An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, August 22, 2010
  • احتراما للعربية
  • Published at:الشعب. الأردنية 5/6/1985
  • د. يحيى عبد الرؤوف جبر

     

                تمتاز اللغة العربية عن غيرها من اللغات، حتى تلك التي يزعم أنها شقيقات لها، ويسمونها اللغات السامية اتباعا لعلماء اللاهوت والمستشرقين من أصل يهودي ـ تمتاز عنها بأنماطها وعلومها التي نادرا ما توجد في غيرها بالقواعد والحدود نفسها. بل إن كثيرا مما للعربية، وهي أقدم اللغات وأعرقها على الإطلاق، قد تسرب إلى هذه اللغة أو تلك، من ألفاظ وقواعد وموسيقى ونحوها.

                فعلم النحو العربي على سبيل المثال، وإن تشابهت بعض قواعده مع نظائر لها في لغات أخرى، إلا انه لا يمكن أن ينطبق على لغة غير العربية، وقل مثل ذلك في نحو لغة أخرى. ربما كان في نحو اللغات فاعل ومفعول وحرف جر،لكن التراكيب والإعراب، والدور، تختلف بحيث لا تدع مجالا للتطابق ولا التقارب.

                وقل مثل ذلك فيما يتعلق بالصرف والعروض وعلوم البلاغة، ولا سيما البيان والبديع.

                غير أن المستغرب في هذا العصر، هو أن نجد بعضا من أولئك الذين درسوا العربية، أو مناهج البحث اللغوي، إن شئت، في البلاد الأجنبية، ولا سيما بريطانيا وأمريكا، يجهدون أنفسهم في تطبيق ما درسوه من قواعد ومناهج على  الدراسات اللغوية العربية، وكان الحقل اللغوي حقل نفط أو حقل تربوي! أو اقتصادي.

                فما إن يكتب أحدهم حتى ينمق موضوعه بأسماء أساتذته وأساتذتهم، وبأسماء كتبهم ومعاهدهم، التي غالبا ما تكتب بالبنط الأسود وبالأحرف اللاتينية، ذلك لمزيد من شد الانتباه، والتنويه بالنفس، فأنت نادرا ما تجد بحثا لا يتردد فيه اسم اوجدن أو بلومفيلد أو جفري ليتش أو تشومسكي وغيرهم.

                ولو تمكن بعض هؤلاء، لفرط تحمسه، من إعادة كتابة تاريخ العربية وعلومها على أساس النظرية الغربية لما تردد في ذلك لحظة واحدة، غير أن ضخامة العبء وقصر الهمة يحولان دون ذلك، إلا من محاولات لا تثري الحركة العلمية، بل تعطلها وتعرقلها، لأنها تتم على حسابها.

                وبدلا من أن يتجه هؤلاء إلى تطوير نمط خاص مستحدث، يتفق مع طبيعة العربية، ويصون لها حقوقها من الاحترام، ويكفل للناطقين بها تقدما حقيقيا في مجال الاتصال الفكري والعاطفي، بحيث تصبح أداة للخلق والإبداع بمعناهما العلمي. إلا أنهم يستمرون في قرع الطبول في الصحراء ولا حرب، يقولون للغة سيري، فيرد عليهم لسان حالها: بل سيروا، ويصرون في عناد، وكأن اللغة المقدسة، ذات الجذور الضاربة في ما قبل التاريخ المدون، ستسجيب لهم.

                وكم كنا نود أن نسمع منهم بتشومسكي عربي، يتحمس لعربيته كما تحمس تشومسكي ليهوديته وعبريته في أطروحته، فكانت معظم أمثلته من لغته، بل لعله وضع رسالته بالعبرية أولا ثم ترجمت للإنجليزية.

                إن قيام دراسات لغوية عربية جديدة، وتخطي الحدود التقليدية في البحث اللغوي عند العرب إلى أبعاد وآفاق جديدة، أمران ميسوران، وإن لم يكونا كذلك، فإن المسؤولية في جعلهما ميسورين، إنما تقع أول ما تقع على أولئك الذين يحاولون عبثا تطويع العربية لمعايير غربية، وإنه حتى الإنسان، إذا \"غرّب\" أو \"شرق\" فإنه لن يتمكن هو أو غيره من قلب سحنته بحيث يصبح أزرق العينين أصهب .. فما بالكم بلغة القرون من عهد آدم.. لغة القرآن الكريم .. لغة أهل الجنة.

                وكأن المفلس جدّ له جديد غير دفاتره القديمة.. دفاتر الآخرين وما أدراك من الآخرون.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me