An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Saturday, November 12, 2011
  • مفرّقة الدول العربية
  • Published at:مواقع إلكترونية محتلفة
  • مفرقة الدول العربية

     

    نشر ابتداء عام 2004 في جريدة الخليل، كما نشر باسم جامعة الدول العربية في غير وعاء،

     ونشر في14 /3/2011 إثر قرار (جامعة الدول العربية) تعليق عضوية ليبيا الذي مهّّد لغزو الناتو،

    واليوم 12/11/2011 (دون تعديل) عشية اتخاذ الجامعة العربية قرارا مشابها بحق سورية

     

    بقلم : ا.د.يحيى جبر

     

    للعربية فنون من القول، ومن أغربها أن تحمل الكلمة معنيين متناقضين، كالجلل بمعنى العظيم والحقير من الأمور، ومن ذلك أيضا أن بعض الكلمات تعني المفعول وهي على وزن الفاعل؛ على نحو ما نألفه من قول الحطيئة يهجو الزبرقان بن بدر، في الحكاية الأدبية المعروفة:

    دع المكارم لا ترحل لبغيتها  واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

     

    ومن قبيل ما تقدم كلمة \"جامعة \" من قولنا جامعة الدول العربية، فالمرجو والمتوهم أنها تقوم بدور ما على طريق الوحدة العربية وتنسيق المواقف العربية، ولكن المتتبع لمسيرتها يدرك، ودون تعمق في التفكير، أن هذه المؤسسة التي أوصت بها الحكومة البريطانية، قادرة على فعل أشياء كثيرة إلا ما يرجوه المواطن العربي منها، أو ما يتوهم أنها قادرة على إنجازه، نعم ! ربما اتخذت بعض القرارات التي يمكن أن توصف بالإيجابية، ولكنها تأتي دائما دون السقف الذي يطمح إليه المواطن العربي، والسبب في ذلك أنها كاليد الشلاء، أو كالمأمور يتنازعه آمرون كثر، فهذا يقول له أقبل، وذاك يقول له انصرف، وثالث يقول له توقف، فأنت لا تراه إلا حائرا مترددا، يقدم رجلا ويؤخر أخرى

    فالجامعة العربية كرة تتقاذفها أهواء الحكومات التي هي غالبا ما لا تنطلق من مصالح شعوبها، بل مما تمليه عليها المصالح الخاصة للمتنفذين فيها، المتمثلة بالدرجة الأولى في المحافظة على كراسي الحكم، هذه الكراسي المرتبطة غالبا بقوى استكبارية، سواء كان هذا الارتباط قديما يعود إلى الحقبة الاستعمارية، أم انه تأسس من بعد جراء ارتباطات مختلفة، أوعمالة على مستوى رفيع، أو خضوعا للتهديد العلني أو السري.

    إن كلمة جامعة تعني بالضرورة عكس ما يرجى منها، وما ذلك من باب المغالطات اللغوية، فهي تحمل في ذاتها بذور التناقض، لأن الجمع إنما يكون للمتفرق، ولما كان كل نظام حريصا على المحافظة على ذاته وكيانه، فهذا يعني أن الجامعة العربية لن ترقى يوما إلى مستوى الوحدة، لأنها تتناقض مع مصالح الإقطاعيين الكبار، أعني الحكام العرب، ولأن كيانا واحدا لا يمكن أن يكون بعدة رؤوس، ولو كان الأمر كذلك فإن فيه مخالفة لنواميس هذا الكون، أما رأيتم أن الأطباء يعمدون إلى فصل المواليد الذين يولدون متصلين بشكل أو بآخر.

    وكأن بريطانيا عندما أشارت على الحكام العرب في أربعينات القرن الماضي بإنشاء الجامعة كانت تدرك ما الذي يمكن أن تتمخض عنه مؤسسة هذا شانها، وهذه حقيقة أمرها، وأن خيرا للأمة العربية لا يمكن أن يرجى منها، وكأن لسان حالها يقول :اتبع البوم يدلك على الخراب، لا سيما أن بريطانيا آنذاك، ومن قبل ذلك، كانت تعد لإنشاء هذا الكيان الذي شكل، وما زال، أكبر عقبة تحول دون إنجاز مشروع حضاري عربي ذي بال.

    ولكن، وبالرغم من كل ما تقدم، فقد بات واضحا لكل عربي، بما في ذلك السادة الحكام، أن الوضع العربي لم يعد يطاق، لا سيما بعد أن بدأت رياح التغيير تهب على المنطقة من كل صوب، وبشكل لا يخلو من التهديد والتلويح بالعصا، وها هي الدعوات للإصلاح تتعالى من الداخل والخارج، ولعل أخطرها وأشدها تدميرا للذات، وأدلها على التقصير ومدى الهوان الذي آلت إليه الأمة هو دعوة أمريكا إلى إنشاء الشرق الأوسط الكبير، أو الولايات المتحدة الأمريكية شرق المتوسط، الذي يخططون لولاية إسرائيل أن تكون الأقوى فيه والأغنى مما يمكنها من أن تتزعم المنطقة برمتها، مؤسسة بذلك إسرائيل الكبرى، التي ظن بعض العرب أنهم بتوقيعهم على أوسلو وغيرها من الاتفاقيات قد حالوا دون تحقيق الحلم الصهيوني بإنشاء إسرائيل الكبرى، بمركزيها :تل أبيب والقدس، اللذين يعادلان في الدولة المثال نيو يورك وواشنطن، والتي سيتحول فيها السكان الأصليون إلى هنود حمر في أوطانهم، تماما مثلما هي الحال هناك غرب الأطلسي، وقد سبق أن أشرنا إلى هذا الموضوع في مقالات كثيرة نشرت قبل نحو من خمسة عشر عاما، ولكن، للأسف الشديد، ذهبت صيحات في واد سحيق, وها هي الأحداث اليوم تتواتر على شكل متوالية هندسية، وهاهم الحكام، جلهم يستسلمون أو يقفون وجها لوجه مع التحدي الكبير: إرضاء شعوبهم أو الإمعان في إرضاء الأجنبي الذي بدأ يهددهم بعصا الشعوب، ولعل في الصورة التي عرض بها صدام على الأمة ما يؤكد أنها اختيرت بدقة متناهية، لتكون إنذارا ساخنا لكل من يراها، لا سيما الحكام، الذين بدأ بعضهم يهرول على الطريق المؤدية إلى بيت الطاعة الأمريكي ظاهرا، الإسرائيلي حقيقة، وما الفيتو الأمريكي الأخير إلا صفعة لكل ذي وجه على وجه الأرض، لو كانت الشعوب تدرك، أو تحس.

     

    إن جامعة الدول العربية في أحسن صورة يمكن أن نتصورها عليها، لم تعد صالحة للبقاء، ولو ضخت فيها الأموال، وجند الإعلام الذي ما زال يسير معظمه في ركاب القوى المعادية للأمة، ولم يبق على الشعوب إلا أن تحزم أمرها، وتعقد عزمها، لتعصف بهذا الواقع المشين، وتطيح بأسبابه، ولعل في ذلك خيرا للجميع، إذا تم دون تدخل الأجنبي، فتسلم البلاد من الدمار، ولا يكون عراق جديد.كما أن على الشعوب أن تراجع نفسها مراجعة شاملة تطال كل مكوناتها، من فكر، ونظرة للآخر, وتوجه حضاري، وموقف من الماضي والحاضر والمستقبل، وأن تبدأ رحلتها الذاتية نحو التغيير دون استجابة إلا لما تمليه عليها مصالحها، ويحقق لها ذاتها، دون أن تتجاهل ما تقتضيه الحقائق الراهنة مما هو حق ودين. وليت الحكام العرب يتقون الله في مستقبل أمتهم، ويبادرون إلى مصالحتهم، فهم خير لهم وأبقى، لو كانوا يعلمون.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me