An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Tuesday, February 16, 2010
  • هذا أوان الشد، ولنبدأ من فلسطين
  • Published at:القدس 3/9/1996م

  •  

            تخامرني هذه المقالة منذ أمد بعيد، وقد قفزت إلى دائرة الاهتمام في أعقاب لقاء مطول مع العلامة أحمد صدقي الدجاني، في منزله في القاهرة أثناء الدورة الحادية والستين لمجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1995، إذ دار بيننا حوار طويل حول واقع الأمة، وما يمكن أن تتمخض عنه المعطيات الراهنة على الساحة العربية بعامة، والفلسطينية بخاصة، وقد توصلنا يومها إلى نتيجة مفادها باختصار أن الوقت قد حان للقيام بهجوم حضاري يعيد للأمة مجدها، وثقتها بنفسها، ويمكِّنها من الإسهام بدور فاعل في مسيرة الحضارة البشرية، مستأنفة بذلك ما كان من شأنها بالأمس .. لا سيما أن حضارة الآخر ( المادية ) أخذت تترهل.

     

    قضية حضارية

            فالقضية برمتها، وفي مختلف أبعادها، قضية حضارية يمكن أن نترجمها تمثيلاً ببالون كان منفوخاً بشكل جيد، فإذا أسقطت عليه تفاحة – مثلاً – ارتدت عنه، ولكن هذا البالون لم يعد كما كان، فارتخى، فإذا أسقطت عليه تفاحة وجدت فيه متكأً ومقعداً مريحاً هزازاً، وذلك هو شأن الأمة بعد أن تراخت، وتقهقرت، زرع الغرب فيها إسرائيل، وصدّروا إلى الأمة الإسلامية سّمهم وعسلهم، فقبلت كل ذلك وتفاعلت معه، دون تمييز بين ضار ونافع، وأسرعت إلى قلع لباسها وَتَزَيَّت بأزيائه، ولكن الأمة اليوم على الرغم من اشتداد الهجمة إلا أنها استيقظت، وتحركت في مجتمعاتها روح وثابة، تؤمن بالمبادرة إلى الأفعال بدلاً مما كانت عليه في العقود السابقة من الاكتفاء برد الفعل، والتفرج، بل لقد مرت بمرحلة تبلّد فيها الحس فلم تعد تشعر بالتحديات، ناهيك عن الاستجابة إليها على نحو ما تبرزه نظرية أرنولد توينبي ( التحدي والاستجابة ).

            وألحّت هذه الفكرة على قلمي قبل أيام عندما طالعت مقالة الدكتور ناجي صالح شراب المبدعة ( القدس 19/8/1996م )، إذ تحدَّث فيها عن آفاق جديدة وأبعاد رحبة يمكن أن نخطو بالفكر المفاوض إليها ليتمكن من مناجزة المفاوض الإسرائيلي المحنك، والعنيد، لقد سعى المفاوض الفلسطيني إلى ساحة معركة التفاوض بغير سلاح في كثير من الأحيان اللهم إلا من سلاح الحق الذي يؤمن به خلافاً للمجتمع الدولي الذي استقر في وجدانه أن كثيراً من الحقوق الفلسطينية هي أوهام وأحلام يقظة، ذلك بما جد في العالم من معطيات ( وتراكمات كمية ) أدت بالفعل إلى تغيرات نوعية في المواقف الدولية.

            إن المناورة سلاح لا يحسن استخدامه بِطاقَتِه القصوى إلا من كان على دراية بالأساليب وحقول المعرفة، على قدر كبير من الابتكار وتوليد الخيارات والمداخل والمخارج.

     

    صراع العقول

            وقد نقف طويلاً مع الدكتور شراب في الفقرة الأخيرة من مقالته، بل الفقرتين، ذلك لما فيها من رؤية استشرافية وحكم صائب، وكشف عن التحولات المقبلة في حركة التاريخ في ما أسمته أميركا - وتبعها في ذلك الإعلام العربي الإمَّعَة - بالشرق الأوسط، أجل إن الصراع صراع عقول، ومواجهة حضارية، وأن البالون القابل إذا ما أعيد نفخه بشدة فإن كل ما عليه سيسقط دون حرب، وستستعيد الأمة سابق مجدها، وسيجد الغرب والإسرائيليون أمة عظيمة كالتي كانت في بغداد ودمشق وغرناطة، تحكم بالعدل وترعى العلم وأهله، وتوفر الملاذ الآمن لكل من يطلبه.

            أجل، إن الأمة اليوم لفي أمس الحاجة إلى عقول جبارة، ورؤى خلاقة، تقود الأمة إلى آفاق أرحب، وتعالج الواقع المرير الذي تحياه اليوم بما يكفل لها مستقبلاً زاهراً ومجيداً. ولا أرى عجباً في التوافق الفكري بيننا في ما نراه ضرورياً لنجدة الأمة وإقالة عثرتها، وعليه فقد بات لزاماً على كل مواطن أن يستشعر أسباب القوة في نفسه، وأن يتحسس ما يمكن أن يؤديه للمجتمع، برسم دور له ينهض به، وتحديد رسالة يؤديها، ذلك أن إنساناً بلا رسالة تجاه مجتمعه هو حيوان بل أضل سبيلا.

     

    دور المفكرين

              ولا بد من العمل، والقفز فوق الجراح، وابتكار الوسائل والأساليب الناجعة، بإسناد الأمور إلى أهلها، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتفتيق الأذهان عن آفاق أرحب، وأبعاد أعمق والانتقال من حضارة الألفاظ إلى حضارة المعاني، وتكريس الجهود لتفجير المجتمع عن طاقاته وما أكثرها وأكبرها، وهنا نؤكد على دور المفكرين في تمكين المجتمع من مناهج جديدة تحافظ على الثوابت، وتسعف في إِحداث التغير اللازم لمواكبة العصر ومعطياته.

            وما من شك في أن دورهم سيصطدم هنا أو هناك بالحواجز والعوائق، وربما جوبهوا بما يبعث الإحباط، ويقود إلى الاضطهاد، ولذلك فإن عليهم أن يتحدَّوا الواقع، وأن يمضوا قدماً في تذليل العقبات وإِحداث الثورة الفكرية، وهذا يقتضي انتظامهم في إطار يجمع شملهم ويوحد جهودهم، في نقابة عالمية أو مجمع علمي ( والفكرة في الجمعية العلمية الفلسطينية قائمة للإعلان عنه باعتباره أحد مرافقها ).

     

    مهمة شاقة، فماذا نفعل؟

            إن المهمة شاقة وعسيرة، وإن المخاض يوشك أن يبلغ حده، وقد اشتدت بنا الأزمات، ولكنها تكاد تنفرج .. وإلى أن يتحقق ذلك فإن علينا أن نتحسس الطريق .. وهذا أوان الشد.

            ماذا نفعل، وما هي الخطوات الإجرائية؟ تتمثل البداية في رصد الواقع وأحواله، وذلك يتمثل بإجمال في حال الموات والإفلاس التي يعكسها ظاهر الأمة، وطريقة تعاملها مع الأمم الأخرى، إذ تقف دائماً موقف المستضعف المستذل، بل الضعيف الذليل، في الوقت الذي تملك فيه من أسباب العزة والمنعة ما لا يملكه غيرها من الأمم، وتعود المسؤولية في ذلك كله على الذين يحولون دون نمو حركة الحياة الماجدة التي تؤْثر العزة والكرامة على ملء البطون، وهذا يعني أن على المجتمع أن يعيد سبك نفسه من جديد، وأن يعيد ترتيب أوضاعه ومراجعتها قبل أن يبحث عن الحل عند الآخر، لأن المسألة متجذرة فينا أولاً.

            والخطوة الثانية، أنه لا بد من مؤتمر يجمع المفكرين المسلمين من كل مكان، على غرار ذلك المؤتمر الذي عقد في بنغازي سنة 1974 لو أتيح له أن يفلح في تطبيق ما توصل إليه، وعلى المنظمتين الإسلامية والعربية للتربية والثقافة والعلوم والمحافل العلمية العربية وغيرها أن تنهض بهذه المهمة، وأن تمهد لذلك بحملة توعية تهدف إلى إشراك جميع المواطنين في التخطيط لمستقبل الأمة، وإلى بعث الحمية الوطنية( بمفهومها الإسلامي الشامل) فيهم.

            والخطوة الثالثة: أن تقدم في هذا المؤتمر أوراق علمية فيها جديد، لا أبحاث على غرار ما يقدمه كثير من أساتذة الجامعات للترقية، وهذا يستدعي أن تقوم على المؤتمر لجنة علمية محنكة تُحْسِن وزن الأمور، فلا تجيز إلا ما فيه إبداع فعلاً.

            والخطوة الرابعة: أن تستخلص الرؤى الجوهرية المبثوثة في أوراق المؤتمر، ويصار إلى صياغتها في " ميثاق عظيم " تفرز له أمانة تتولى تنفيذه.

            وأخيراً، تأتي الخطوة الخامسة، بيضة الديك، اختراق حاجز الصوت، الخطوة البراقية، تفجير الذرة: كسر قشرة اللوز بواسطة النامية التي بداخلها، أعني أن تتمكن الأمة من التنفيذ بإلزام السياسي بالاستجابة لمطلب الثقافي، فكم من توصيات اتخذت حال السياسي دون تنفيذها، لأنها تتجاوز الإقليمي إلى الإسلامي بمفهومه الشامل.


    بريطانيا لم ترحل عن فلسطين بعد*

    قدمت للنشر في جريدة القدس،

    ولكن الرقيب لم يجزها.

     

            ابتلي العالم الإسلامي، ومنه الوطن العربي، في أواخر الحقبة العثمانية بما يمكن أن نسمية بالهزال الحضاري، فأغرى ذلك خ

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me