An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Monday, February 9, 2009
  • قدري طوقان
  • Published at:Not Found
  •  

    قدري طوقان

    1910 1971م

     

    الدكتور يحيى عبد الرؤوف جبر

     



    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذه الموسوعة

     

              كان السيد جهاد قرشولي مدير عام دائرة التربية والتعليم العالي بمنظمة التحرير الفلسطينية* يعقب على مشروع "تلفزة الأيام الدراسية" ، الذي أعددت له تصوراً شاملاً من بعد ، واستمر الحديث عن حاجة الوطن إلى كثير من المشروعات للنهوض بمستوى التربية والتعليم ، واقترح علي يومها أن أعد تصوراً لموسوعة تربوية فلسطينية نترجم فيها لكل من عمل في هذا المجال ، وقد كان. وها نحن قد بدأنا في إصدارها أقساطاً ستتوالى تسلسلاً مزدوجاً ، فرقمٌ لتسلسل المترجم له في جملة الإعلام ورقمٌ لتسلسله في الإعلام الذين يشاركونه في الحرف الأول من اسمه .

              وسنقصر الموسوعة على من كان من التربويين ، ومن هم في عدادهم من الكتاب والأدباء والقضاة والمفكرين والاعلام والفقهاء والمرشدين ، من أهل القرنين الماضي والحالي ، بغض النظر عن أفكارهم وآرائهم ، ومهما كانت دياناتهم ومذاهبهم ، سواء كانوا من المقيمين على أرض الوطن أم كانوا من المهاجرة .

     

              ولإنجاز هذه المهمة فإنا نرجو من كل مرب أن يبادر إلى تزويدنا بسيرته الذاتية وبصورته الشخصية ، ونماذج من إنتاجه ، وأن يسهم في إنجاز هذا المشروع الحضاري العظيم ؛ وذلك بتزويدنا بأسماء من يعرفهم من التربويين ، رجالاً ونساء ، وأن يكتب عنهم بحيث تشتمل الترجمة على تعريف واف بأسرة المترجم له ، ومولده في الزمان والمكان ، ودراسته ووظائفه ومناشطه وإنتاجه ووفاته وما قيل فيه .

              فبادر أخي ، وبادي أختي إلى إنصاف من رحلوا ، وبادروا إلى رفع مكانة المعلم إلى الدرجة التي يستحق ، فقد آن له أن يستعيد ماضي عزه .

    والله من وراء القصد

    أ. د. يحيى جبر


    مقدمة*

     

              هذا هو الكتاب الأول في الموسوعة التربوية الفلسطينية ، ويسعدنا أن نخصصه لرجل كان عظيماً في حياته ، حياً بعد مماته ، ما يزال يذكر في المحافل ومجالس العلم والأدب والسياسة والفكر، ذلكم هو "قدري طوقان" .

    وقد راودتني فكرة وضع كتاب أعرّف فيه به وبجهوده ، وما تزال الفكرة حية في الذاكرة، ولما بدأنا العمل في إعداد هذه الموسوعة سارعت إلى وضع هذا الكتيب ، واتصلت بالسيد "علي طوقان" أسأله عن آثار "قدري" ، فعرفني بمكتبته ، فبادرت ، تساعدني الطالبتان إيمان سلامة وبسمة كامل(1) إلى جردها ، وفرز آثاره التي ألفها ، وإفرادها عن سواها ، ثم عكفنا على دراستها واستخلاص ما يمكن توظيفه من المعلومات في هذا "البحث" . ثم قمت بتدبيجه على النحو المائل بين دفتي هذا الكتاب .

     

              لقد كان "قدري" يخلط بين العلم والأدب والفكر ، وذلكم هو شأن المبدعين والعلماء ، أما أولئك الذين يقفون بمعارفهم عند حد التخصص فلعلهم لا يدركون أن التخصص بمفهومه الذي استقر في أذهانهم هو فتنة وضلالة ، لا سيما إذا صاحبه ضعف في المعارف الأساسية . لقد كان قدري عالماً معاصراً وأديباً بمفهوم الأدب القديم : يأخذ من كل فن بطرف ، ولعله وجد فيمن ترجم لهم كأبي الريحان البيروني والرازي والكندي قدوته . فجمع مثلهم بين صنوف شتى من العلوم والفنون . ومن يطالع مقالاته يقف على هذه الحقيقة واضحة جلية ناهيك عن طول باعه في السياسة والإدارة ومشاركته في المحافل الدولية ، ولعل في تعيينه وزيراً للخارجية الأردنية ما يجسد ذلك ، نسأل الله له الرحمة وأن ينفع الناس بعمله .

     

    مدخل

     

              يعيد المؤرخون آل طوقان إلى عرب الموالي الذين كانوا يتخذون من معرة النعمان قرب حلب وطناً ، وينتسب الموالي لقبيلة طيء المشهورة ، وكانوا قسمين : شمالياً وجنوبياً ، وينتمي آل طوقان للقسم الشمالي ، ويعود تاريخ ظهورهم على المسرح "السياسي" إلى أوائل القرن الميلادي السابع عشر عندما حمل سلطان طوقان على بلاد حوران سنة 1615م 1037ه‍ ، وانتصر على شيخها رشيد من "عرب السردية" ومنها إلى البلقاء حيث نزل هناك ، وبدأ التماس بينه وبين آل حيار برئاسة شيخهم فياض الحياري ، ذلك لما رآه من إقبال الناس على الأمير سلطان(1) . ولعل في انتشار آل طوقان في مدينة السلط وغيرها ما ينسجم مع الإشارة السابقة ويعضدها .

     

              أما اسم العائلة طوقان فإما أن يكون تثنية طوق ، ذلك أن الدولة العثمانية كانت تمنح المخلصين للدولة رتبة الشرف "أمير الأمراء" مع طوقين(2) ، وجدير بالذكر أن هذه الكلمة تركية الأصل "توغ" ثم عربت ، أو من أطواق الحرير الذي كانوا يضعونها حول أعناقهم لتمييز أنفسهم عن بقية الأعراب . وقيل : بل نسبة إلى تل طوقان ، موضع قرب حماة ، كان القوم ينزلونه قبل رحيلهم إلى ضفاف نهر الأردن .

     

              وجدير بالذكر أن عدداً من أبناء هذه العشيرة قد نبغوا في السياسية ، وتولوا مناصب خطيرة في القرون الأربعة الأخيرة ، ومنهم صالح باشا طوقان الذي ولي بعلبك ، ومنهم مصطفى طوقان الذي أسندت إليه ولاية مصر ما بين عامي 1774 1776م ، ناهيك عن تقلبهم في رئاسة المتسلمية بنابلس عقوداً من الزمن .

    ويمكن إيجاز ما تقدم بقولنا إن "قدري طوقان" ينتسب إلى بيت عريق ، له من الشأن ما يشهد به تاريخهم في بلاد الشام ابتداء من أوائل القرن السابع عشر إلى يومنا هذا .

              وقد نجد ملامح هذا النسب العربي قد تناسخت في "قدري" فنراه قومياً أكثر منه وطنياً ، فقد امتدت ساحة نشاطه العلمي والثقافي من ربوع الشام بمفهومها التاريخي إلى بلاد الرافدين ووادي النيل وأرض المغاربة . كما نلمح ذلك باعتزازه بقومه فهو لا يتوقف عن التغني بأمجاد الأمة في كل مؤلفاته ومقالاته وأحاديثه الإذاعية ، وأسمى من ذلك كله أن كان يتألم أشد الألم لما آل إليه أمر الأمة من تفسخ وتمزق وتخلف ، فيظل يلهج باستمرار داعياً إلى الأخذ بسلطان العلم ، والتسلح به في مقاومة الاستعمار وتبديد ظلام الجهل . ومن قرأ كتبه وأبحاثه ، واطلع على ما أسهم به في المحافل الثقافية العربية ، خرج بحقيقة مفادها أن "قدري" كان عربياً حراً ، ومسلماً عزيزاً ، ووطنياً غيوراً ، وعالماً مفكراً ، وأديباً سياسياً ، همه الملازم له ، طوال حياته ، هو مستقل الأمة ، واستعادة أمجادها ، ورفعة شأنها ... وأنعم بمن كانت هذه حوافزه وهواجسه .

     


    حياته ونسبه

     

              هو قدري بن حافظ بن عبد الله بن محمد بن الحاج بن علي بن الشيخ إبراهيم بن صالح بن "إبراهيم جوربجي" بن محمود بن إبراهيم بن عبد الله طوقان(3) ، وكان والده من أعلام السياسة المعاصرين ، فنشأ ابنه على شاكلته مهتماُ بالسياسة والعلم زيادة على ثقافته ونشاطاته(4).

     

              ولد عام 1910م في مدينة نابلس ، حيث تلقى علومه في مدرسة النجاح الوطنية (الجامعة اليوم) ، وتابع دراسته في الجامعة الأمريكية ببيروت وتخرج فيها عام 1929م ، إذ حصل على درجة الإجازة (البكالوريوس) في الرياضيات ، ثم عاد إلى نابلس حيث عمل مدرساً في كلية النجاح ، ولكنه اعتقل عام 1936م ، ونفي إلى صرفند ، حيث ظل هناك تسعة أشهر عاد بعدها ليواصل التدريس في كلية النجاح ، وتولى إدارة الكلية عام 1950م ، وفي ذلك العام انتخب نائباً عن مدينة نابلس في المجلس النيابي الأردني الأول ، وفي عام 1964م عين وزيراً للخارجية الأردنية ، فبرزت ميوله القومية في منجزات وزارته ، حيث سعى جاهداً لتحسين العلاقات السياسية والاقتصادية بين الأردن والجمهورية العربية المتحدة "مصر اليوم" . وفي عام 1965م التحق بكلية النجاح معهداً للمعلمين ، وظل مديراً لها إلى أن توفي في 26/2/1971م ببيروت ، وهو في طريقه إلى القاهرة ، وعلى أثر نوبة قلبية حادة . وكانت حياته حافلة بالنشاطات العلمية والسياسية والإدارية ، دائم التجوال ، كثير المطالعة ، ولم يحل ذلك دون اشتغاله بالتأليف ، على نحو ما تشهد به آثاره ، وكان أن منحته جامعة البنجاب (الهند) شهادة الدكتوراه الفخرية تقديراً لجهوده المتميزة في خدمة الفكر والتراث الإنساني .

     

              وقد شارك في عدد من المؤتمرات العلمية ، وأسهم في تأسيس عدد من المحافل والمنتديات، ليس في البلاد العربية وحسب ، ولكن في البلاد الأجنبية أيضاً ، فذاع صيته ، ولمع نجمه ، ونال عدداً من الأوسمة التقديرية تقديراً لجهوده ونشاطاته ، وأبرز تلك الأوسمة :

    1-               وسام الاستقلال من الدرجة الأولى من المملكة الأردنية الهاشمية 1957م .

    2-               وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى في عام 1964م .

    3-      وسام الجمهورية من الدرجة الأولى من الجمهورية العربية المتحدة في عيد العلم العاشر عام 1964م . وقد جاء في الكتاب الذي وجهه له جمال عبد الناصر مع الوسام "أنه تقديراً لحميد صفاتكم وجليل خدمتكم للعلم وللقومية العربية ، فقد منحتكم وسام الجمهورية من الدرجة الأولى" .

    4-               وسام الكفاءة الفكرية من الدرجة الممتازة من المملكة المغربية عام 1961م .

     

    وكان من مناشطه العلمية والثقافية أن انتخب عضواً في مجمعي القاهرة ودمشق ، والمجمع العلمي لحوض البحر المتوسط بإيطالية ، ومجلس الاتحاد العلمي العربي بالقاهرة ، ومجلس أمناء الجامعة الأردنية ، والمجلس العربي المشترك للذرة ، وفي اللجنة القومية لليونسكو ، ومجلس البحث العلمي في الأردن ، ومجلس جمعيات العلوم الرياضية في إنجلترا وأمريكية ، كما عين رئيساً للجمعية الأردنية للعلوم ، وانتخب نائباً للرئيس في عدة مؤتمرات علمية كمؤتمر الإسكندرية 1952م ، ومؤتمري القاهرة عامي 55 ، 1961م ، ومؤتمر بيروت عام 1957م ، ومؤتمر بغداد عام 1966م، ومؤتنمر المفكرين في لاهور (باكستان) عام 1964م ، ومؤتمر التعريب قي الرباط عام 1961م . ولم تكن مشاركته في هذه المحافل والمؤتمرات اسمية شكلية ، بل ممثلاً لبلاده ، إذ مثلها في أكثر من خمسة وعشرين مؤتمراً تقدم فيها بأبحاث علمية ، نالت تقدير القاصي والداني .

     

              ولم يكن "قدري" عالماً متخصصاً وحسب ، بل ، كما أسلفنا ، كان إلى جانب ذلك فيلسوفاً ، ومفكراً أدبياً ، وداعية قومية ، ومحرضاً إسلامياً ، لا تفوته مناسبة يمكن أن يعطي فيها أبناء أمته شيئاً من علمه وفكره ، ولذلك كان بمفرده أشبه بخلية النحل ، تجد منها في كل مكان ... يحلي صفحات الجرائد والمجلات والكتب ، في المحافل والمنتديات والمناسبات ، وعلى أمواج الأثير إذاعياً يقدم الأحاديث للناس فيما يهمهم ويشغلهم .

     

              ويشهد لقدري بسعة الاطلاع وطول الباع في مجالات العلم ، إلى جانب مخلفاته المطبوعة تلك المكتبة القيمة بعدد ما فيها من كتب ، وبتنوع موضوعاتها ، واختلاف مذاهبها ، فمن الكتب في العلم واللغة والأدب إلى كتب في الفلسفة والفقه والسير ، إلى دوريات تصدر هنا وهناك.

     

              رحم الله "قدري" ، ولئن لم يشأ الله عز وجل له بالزواج والخلف ، فقد أراد له أن يكون عظيماً في حياته ومماته ، فقد أسدى لأبناء بلده وأمته ما أزهر في حياته وبعد مماته ، وما يبقى على الدهر من علمه وفكره ، "لقد كان خير سفير علمي للفكر العربي في الدول الأجنبية"(5) .

              وقد رثته فدوى طوقان بأبيات من الشعر قالت فيها :

    أما كنت بالأمس ملء العيون
    لعمري لئن خطفتك المنايا
    فما زلت في كل نفس تعيش
    سقت رحمة الله قبراً طواك

     

    فكيف مضيت لحلم عبر
    ووارتك تحت ظلم الحفر
    عبيراً زكا وضياء غمر
    يا سيرة من كبار السير(6)

              نعم ، إن سيرته لمن كبار السير ، وقد نعاه مجمع اللغة العربية في القاهرة ، ونشر مقالة عن حياته ضمن كتابه "مجمع اللغة العربية في ثلاثين عاماً" بقلم محمد مهدي علام عضو المجمع(7) .

     

    قدري مفكراً

              كان لتعدد المجالات التي نشط فيها "قدري" أثر كبير في تكوين شخصيته ، وتوجيه فكره ، وقد أبرزت مؤلفاته عن ذلك الفكر ، وعن معالم تلك الشخصية وملامحها ، ونورد فيما يلي طائفة من آرائه في جملة المسائل ، من شأنها أن تعرفنا به :

    أولاً في السياسة :

              سبق أن ذكرنا ما كان لوالده من نشاط سياسي ، وما كان من إدارته لوزارة الخارجية الأردنية ، وإسهاماته الكثيرة في النشاطات العربية والدولية ، مما كان له أثر كبير في صياغة الرجل سياسياً ، فتأثر بغيره وترك آثاراً في غيره .

              ويرى "قدري" أن "السياسة هي رسالة الحياة في أدق صورها ومعانيها"(8) بمعنى أن السياسة وسيلة كفاح ونضال من أجل حياة شريفة فاضلة لخلق مجتمع أكثر وعياً وإنسانية ، والسياسة هي إيمان الشعب والعمل على تحرره من الاستعمار ، والتحرر هو ما يؤدي إلى وحدة العرب وتقدمهم ... وهي حركة مقاومة وعمل ، لا تخضع لمبدأ وتسمو على العاطفة ، وتتغلب على التردد والصعاب ، وتكسر القيود والأغلال ، والسياسة شعور بالمسؤولية ، ومراقبة الحاكمين ومحاسبتهم ، ومن هنا يجب أن تضع السياسة صالح الجماعة فوق صالح الفرد . وكان "قدري" يعارض القروض الدولية بشدة ، ولا يرى ضرورة لتقبل المعونات الأجنبية ، ويدعو في المقابل إلى التضامن الاقتصادي والتساند السياسي بين العرب(9) ، وكان يرى "أن إحياء تراث الأمة وبعث ثقافتها لمن أهم العوامل التي تقوم عليها النهضات السياسية ، والحركات الاستقلالية"(10) ، لما في إحياء التراث من تجذير الحاضر في تربة الماضي ، ووصل حاضر الأمة بماضيها ليتسنى لمستقبلها أن يكون أصيلاً معافى لا هجنة فيه ولا انسلاخ .

     

              كما حمل طوقان على الاستعمار ، وحمله العبء الأكبر من المسؤولية في تخلف العرب ، يقول في ذلك "إن تخلف العرب عن السير في ركب الحضارة هو في الواقع من آثار الاستعمارين التركي والأوروبي"(11) ،كما أنه يحمل الاستعمار والخرافات مسؤولية تخلف الشعوب(12) ، وهذه حقيقة لا مراء فيها عدوان طارئ أجنبي ، وعقلية مجازة ، ودعا إلى الحياد والاستعداد المسلح ، ونادى بضرورة تعديل الأوضاع الداخلية في الدول العربية(13) ، لما في ذلك من تحرير للطاقات ، وتمتين للجبهة الداخلية ، وإطلاق للجهود على طريق نهضة المجتمع وتقدمه .

     

    ثانياً في الحكم :

              "الحكم رسالة ومهنة" هو رسالة سامية معناها الشعور بالمسؤولية والإحساس بالمستقبل ، وإذا ما شعر الحاكم بمسؤولية الحكم تحولت القوى الكامنة في الفرد إلى أعمال وجهود تتسم بالتجرد والإخلاص ، وبذلك ، كما يقول طوقان "يصبح الحكم وسيلة للخدمة العامة ، وسبيلاً للإصلاح والبناء والتقدم ، وهذا يتم من خلال عمل صاحب الحكم على تفاعل العلم بالمجتمع"(14) . إن رسالة الحكم ، حسب رأي "قدري" تحتم على الحاكم أن يكون موضوعياً متحرراً من الأغراض التقليدية ، ويعمل على الخلق والإبداع من أجل النمو المستمر ، والتقدم المتواصل ، وكان أشد ما يؤلم صاحبنا هو أن رجال السياسة العرب يسيئون فهم رسالة الحكم فاستغلونها ، مما يدفعهم إلى تبرير الأخطاء ، وإلى استغلال الحكم لأغراض فردية آنية ، وليس اعتبار الحكم مهنة بمعناها الواسع القائم على توجيه فعاليات الحياة توجيهاً يكفل الخير للمجتمع والخير للجميع .

     

              ويرى في مواصفات الرجل الحاكم أن يكون واسع الصدر ، بعيد الأفق ، وأن يأخذ من النقد والتبصر سبيلاً لتلافي النقص والعلم والإصلاح ، كما يشترط في الحكم المستمر أن يكون مستنداً إلى ثقة الشعب بالحاكم .

     

    ثالثاً في القنبلة الهيدروجينية :

              كان "قدري" يعيش أحداث عصره كافة ، ولا يفوته أن يكتب عنها ، فتطرق في مقالاته وأبحاثه إلى قضايا ذلك العصر ، وتناولها بالشرح والتحليل ، ومن ذلك القنبلة الهيدروجينية في أول عهدها ، وقد تحدث عنها دون أن يكون غرضه بيان طريقة صنعها ومقدار قوتها التدميرية، ولكن أراد بذلك أن يطرح رأيه فيها ، وهو ما أجمله بقوله : "أخشى أن يكون الإنسان قد فقد الملاءمة بينه وبين بيئته"(15) ، بمعنى أنه يخشى استمرار الإنسان في صنع ما يؤدي في النهاية إلى موته وانقراضه . ودعا قدري إلى ضرورة تكيف العقل والبيئة معاً ، للتوجيه قواهما للبناء والإثمار من أجل بناء عالم تذوب فيه الأنانية والمطامع الاستعمارية .

     

    رابعاً في السلام :

              يرى أن السبيل إلى تحقيق السلام واحد ، ويبدأ بإيمان الدول الكبرى بالحرية والعدالة لجميع الشعوب ، كما يرى أن أهم مظاهر الإيمان بالحرية والعدالة الجهاز العالمي المسمى بالأمم المتحدة ، وهي العاملة على تنظيم العلاقات وحل المشاكل بالعقل والتحكيم(16) وكانت دعوة "طوقان" إلى السلام والخير والبناء وتسخير العقل للأبحاث من أجل نشر الطمأنينة والسلام(17) ومن هنا يحمّل العلماء مسؤولية الحرب والسلم ، لأنهم أمل العالم وقدوته ، ولم يفته دعوة المهندسين وعلماء الذرة لإثبات وجودهم ، وفرض السلام ، والعمل على تسخير الطاقة لخدمة السلام العالمي .

     

    خامساً في المثقف :

              "المثقف هو من يحاول إدراك الأشياء التي تحيط به ، والوقوف على ما يجري من حوله بسرعة، ولا يتم ذلك إلا بالسعي لزيادة المعلومات وتوسيع أفق التفكير(18) . ويخطئ من يظن أن المثقف هو من يحمل شهادة من إحدى الجامعات ، أو من قطع شوطاً في ميادين العلم والفن ، ويخطئ من يظن أيضاً أن المثقف هو من حاز على لقب علمي من إحدى الهيئات أو الجمعيات العالمية ، إذ ليس ضرورياً أن يكون المثقف من هؤلاء ، ولكنه قد يكون منهم ، كما أنه قد يكون من غيرهم ، الذين لا يستمتعون برتب الجماعات ولا برفيع الدرجات"(19) . "والمثقف هو المستقيم السائر على طريق الصواب ، ولن يعرف إنسان هذا الطريق إلا إذا أدرك بجلاء أنه لم يخلق عبثاً بل ليقوم بأداء رسالات نحو خالقه ونفسه ووطنه" . "وهو صاحب الضمير اليقظ الذي لا يرضى بهوان يراد به ولا بظلم ينصب على بلاده"(20) . "ومن سعى ليكون مهذباً ومستقيماً فهو الرجل المثقف حقاً(21) ويحمّل "قدري" رجال الفكر وحملة الأقلام والمثقفين وأصحاب العقول مسؤولية كاملة في توعية الناس وزرع الأمل في نفوسهم ، وتقوية الإيمان بالحيوية والقابلية ، وتطهير القلوب من الخمول والقنوط"(22) .

     

    سادساً في الأخلاق :

              ويبدو أن طوقان تأثير بأمير الشعراء "أحمد شوقي" في رأيه في الأخلاق ، فهو يرى أن "بلاء هذا العالم في طغيان المادية ، وخلاصه في الجمع بين الخلق والعلم" . كما يرى أن "الخلق من النفحات الإلهية ، به يكتب التوفيق ، وعليه تقام دعائم النجاح" ؛ "والفرد بخلقه لا بعلمه" ؛ "وكذلك الأمم ليست بعلومها وفنونها ، بل بأخلاقها وضمائرها"(23) وقد حذر من العلم دون اقترانه بالأخلاق الحميدة(24) . أجل أن للأخلاق دوراً كبيراً في تنظيم حياة الإنسان على الأرض، وهل بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلا ليتتم مكارم الأخلاق ؟ ويبدو أن الأخلاق في أوائل هذا القرن كانت في محنة، وذلك لما بثه الاستعمار في المجتمع من بذور الفتنة والفساد ، ولذلك رأينا "أحمد شوقي" يردد في شعره الدعوة للتحلي بالخلق القويم كقوله :

    وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت

     

    فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

              وقوله :

    وإذا ما أصاب بنيان قوم

     

    وهي خلق فإنه وهي أس

              ويرى "قدري" أن للأخلاق دوراً في حفظ السلم ونصرة المثل العليا فقد "أثبتت التطورات الأخيرة ، والمشاكل الاجتماعية الحديثة أن الإنسان إن لم يحتفظ بمقام الروح فوق مقام المادة وسمح للمادة أن نسيطر ، غير آبه للخلق ومعاني الخير ، فلن تقوم للحضارة قائمة ، وسيبقى السلم مهدداً ، والمثل العليل في خطر ..."(25) .

     

    سابعاً في التربية والتعليم :

              ذهب "قدري طوقان" في كتابه (بعد النكبة) إلى أنه لا حياة للعرب إلا بالعلم ، كما نادى بإحداث تغييرات أساسية في المناهج والأساليب التعليمية ، لذلك يجب تركيز الجهود في التربية وتطبيقها على أسس جديدة . "ولهذا فإن الواجب يحتم على الدولة والمفكرين أن يضعوا هيكلاً عاماً للتربية في المدارس ، يقوم على بعث النزعات الارتقائية والشهوات التطويرية ، وعلى زرع الحقد والكراهية للمستعمرين ، وتنمية روح المقاومة لاسترداد الحق السليب ، وتقوية الإيمان بالقابلية والشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع والإنسانية"(26) .

              كما يرى أن إعطاء المكافآت والحوافز للمعلمين منهج من مناهج التربية ، وعلى "الدولة أن تلجأ إلى طرق تحفز المعلم على مواصلة الدرس وتوسيع أفق تفكيره وذلك بالمكافآت المادية والمعنوية وإجراء مسابقات في التأليف .."(27) ، وكان "قدري" حريصاً على تعريف العرب بأمجادهم العلمية ويدعوهم إلى استلهام الماضي وإحياء التراث(28) ، واستمع إليه يتسائل "أليس إهمالاً منا أن نعرف عن بطليموس وكبلر وباكون أكثر مما نعرف عن ابن الهيثم ؟ ألا يدل هذا على نقص معيب في برامجنا الثقافية والقومية(29) ، مع العلم أن "قدري طوقان" هو الذي كان يعرفنا بأولئك الأعلام من علماء الغرب .." وتوجيه ذلك أن الرجل لم يكن يرى بأساً في أن يعرف أبناؤنا هؤلاء العلماء ، لكن دون أن يكون ذلك على حساب جهلهم بعلمائنا .

     

              يقول في معرض حديثه عن العالم الأمريكي فرنكلين(30) "وهذا المخترع العالم جدير بأن يكون قدوة صالحة ، ومثلاً عالياً لعلمائنا الذين يقبعون في بيوتهم أو في معاهدهم ولا يبذلون شيئاً من مجهوداتهم أو تفكيرهم لخير بلادهم" ، إنه وخز الإبر ، وحر السفود ، وبعث للهمم . ويرى قدري أن تراث العرب العلمي ما يصلح لأن يكون منطلقاً ننطلق منه ، وأساساً نبني عليه ، ولذلك دعا إلى تحليل مناهج العلماء العرب(31) .

     

              ومن لمع آرائه أنه لا فائدة في علم لا يترجم سلوكاً ، ولا يتجاوز الظاهر إلى الباطن ، "فلا يقاس علم الإنسان بمقداره ، بل يقاس بما يحدثه من حيوية وتأثير على حامله ، فقد يكون علم الإنسان محدوداً ولكنه نفذ به إلى الجوهر ... وعندئذ نجد أن هذا المقدار المحدود (الضئيل) من العلم عاد عليه بالسمو النفسي وبالاقتراب نحو الكمال الروحي ..."(32) .

     

    قدري المسلم

     

              يبدو أن مفهوم العروبة والإسلام (الشرقية من وجهة نظر أخرى) كان متداخلاً حتى أواسط هذا القرن . ومن يطالع في آثار "قدري" يقف على هذه الحقيقة ، فهو يصدر عن إيمان بالله ومعرفته بدينه الذي ارتضاه لعباده ، ويمجد العلم متأثراً في ذلك بالقرآن الكريم ، ويرى أن الإنسان لم يخلق عبثاً ، ولكن لعمارة الكون وخلافة الله في الأرض . "فإذا أيقن الإنسان أنه لم يخلق عبثاً ، ولم يبعث لهواً ولعباً ... إذا أيقن الإنسان أنه بعث ليؤدي رسالات إلى هذا العالم ... تسمو نفسه ، وتتضح مواهبه وتزدهر عواطفه ، وعندئذ فهو الرجل حقاً الذي تبغيه الفضيلة ، ويبغيه الوطن والإنسانية"(33) .

     

              ولم تفت "قدري" مناسبة دينية دون أن يشارك في إحيائها ما كان ذلك ممكناً ، ومن مقالاته التي توضح ذلك نسوق العناوين التالية : معجزة في صدقة(34) وروائع الرسول في حسن الخلق ، الذي ألقي في مهرجان المولد النبوي الشريف في نابلس في 7/3/1944م ، ودستور الخلاص الذي أذيع في محطة القدس في رمضان سنة 1364ه‍ ، والتاريخ الهجري ... كيف بدأ ، والحرية المقيدة الذي أذيع في محطة الشرق الأدنى في 23/11/1944م ، وألقي في مهرجان المولد في نادي الشبيبة الإسلامية بيافا(35) وغيرها .

     

              ويقف المطالع في مقالاته وأبحاثه على كثير من الآيات والأحاديث يستشهد بها على مقام العقل والعلم في الإسلام . فمن ذلك ما نقله عن (علي رضي الله عنه) قال : "سألت رسول الله (ص) عن سنته فقال : المعرفة رأسمالي والعقل أصل ديني ، والحب أساسي ، والشوق مركبي ، وذكر الله أنيسي ، والثقة كنـزي ، والحزن رفيقي ، والعلم سلاحي ، والصبر ردائي "(36) . ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "لتأمرن بالمعروف وتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم"(37) .

     

              ويبدو اهتمامه بالإسلام ، ودأبه على التنويه بمكانة العلم فيه ، ودوره في خدمته ، ونشره، ورفع مراتب أهله في القسم الذي أعده من كتاب (نواح مجيدة من الثقافة الإسلامية) الذي أصدرته مجلة المقتطف بالاشتراك مع عدد من المؤلفين سنة 1936م ، وغيره من الكتب ، ككتاب (الروح العلمية عند العلماء العرب والمسلمين) ؛ و(العلوم عند العرب والمسلمين) وغيرها .

     

              ويتضح تقديره لدور الإسلام في تشجيع العلم وازدهاره في ما نعت به الجامع الأزهر من قوله "ولعل الأزهر هو الرابطة الأصلية والصلة القومية بين علماء مصر وسائر علماء البلاد الإسلامية والعربية"(38) وهذا حقيقة لأمراء فيها ، إذ كان الأزهر منارة يهتدي بها ولها طلبة العلم من الأصقاع الإسلامية المختلفة .

     

    قدري قومياً عربياً

     

              يقف المطالع في مؤلفان "قدري" وأبحاثه على الأبعاد القومية التي أسهمت في تشكيل عقليته، ووجهت فكره ، فقد أفرد رحمه الله كتباً كثيرة ، ونشر مقالات عدة حول جهود العرب العلمية ، وحول مستقبل الأمة العربية ، ومن يقرأ مقالاته (حول التراث العربي)(39) ، و(حاجتنا لما يحيي الخصائص العربية)(40) ، و(خدمات أمين الريحاني القومية) الذي ألقي في المهرجان الذي أقامته جمعية الشبان المسيحية في القدس 23/12/1940م(41) يدرك إلى أي مدى كان "قدري طوقان" قومي النزعة ، عروبيّ الهوى والأمل ، ناهيك عما تفوح به مؤلفاته الأخرى من عبير القومية ، ومن ذلك كتبه (الخالدون العرب) ، و(العلوم عند العرب) ، و(النزعة العلمية في التراث العربي) ، و(مقام العقل عند العرب) .

     

              وجاء في مقدمة كتابه (وعي المستقبل) "يضم هذا الكتاب عدداً من المحاضرات والمقالات والأحاديث التي هيأتها في مناسبات مختلفات ، وأملتها الأوضاع والأحداث في البلاد العربية ، وهي تتصل بالتوجيه القومي والحياة والاستعمار ..." . حيث نجد صاحبنا يصرح بأنه يعمد في مقالاته إلى التوجيه القومي عن قصد . وجاء في مقدمة كتابه (بين البقاء والفناء) "رأيت أن الواجب القومي والواجب العلمي يحتمان عليّ أن أتولى مهمة تحرير كتاب عن الذرة ..." ، إذ يرى الرجل أنه بكتابه هذا إنما يستجيب لحافز قومي .

     

              وكان "قدري" يتمتع بروح قومية ذات بصيرة نفاذة ، وكان يرى أن الأمة العربية ذات ماض كريم ، ومجد تليد ، تضمها أواصر الإخاء ، وتجمعها روابط الألفة ، فهو يدعو إلى التعاون العلمي والثقافي بين البلاد العربية ، ويرى أن "النشاط الثقافي في جامعة الدول العربية يمثل مظهراً حياً للتعاون"(42) .

     

              وجاء في بحثه (التعاون بين الباحثين) .. "أنه لا خلاص للعرب إلا إذا تعاون علماؤهم"(43) ، وفي هذا ما يشهد بميوله وغيرته القومية ، وجاء في موضع آخر من البحث قوله: "ولقد شهدت أكثر المؤتمرات العلمية وساهمت في أعمالها ، وأن الواجب القومي يدفعني إلى القول أن هذه المؤتمرات كشفت قابليات علماء العرب ، التي ليست إلا امتداداً لتلك القابليات التي أسهمت في تقدم العلم ، وأقامت حضارة استمدت منها الحضارة الحالية وجودها وقوتها ... إن في البلاد العربية طاقات كامنة وإمكانات عريضة وثروات دفينة ، وكلها تحتاج إلى إطلاق تلك القابليات واستخدامها في الأغراض التي تؤدي إلى خير العرب(44) .

     

              ونعتقد أن المرحوم كان يحاول باستمرار أن يرد على المستشرقين ومريديهم ممن يرمون العرب بالتخلف وعدم القابلية للتقدم ، ويغمطونهم حقهم ، ولهذا نراه يشدد النكير على الكتاب والأدباء في عدم تصديهم لمحاولات النيل من الأمة حاضرها وماضيها ، واستمع إليه يتسائل ، وهو لا يرى تناقضاً بين الوطنية القومية والإسلام ، في هذا السياق "أروني مجلة أو صحيفة صرفت بعض عنايتها لهذه النواحي إحياء الخصائص العربية والدفاع عنها أروني باحثاً وقف وقته على رد الذين ينتقصون المدنية الإسلامية ويصفونها بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان ... أليس هذا نقصاً في نهضتنا الوطنية ؟"(45) .

     

              وقد نجد في أحاديث معاصريه عنه ما يشهد له بالعطاء القومي ، ويبرز مكانته ، ويعترف بخدماته الجليلة للتراث العربي ودور العرب في تقدم العلوم قديماً ، وما ينبغي عليهم أن يفعلوه في هذا الزمان لوصل الحاضر بالماضي . قال فيه محمود أمين العالم "لم يكن اعتباطاً أو مجاملة أن يمنح العالم الكبير وزير خارجية الأردن هذا التقدير من حكومة الثورة في عيد العلم العاشر(46) ، "فقدري طوقان" علم من أعلام الفكر العربي في الوطن العربي كله ، و"قدري طوقان" من أخلص من وهب نفسه لدراسة تراثنا العربي القديم وبحث ما فيه من كنوز فكرية وعلمية أصيلة "(47).

     

    قدري أدبياً لغوياً

     

              لا ندري لماذا لم ينتسب "قدري طوقان" لأحد المحافل الأدبية التي كانت في مصر وبلاد الشام ، فالرجل أديب وكاتب من طراز رفيع ، ولكن ، لعل الرجل كان يرى في عضوية مجمع اللغة العربية في القاهرة ما يغني ويزيد .

     

              إن المطالع في مقالات "قدري" وأحاديث الإذاعية وفي كثير من موضوعات كتبه ليقف على نمط من الأدب العلمي ، والإنساني ، بلغ من العمق والصدق والدقة ما يسمو به وبكتابته ، ويجعلنا ننزلهما منزلة رفيعة ، وأبرز ما تتجلى هذه السمات في مقالاته التي ضمها كتاباه (بين العلم والأدب ؛ ووعي المستقبل) اللذان ضما عدداً كبيراً من المقالات والأحاديث العلمية والأدبية والتي أملتها الأوضاع والأحداث في البلاد العربية ، مما له اتصال بالتوجه القومي لدى الكاتب ، ومكافحة الاستعمار الذي كان ما يزال جاثماً على صدر الأمة ، ولكن بشكل جديد .

     

              ونعتقد أن (عروبية) "قدري" تكمن وراء مقدرته اللغوية والأدبية ، فجاءت آثاره مزيجاً من العلم والأدب والعروبية ، ولما كان مفهوم العروبة لا يستقيم دون امتزاجها بالإسلام الذي هو سبب وحدتها وعزتها فقد كان "طوقان" إسلامي التوجه بالرغم من بعض ما أثر عنه من أمور قد تبدو مخالفة للإسلام .

     

              ونستعرض فيما يلي طائفة من المقتبسات توضح إلى أي حد كان الرجل ضليعاً في لغته ، غيوراً عليها ، ناهيك عما أثر من مشاركته في حملة التعريب ووضع الاصطلاحات ولجان مجمعي اللغة في دمشق القاهرة .

     

              يقول في حملته على ظاهرة تدني مستوى التحصيل اللغوي وعدم إتقان اللغة من قبل كثير من أبنائها لو يرى الوضع اليوم   "فهناك الركاكة على أتمها والتعقيد والغموض على أوسع درجاتهما ، بالإضافة إلى خرق قواعد اللغة خرقاً ينتهك حرماتها ويقض مضاجع سيبويه وغيره من أعلام اللغة وأئمة البيان"(48) .

     

              ولم يكن "قدري" يناقش دون توثيق ، ففي حديث عن المثقف استوقف القارئ ، وأعاده لقواميس اللغة ، ليبحث عن دلالة الأصل اللغوي (ثَ قَ فَ) فيجد أن دلالته الأصلية تبتعد كثيراً عن المعنى الشائع ، ثم راح يقلب ويعالج فأحال إلى أساس البلاغة للزمخشري ، وإلى بيت من أشعار الجاهلين يشهد بما ذهب إليه(49) .

     

              وتتجلى مواهبه الأدبية في كثير من مقالاته ، ويخرج القارئ في أعماله بأن الرجل كان واسع الاطلاع على تراث العربية العلمي والأدبي ، فهو ينهل من معينه ويتأثر به ، ويتحمس له ويتعصب(50) .

     

              ويرى "قدري طوقان" أن علماءنا ينبغي أن يكونوا كأسلافهم ، موسوعيين كالكسائي والخوارزمي وعمر الخيام والدينوري ... ففي مقالة له طريفة عنوانها (الأدب والرياضيات)(51) تحدث عن جمع الخوارزمي بين الأدب والجبر في كتابه (الحبر والمقابلة) ، كما تحدث عن جمع عمر الخيام بين الشعر والفلسفة والأدب والفلك والرياضة . وضرب المثل بأبيات ابن يونس الرياضي الفلكي التي قال فيها :

    أحمل نشر الريح عند هبوبه
    بنفسي من تحيا النفوس بقربه

     

    رسالة مشتاق لوجه حبيبه
    ومن طابت الدنيا به وبطيبه(52)

              إن ثمة حافزاً كان يكمن في نفس "قدري" ، فهو يحركه باستمرار ، ذلكم هو تقدم الأمة واسترجاع سؤددها ، وسبيل الأمة إلى ذلك يتمثل في انتهاج ما كان عليه السلف من الأخذ بالعلم على طريق المعرفة والتقدم المادي ، والأخذ بالأدب بمفهومه العربي القديم : الأخ من كل فن بطرف ، على نفس الطريق ، وذلك لإحراز التقدم الروحي والمحافظة على مقومات الشخصية العربية الإسلامية لمقاومة الغزو الأجنبي عسكرياً كان أم فكرياً .

     

              إن هاجس "قدري" الذي كان يرافقه كظله ، هو استئناف الأمة مسيرتها الحضارية . قال يخاطب خريجي كلية النجاح بتاريخ 28/6/1946م : "أيها الطلاب ، إن رسالة الكلية هي أن تكونوا أقوياء في الخلق والعلم والجسم ، إن رسالة الكلية تتطلب أن تربطوا الماضي بالحاضر ، وأن يكون الماضي مصدراً للإلهام لا للمباهاة ، لتتمكنوا من الكفاح والنضال والخدمة على أسس راسخة متينة ، فسيروا في تحقيق هذه الرسالة ، واعلموا أن العمل على أدائها عبادة من أسمى العبادات . تصقل النفوس وتطهر الأرواح وتخرجكم إلى حياة المجد والخلود"(53) .

              لقد كان "قدري" أدبياً علمياً ملتزماً بمبادئ الأمة ، غيوراً عليها ، متعصباً للغته ، متقنا لها ، ولا يرى حرجاً في تعلم غيرها ، ولا في أخذ العلم من أي مصدر كان . وكان رحمه الله يصدر عن حس أدبي مرهف ، ونفس مؤمنة ، تتفاعل مع العالم من حولها ، ومن يطلع على خاتمة كتابه (العيون في العلم)(54) يدرك إلى أي حد نستطيع أن نقول إن "قدري" كان أدبياً .

     

    قدري عالماً

              يعد قدري في ثلاثة شاميين عرفوا بتفوقهم العلمي في العصر الحديث ، وبجهودهم الكبيرة في خدمة العلم والتراث العلمي العربي ، وهؤلاء هم : قدري وعمر فروخ ، وجميل صليبا ، وقد اهتموا إلى حد كبير بإماطة اللثام عن إسهام المسلمين والعرب منهم في تقدم البشرية ، والقيامة على العلوم المختلفة قروناً كثيرة ، ابتداءً من القرن الثامن الميلادي وإلى أواخر القرن السابع عشر .

              ونعتقد أن نبوغ "قدري" المبكر ، الذي أغرى أسرته بتوجيهه لإكمال الدراسة في الجامعة الأمريكية ببيروت ، وتخصصه في الرياضيات قد تطور مع الزمن بما اجتمع لدى الرجل من معارف تراثية وحقائق علمية مجردة وثقافة علمية غربية تتمثل في مقالاته وأبحاثه . فمن يطالع في كتبه ومنشوراته يقف على عدد كبير من الأعمال التي خصصها للحديث عن رواد العلم الغربيين ، والعرب ، وعن موضوعات علمية متخصصة قديمة كانت أو حديثة ، وفيما يلي طائفة من أعلام المسلمين الذي كتب عنهم : البيروني ، ابن باجة ، الفارابي ، ابن حزم ، ابن رشد ، ابن طفيل ، ابن الهيثم ، أبو بكر الرازي ، الغزالي ، البتاني ، أبو الوفاء البوزجاني ، ابن خلدون ، الجاحظ ، ثابت بن قرة ، ابن حمزة ، أحمد بن ماجد الملاح العربي المشهور(55) .

     

              ومن الموضوعات التي كتب فيها : الفلك ، الطاقة الذرية ، واللوغريتمات ، الرياضيات ، الاصطلاحات العلمية ، الهندسة ، العيون ، العقل ، الكون العجيب ، وفضل الصفر على المدنية ، والملاحة عند العرب ، وبيت الإبرة (البوصلة) ، واللانهاية ، الشذوذ في النظام الشمسي وغير ذلك مما نجده في كتب متخصصة في موضوعاتها أو مبثوثاً في كتب ضمت بين حواشيها مقالاته وأبحاثه.

     

              تحدث "قدري" عن عدد من العلماء الغربيين الذين كان لهم فضل بارز في تقدم العلوم في العصر الحديث ، وفي هذا التوجه ما يوضح أن "قدري" كان يؤمن بعالمية العلم ، واشتراك الأمم المختلفة في بنيان صرحه . ومن أبرز العلماء الذين كتب عنهم "قدري" ، والمقالات التي خصصت لذلك :

    -                     الممهدون للاكتشاف والاختراع .

    -                     نيوتن أمير العلم .

    -                     الجمعيات العلمية في إنجلترا .

    -                     ماكسويل الرياضي .

    -                     أمير الكهرباء فراداي .

    -                     آرثر أدنجتون ... وغير ذلك(56) .

     

    ومما يشير إلى دور "قدري" في النشاط العلمي العالمي أن الرجل كان عضواً في عدد من المحافل العلمية الأجنبية ، ومن ذلك المجمع العلمي لحوض المتوسط ، في إيطالية ، ومجلس جمعيات العلوم الرياضية في إنجلترا وأمريكية ومؤتمر المفكرين الذي انعقد في مدينة لاهور بباكستان سنة 1964م ، إضافة إلى عدد من المؤتمرات التي عقدت في إيطالية وسويسرا وإسبانيا والهند وإيران وغيرهما .

     

    وأدى البعد العالمي في ثقافة "قدري" ومناشطه إلى تبني عدد من الدعوات والتوجهات ، كان الرجل قد آمن بها لخدمة الإنسان أينما كان ، ومن تلك ما غدا مبادئ سامية يتحزب لها الناس ويتأطرون في أبعادها مثل :

    1-               الدعوة إلى حرية الفكر(57) .

    2-               الإخلاص للحق ، وتوخي الحقيقة ، والدقة العلمية(58) .

    3-               تمجيد العقل وإذكاء الروح العلمية(59) .

    4-               الاهتمام بالجوهر دون القشور والمظاهر(60) .

     

    ويرى "قدري" أن بعض العرب وكثيراً من الأجانب ينظرون إلى التراث العربي ، وإلى الجنس العربي نظرة انتقاص ، وهو يرى في إحياء التراث العلمي العربي رداً صارماً على هذه النظرة، كما أنه يقتبس في مؤلفاته من أقوال المستشرقين المنصفين ما يجرده سلاحاً على أولئك الذين يغمطون العرب والمسلمين بعامة حقوقهم ، ويتنكرون لجهودهم في خدمة المدنية . ومن يطالع في كتبه العلمية يستظهر هذه الحقيقة على نحو جلي ، حيث نجده يستشهد بأقوال لسارطون ، ودي بور ، ولويس برنارد ، ودي فو وغيرهم .

     

    قدري وطنياً مناضلاً

              لم يكن نشاط "قدري" مقتصراً على الناحية العلمية والثقافية ، فقد شارك في الحركة الوطنية الفلسطينية منذ صباه ، ففي 1930م اشترك في المظاهرات التي كانت تعم فلسطين ، كما شارك في المؤتمرات والمحافل السياسية . وفي عام 1936م اعتقل مع مجموعة من أصدقائه ، ونفي إلى صرفند حيث ظل تسعة أشهر ، ولا عجب في ذلك فقد كان يرافق والده "حافظ" في المؤتمرات السياسية المختلفة(61) .

     

              وربما كان فيما تقدم تمهيداً لاختياره عضواً في مجلس النواب الأردني من بعد ، وتمثيل الأردن (وهو وفلسطين توأمان متداخلان منذ فجر التاريخ) في عدد كبير من المؤتمرات إلى أن تسلّم الخارجية الأردنية ، فأبلى فيها بلاء حسناً .

     

              وعندما رفع أستاذة الجامعات والمدارس في أمريكية كتاباً إلى الرئيس روزفلت يطلبون فيه فتح أبواب الهجرة اليهودية ... بادر "قدري طوقان" بصفته عالماً ، وعضواً في الجمعية الرياضية الأمريكية ، وخريجاً في الجامعة الأمريكية ببيروت إلى الرد على كتاب أولئك الأساتذة ، وقد نشر رده هذا في الصحف(62) وترجم إلى الإنجليزية ، وأرسل إلى أساتذة الجامعات في أمريكية ومما جاء فيه : "ومن البيان الذي رفعتموه أيها الزملاء يتبين أن فكرة الوطن القومي وإنشاء دولة يهودية في فلسطين غير واضحة عندكم ، قد أحاطتها الدعايات الباطلة ، وجعلتها مستساغة لديكم ، لا تجدون في الدعوة إليها ما يخرج عن الحق والعدل" .

     

              "وهل ضاقت الأرض باليهود فأصبحوا لا يجدون غير فلسطين ملجأ ومأوى" ؛ "وإذا كنتم حريصين على مصالح اليهود وتأمين كيان لهم فافتحوا بلادكم للاجئيهم ، وبلادكم فيها أقطار شاسعة ومساحات واسعة" . "وإذا كنتم أيها الزملاء تستنكرون النازية وأساليبها في إفناء اليهود فإني معكم من المستنكرين لهذه السياسة ، الحانقين على منفذيها ، ولكن لماذا لا تذكرون أن الوطن القومي هو في الحقيقة محاولة إفناء العرب في فلسطين" ؛ "ولا شك منذئذ بأن الروح العلمية ستفرض عليكم رفع هذا الإجحاف وتصحيح أحكامكم في القضية الصهيونية" .

              وكتاب "قدري" (بعد النكبة) يفيض أسى ، ويعري الواقع العربي آنذاك ، ويضع الأصابع على الجراح بشجاعة وصبر ، وقد استعرض فيه قضية فلسطين وملابساتها ، ابتداءً من العوامل والمعاول، مروراً بالأساليب التي تبناها العرب في الدفاع عن حقوقهم ، ومقاومة الغزاة .

     

              ولكن ، كان ما كان ، وذهبت جهود الأمة المشتتة أدراج الرياح ... فقد كانت هناك أسباب للنكبة غير ما كانوا يدفعون .. وما زال القوم يراوحون حيث كانوا بالأمس ، لم يعتبروا .

    ظاهرة التكرار في أعمال "قدري طوقان"

     

              كثيراً ما نجد أنفسنا مضطرين لتكرار أقوالنا وآرائنا ، وليس أدعى لذلك من تكرر المواقف والأقوال ، وكان "قدري طوقان" متشعب الاهتمامات ، كثير النشاطات ، فهو مرب وعالم وكاتب وأديب وسياسي ومفكر في آن واحد ، وكان إلى جانب ذلك واسع الاطلاع دائمه، تشهد بذلك مكتبته الضخمة قياساً بما كان عليه عصره ، وما عليه أمثاله اليوم . ومن هنا يلحظ الدارس آثاره أنها تتحلى بصفتين بارزتين هما :

    1-               تباين الموضوعات وتنوعها ، مما يعكس اتساع معارفه وخلفيته الثقافية .

    2-               تكرار بعض الموضوعات ما بين الكتب والمقالات ، وتحديداً بين ما كان منها مدرسياً ، ومنشوراً في المجلات وأعمال المؤتمرات .

    وسنعرض فيما يأتي عدداً من الموضوعات التي تكررت في آثاره ، وظهرت في غير موضع منها ، بعبارتها دون تغيير ، أو بتغيير طفيف ، ومن ذلك على سبيل المثال :

    أولاً العقل عند ابن طفيل : محاضرة ألقيت في الحفل الخطابي الذي أقيم ببيروت بمناسبة الذكرى الثمانمائة والخمسين لميلاد الفيلسوف ابن طفيل ، في 17/12/1961م .

    قصة حي بن يقظان وفلسفة ابن طفيل ... مجلة العربي ، ص88 وما بعدها العدد السادس آذار / مارس 1959م .

    ابن طفيل الأندلس : مبحث ضمنه كتابه (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) ، الطبعة الثالثة 1963م ، ص389-394 .

    ابن طفيل : مبحث ضمنه كتابه (العلوم عند العرب) ، دار مصر للطباعة ، ص201-205 .

    ابن طفيل : مبحث ضمنه كتابه (الخالدون العرب) ، طبعة دار العلم للملايين ، بيروت 1954م .

    ابن طفيل : مبحث ضمنه كتابه (العلوم عند العرب والمسلمين) ، 1967م ، ص202 206 .

    ثانياً ابن الهيثم : انظر محاضرات ابن الهيثم التذكارية . المحاضرة السابعة في (الأسلوب العلمي عند العرب) ألقيت يوم السبت 29/ ديسمبر / كانون أول / 1945م .

    ابن الهيثم : ضمن كتابه (الخالدون العرب) .

    ابن الهيثم : ضمن كتابه (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) .

    ابن الهيثم : ضمن كتابه (العلوم عند العرب والمسلمين) ، حول محاضرات ابن الهيثم التذكارية : (بين العلم والأدب ص202) . حول محاضرات ابن الهيثم التذكارية : مجلة الثقافة في 13/9/1939م .

    ابن الهيثم : ألقى عنه حديثين في الإذاعة الفلسطينية .

    ابن الهيثم : مجلة المقتطف ، مجلة الرسالة عدد 5/4/1937م .

    ابن الهيثم : ضمن كتابه (نواح مجيدة في الثقافة الإسلامية) .

    ثالثاً ابن سينا : انظر ما كتبه عنه في كل من كتبه التالية :      

    -                     العلوم عند العرب والمسلمين .

    -                     تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك .

    رابعاً الفارابي :

    -                     الخالدون العرب .

    -                     العلوم عن العرب والمسلمين .

    -                     الخالدون العرب .

    -                     مجلة العربي عد شباط / فبراير سنة 1959م . ص62 وما بعدها .

     

    ونستطيع أن نقول بإيجاز إن جل الشخصيات العلمية العربية التي ترجم لها وتناولها بالدراسة قد تكررت في كتبه (الخالدون العرب ؛ العلوم عند العرب والمسلمين ؛ وتراث العرب العلمي في الفلك والرياضيات ؛ ومجلة العربي) .

              ولم تقف ظاهرة التكرار في تراجم الإعلام ودراسة آثارها بل تعدت ذلك إلى الموضوعات العلمية ومن ذلك :

    -         موضوع العيون في العلم : فقد تناوله ضمن محاضرات الموسم الثقافي ، المحاضرة الثانية ، ص72 وما بعدها ، وقد ألقيت في قاعة الشيوخ يوم السبت 25/شباط/1955م ، وأعيد نشرها كتاباً مستقلاً ، في سلسلة إقرأ وصدر عن دار المعارف في مصر .

    -         أثر العرب في تقدم الفلك : وقد نشر ضمن أعمال المؤتمر العلمي العربي الرابع سنة 1961م . وضمن كتاب (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) ، وضمن كتاب (نشاط العرب العلمي في مائة سنة) ، (تاريخ العلوم ص15) .

    إن هذه الظاهرة منتشرة في آثار جميع الباحثين والدارسين والعلماء ، وما نراهم يفعلون ذلك انطلاقاً من الرغبة في التكرار ولكن رغبة في انتشار المعرفة في الأمصار ، ولا ننسى هنا أن "قدري" كان مربياً محاضراً ومؤلفاً للكتب المدرسية ، مما يضطره إلى تكرار نفسه من حين لآخر ، فكأن نمط الدرس يملي عليه أن يعيد ويعيد حتى يفهم القارئ والسامع .

              ولو استعرضنا مقالاته في كتابه (بين العلم والأدب) لوجدنا أنها جميعاً تقريباً سبق أن نشرت في المجلات والصحف ، وأذيعت من محطة القدس أو إذاعة الشرق الأدنى أو ألقي في بعض المناسبات الدينية الوطنية ، وإليك أمثلة :

    1-               البحث : نيوتن ، كتاب بين العلم والأدب ، النشر : مجلة المقتطف . الإذاعة : محطة القدس 23/5/1940م .

    2-               البحث : جيمس جينز ، كتاب بين العلم والأدب . النشر : مجلة الرسالة 19/8/1940م . الإذاعة : محطة القدس .

    3-               البحث : ابن ماجد : كتاب بين العلم والأدب . النشر : مجلة المقتطف 1904م . الإذاعة : محطة الشرق الأدنى .

    4-      البحث : الحرية المقيدة ، كتاب بين العلم والأدب . النشر : ألقي في مهرجان المولد النبوي الشريف في نادي الشبيبة الإسلامية بيافا . الإذاعة محطة الشرق الأدنى .

    5-      البحث خدمات أمين الريحاني القومية ، كتاب بين العلم والأدب . النشر : ألقي في المهرجان الذي أقامته جمعية الشبان المسيحية في القدس بتاريخ 23/12/1940م .

    6-      البحث : روائع الرسول (ص) في حسن الخلق ، كتاب بين العلم والأدب . وقد ألقي في المولد النبوي الشريف في نابلس 7/3/1944م . ونشر في عدد مجلة العرفان الممتاز .

     


    مؤلفات قدري طوقان

    أولاً الكتب

     

    1-      كتاب تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك : أصدرته مجلة المقتطف بالقاهرة . ثم صدر عن جامعة الدول العربية ، الإدارة الثقافية ، مطابع دار القلم . القاهرة (3 طبعات متوالية) وهي :

    -                     طبعة المقتطف سنة 1941م .

    -                     طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1954م .

    -                     طبعة دار القلم سنة 1963م .

    2-               نواح مجيدة من الثقافة الإسلامية : بالاشتراك مع جماعة من المؤلفين المصريين ، أصدرته مجلة المقتطف سنة 1936م .

    3-               كتاب الكون العجيب : سلسلة اقرأ / رقم 11 ، مطبعة المعارف ومكتبتها مصر سنة 1943م (3 طبعات) .

    4-               بين العلم والأدب : مكتبة فلسطين العلمية ، المطبعة التجارية . القدس سنة 1946م .

    5-               الأسلوب العلمي عند العرب : أصدرته كلية الهندسة جامعة القاهرة سنة 1946م .

    6-      جمال الدين الأفغاني : مطبعة بيت المقدس القدس سنة 1947م ، وهو في الأصل محاضرة ألقاها في النادي الرياضي الأدبي بنابلس ، وفي القدس ، وغزة واللد ، إحياء لذكرى جمال الدين الأفغاني .

    7-               العيون في العلم : سلسة اقرأ / رقم 149 القاهرة سنة 1955م .

    8-               بعد النكبة : دار العلم للملايين بيروت سنة 1954م .

    9-               وعي المستقبل : دار العلم للملايين بيروت سنة 1950م ، وطبعة ثانية سنة 1953م .

    10-           الخالدون العرب : دار العلم للملايين بيروت سنة 1954م .

    11-           بين البقاء والفناء : سلسلة اقرأ / رقم 149 القاهرة سنة 1955م .

    12-           النزعة العلمية في التراث العربي : منشورات المعهد المصري مدريد سنة 1955م .

    13-           العلوم عند العرب : سلسلة الألف كتاب ، القاهرة الطبعة الثالثة سنة 1963م ، بإشراف الإدارة الثقافية بوزارة التربية والتعليم الأردنية .

    14-           ابن حمزة والتمهيد للوغريتمات : منشورات المعهد العلمي العربي القاهرة سنة 1958م.

    15-           مقام العقل عند العرب : دار المعارف القاهرة سنة 1960م ؛ ثم طبع ثانية ببيروت دار القدس سنة 1974م .

    16-     أثر العرب في تقدم علم الفلك : منشورات الاتحاد العلمي العربي ، وهو بحث تقدم به للمؤتمر العلمي العربي الرابع 2-9 فبراير / شباط / 1961م . مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة سنة 1961م .

    17-     العلوم عند العرب والمسلمين : كتاب مدرسي أقرته وزارة التربية والتعليم الأردنية في مناهجها . مكتبة الاستقلال عمان سنة 1961م ، ودار الأيتام الإسلامية بالقدس سنة 1965م ، وهو من مقررات الصف الثالث الثانوي آنذاك .

    18-           الروح العلمية عند العلماء العرب والمسلمين : من منشورات مجمع اللغة العربية القاهرة سنة 1962م .

    19-     التعاون العلمي بين العلماء والباحثين في البلاد العربية : منشورات مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1963م ، وهو بحث تقدم به لمؤتمر المجمع الجلسة السابعة ، 21/شعبان/1382ه‍ الموافق 17/1/1963م ، وصدرت جملة أعمال المؤتمر عن الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية .

    20-     نشاط العرب العلمي في مائة عام : بالاشتراك مع جماعة من الباحثين هم : قدري طوقان، فاضل الطائي ، جان مرهج ، عبد الحميد سماحة ، أحمد شوكت الشطي ، فؤاد صروف ، أشرف على إخراجه : هيئة الدراسات العربية في الجامعة الأمريكية ، بيروت سنة 1963م ، وطبع في سنة 1964م .

    21-           حيوية العقل العربي في نقد الفكر اليوناني : من منشورات مجمع اللغة العربية القاهرة سنة 1966م .

    22-           أبو الريحان البيروني : الاتحاد العلمي العربي القاهرة سنة 1966م .

    23-           العلم مع الحياة : مكتبة دار المعارف بيروت سنة 1970م .

    24-           كتاب الهندسة : للسنة التوجيهية ، شعبة الرياضيات ، وهو مخطوط مسحوب على الناسخة

    25-     كتاب الأثر العلمي للحضارة الإسلام وأعظم علمائها : وقد ألفه "قدري" بناء على طلب من مجلة المقتطف لتنشره ضمن كتابه (نواح مجيدة من الحضارة الإسلامية) وتضمن قسمين :

    أ. أثر الحضارة الإسلامية في العلوم .

    ب. أعظم علماء الحضارة الإسلامية .

    "ولقدري طوقان" كتابان لعلهما ضاعا ، أو أنه لم ينجزهما :

    26-           النزعة الإنسانية في التراث العربي .

    27-           أكوان في كون .

     

    ثانياً البحوث والمؤتمرات

    1-               التعاون بين العلماء والباحثين ... وقد مر .

    2-      المصطلحات العلمية : بحث تقدم به للمؤتمر الأول للمجامع اللغوية العلمية بدمشق 1956م ، مطابع جريدة الصباح ، مصر 1957م ، ص185 وما بعدها .

    3-      الأسلوب العلمي عند العرب / العيون في العلم / العلم والمجتمع : ثلاثة أبحاث ألقيت في (محاضرات الموسم الثقافي) الخميس 3/2/1955م . ص9 ؛ والسبت 5/2/1955م . ص27 ؛ والاثنين 7/2/1955م . ص51 . وقد صدرت عن دار المعارف بكل من الكويت ومصر سنة 1955م وسبق أن ألقي الأول (الأسلوب العلمي ) ضمن محاضرات ابن الهيثم التذكارية كلية الهندسة جامعة فؤاد الأول 1945م ، وصدرت في كتاب سنة 1946م .

    4-      أثر العرب في تقدم العلوم الرياضية : بحث تقدم به للمؤتمر العلمي العربي الأول الإسكندرية 9/1953م . وصدرت الأبحاث في كتاب المؤتمر عن شعبة المحاضرات الثقافية العامة . مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة سنة 1954م . ص71 وما بعدها .

    5-      الروح العلمية عند العلماء العرب والمسلمين : بحث تقدم به لمؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، وصدر عنه ضمن مجموعة المحاضرات والبحوث لعامي 61-1962م . الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية 1962م القاهرة ص275 .

    6-      مبتكرات رياضية : القسم الأول  مجلة الكلية الجامعة الأمريكية ببيروت   الجزء الأول ، المجلد السابع . بيروت 11/1930م ، ص32 وما بعدها .

    7-      أثر العرب في تقدم الفلك : بحث تضمنه كتاب المؤتمر العلمي العربي الرابع 2-9/2/1961م ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر . القاهرة سنة 1961م ، ص61 ما بعدها .

    8-      العرب و الطاقة الذرية : بحث تضمنه كتاب المؤتمر العلمي العربي الثاني . القاهرة 9/1955م ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة سنة 1957م ص188 وما بعدها .

    9-      أبو الريحان البيروني : بحث تقدم به للمؤتمر العلمي العربي الخامس .بغداد
    27-31/3/1966م . مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة سنة 1966م ، ص45 وما بعدها.

    10-           الخالدون العرب : مجلة الكتاب . السنة الأولى ، المجلد الثاني دار المعارف للطباعة والنشر مصر عدد شهر 12/1945م.

    11-           ابن باجة : مجلة العربي ، العدد السادس عشر ، آذار /1960م ، ص46 وما بعدها .

    12-           الفارابي : مجلة العربي . العدد الثالث . شباط /1959م، ص62 وما بعدها .

    13-           ابن حزم : فيلسوف العرب والإسلام ، مجلة العربي . العدد العاشر ، 9/1959م ، ص132 وما بعدها .

    14-           ابن رشد : مؤسس الفكر الحر . مجلة العربي . العدد الثامن . 7/1959م ، ص71 وما بعدها .

    15-           قصة حي بن يقظان وفلسفة ابن طفيل : مجلة العربي . العدد السادس ، آذار /1959م ، ص88 وما بعدها .

    16-     الأسلوب العلمي عند العرب : ضمن كتاب محاضرات ابن الهيثم التذكارية    المحاضرات السابقة . 29/12/1945م ، مطبعة جامعة فؤاد الأول   القاهرة .

    ناهيك عن عدد كبير من المقالات التي نشرت في الصحف والمجلات العربية ، و الأحاديث الإذاعية التي تضمنتها كتبه : (بين العلم والأدب ؛ والعلم مع الحياة ؛ ووعي المستقبل ) ومن أبرز الصحف والمجلات التي نشر فيها "قدري" مقالاته : المقتطف ، والرسالة ، والثقافة ، والعرفان ، والدفاع ، والأديب ، والامالي ، والعربي وغيرها . كما كانت لا تفوته مناسبة أو مهرجان دون أن يشارك فيه، اذ كان دائما في مقدمة المدعوين.

     

    ولقدري مشاركات قيمة في عدد من الأعمال الثقافية والعلمية ، ومن ذلك مشاركته في التعريف بالمراجع في الدليل الببليوجرافي للقيم الثقافية العربية الذي صدر في القاهرة 1965م. كما شارك في تحرير الموسوعة العربية الميسرة التي صدرت في القاهرة 1965م أيضا ، وفي تحرير مباحث دائرة المعارف التي أشرف عليها د. فؤاد أفرام البستاني ، وصدرت في بيروت .

     


    الهوامش

    1-               عن العباسي (بتصرف) ص52-54 .

    2-               المصدر نفسه (بتصرف) ص55 .

    3-               عن شجرة العائلة .

    4-      بتصرف عن "د. قدري حافظ طوقان بين الذكرى والتاريخ" إعداد مكتبة بلدية نابلس العامة سنة 1975م .ص3-7 . وانظر أيضا ترجمته في إعلام من أرض السلام . تأليف عرفات الهواري . شركة الأبحاث العلمية والعملية جامعة حيفا 1979م .

    5-               من كلمة د. عبد الحليم المنتصر  عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة ، في حفل تأبينه .

    6-               د. قدري مكتبة البلدية ص24 .

    7-               طبعة الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية القاهرة ص147 وما بعدها .

    8-               العلم مع الحياة ص 138 .

    9-               وعي المستقبل ص64 .

    10-           بين العلم والأدب ص94 .

    11-           بعد النكبة ص52 ، ولا نوافقه في وصم الأتراك بالمستعمرين ، وقرنهم بالإنجليز ، وما نرى الرجل يعني العثمانيين .

    12-           العلوم عند العرب ص10 ، ومقام العقل عند العرب ص231 .

    13-           وعي المستقبل ص42 .

    14-           العلم مع الحياة ص 138 .

    15-           المصدر نفسه ص153 .

    16-           وهذا ما شرعت الأمم المتحدة في ممارسته في الآونة الأخيرة ، لكن من وجهة نظر تخالف ما سبق إليه قدري طوقان ؛ مع الأسف ؟؟

    17-           قدري طوقان بين الذكرى والتاريخص10 .

    18-           بين العلم والأدب ص138 ، ومثله في صفحة 205 .

    19-           المصدر نفسه ص140 .

    20-           المصدر نفسه 141 .

    21-           بعد النكبة ص20 .

    22-           بين العلم والأدب ص186 .

    23-           المصدر نفسه ص182 .

    24-           المصدر نفسه ص187 .

    25-           المصدر نفسه ص179 .

    26-           بعد النكبة ص 26 .

    27-           المصدر نفسه ص32 .

    28-           العلوم عند العرب ص76 .

    29-           بين العلم والأدب ص103 .

    30-           المصدر نفسه ص74 .

    31-           العلوم عند العرب ص76 .

    32-           بين العلم والأدب ص207 .

    33-           المصدر نفسه ص176 .

    34-           المصدر نفسه ص210 ، 216 ، 238 ، 247 ، 264 .

    35-           المصدر نفسه ص238 ،239 .

    36-           المصدر نفسه ص264 .

    37-           التعاون بين العلماء والباحثين في البلاد العربية ص1 .

    38-           مجلة الرسالة عدد 216 .

    39-           الأمالي بيروت بتاريخ 19/9/1938م .

    40-           بين العلم والأدب ص176 .

    41-           أنظر بين البقاء والفناء ص158 ، وبحثه الموسوم (التعاون بين الباحثين والعلماء في البلاد العربية ) ص17 .

    42-           ص16 .

    43-           المصدر السابق ص15 .

    44-           بين العلم والأدب ص96 .

    45-           يقصد وسام الجمهورية الذي منحه إياه جمال عبد الناصر في عيد العلم العاشر .

    46-           د. قدري طوقان ص22 .

    47-           بين العلم والأدب ص117 .

    48-           المصدر نفسه ص138 ،وأنظر لمثل ذلك أيضا مقام العقل عند العرب ص9 .

    49-           أنظر لخلفيته الأدبية : الموسم الثقافي ، الفقرة الثالثة ص12.

    50-           بين العلم والأدب ص111 .

    51-           المصدر نفسه ص114 .

    52-           المصدر نفسه ص 279 .

    53-           ص115 .

    54-           راجع مقالاته في مجلة العربي ، وكتابه الخالدون العرب ، والعلوم عند العرب ، ومقام العقل عند العرب ، والعلوم عند العرب و المسلمين .

    55-           بين العلم و الأدب ، وما ضع مختلفة .

    56-           الموسم الثقافي ص231 .

    57-           العلوم عند العرب ص80 .

    58-           المصدر نفسه ص1 ، ووعي المستقبل ص37 ، ومقام العقل عند العرب ص23 الفقرة الأخيرة .

    59-           بعد النكبة ص17 .

    60-           د. قدري طوقان بين الذكرى والتاريخ ص3 (بتصرف طفيف )

    61-           جريدة الدفاع في 3/5/1944 .

    62-           أنظر مقام العقل عند العرب ص240 .


    * أمين عام اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم حالياً .

    * أصدرت هذه الترجمة في كتيب عام 1993، ولكني عدلت عن إصدار التراجم في كتيبات إلى كتب أجمع فيها ما تيسر .

    (1) كانتا تقومان بذلك جزءاً من متطلبات مساق البحث العلمي الذي كنت أتولاه آنذاك .

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • sara said...
  • ffhhdghdffg
  • Monday, December 20, 2010
  • imane said...
  • ilove
  • Saturday, January 14, 2012
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me