An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, August 22, 2010
  • عصر ما قبل التلفزيون
  • Published at:الشعب الأردنية 19/5/1985
  • د. يحيى عبد الرؤوف جبر

                 لا نكون مبالغين إذا قلنا إن جهاز التلفزيون هو دار عرض متحررة تقتحم كل بيت. وإن اقتناءه أصبح من الكماليات التي يفرضها واقع الحياة المنزلية، الذي فرضه موردو المواد والسلع الاستهلاكية وغيرها من المستوردات.

                ولما كان التحكم في هذا الجهاز أمرا مستحيلا أو يكاد، فإنه يعد في مقدمة الموجهات لسلوك كثير من الأفراد، لا سيما الناشئة، ويمكن القول إن هذا الجهاز يخلق من التوجهات الثقافية وتباين الرغبات، ما يؤدي بأفراد بعض الأسر إلى الشجار، وحال دون انتقال ثقافة الآباء إلى الأبناء، لأنه يفكر نيابة عنهم، ويق من القصص المترجم وغير المترجم أنواعا شتى، ويقدم الحياة ممثلة، والتجارب، صحيحة كانت أم خيالية، ممضوغة، فهو بذلك يقتل في المشاهد فكره، والقدرة على التفكير، ذلك بما يزين له من خيالات الآخرين، ومتى كان الذين يصنعون الحياة بحاجة لمن يمثلها لهم على خشبة المسرح؟

                قبل عصر التلفزيون كان للنادي الثقافي روداه، وكان للأسرة مجلسها الذي يقص الكبار فيه على الصغار، الأحاديث والحكايات، فينشؤون على شاكلتهم، الأمر الذي كان يحفظ للمجتمع لونه ورائحته على مدى القرون، وقبل عصر التلفزيون كانت المضافات والدواوين، يلتقي فيها الرجال يتجاذبون أطراف الأحاديث والأخبار، فيظل التجانس الثقافي الأصيل.

                وقبل عصر التلفزيون، قليلا ما كان السهر يستمر بالناس إلى ما بعد التاسعة أو العاشرة، ولكنهم اليوم ربما سهروا إلى ما بعد منتصف الليل. الأمر الذي زاد في استهلاك الطاقة، وأدى إلى عدم الكفاية من النوم، وإلا، فعلى حساب النشاط الذي ينبغي أن يتمتع به الإنسان في الصباح عند الإقبال على العمل.

                قبل عصر التلفزيون لم نكن نعرف الفيديو ولا الأتاري.

                قبل عصر التلفزيون كنا نخرج إلى الملاعب والشوارع .. أما الآن فقد نقل التلفزيون كل شيء إلى البيوت، وما علينا إلا أن نعد \"الشيشة\" أو \"النارجيلة\" والشاي .. أو غيره .. ونشاهد الآخرين وهم يصنعون الحياة.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me