An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Friday, January 30, 2009
  • الترجمة الآلية همّ جديد
  • Published at:مجلة التعريب/ دمشق
  • الترجمة الآلية همّ جديد

    أ.د. يحيى جبر

    رئيس قسم اللغة العربية بجامعة النجاح الوطنية

     

    تستشري في العالم اليوم حمى التقنية، وسعار البحث عن الجديد في كل مجال، ويتنافس المتنافسون لإحراز قصر السبق ولو في طول الأظافر أو الشعر أو غير ذلك مما صار له أرقام قياسية يحطمها المتنافسون عاماً بعد عام، ولا عجب في ذلك، فقد غدت هذه آفة العصر، ودأب أهله، لا سيما أن عالم اليوم يطوى ساعة بعد ساعة، وتقصر فيه المسافات، وتسرع فيه أسباب التجانس بشكل فوضوي لا يخضع لضابط أو نظام غير نظام العولمة التي باتت تظلل الكرة الأرضية بمفاهيمها من حيث أراد الناس أم لم يريدوا، فالمسيرة متواصلة، وتزداد تسارعاً كلما تحركت، وما لنا إلاّ أن نبحث عن دور مميز لنا في هذا النظام غير الحيادية وغير التهافت على الدخول في كنف الآخر، والاستظلال بظله.

     

    وقد خطت الترجمة في هذا العصر خطى حثيثة، متجاوزة مفهومها في عصر الرشيد والمأمون، وما تجدد من ذلك في عهد محمد علي(1) ورفاعة الطهطاوي وزملائه، وماجسدته دار الألسن بمصر على طريق الترجمة التطبيقية، وما شهده الوطن العربي من نشاط في مجال الترجمة، لا سيما مصر وبلاد الشام والعراق.

     

    ونظراً لتعدد العلاقات بين العرب وغيرهم من أهل الأرض في هذا العصر، وكثرة اللقاءات بين المثقفين والسياسيين وأرباب التجارة، فقد أدى ذلك إلى ظهور ما يعرف بالترجمة الفورية، وذلك بأن يقوم المترجم بتأدية معنى الكلام الذي يسمعه من مواطنه باللغة الأخرى التي يفهمها المخاطب، واستبداد تقدم العلاقات بالمجتمع الدولي وإن زادت الحاجة إلى الترجمة على مختلف الأصعدة، فكانت الترجمة الآلية باستخدام الحاسوب.

     

    ولئن كانت الترجمة التطبيقية مثار جدال في حد ذاتها، وتباينت الأقوال فيها بين رافض ينكر إمكان تأديتها بدقة وأمانة، وبين قابل لا يرى في ما يقال فيها مأخذاً يقلل من أهميتها، وينفي دورها في إشاعة التفاهم بين الشعوب ونقل العلم والمعرفة - فإن الترجمة الفورية والآلية تلقيان ظلاً كثيفاً على الأداء، وترجحان كفة الطاعنين فيها، لأن إمكان أدائها بدقة وأمانة موضع شك. ومسألة لا سبيل إلى تأكيدها، بل إن الشواهد على عكس ذلك كثيرة متعددة.

     

    وتقتضي الترجمة أياً كان نوعها توفر شروط بعينها لا يمكن التغاضي عن أي منها، ويتصل جلها بالمترجِم نفسه من حيث إمكاناته ودربته ودرايته بموضوع النص المترجم مكتوباً كان أم مسموعاً، وفورية كانت الترجمة أم لم تكن. ونذكّر هنا بما يتصف به المترجم من المرونة وتعدد الاحتمالات التي تحضر في ذهنه عندما يعمد إلى ترجمة موضوع ما.

     

    أما الترجمة الآلية، فإن في آليتها إشكالية تضاف إلى ما تقدم، لأن المترجم الإنسان يكون غائباً إلا بقدر ما يُحْكِم برمجة الحاسوب، وما يزود يه ذاكرته من الوحدات اللغوية القابلة للإحلال مكان غيرها على نحو يؤدي المعنى من لغته الأصلية إلى اللغة المترجم إليها. بعبارة أخرى إن مرونة المترجم وتعدد الاحتمالات التي تحضر في ذهنه لا يمكن أن يستفاد منها في مجال الترجمة الآلية، مهما اجتهد المبرمج في إحكام العملية، ورصد البدائل التي تصلح للإحلال، لأن متغيرات النص مكتوباً كان أم مسموعاً لا يمكن أن تخضع للحصر، لأنها تتجدد على غير نظام، وتستجيب بسرعة للعوامل الظرفية - زمانية ومكانية - والنفسية والاجتماعية والجسدية والثقافية واللغوية وغيرها. مما يعني استحالة تغذية الحاسوب بكل هذه الاحتمالات التي يتكيف معها المترجم أول أول، فكيف يتسنى لنا أن نسيطر على هذه الحقيقة، وأن نسد هذه الثغرة ما دمنا مضطرين لركوب مطية الترجمة "لتجاوز العقبة الناشئة عن اختلاف الحضارات"(1)؟

     

    إشكالات عامة :

    تعترض مسار الترجمة إشكالات كثيرة، ولكنها لا تقلل من دورها في بناء الحضارة، وبقدر ما نذلل هذه الإشكالات فإننا نرتقي بمستوى الترجمة وأدائها، وتصبح بذلك أنجع السبل للتواصل الحضاري بين الشعوب. ويمكن إجمال أبرز الإشكالات في النقاط التالية :

    1. طبيعة الترجمة، وذلك من حيث اتصالها بلغتين تمثلان ثقافتين مختلفتين، مهما كانت درجة الاختلاف، فهي تعني (استبدال مادة نصية في لغة واحدة ... بمادة نصية مكافئة لها في لغة أخرى)(2) فجميع المفردات هنا تؤدي دلالاتها بوضوح إلا كلمة "مكافئة" لأن التكافؤ لا ينصرف لمعنى دقيق محدد، إنه كالتوازن، والتوازن تأرجح ومقاربة، وهذا هو مصدر الإشكال، وهو مصدر عدم التفاهم - أحياناً - حتى بين أهل اللغة الواحدة، وهذا ما عبر عنه ريتشاردز Richards بقوله "ربما كانت الترجمة أكثر تعقيداً من كل وقائع الحياة التي ظهرت حتى اليوم في تطور الكون"(1) لأنها تنقل تجارب الأمم بعضها إلى بعض، وتتعامل مع المعاني وظلالها وما يصحب ذلك من اختلاف وتذبذب يثقلان على أهل اللغة الواحدة.

     

    2. مواصفات الترجمة، وهي متعددة، ولكنها تتجسد في مقدرة المترجم على الأداء، وهي تتفاوت من مترجم لآخر مستجيبة بذلك للعوامل التي تتحكم بها من إتقانه للغتي الترجمة، ودرايته بموضوع النص المترجم وخبرته في هذا المجال.

     

    3. مواصفات تتصل بالمترجَم والمترجم له، وهي في الأول تتمثل في الوضوح ، وفي الثاني تتمثل في المعرفة بالموضوع، مما قد يكون سطحياً أو عميقاً فينتج عن ذلك تفاوت في مستوى الأداء الترجمي.

     

    4. ومن المواصفات ما ينحصر في المرونة وسعة معجم المترجِم، لا سيما إذا كانت الترجمة فورية.

     

    5. وفي الترجمة الآلية يضاف إلى ما تقدم إشكال آخر يتمثل في مدى مقدرة المبرمج على التحكم بالصيغ اللغوية المختلفة، والسيطرة على الأوجه المتعددة، والاحتمالات المتفاوتة التي قد تحتملها الحالة الواحدة، فقد نرصد في ذاكرة المعجم المحوسب كلمة شمسية، ونضعها نظيراً للكلمة الإنجليزية Umbrella، ونغفل أن شمسية قد تقع على جهة النسبة إلى الشمس صفة للسنة (Year ... ) وصفة للنظام مرادفة لقولنا Solar System.

     

    فالمترجم مادة مكتوبة أو مسموعة ترجمة تقليدية أو فورية يستطيع أن يتحكم في مسار الترجمة ، فيميز بين المعاني المحتملة ، ويقع اختياره على المعنى المناسب، ولكن المحوسَبة المعجمية لا يمكنها أن تدرك المقصود، إذ قد تفاجأ بها تعطيك ترجمة لقولنا سنة شمسية "Umbrella Year" بدلاً من Solat Year .

     

     

     

    الترجمة الآلية :

    يعلق المجتمع الحديث آمالاً عراضاً على الحاسوب في تحقيق السرعة، وهذا الأمل ساعد في إحياء فكرة الترجمة الآلية والترجمة المدعمة بالآلة في العقد الأخير، ولكن السرعة التي تحققها الترجمة الآلية توشك أن تضيع في عملية إعداد المدخلات قبل الترجمة وتنقيح المخرجات من بعد، وأكثر من ذلك فإن المترجم الإنسان يفوق الحاسوب في ترجمته، وأومن بأنه سيظل كذلك في المستقبل بغض النظر عن مدى الإحكام الذي قد تصل إليه البرمجة(1). ومع ذلك فسيظل الإنسان يحاول جاهداً أن يرتقي بالأداء ، ومن يدري فقد تكلل جهوده بالنجاح ولو بعد حين .

     

    وتحتاج الترجمة الآلية إلى إمكانات فنية ضخمة، لا تتمثل في الحاسوب وتجهيزه وحسب، وإنما في البرمجة ووضع معجم خاص يحسن التعامل مع خصوصياتها، وبشكل يؤدي آخر الأمر إلى تمكين الحاسوب من أن يكون لبقاً، ذكياً، مرناً، يحسن التصرف عند المآزق Smart.

     

    والأساس في هذه الإمكانات هو المعجم الخاص، ذلك أن البرمجة وغيرها من سبل التنفيذ إنما تستند إليه، وهذا يعني أن تصميم المعجم ينبغي أن يتم وفقاً لمواصفات خاصة، لا سيما أن الترجمة لا تتم بترجمة المفردات، وإنما تتم بترجمة التراكيب، إذ يكون للنظام النحوي لكل من لغتي الترجمة دور حاسم في ضبط الترجمة وتحريرها، مما يعني صعوبة العملية، لأن "النظامين النحويين الخاصين بلغتين هما ... غير قابلين لنفاذ أحدهما إلى الآخر" استناداً إلى مقولة مييهMeillet(2)، وإن كنا نخالف هذا المذهب في بعض التفصيلات.

     

    مواصفات معجم الترجمة الآلية

    يجب أن يتضمن هذا المعجم كل الاحتمالات والمفارقات التي قد تعترض طريق الترجمة الصحيحة، وقد ردها (مونان) إلى أربعة مجالات هي "الدلالة والتركيب النحوي، واختلاف رؤى العالم، وتعدد الحضارات"(3). ويمكن دمج الأول والثاني في الدلالة (على جهتي الإفراد والتركيب) ودمج الثالث والرابع في ما يمكن أن نسميه التفاوت الحضاري. وسنعالج كلاً منهما على حدة :

     

     

    الدلالة :

    ينبغي أن تكون دلالات النص المترجم واضحة لدى المترجم، فلا يحمله ظاهر النص إلى غير المقصود به، ذلك أن لكل لغة اصطلاحاتها، ولكل كلمة دلالتها، وكذلك لكل تركيب، بما يختلف باختلاف المقام أو الموضوع. كما ينبغي أن يكون قادراً على أن يأتي بالمعادل في اللغة المترجم إليها ليتم نقل المعنى بالمواصفات البلاغية التي أحاطت به في لغته الأصلية، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه اسم التعادلية في اللغة، أو المنطق اللغوي الذي تجسده اللغة في التفريق بين المعنى العلمي والأدبي والمعنى المجازي، و بين صورة الكلمة (الشكل) ودلالتها المتغيرة في مختلف الأنماط والسياقات اللغوية"(1).

     

    واستناداً إلى ما تقدم، فإن معجم الترجمة الآلية يجب أن يتضمن مفردات لدلالات مجردة، وتراكيب شائعة تقدِّم للمترجِم والمبرمِج - أو للحاسوب المعد للترجمة الآلية - كل الاحتمالات بطريقة تراتبية تمكنه من إنجاز المهمة دون تداخل أو اضطراب أو خطأ. وجدير بالذكر هنا أن المفردات غير المركبة لا شأن لها في الترجمة الآلية، بل الشأن للجمل، لأن الترجمة إنما تكون للنصوص مقروءة مسموعة، أو مكتوبة مدخلة، والمفردات غالباً ما تختلف دلالاتها باختلاف إسنادها ، إذ تتضافر الدلالتان الإفرادية والنحوية مشكلتين دلالة خاصة بالنص السردي، أو بالكلام. وفي ما يلي نورد مثالاً لكلمة مفردة والتراكيب التي يمكن أن تأتي فيها لدلالة مغايرة للدلالة الإفرادية.

     

    فاعل : وهو الذي يقوم بالفعل، وهذا هو المعنى اللغوي العام.

    فاعل - وزن الفاعل، مبني صرفي (Fa’elas Pattern).

    فاعل - اصطلاح جنائي بمعنى الجاني .

    فاعل - اصطلاح نحوي Doer، ويكون في حالة رفع Nominative case.

    فاعل - في اللهجة اليمنية، وتعني حرّاث Ploughnan

    فاعل - لهجة مصرية، يشتغل بالفاعل، أي بالفأس والنخل ونحوهما من الآلات الزراعية واستصلاح الأراضي.

    فاعل خير : محسن .

    ال - فاعل، التارك : لهجة فلسطينية، تعني سيء الذكر، وتذكر في مقام السب أو حكاية السب بدلاً من التفوه بالألفاظ البذيئة التي قيلت على وجه الحقيقة.

    أو يلاحظ أن للكلمة دلالات تتفاوت بتفاوت البيئات والظروف، ناهيك عن احتمالات ورودها معرفة بال، أو في سياقات مختلفة تؤدي إلى مضاعفة احتمالات تغير الدلالة، كأن تقع في موضع رفع أو نصب أو جر، مضافة أو مضافاً إليها، مسنداً أو مسنداً إليها ... إلى غير ذلك من الإمكانات التي ينبغي أن تراعى عند وضع المعجم قبل حوسبته، مثل :

    فاعلْ : وزن عروضي (-- أو/5/5)

    إذ قد تأتي (في حال الطباعة الصوتية) فاعلٌ (- ب – أو /° //°)

     

    فاعلٌ : وزن صرفي،

    ومبنى صرفي (مثل مُدْخلُ مقابل ، ومنطلِق ، ومسترسل أسماء فاعل على
    غير الوزن فاعل).

     

    فاعلُ / فاعلٌ مضافاً وغير مضاف، إذ يترتب على الإضافة حدوث الفعل، وعلى الإفراد (مع التنوين) نية عمله مستقبلاً، كقولهم :

    هذا ضاربُ الكرة. (أي قد ضربها فعلاً)

    وهذا ضاربٌ الكرةَ (ينوي ضربها)

    ومعرفة صفة وخبراً وبدلا كقولهم :

    هذا الرجل الضارب الكرة أخي .

    هذا الضارب الكرة .

    هذا هو الضارب الكرة .

    هذا الضارب الكرة محترف .

     

    إذ يختلف المعنى في كل جملة اختلافاً طفيفاً يقتضيه النحو، ويترتب على ذلك اختلاف في صياغة مفردات الجملة المترجمة.

     

    مثال آخر :

    رغب بمعنى مال بعاطفته، وهو فعل لا تتحدد دلالته إلا مع غيره، فتتغير تبعاً لما يتصل بها، فنقول :

    رغب في الشيء : إذا مال إليه.

    رغب عنه : إذا مال عنه، ولم يستهوه.

    ورغب إلى فلان : طلب منه.

     


    ومثال ثالث :

    هناك مفردات لا يتضح معناها إلا في سياقها، كاسم الفاعل والمفعول (والمكان والزمان) من صيغة افتعل المضعف، كالمحتل إذ تعني جميع ما تقدم، ولا يفرق بين دلالة وأخرى سوى السياق، وأمثلة ذلك كثيرة في العربية وفي غيرها من اللغات، إذ تعني Occupier و Occupied صفة، على نحو ما يتضح في الجمال التالية :

    - يجب تحرير الأرض المحتلة . (الوطن المحتل) (مفعول، صفة).

    - ولا يتحقق ذلك إلا بطرد القوات المحتلة . الغازي المحتل (فاعل، صفة).

    - ولد فلان محتلًّ الضفة الغربية (اسم زمان، أي عند احتلالها).

     

    ومن صور الاختلاف في معاني المفردات تبعاً للسياق، ورود بعضها مفرداً مرة وجمعاً مرة أخرى، كالحداد بمعنى الحزن على الميت والحداد ، كالشداد ، جمع حاد وحديد، والحكم بمعنى مدير المباراة أو القاضي في الخصومة وجمعاً للحَكَمة ، وهي ما يطيف برأس الفرس من آلة الرسن .

     

    وهناك مفردات تصلح لأن تكون جمعاً لمفردين مختلفين، كالعظام جمع عظيم من الناس وجمع عظم من الهيكل الذي يقوم به الكائن الحي. والخَدَم، إذ تصلح لأن تكون جمعاً للخادم وللخَدَمة التي هي الحلقة.

     

    ومن قبيل ما تقدم مفردات المشترك اللفظي بعامة، إذ نجد لكثير من مفردات اللغة معاني عدة، كالعين، إذ تعني الباصرة، والنبع ، والجاسوس، وضرباً من السحب، والنفْس، وعضو مجلس الأعيان ... وغير ذلك. وكالاضداد إذ ينصرف الواحد منها إلى معنيين متناقضين كالجون بمعنى الأبيض والأسود، والصريم بمعنى الليل والنهار.

     

    ومن هنا، كان لا بد عند وضع معجم الترجمة الآلية، وحوسبته، أن تراعى هذه المسائل جميعاً، وأن ترصد الصور المختلفة من مفردات وأشباه جمل وتراكيب، وتوضع وفقاً لترتيب معين مدروس مقرونة بما يعادلها في اللغة المترجم منها أو إليها، فلا توضع واحدة منها تحت الطلب إلا استدعت ما يناظرها في اللغة الأخرى، آخذين بعين الاعتبار قول "مييه" إن النظامين النحويين الخاصين بلغتين هما غير قابلين لنفاذ أحدهما إلى الآخر ، مما يجعل الترجمة ضرباً من المحاولة الجادة لتحقيق تعادلية ما بين النص في لغة المصدر وما يناظره في اللغة الهدف.

     

    التفاوت الحضاري :

    ويتمثل ذلك في أن لكل أمة حضارة خاصة، تختلف عن حضارات غيرها من الأمم كثيراً أو قليلاً على نحو يحول دون وحدة المفاهيم وانطباق بعضها على بعض بشكل واضح، مما يعني استحالة الوفاق التام إلا في مجالات محدودة.

     

    ومن هنا ، وجدنا كثيراً من الباحثين ينفي شرعية الترجمة، لأنها لا تؤدي إلى المعادلات نظراً لوجود الاختلاف بين لغة المصدر واللغة الهدف في مجالات البيئة، والثقافة المادية، والثقافة الاجتماعية، والثقافة الدينية والثقافة اللغوية(1). وأوضح ما يكون ذلك في كيفية التعامل مع الحالات والوقائع المتشابهة استناداً لما تمليه الثقافات المتعددة على أهلها من طرق متباينة في تلك الكيفية، مما يعني صعوبة بالغة في الترجمة لا سيما إذا كانت اتصالية، أو آلية، لأنهما تفتقران إلى العوامل التي تمكنهما من نقل الدلالة بنص مكافئ.

     

    وتبرز إشكالية التفاوت الحضاري في النصوص الأدبية بعامة، وحيث يكثر المجاز والاستعارة والكناية بشكل خاص، إذ كيف ننقل للغة أجنبية قول العرب في المدح : كثير الرماد، كناية عن الكرم، طويل النجاد كناية عن طول السيف، وأنت كالدلو لا عدمناك دلواً كناية عن العطاء، وقصير الرشا كناية عن قرب النوال وسرعته، وكيف ينتقل للغة أخرى مفهوم المستنبح ومعاوية، وشغف الفؤاد والهناء والبعير الأجرب وما يكتنفها من الدلالات الهامشية ، ونحو ذلك من البنى اللغوية المرتبطة بمفهومات حضارية خاصة ، مما نجده عند أهل كل لغة، ويصعب نقله إلى اللغات الأخرى عن طريق الترجمة الآلية التي تقف عند ظاهر النص ، وتلتزم بمعطياته دون أن تكون للمترجم فرصة النفاذ إلى باطنه ، فيقدمه لقارئ الترجمة أطول ، لكن أعمق ، وأوضح ، على غرار ما يحدث في الترجمة الدلالية مثلاً ، فاللغة، أياً كانت، لا حياة لها ما لم تتأكم في المحتوى الثقافي "Unless it is steeped in the context of culture" ولا وجود لثقافة لا تتمركز حول بنى اللغة الطبيعية، فاللغة إذن قلب الثقافة، وهي التفاعل الداخلي بين الاثنين ، الذي يولد استمرار طاقة الحياة ... وتماماً كجراح القلب إذ لا يمكن أن يهمل الجسد من حوله، فإن المترجم لا يمكنه أن يتناول النص في معزل عن الثقافة(2) .

     

    وهذا ما عبرت عنه Cherry Simon’s بقولها "إن على المترجمين كي يقوموا بعملهم بدقة، أن يفهموا ثقافة النص الأصلي، لأن النصوص متداخلة (embedded) ملتحمة التحاماً وثيقاً بالثقافة. وكلما كان هذا الالتحام وثيقاً كان التوصل إلى معادلات لفظية وفكرية أصعب(1) .

     

    وتقول في موضع آخر : من الواضح أن "المعنى الثقافي" Cultural Meaning ليس شرطاً أن يكتشف ببساطة ، بوضع المعطيات اللغوية مقابل المفاهيم التي تقبع وراءها. فالمسألة ليست ببساطة : ماذا تعني المفاهيم في ثقافة قريبة منا ؟ ولكن إلى أي حد يمكن أن نعتبر المفاهيم معادلة أو مكافئة لما يمكن أن نعبر عنه بلغتنا"(3).

     

    وما من شك في أن هذه القضية أعمق أثراً في الترجمة الآلية، وتؤدي إلى تجريدها من قسط كبير من الحيوية والجدوى لولا اضطرار المجتمعات إليها ، استجابة لمتطلبات العصر و"ما اصطلح الناس على تسميته بالعولمة، وما يرتبط بها من انتشار للمفاهيم الغالبة والنظريات والتطبيقات في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية"(3).

     

    "وقد أوصلنا البحث في الترجمة الآلية إلى أنه، بعيداً عن عملية التحويل المنمط في الترجمة التقليدية من النصوص المبرجمة بدقة، فإن مشاكل الترجمة لا يمكن حلها بخوارزميات تقليدية conventional بأي طريقة شمولية encompassing، فمشاكل الترجمة تستدعي النظر الإدراكي ومساراً كلياً heuristic وخطوات متداخلة، ليس من شأنها أن تتحقق بمقاييس موضوعة سلفاً ولا بخوارزميات"(4)، لا سيما عندما تكون ترجمة لما بين السطور من خلال المعاني والأفكار والمفاهيم، إذ يجدر بنا هنا أن نتذكر قول جوته (1813) أن الترجمة مستحيلة وضرورية وهامة، فالألفاظ في سائر اللغات تتداخل وتترك فجوات في . المعنى ، فهناك مثلاً أجزاء من اليد أو السحاب التي لا اسم لها، بل ربما لا تجوز تسميتها(5). على نحو ما نجده في قول الشاعر العربي معتداً بقومه :

    ونحن الثريا وجوزاؤها ونحن السماكان والمرزم

    وأنتم كواكب مخسولة ترى في السماء ولا تعلم

     

    أي نحن أعلام الورى، وأنتم ككثير من نجوم السماء لا اسم لها.

    وفي الإطار العام، فإن على المترجم أن يراعي باستمرار مقولة فيرت Firth وهي أن المعنى "شبكة من العلاقات"(1) مما يعني أن عليه استحضار جميع أنواع المعنى؛ المعجمية منها والعامة كالمعنى الثقافي والرمزي والإيحائي ونحو ذلك.

    وشكل الترجمة الأنسب للآلية هو الترجمة الحرفية One to one translation كترجمة (ال البيت The house) ، وكي يتحقق ذلك فإن على معد المادة اللغوية لتغذية الحاسبة، ولبرمجتها من قبل ، أن يتقصى جميع الاحتمالات المتخالفة، بحيث يضمنها مادته، وهذا ما يمكن أن نسميه بتحليل المكونات ، ولو كان ذلك "بتوزيع المكونات الدلالية لكلمة واحدة على مساحة أكبر في اللغة الهدف"(2). والتفريق بين معاني المشترك اللفظي، ومفردات المشترك المعنوي (المترادف) والتباين في المدلول الثقافي ما بين اللغة المصدر والأخرى الهدف.

     

    الترجمة الآلية عملياً :

    يقصد بذلك أن يحل الحاسوب ، وما قد يدغم فيه من الأجهزة المساندة محل الإنسان. فالإنسان يقرأ ويترجم، ويكتب أحياناً ما يترجمه، وهو أيضاً يسمع، ويترجم، فيكتب، أو لا يكتب ما يترجمه، وأحياناً يكتب في الهواء أو بماء البصل والليمون فلا تظهر الكتابة حتى إذا تعرضت إلى الحرارة ظهرت حمراء اللون، والحاسوب اليوم ، في أدائه وقابليته للتطوير ، أصبح قادراً على الاستجابة لهوس الإنسان في تطلعه دائماً إلى التقدم، فمن الطباعة الصوتية... تتكلم والحاسوب يكتب، إلى الكتابة الضوئية - تخط بقلم خاص على شاشة الحاسوب وهو يكتب ما تكتب، إلى غير ذلك مما يكلّ عقل الإنسان العادي عن استيعابه وبات الهواه يطالعوننا به يوماً بعد يوم.

    ومن أحدث التطورات في هذا المجال ما تقوم مؤسسة علمية ألمانية من تسجيل قراءات متعددة (لطلبة وطالبات) في نصوص مختارة ، وتدور حول موضوعات معينة ، تمهيداً لتصميم برمجية حاسوبية تقوم بالطباعة الصوتية غير المقيدة بصوت واحد. ذلك أن الحاسوب يعتاد على صوت مستخدمة فيصبح قادراً على "فهمه" وكتابة صوته وتفقيط مفرداته. أما ما يخططون له فحاسوب ذكي smart يكتب ما يسمعه من قارئ العربية أياً كان، وذلك بتغذيته بالمفردات مقروءة بأصوات ذات ترددات وذبذبات مختلفة الأمداء(3) . مما يعني أن التطور في هذا المجال يسير وفقاً لمتوالية هندسية لم يعد الإنسان فيها قادراً على مواكبة نفسه، مما يعني أن الترجمة الآلية باتت ضرورية وملحة أكثر من أي وقت مضى.

     

    وقد مرت الترجمة الآلية عبر مراحل مختلفة، فمن كتاب (Bar Hellel 1964) حيث ساد الاعتقاد آنذاك أن الحاسبات الآلية لن تستخدم كثيراً في الترجمة الآلية في المستقبل (القريب) إلا في مجالات محدودة مثل الأرصاد الجوية، في الوقت الذي أثبتت فيه فائدتها في مساعدة أخصائي المصطلحات في جمع المسارد والمعاجم ثنائية اللغة(1) (وحسب) ، وإلى كتاب (Boothe 1967) وغيرهما مما لم يكن متفائلاً كثيراً بجدوى الترجمة الآلية التي ربما كانت وما تزال أنسب ما تكون لترجمة العلوم والمعاجم ثنائية اللغة، والترجمة الاتصالية، ولكن بيتر نيومارك (Peter Newmark 1988) في كتابه "الترجمة والتفسير : نظرة تأملية بين الماضي والحاضر" يبدي تفاؤلاً كبيراً إزاء الترجمة الآلية إذ يقول " وستشهد الترجمة الآلية أيضاً تطوراً عظيماً، وسيصبح هذا الحقل علمياً أكثر، ومأمون النتائج لا سيما أن تقنيات الصوت والصورة في تطور دائم"(2) .

     

    ونقرأ للويس ديرك (Derek Lewis 1997) مقالة استعرض فيها الوضع الراهن للترجمة الآلية إذ تتواصل محاولات المبرمجين لتأهيل الحاسوب لأداء ترجمة آلية بلغة طبيعية(3) .

     

    أولى الخطوات :

    بعد تحديد مجال الترجمة ونوعها فإن أولى الخطوات تتمثل في تحليل البيانات (المادة اللغوية) التي سيغذى - يبرمج - بها حاسوب الترجمة الآلية، التي تمثل عملية استقبال النص من لغة المصدر، وإرساله باللغة الهدف مباشرة مختصرين بذلك عمليتي التحليل وإعادة البناء Decoding and recording التي يقوم بها المترجم الإنسان بعد ترميزها في الحاسوب، بعبارة أخرى نقل المرونة التي يتمتع بها الإنسان إلى الحاسوب ليصبح ذا إرادة وإدارة كالإنسان، وهذا النقل، على استحالة أدائه بدقة، إلا أنه ينبغي أن يكون مقبولاً ريثما يتمكن الإنسان من تطويره.

     

     

    فالمترجم يقوم بالترجمة عبر عمليات عقلية يمكن تمثيلها بالمخطط التالي - نقلاً عن (Susan Bassnett 1998)(1) .

    اللغة المصدر اللغة الهدف (المترجم إليها)

    النص الترجمة

     

     

    التحليل إعادة التركيب

     

     

    ولكن تحويل هذا المخطط إلى رموز قابلة للحوسبة يحتاج إلى تشتيت أو تحليل دقيق جداً (نشر) يتقصى فيه منظرو ومطبقو الترجمة الآلية جميع الصور والعلاقات القائمة بين الألفاظ والمعاني، التي من شأنها تحرير الترجمة بشكل سلس سليم. وهذا يقودنا إلى تصور آخر، هو أن الترجمة توليف بين تشكيلين أو خريطتين (لغويتين) في لغتي الترجمة ، الأول تشكيل تركيبي (نحوي) تشرك فيه مع المدخل من لغة المصدر بعض التراكيب ممهداً بذلك للتشكيل الثاني - الدلالي.

     

    ولتوضيح ذلك نورد المثال التالي مطابقاً لما أورده ألفرد وجفري أولمان(2) (Alfred V.Aho and Juffrey D. Ullman, 1972) وهو يتضمن عرض "الشجرة النص" على شكل منظومة متوالية (كعقد من لؤلؤ) من العناصر اللغوية المترابطة وفقاً لقواعد نحوية ، فجملة : الحصان يجري في الساحة" ؛ مبنى نحوي يمكن تمثيله في التشكيل التالي :

     

     

     

     

     

     

     

     

    الجملة

     

    عبارة اسمية (شبه جملة) عبارة فعلية (شبه جملة)

     

    صفة اسم فعل شبه جملة

     

    ال حصان يجري عبارة اسمية حرف

     

    اسم صفة في

     

    ساحة ال

     

    الذي تمثل التراكيب النحوية فروعه، بينما تمثل المفردات في النهايات أوراقه. يمكن أن يشار إليه بالرمز أ + (ب # ج) بحسب ما تشير إليه المعادلة الرياضية التالية :

     

    العبارة

    الحصان يجري في الساحة

     

    عبارة (الحصان) عبارة (يجري في الساحة)

     

    كلمة (الحصان) (يجري) عنصر # كلمة الساحة

     

    عنصر (حصان) عنصر (ساحة)

     

    معرف (ال) (هو أو في) محدد (معرف) معرف (ال)

     

    أ + ج ب

     

    أما التشكيل الدلالي - الشق الثاني من عملية الترجمة، فهو الذي يتم فيه تحويل المدخل المنظم وفقاً للتراكيب إلى مخرج عادة ما يكون برمجية لغوية محوسبة تستند إلى تشكيل يلائم التركيب النحوي للمدخلات المقابلة من لغة أخرى.

     

    إن الترجمة الآلية، ما تزال قيد التطوير، بالرغم من التقدم المذهل الذي أنجزه الخبراء والمؤسسات والشركات العاملة في هذا المجال، ولكنها ستظل عاجزة عن الوفاء والدقة، لأنها تجمع إلى جانب إشكالات الترجمة الفورية والتقليدية إشكالات أخرى أهمها ما يجسده إحلال الحاسوب محل العقل البشري ؛ لو كان مرناً مثله، أو كانت له إرادة وإدارة إلا بقدر ما يحسن مبرمجه تزويده بهما.

     

    وإن عمل المبرمج، الذي يفضل أن يكون على دراية بلغتي - أو لغات البرمجة - ليعتمد في جله على تحليل المادة اللغوية التي ينوي تخزينها مقرونة بما يناظرها في اللغة / اللغات الأخرى. وقد نتصور هنا، أنه للحصول على ترجمة آلية رفيعة المستوى، لا بد من أن يكون معجم المدخلات ضخماً ضخامة الثقافتين اللتين تلتحمان بلغتي الحوسبة، إذ لا بد لذاكرته من استيعاب وجوه استعمال المفردات المختلفة، لا معانيها المعجمية أو الاصطلاحية فحسب، لأن "معنى الكلمة هو استعمالها في اللغة" كما يقول وتكَنشتاين Wittgenstein 1958(1).

     

    وقد نجمل قضية الترجمة الآلية في ملخص توصل إليه ستيفن كراور 1995 في كتابه : الترجمة الآلية(2) : من أنه " لا يمكن لنظام ترجمة آلية في الوقت الحاضر أن يكون قادراً على تقليد سلوك المترجم البشري، كما أنه لا يوجد وصف دقيق لما يجب أن يقوم به نظام الترجمة الآلية : إن من أكبر المشاكل التي تعترض الممارسة هي إزالة الغموض، ومع ذلك فإن هناك أنماطاً مختلفة من الأنظمة الموجودة تساعد في التقليل من الحواجز اللغوية بالرغم من كونها أنماط تقليداً للمترجم البشري . إن مستخدمي هذه الأنظمة يقدرون الفائدة المرجوة منها، كالشركات والمؤسسات الكبيرة والمترجمين المحترفين والباحثين من أحاديي اللغة.

     

    وأنظمة الترجمة الآلية الكبيرة باهظة التكاليف، وقد تم تطوير أنظمة صغيرة تقوم بأداء عالي الجودة في مجالات محددة، إضافة إلى الأنظمة متعددة اللغات، التي يرتكز بعضها على الحوار المنطوق ... وبينما يسير الاهتمام السائد في السوق في اتجاه تطوير أنظمة أكثر تخصصاً وتحديداً فإن الاتجاه في البحث يسير نحو توسيع مجال الترجمة الآلية انطلاقاً من الجملة إلى النص، مع التركيز على التخلص من غموض الترجمة بتحديد المجالات واستخدام الأساليب الإحصائية غير التقليدية.

     

    وإذا كان ذلك هو وضع الترجمة الآلية في الغرب ، ومع لغاتهم ، فإنه في بلادنا ، ومع العربية ، سيكون أصعب، لما نعرفه من إمكاناتنا، وما نعرفه من سعة العربية وامتداد ثقافتها في الزمان والمكان، ما لم نحدد ونخصص ، ونحلل ما نحدد وما نخصص، وما لم نعقد العزم على اللحاق بالركب إن لم يتح سبقه.

     

     

    المصادر والمراجع :

     

    1. صيني، محمود إسماعيل (مترجم) اتجاهات في الترجمة. بيتر نيومارك. درا المريخ للنشر 1986.

    2. بربيش، عبد اللطيف، رسالة إلى رئيس اتحاد المجامع اللغوية العربية، الأكاديمية، مجلة الأكاديمية المغربية، العدد 13، 1998.

    3. الترجمة قضايا ومشكلات وحلول – 2 – تطور الترجمة ، مكتب التربية العربي لدول الخليج 1405ه‍ ، 1985م .

    4. كاتفورد ، جي ، نظرية لغوية للترجمة ، ترجمة عبد الباقي الصافي . البصرة 1983 .

    5. مجلة التعريب، المركز العربي للتعريب والترجمة والنشر، العددان 16/1419 - 1998، و 17/1420-1999.

    6. Robert De Beaugrande, Abdull a shunnaq, and Mohammed Heleil, Language discourse and Translation. Philadelphia, 1994.

    7. Simon, Sherry, Gender in Translation, New York, 1998.

    8. Bassnett, Susan. Translation studies, New York, 1998.

    9.

    Alfred. Aho and Juffrey D. Ullman, The Theory of parsing, Translation and compiling. U.S.A. 1972.

    10. Eric Records, 1-12 and Dissertation Abstracts.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me