكان وفدوا، تماما على نحو ما كانوا عليه قديما من اهتمامهم بالضيف أيا كان، والمتداول الى اليوم انهم لم يكونوا يسألون الضيف من هو ولا من أين أتى إلا بعد ثلاثة أيام وثلث،كما قال حسان بن ثابت يمدح:

    أبناء جفنة عند قبر أبيهمو   لا يسألون عن السواد المقبل

    حتى ذلك الذي استضاف الجن وقد صرحوا له بحقيقتهم، ما رواه أبو عثمان الجاحظ لسمير ابن الحارث الضبي حيث قال:

    أتوا ناري فقلت: منون أنتم   فقالوا الجن، قلت: عموا ظلاما

    والفرزدق الذي استضاف الذئب في نونيته المشهورة:

    وأطلس عسال وما كان صاحبا  دعوت لناري موهنا فاتاني

     

            ونستعرض في ما يلي مزيدا من الأمثلة التي توضح مدى تأثر الأدب الشعبي الفلسطيني بما كانت عليه الدوافع التي حرّكت شاعرية العربي قديما، بل إن بعض الألفاظ القديمة التي غادرت الساحة اللغوية منذ مدة طويلة ما تزال حية لدلالتها في الأدب الشعبي على تفاوت في ذلك بين البيئات العربية، ومن ذلك في فلسطين المهاهاة المعروفة التي تهزج بها الفتيات يشدن بوالد العريس الذي من عادته دوما إكرام الضيوف فيهزجن:

    صب الإقرى (20)     ياللي معود عَ القرى

    صب الإقرى      والزاد يا جوعان

    صب الإقرى     والميه يا عطشان

    فكلمة " القرى " بمعنى طعام الضيف، لم تعد مالوفة في الاستخدام ولا مانوسة، لقد تجاوزها الزمن. وتختتم النسوة أغاني الغداء مذكرات بفضل والد العريس مرة ثانية وعادته يذبح الذبائح وإسقاء القهوة ليرفع بفعله هذا رؤوسهن عاليا:

    حلفت الناس .... ما تذبح ذبايح

    واذبح يا ابو فلان ... والسيط لينا

    حلفت الناس .....ما تدق قهاوي

    شرب يا ابو فلان ....والسيط لينا

    حلفت الناس.... ما تلبس محابس

    لبّس يا ابو فلان.... والصيت لينا

     

    في مجال الأخلاق:

     

    ولننظر كيف تعامل الأدب الشعبي مع بعض المظاهرالسلوكية، وكيف أنه يحرص على تربية الأولاد على الأخلاق الكريمة والشهامة والرجولة، مما ياتي منسجما مع ماد درج عليه الشعراء قديما. فقد كان الفسل من الرجال، أو النذل مذموما عند العرب من قديم الزمن، ومن خلال لقطة من لقطات الدلعونا في الشعر الشعبي نجد ان صورته ما تزال كذلك، تقول الأغنية الشعبية المشهورة:

     

      جفرا ويا ها الربع تحط التبن بالخيــش     واللي جوزهـا نذل ترخي السوالف ليش

      لهجر بيوت الحجر وسكن بيوت الخيش         وعيـش مـع البـدو ووخـذ بـدويا

     

     ففي الشطر الأول يتساءل الشاعر المغني: لماذا تتزين المرأة لزوجها النذل، هذا الزوج غير الجدير بها لنذالته. وفي البيتين ما يذكّرنا بقول شاعرهم قديما يخاطب رجلا نذلا ليس أهلا لزوجه:

    فطلقها فلست لها بكفء                    وإلا يعل مفرقك الحسام

    كما يذكرنا البيت الثاني بأبيات ميسون الكلبية وقد أنفت الحياة الحضرية في كنف معاوية مفضلة عليها بيت الشعر فقالت:

    للبس عباءة وتقر عيني  أحب إلي من لبس الشفوف

    وبيت تخفق الأرواح فيه  أحب إلي من قصر منيف

    وقول القطامي التغلبي يمتدح البادية:

    فمن تكن الحضارة أعجبته   فاي رجال بادية ترانا؟

     

    في مجال المفاخرة بين السودان والبيضان:

          قرأنا قديما ما ورد في رسائل الجاحظ تحت هذا العنوان؛ إذ خصص رسالة للمفاخرة بين السودان والبيضان، كما قرأنا ما كانوا عليه من الحرج من اللون الأسود، فزند بن الجون يرد على زوجه وقد عيّرته بسواد ابنه من زوج كانت تحته قبلها، عرار، فقال:

    وإن عرارا إن يكن غير واضح   فإني أحب الجون ذا المنكب العمم

    أي أحبه مع سواده نظرا لضخامته.

            ونجد الشاعر الشعبي يكرر هذه الصورة القائمة على التنافر بين البيضاء والسوداء، فيقول:

    هيمان القلب هيمان   السمرة والبيضة دشمان

    أي: هما على عداء دائم. ودشمان تعني: أعداء، وهي فارسية.

     

          وقد يطول بنا استعراض الأمثلة التي توضح متانة الرابطة بين الأدب الشعبي الفلسطيني والأدب القديم بالرغم من تغير ظروف الحياة، فقد كان نمط الحياة قديما يستدعي قيما ويعظم معاني ومثلا تنسجم مع ما درجوا عليه في حياتهم، بل لقد تجاوز المر ذلك إلى استخدام امثال لم تعد معانيها ومكوناتها حية في حياة الناس. فما أكثر ما نردد المثلين " مثل حراث الجمل؛ اللي بحرثه بدكه" ، وكقولهم: " أربعة شالوا الجمل والجمل ما شالهم" مع أن كثيرا ممن يتداولونهما لم يروا الجمل، أو انهم لم يتعاملوا معه، واكثر ما في ذلك أن يكونوا رأوه صورة في كتاب أو مسلسل.

     

            وختاما لهذه الورقة نؤكد ان الأدب الشعبي أوسع ساحة وأوعى من الأدب الفصحيح لترسبات القرون الخوالي بالرغم من تغير أنماط الحياة وتبدل أحوالها، وما نرى ذلك إلا لأن هناك أمورا تتغلغل في أعماق الذاكرة وتاوي منها إلى ركن شديد؛ فلا تغيب من سمائها، وتظل تفعل فعلها وتتناسخ في ما يستجد من النصوص الأدبية الشعبية على اختلاف أشكالها.

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me