An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, February 1, 2009
  • العلاقة بين العربية والعبرية
  • Published at:Not Found
  • العلاقة بين العربية و العبرية

     

    أ.د. يحيى جبر

    أستاذ علم اللغة بجامعة النجاح الوطنية

     وأ. عبير حمد

    باحثة في مركز أبحاث الدار الوطنية

    نابلس _ فلسطين

    مقدمة

     

    للغة في تشكيل المجتمعات وتنميط حيواتها دور خطير؛ ولعل أدق ما يمكن أن نعبر به عن هذا الدور أن نشبهها بما ينعكس على المرآة من صورة الإنسان، أو بظله الذي يتكيف وفقا لشكله ؛ "إذ تَعترِفُ الأدبيات البحثية بان اللغة تشكل مركبا جوهرياً في الهوية الفردية والجماعية، وعاملاً يؤدي وظيفة حيويّة في التفاعلات السياسية والثقافية جميعا(1)".

    وذهب سابير وورف إلى أن اللغة " أساس تشكيل الأفكار، ودليل على النشاط الفكري للفرد" وهذا هو جوهر نظريتيهما في اللغة، وإن الأمر ليتجاوز ذلك إلى المجتمع ذاته، إذ نجدها الأساس الذي تنبني عليه الهوية الاجتماعية علاوة على الهوية الفردية (*).

            وتتأثر اللغة بأحداث التاريخ والأنشطة البشرية كلها، ولا تمر هذه دون أن تترك بصماتها عليها سواء في استحداث لفظ أو تعريب كلمة أو توليد معنى، ويعتبر الاحتلال من أخطر الأحداث التي غالبا ما تؤدي إلى  خلق واقع جديد، وسنحاول في هذا البحث أن نرصد وجوه التأثر والتأثير بين هاتين اللغتين سواء كان التأثر والتأثير إيجابيا أم سلبيا. لغوي جديد في المناطق المحتلة.....وأبرز ما يكون ذلك وأشده؛ إذا لم  يكن للغة " الوطنية"  تاريخ عريق، ولم يدون بها تراث أدبي رفيع، ولم تكن لغة فكر أو حضارة، بل إن الغالب في اللغات المستكينة أن تكون لهجات محكية غير مكتوبة، أو أنها تكون في نزاع مع عدد  من اللهجات المحلية في الإقليم نفسه..... وفي المقابل فإن هناك لغات لم يفتّ في عضدها استعمار ولا احتلال، ونعني بذلك اللغات ذوات التراث العريق؛ كالعربية وبعض اللغات الإسلامية كالفارسية والبشتو، ولكن هذا لا يعني أن الحقبة الاستعمارية انتهت دون أن تترك آثارها في تلك اللغات؛ بالرغم من صمودها في وجه لغات المستعمرين" (2).

     

    وتتعرض العربية، على امتداد الوطن العربي، ومنذ قرنين من الزمان على الأقل، لهجمة شرسة، وكيد مخطط مدروس، ونكتفي هنا بإحالة القراء إلى ما ورد من ذلك في كتاب الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر لمحمد محمد حسين، إذ تناول جملة الدعوات الهدامة التي شهدتها ساحات الأمة المختلفة ، وما تزال، ولعل في الحملة على العربية ما يوضح مدى أهمية اللغة في تحقيق الكيان الاجتماعي للناطقين بها، غير أن المؤسف حقا أن يشارك بعض العرب الأجنبي في تسديد السهام للعربية؛ حتى أصبحت_ كأهلها _في المرتبة لثانية حتى في المجتمع الذي تنتسب إليه.

     

    وتعاني العربية في فلسطين ظروفا عصيبة؛ نتجت عن الاحتلال البريطاني فالإحلال الصهيوني، وهي تخوض صراعا عنيفا في وجه الطغيان العبري الذي يواكب احتلال الأرض، بل لعل غزو اللغة أخطر؛ لأن الكلمة الأجنبية، من غير ضرورة، تحتل اللسان على نحو أبعد أثرا من احتلال الجندي الأجنبي الأرض. "إن العربية في فلسطين تدافع عن نفسها في جبهتين داميتين؛ فهي واقعة بين مطرقة الإنجليزية وسندان العبرية في ظل الاحتلال البغيض الذي يحاول طمس كل معالم العروبة...ومما يجعل مهمة الحفاظ على العربية عسيرة ذلك الاعتماد المقيت على الدولة العبرية في كثير من متطلبات الحياة اليومية كالعمل والمواد الاستهلاكية ولا سيما التي يكثر من شرائها الأطفال الذين هم في طور البناء اللغوي"(3).

     

    العربية والعبرية؛ كلام في النشأة:

     

    لم تشهد هاتان اللغتان في تاريخهما صراعا حقيقيا، بل كانت العلاقة بينهما طبيعية جدا، ولطالما تعايشتا في مهد النشأة الأول؛ الجزيرة العربية، قبل الإسلام وبعده، إذ كان اليهود يعيشون في هذه المنطقة جزءا من نسيج المجتمع العربي؛ والإسلامي من بعد، على نحو ما يحكيه وجودهم في بعض أنحاء الجزيرة قبل الإسلام، كبني هدل وبني النضير وبني قينقاع وبني قريظة، بل لقد عد بعض شعرائهم في أعيان شعراء العرب في الجاهلية كالسموأل بن عادياء وسَعيَة بن العَريض، وما كان من شأنهم أيام العباسيين، وفي الأندلس، وما عليه حال من بقي منهم إلى اليوم في المغرب وإيران واليمن وتركية. غير أن تأسيس دولة يهودية في فلسطين، وطرد الفلسطينيين من وطنهم أشعل الصراع الدامي الذي تشهده المنطقة اليوم على كل صعيد، ولعل هذا الصراع هو الذي حدا بأتباع حركة "نطوري كارتا" لتبنّي موقف سلبي يعارض فكرة إنشاء كيان يهودي في فلسطين، ناهيك عن أن ذلك يتماشى مع معتقداتهم الدينية.

    والعلاقة بين اللغتين ليست مجرد علاقة أخذ واستعارة، وإنما هي علاقة قائمة على الاشتراك في أصل واحد، هذا الأصل الذي يسميه فقهاء اللغة بفصيلة اللغات السامية؛ الذي يشترك فيه عدد كبير من اللغات. وقد ذهب إسرائيل ولفنسون إلى أن كلمة عبري وعربي مشتقتان من ثلاثي واحد "عبر"( أو عرب ) وليس هناك ما يمنع من ذلك مطلقا؛ لأن التصرف في حروف الثلاثي بالتقديم والتأخير شائع جدا في اللغات السامية، ففي حين نجد كلمة تدل على معنى في إحدى هذه اللغات نرى أن كلمة أخرى من حروف الكلمة الأولى عينها، تدل على هذا المعنى نفسه في لغة أخرى، ولكن مع التقديم والتأخير من أحرف هذه الكلمة، مثل كلمة جنوب ونجب (عبرية )(4) وعورة وعروة (عبرية)، وفي اللغة العربية نفسها كثير من الكلمات المترادفة الدالة علي معنى واحد وليس بينها اختلاف إلا في ترتيب الحروف مثل: يئس وأيس وجبذ وجذب وأوباش وأوشاب وباء وآب وغيرها من الكلمات التي يعتريها هذا القلب المكاني .."(5).

     

    وفي موضع آخر يقول ولفنسون؛ مدرس اللغات السامية في الجامعة المصرية سابقا : "وكلمة عبري في الأصل مشتقة من الفعل الثلاثي عبر، بمعني قطع الطريق أو عبر الوادي...وكل هذه المعاني نجدها في هذا الفعل سواء في العربية أو العبرية، وهي في مجملها تدل على التجول والتنقل الذي هو أخص ما يتصف به سكان الصحراء وأهل البادية؛ فكلمة عبري مثل كلمة بدوي، أي ساكن الصحراء والبادية".

     

     ويرفض ولفنسون أن تكون العبرية فرعا من الكنعانية أو أنها لهجة كنعانية، وفي رأيه أنها شقيقه لها حيث يقول:"كانتا لغة واحدة لهجت بها تلك الأمم التي كانت تسكن فلسطين وطور سينا في مدى قرون، فلما تفرقت تلك وتباعدت اختلفت لهجاتها وتميزت، فكانت إحداهما العبرية، وكانت الأخرى الكنعانية، وذلك سبب التشابه بين هاتين اللغتين"(6). ومن أصحاب هذا الرأي أليعازر بن يهودا اليهودي الروسي الأصل الذي هاجر إلى فلسطين واهتم اهتماما كبيرا بإحياء اللغة العبرية باعتبارها من مقومات القومية اليهودية(5) ونرى أنهما في ذلك يخالفان ما نعرفه من مقولة ( أن الله ارتضى لهم" سفا كنعانيت"أي اللغة الكنعانية) وما يجمع عليه اللغويون من أن الكنعانية هي أقرب اللغات إلى التوراة الأصلية(7). وأن اليهود " لما حلوا في أرض كنعان، بفلسطين، اقتبسوا اللغة الكنعانية، وهي والآرامية من أصل واحد، فأصبحت لغة اليهود في فلسطين مزيجا من الكنعانية والآرامية(8) ولا ما جاء في سفر إشعيا حيث تبشر مدوّنة التوراة بالاستيلاء على مصر وإخضاعها ليهودا" في ذلك اليوم يكون في أرض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعانية (إشعيا 19:18) والمقصود بطبيعة الحال لغة بني إسرائيل الذين سينتصرون، وتلك اللغة لم تكن لها علاقة باللغة العبرية (9).

     

    وبالرغم من احتدام الصراع بين العرب واليهود، وتحوله إلى صراع حضاري، إلا أن العلاقة بين اللغتين لم تكن سلبية بشكل دائم، وفي الاتجاهين؛ فقد كانت العربية وما " تزال مصدرا غزيرا تتزود منه العبرية بالألفاظ ليس في العصر الحديث وحسب، ولكن في العصور المختلفة أيضا، لا سيما عصر "الفترة الذهبية" للثقافة العبرية التي أورقت وازدهرت في الأندلس إبان العهد الإسلامي؛ حين كانت العربية لغة العلم والكتابة والحديث بين اليهود والسواد الأعظم من نصارى الأندلس، وقد أسهم اليهود آنذاك في الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإسبانية، أما الترجمة عن اللغة العبرية فلم تجرِ إلا في وقت متأخر"(10).

     

    العربية لغة أقلية أم لغة المغلوبين؟

    لا يتجاوز عدد العرب في الكيان الصهيوني 25% من مجموع الوافدين الجدد، وعددهم (الآن) في فلسطين بحدودها المعهودة يتجاوز ال50%، ولكن اللغة العربية؛ لسان الفلسطينيين القومي، تعيش واقعين متباينين في طبيعتهما من حيث الرعاية التي تلقاها اللغة والاعتداد بها، فكيان المحتل لا يولي العربية أي قدر من الرعاية، بل  يعمد إلى التقليل من شانها ما وسعه الجهد، ويبتذلها بأنكى أشكال الابتذال، ويستغلها أسوأ استغلال، وهو في ذلك إنما يطبق سياسة تتراوح بين التصريح والمراوغة، لا سيما في التعامل على الصعيد الرسمي مع العرب الذين انتظمهم الكيان سياسيا، وعجز عن دمجهم اجتماعيا، واستيعابهم حضاريا، نتيجة لعلل كثيرة متناقضة تتصل بالجانبين: العربي واليهودي.

     

            فالعربية إحدى لغتي الكيان الرسمية سياسيا، ولكنها لا تعامل بمثل ما تعامل به العبرية لأسباب تتصل بالمبادئ والاستراتيجيات التي قام على أساسها الكيان المحتل، بالرغم مما يدّعيه من انتهاج الديمقراطية، والتزيّي بالمواصفات الإنسانية زورا، ولكنه ينسجم في ذلك مع المألوف في حال رغبة  الدول متعددة اللغات تحديد اللغة الرسمية إذ يمثّل ذلك" مهمّة معقدة، وعلى درجة قصوى من الأهمية، وللقرار حول السياسات اللغوية داخل المجتمعات المتصدّعة، إسقاطات بعيدة الأمد على استقرار الدولة ومتانة الديمقراطية فيها، ذلك لأن الاختلافات الدينية والإثنية واللغوية تضع كثيرا من التحديات أمام استقرار الديمقراطية. زد على ذلك أن القرار بخصوص اللغة الرسمية هو بمثابة الخطوة الأولى فقط، وتطبيق السياسة اللغوية لا يقلّ أهميّة عن القرار الرسمي بخصوصها. وتجد كل دولة فتية أنها ملزمة بتحديد اللغة التي ستشكل لغتها القومية الرسمية، بالإضافة إلى تحديد مكانة لغات الأقليّة(11) وهذا ما ينطق به لسان حال كيان المحتل، فهو مشحون بالإنثنيات والتناقضات على نحو لا نكاد نجده إلا في الولايات المتحدة لولا الفروق الكبيرة في عوامل الحراك الاجتماعي هنا وهناك؛ إذ يشهد الكيان الصهيوني "انقسامات عرقية ودينية ولغوية وثقافية عميقة. ويحمل الشرخ اليهودي-العربي في (إسرائيل) في طياته صراعا على مكانة اللغات المركزية التي تميز هذا الشرخ، وهي العبرية والعربية".

     

    ولكي نفهم حقيقة ما يجري في هذا الكيان؛ فإنه من المهم أن نستعرض "التشريعات القائمة في (إسرائيل) في هذا المجال. عمليا، لم تقم (إسرائيل) بسن قانون يوضح، بشكل قاطع، ما هي لغاتها الرسمية. يحدّدُ بند 82 لأمر المندوب السامي في فلسطين من العام 1922 وجود ثلاث لغات رسمية في فلسطين/إسرائيل وهي الإنجليزية والعربية والعبرية، وما زال هذا المرسوم ساري المفعول إلى يومنا هذا. التغيير الجوهري الأساسي لهذا البند حصل في العام 1948 عندما سن الكنيست الإسرائيلي البند 15 ب في مرسوم أنظمة السلطة والقضاء- 1948، الذي يلغي مكانة الإنجليزية كلغة رسمية، ويبقي على اللغتين العبرية والعربية كلغتين رسميتين(12) وحتى الآن، لم تلق محاولات تحويل اللغة العبرية إلى اللغة الرسمية الوحيدة، نجاحا في الكنيست (13) وعلى الرغم من ذلك، لم يضع القانون الإسرائيلي نظاما معياريا شاملا لثنائية اللغة، مما أدى إلى تدني مكانة اللغة العربية بشكل كبير مقابل اللغة العبرية(14).

     

    لكن من المهم أن نؤكد هنا أن أسبقية اللغة العبرية في إسرائيل لم تأت بقوة القانون أو بمرسوم حكومي(15)....، بل نتيجة السياسة الفعلية.... ويمكن الاستنتاج .... أن السلطات الإسرائيلية توضح من خلال سياساتها العامة الفعلية عدم وجود مكانة مهمة للعربية في الهوية القومية الإسرائيلية، الأمر الذي أبقى العربية، بدرجة كبيرة، كلغة العرب فقط. وعلى الرغم من ذلك يحمل القرار بالإبقاء على اللغة العربية لغة رسمية، أهمية كبيرة من الناحية الرمزية. لكن، وفي الوقت الذي أثار الإبقاء على رسمية اللغة العربية في دولة أقيمت كدولة الشعب اليهودي ومن اجل الشعب اليهودي، انطباعات ايجابية، نلاحظ أن الدولة اختارت- من الناحية العملية- عدم تحقيق مكانة اللغة العربية كلغة رسمية ودفعت بها إلى مكانة لغة ثانوية فقط. وإذا ما أراد العرب الانخراط في المرافق المختلفة للمجتمع الإسرائيلي، مثل التشغيل والإدارة والحكم، يتوجب على أبناء هذا الوسط تعلُّم العبرية بمستويات عالية جدا، ويأتي ذلك أحيانا على حساب اللغة العربية بفروعها المتعددة. (16)

     

    ولو قارنا هذا الواقع بما تجده العربية من رعاية في بلدان لا يشكل العرب فيها 10% من عدد السكان؛ كإيران، لوجدنا أن الجامعات الإيرانية المهمة كلها تقريباً، الحكومية والأهلية، فيها قسم لتدريس اللغة العربية وآدابها حتى مرحلة الإجازة، وفي كثير منها حتى مرحلة الماجستير، وفي ست جامعات منها إلى مرحلة الدكتوراه. ومما يدلل على ذلك الترابط المتين بين العربية والإسلام، أن عدد أقسام اللغة العربية وآدابها قبيل الجمهورية الإسلامية، ما كان يصل إلى عدد الأصابع، مع بون شاسع في البرامج والمناهج. (17)

     

    العبرية في فلسطين

    بوجود الاحتلال لا بد من وجود " الاتصال بالمحتل وغالبا ما يتم ذلك بالعبرية، وقد أدى مع الأيام، إلى احتلال حيز من اللغة العربية وإن كان ضئيلا، ذلك أن الغالب في الناس أن تنظر على لغة المحتل نظرتها إلى لمحتل نفسه، وعلى أن لها من القوة ما له، إذ كثيرا ما يصاحب احتلال الأرض احتلال النفوس، ولا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار التقارب بين العربية والعبرية في نواح كثيرة، إضافة على ضحالة مستوى التحصيل في اللغة القومية" (18) .

     

    إن الأصل في العلاقة بين الثقافة وواقع الحال اليومي لأي أمة من الأمم هو التشابك والتداخل بحيث لا يمكن الفصل بينهما؛ فما بالك إذن بالواقع الفلسطيني الذي يصل في غرابته إلى حد يفوق الخيال؟ "فعلى مدار قرن تقريبا والواقع الفلسطيني يمر من مأساة إلى مأساة، ومن نكبة إلى نكبة، كلها كانت، وما تزال، تستهدف الوجود والهوية خصوصا وأن هذه النكبات هي نتاج فعل إجرامي قهري مبرمج ومعد له بدعم وتأييد من قوى استعمارية كبرى  فكان من الطبيعي أن تترك أثرا في الواقع الفلسطيني"(19).

     

    ويمكن إجمال أبرز أوجه الاتصال القائم بين عرب الأراضي المحتلة والإسرائيليين، وفلسطين الآن كلها محتلة؛ فيما يأتي:

    1.     أسماء الشوارع والمستوطنات

    وقد آثرنا البدء بهذه النقطة عن قصد؛ لخطورة أثرها على وعي المواطن الفلسطيني، ولا سيما الجيل الجديد الذي ولد بعد النكبة، حيث إننا قليلا ما نجد فيه من يعرف الأسماء الأصلية للقرى والمدن التي دمرت، وأقيمت على أنقاضها المستوطنات الصهيونية، بالإضافة إلى قيام الصهاينة، وعن عمد، بتزوير بعض أسماء المدن والقرى والشوارع، وإكسابها صبغة عبرية، بطريقة أو أخرى؛ كتحوير بعض حروفها؛ إذ "يلاحظ أن اللوحات الإرشادية إلى القرى والمدن ونحو ذلك مما يكون على الطرق تكتب بالعبرية ومن تحتها بالإنجليزية ومن تحتها بالعربية وربما جيء بالعربية مكان الإنجليزية، إلا أن هناك لوحات تكتب بالعبرية وحسب"(20).

     

     ومن المهم جدا هنا التنويه إلى أن الكتابة بالعربية لا تكون بكتابة الاسم الأصلي العربي وإنما تكون بكتابة الاسم العبري المحرف، ولكن بحروف عربية، كشخيم بدلا من نابلس، وقدوميم بدلا من كفر قدّوم، وهبرون بدلا من الخليل، وغير ذلك(21).

     

    وفي كيان المحتل حيث تُعدّ العربية لغة رسمية ثانية في البلاد، إلا أن الواقع يسجّل غير ذلك، فهل فُرضت العربية كلغة أساسية للطلاب اليهود؟! الجواب لا، قد يقال هنا بل يدرّسونها لطلبة المدارس، فنقول: لكن بأي صورة؟ وعلى أي نحو؟ والجواب: على نحو ما تمثله مسودة الصورة negative) ) من الحقيقة في مقابل نسختها الموجبة. وهل تُقبل الرسائل الموجهة للمؤسسات الحكومية باللغة العربية؟ وهل تُرسل فواتير الكهرباء والهاتف باللغة العربية ؟! الجواب لا.. هل تُكتب أسماء القرى والمدن والمستوطنات باللغة العربية دائماً ؟! الجواب لا. بل لقد شاهدنا المستوطنين في الآونة الأخيرة يشطبون أسماء البلدات العربية في الضفة الغربية، المدونة على لوحات الطرق الإرشادية، ويبقون على ما كان من ذلك بالعبرية والإنجليزية.

     

    2.     لوحات المحلات والإعلانات التجارية

    إنّ بعض المؤسسات التجارية والحكومية تكتب في أغلب الأحيان باللغة العبرية والإنجليزية، وأحياناً بالروسية التي رفض البرلمان الإسرائيلي مشروع اقتراح لتحويلها إلى لغة رسمية؛ خوفاً من أن يصبح للروس قومية غير يهودية..! وإنما يتعلّم كثير من اليهود اللغة العربية ليس بهدف التقرّب من العرب، ولا حبّاً باللغة الراقية، وإنما لخدمة جهاز المخابرات ومراقبة المنشورات الصادرة باللغة العربية في العالم العربي؛ وربما وجدنا بعض المحلات التجارية، وحتى العربية منها، تكتب لوحة التعريف بالمحل بالعربية والعبرية، خاصة المحلات التي قد يتوجه إليها إسرائيليون، وإن كنا نلتمس عذرا لهؤلاء فهل نجد عذرا لمن لا يمر بمحله أجنبي واحد في العام، ومع ذلك يصر على أن يكتب اللوحة بالعبرية أو الإنجليزية ـ وإن كانت ليست موضوعنا هنا ـ و تعظم المصيبة عندما يكتبون اللوحات بحروف عربية وألفاظ عبرية أو إنجليزية، وهنا يلح سؤال مهم، هل يكتب الإسرائيلي لوحة محله بالعربية بالإضافة إلى العبرية، فضلا عن أن يكتبها بالعربية وحدها؟ فلماذا نفعل ذلك إذا !!!!.

     

    3.     العمل في المرافق الإسرائيلية

    ويلاحظ أن العمال العرب غالبا ما يكونون تحت إمرة إداريين يهود؛ فيضطرون إلى تعلم لغتهم، والإلمام بأساسياتها، على الأقل من أجل تيسير التعامل بينهم، إذ لا بد من تعلم أسماء الآلات والمواد الكيميائية والمصنوعات وكل ما يعملون فيه ويتعاملون معه، كما يلاحظ أنهم، في بعض الأحيان، بل في كثير من الأحيان، يبيتون حيث يعملون لمدة أسبوع أو أكثر، فيعودون إلى بيوتهم وقد علق بألسنتهم كثير من الكلمات التي تعلموها، فينقلونها لأبنائهم وأصدقائهم بقصد أو بغير قصد.

     

    4.     وسائل الإعلام العبرية

    ولا سيما الإذاعتان المرئية والمسموعة، وإن كان أثرهما بدأ يتراجع في السنوات الأخيرة بعد انتشار الفضائيات، وظهور فضائيات عربية على درجة عالية من المصداقية ـ وإن كانت قليلة جدا؛  إلا أنها فاعلة جدا ـ  ولكن مضى وقت طويل كانت فيه المرتبة الأولى عند كثير من الفلسطينيين كالإذاعة الإسرائيلية، وقد أدى ذلك إلى اكتساب كثير من الكلمات العبرية التي يستخدمها المذيعون، ومع تكرار سماعها أصبحت مألوفة للفلسطيني لا سيما إذا كانت تدل على أداة أو مصطلح جديد.

     

    5.     المعاملات الرسمية

    حيث كانت الإدارة المدنية الإسرائيلية ـ وإلى عهد قريب ـ هي المسؤولة عن تسيير أمور المواطنين المدنية وعن مختلف مرافق الحياة من تعليم وصحة و أحوال مدنية، وحتى بعد تولي السلطة الفلسطينية لهذه المهمات بقي الارتباط والتنسيق بينهم وبين الإسرائيليين قائما، وبقيت المعلومات المطلوبة تدوّن على المعاملات باللغتين العربية والعبرية.

     

    6.     غزو السلع الإسرائيلية للأسواق الفلسطينية

    حيث تأتي السلع ومعها اسمها العبري، وهنا لا نعرف أيهما أخطر؟ اسم السلعة أم السلعة نفسها ـ مع أن موضوع حديثنا الآن ليس اقتصاديا، ولكن الحديث بالحديث يذكر؛ ناهيك عما يكرّسه شيوع القيم الاستهلاكية؛ كظاهرة استبدّت بالمجتمعات العربية، من تعلّق العامة بالسلوكات التي تتغلغل مع السلعة في أوساط المستهلكين.

     

    7.  الاحتكاك اليومي بين عرب 48 والإسرائيليين، ومن ثم " اتصال عرب الضفة والقطاع بعرب الأراضي المحتلة عام 1948، ذلك أن كثيرا من المفردات العبرية قد تسللت إلى لغة الحديث، وباتت مألوفة عندهم، وهذا وإن كان لا يؤدي بالضرورة إلى انتقال تلك المفردات إلى لغة التخاطب في الضفة والقطاع؛ إلا أنه يسهم في كسر الحاجز النفسي بين سكان الضفة والقطاع من ناحية؛ وبين العبرية كلغة للمحتل من ناحية أخرى"(22).

     

    ويجب التنبيه هنا إلى أن استعمال اللغة العبرية على اللافتات في المشهد اللغوي للقرى والمدن الفلسطينية يهدف إلى أكثر من تقديم معلومات للقراء, وفي حالات كثيرة, فأن القراء المستهدفين هم من العرب فقط وبالرغم من ذلك يوجد استعمال واسع للعبرية.

     

    العربية داخل أراضي 48 "إسرائيل"

    العربية هي لغة الأم واللغة القومية للمواطنين العرب في الكيان الصهيوني، ومعترف بها كلغة رسمية ثانية، وذلك على المستوى التصريحي وليس العملي، لأن الواقع يقول إن اللغة العربية مهمة فقط للأقلية العربية، ولا تلعب دورا مركزيا في المجالات العمومية على مستوى الدولة.

     

    إن فحص مكانة اللغة العربية على الأرض يشير إلى تناقضات واضحة, فلا يتم استعمالها، مثلا، في المحاكم، ولا في الدوائر الحكومية والمجالات العامة؛ إذ توجد سيطرة تامة للغة العبرية. والعربي عندما يترك مكان سكناه لا يستطيع أن يؤدي وظائفه بدون العبرية, ولولا السماح بإبقاء اللغة العربية لغة تدريس لما وجدت ما يساعدها على البقاء في المشهد اللغوي الاجتماعي كلغة مهمة (23).

     

    ومن الملاحظات الجديرة بالاهتمام أن المحتلين يولون العربية الدارجة أهمية بارزة، ويعلمونها أبناءهم وجنودهم ، ولا شك في أن ذلك يسهم ،آخر المطاف، في  إضعاف الفصيحة، ويحط من قدرها، وما أرانا إلا بحاجة إلى مواقف عنيدة تنتصر للفصيحة وتناوئ الدارجة  واللغات الأجنبية، ومن يطالع المقررات الدراسية لمادة اللغة العربية المخصصة للطلبة اليهود يقف على مدى الاستخفاف بالعربية وحضارتها. وقد نذكر هنا بموقف نفر من الصهاينة من لغتهم حين وقع كل من موشيه شاريت ودون خوس والياهو كولومب وثيقة احتجوا فيها على ما كان من حديث سنة 1913 عن تدريس العلوم في معهد التخنيون بحيفا بلغة أجنبية ....وطالبوا بالتدريس بالعبرية بالرغم من أنها كانت آنذاك في مراحل بعثها الأولى(24).

     

    دور العبرية في تدعيم الكيان الصهيوني

     

    " لم تكن العبرية يوما ما قبل إنشاء الدولة اليهودية في فلسطين لغة أدب وحضارة، بل لقد آلت إلى النسيان نحوا من ألفي عام لم تكن تستخدم طوالها لا في الحديث ولا في الكتابة، إلا ما كان لعلاقة بالتوراة في الكنس وبين رجال الدين دون غيرهم (25) وفي هذا الصدد يقول غانم مزعل "لقد مرت على اللغة العبرية فترة تزيد على ألفي سنة حيث كانت العبرية لغو مكتوبة فقط ولم تكن لغة متداولة ومتكلما بها، لقد انتهى التكلم بالعبرية حوالي سنة 120 ق.م وقد عادت لغة متكلما بها في بداية القرن التاسع عشر تقريبا، وخلال هذه الفترة الطويلة اقتصرت اللغة العبرية على الصلاة في الكنس فقط، ونستطيع القول إن اللغة العبرية في هذه الفترة كانت تغط في سبات عميق "(26).

     

    بينما اختلفت الصورة فيما بعد حيث تجاوزت اللغة العبرية النطاق الذي عاشت فيه قروناً كلغة تقليدية لتلعب دور اللغة القومية، فلم تعد لغة دين وشعائر وطقوس فحسب، بل أصبحت أداة لخلق الوحدة داخل المجتمع الصهيوني، وأداة لتعميق الانتماء والولاء للأرض. ويعتبر ابن يهودا من أبرز المساهمين في إحياء العبرية ويجمل في كتابه " المقدمة الكبرى لقاموس اللغة العبرية القديمة والحديثة " الأسباب التي حفزته لإحياء العبرية انطلاقا من أهداف سياسية وقومية "دينية" في أن " الكنز اللغوي" الذي ورد في التوراة الذي يقارب 800 كلمة لم يكن كافيا للتعبير عن متطلبات الحياة فالحاجة اليومية ألحت على إيجاد كلمات جديدة (28).

     

    ويقول أ. سفير في الموضوع نفسه:" إن الوسيلة التي نستطيع بها توسيع لغتنا يجب أن نجدها في لغة قريبة من العبرية مشابهة وملائمة للغتنا....وهذه اللغة بقيت بأكملها وحافظت على كنـزها اللغوي، وقد استمر التداول بها والمقصود بهذه اللغة العربية"(29) ويقول أ. طيبوب وهو من الأوائل الذين دعوا إلى ضرورة الإفادة من العربية في إحياء العبرية:" يجب علينا أن نستعين بالعربية كثيرا لتوسيع لغتنا، ولكن يجب أن نلائم ما نأخذه من العربية إلى العبرية "(30).

     

    وفي ذلك ما يدل على أن اللغة سلاح فعال في أي معركة، وقد أولى اليهود العبرية من الرعاية والاهتمام ما مكنها من الازدهار في مدة قصيرة، ففي " 29/8/1897 عقد أول مؤتمر صهيوني في مدينة بال بسويسرا، وكانت أبرز القضايا في هذا المؤتمر بعث اليهودية في يهود أوروبا الغربية وتعليم اللغة العبرية لليهود" (31) وجدير بنا أن نذكّر بما كان من تواز بين بعث اللغة العبرية  وإنشاء دولة (إسرائيل)، وما يؤكده ذلك من أن حركات الانبعاث تبدأ بإحياء اللغة (32).

     

    الخاتمة:

    وهكذا فإن اللغة العربية في الأراضي العربية المحتلة  تتعرض  لمخاطر جمة، فإلى جانب ما تتعرض له من مزاحمة الدارجة واللغات الحية كالإنجليزية والفرنسية؛ فإنها تتعرض لخطر كبير جراء مزاحمة العبرية، إذ  أنها باتت تقاسمها جزءا من حيزها، وبدأت ألفاظ عبرية جمة تجد طريقها  إلى لغة الحديث اليومي؛ مما يشكل إنذارا بخطر ينبغي التنبه له ومقاومته. أجل؛ إن ذلك لا يتعدى اللغة الدارجة المحكية إلى الفصيحة المكتوبة، ولكن الأمر مرتهن بالمستقبل، وهو ينذر بخطر جسيم.

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    مراجع البحث

     

    1.  أييلت هرئيل- شليف، العربية كلغة أقلية في إسرائيل من وجهة نظر مقارنة، مجلة عدالة الإلكترونية، العدد الرابع عشر، حزيران 2005، وقد أفدنا منها في مواضع متعددة من هذا البحث.

    ·        بركة، بسام.أبحاث ودراسات في اللغة العربية. الكتاب الأول، أكاديمية القواسمي. باقة الغربية، د. ت. ص5، 10.

    2.  جبر، يحيى. الواقع اللغوي في فلسطين، مجلة البيادر، إصدار دائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية، تونس، عدد3، خريف 1990، ص 33ـ34

    3.  جبر، يحيى، وعبير حمد، العولمة وأثرها على الشعب الفلسطيني، مجلة رؤى تربوية، العدد العشرون، إصدار مركز القطان، رام الله 2005، ص 84.

    4.   نخالفه في ذلك؛ لأن (نجب negev) من النقب الذي هو الطريق في الجبل، ولا علاقة له بالجنوب إلا ظاهرا، ومن ذلك نِقاب الحجاز، لوعورتها؛ فكأن السالك ينقب عن الطريق فيها.

    5.     ولفنسون، إسرائيل، تاريخ اللغات السامية، بيروت، دار القلم، 1980، ص 50

    6.     السابق نفسه ص 79

    7.      بنعبدالله، عبد العزيز وزملاؤه: لغات الرسل وأصول الرسالات www.isesco.org

    8.     الأب بطرس ضو _ لغة المسيح هي اللغة الآرامية اللبنانية_www,tebyan.Com بتاريخ6/2/2005م

    9.     بنعبدالله، مصدر سابق.

    10.قنديل، عبد الرازق، العبرية، 1983، ص9

    11. Pool Jonathan" The Official Language Problem "The American Political Science Review 85 (2): 495-514.

    12. Kretzmer David  The Legal Status of the Arabs in Israel, West view press, 165-166.

    13.حول محاولات التشريع في الكنيست، انظر هارئيل-شاليف، " مكانة لغات الأقليات في مجتمع متصدع- لغة الأوردو في الهند واللغة العربية في إسرائيل بنظرة مقارنة"، مدرسة سلطة الحكم والسياسات العامة، جامعة تل أبيب،2005، ص58.

    14. سبان إيلان " الحقوق الجماعية للأقلية العربية-الفلسطينية: الموجود، المعدوم، ومجال المحظور"، عيوني مشباط  (2002) 26(1) 316-241. عن أييلت هرئيل، مصدر سابق.

     

    15.Encyclopedia Judaica: Masadah company Ltd. Jerusalem Tel_Aviv, 1958_1959 P.1833.

    16.مجلة عدالة الإلكترونية، العدد الرابع عشر، حزيران 2005 "العربية كلغة أقلية في إسرائيل من وجهة نظر مقارنة" بقلم أييلت هرئيل-شليف

    17.http://www.alalam.ma/article.php3?id_article=15795

    18.جبر، يحيى, البيادر، مرجع سابق ،ص40

    19.مجلة تسامح، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، العدد السابع، السنة الثانية، كانون أول 2004، ص 128

    20.جبر، يحيى, البيادر، مرجع سابق، ص41

    21.لمزيد انظر الأعلام الجغرافية الفلسطينية بين الطمس والتحريف، يحيى جبر، منشورات وزارة الإعلام، رام الله، 1996، المقدمة.

    22.البيادر، مرجع سابق، ص41

    23.http://www.geocities.com/e_sohel/awraq/awraq07.htm

    24.الفرحان، إسحق. كلمته في الموسم الثقافي الأول، منشورات مجمع اللغة العربية الأردني ـ عمان 1983 ص 21،22

    25.جبر، يحيى, البيادر، مرجع سابق، ص36

    26.مجلة أبحاث النجاح، العدد الأول، نابلس، حزيران يونيو 1983، ص 104

    27.المقدمة الكبرى ص 3ـ 4 ، عن مجلة أبحاث النجاح، العد الأول، نابلس، حزيران1983

    28.مزعل، غانم، تأثير اللغة العربية على اللغة العبريةـ مجلة أبحاث النجاح ، العدد الأول، نابلس 1983ص 107

    29.السابق نفسه

    30.فلسطين والقضية الفلسطينية، ص 187، منشورات جامعة القدس المفتوحة، ط1، 2005

    31.خوري، شحادة، اللغة العربية والتقدم التكنولوجي ـ مجلة اللسان العربي العدد 9 سنة 1987 ص 43

    32.يهودا غوروفيتش وشموئيل نافون، محرران، "ماذا أقص على الطفل"، تل أبيب: عاميت، 1953، ص 128، 132، 134

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me