An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Wednesday, February 4, 2009
  • امرؤ القيس...محاضرة
  • Published at:Not Found
  •     


    امرؤ القيس بن حجر الكندي

     

                  

                                                   من قلم أ.د. يحيى جبر                          

    من هو امرؤ القيس؟

     

    هو امرؤ القيس بن حُجر بن الحارث بن عمرو بن حجر الملقب بآكل المرار من كندة ، وقيل اسمه حندج بن حجر، والحندج: الرملة الطيبة تنبت نباتاً حسناً ومعنى امرؤ القيس: رجل الشدّة. وأمة فاطمة بنت ربيعة بن الحارث بن زهير أخت كليب ومهلهل ابني ربيعة, وخاله كليب الذي تقول فيه العرب "أعز من كليب" ، وهو رأس فحول شعراء الجاهلية, أجاد في الوصف, وأمتاز بدقة التصوير, أما عباراته فهي خشنة من خشونة البيئة التي عاش فيها، وهذه الديار التي وصفها كلها ديار بني أسد . و يلقَّب بالملك الضِّلِّيل وبذي القروح ، وهو من أهل نجد ، من الطبقة الأولى ،طرده أبوه لما صنع الشاعر بفاطمة ابنة عمه ما صنع ـ وكان عاشقاً لها ـ وأمر بقتله ، ثم عفا منه ، ونهاه عن قول الشعر ، ولكنه نظم بعدئذٍ فبلغ ذلك أباه فطرده، ومما قاله ليلتئذ:

    لئن تراني اليوم في رأس شاهق    فقد أغتدي أقود أجرد تائقا

    وقد أذعر الوحش الرِّتاع بقفرة     وقد أجتلي بيض الخدود الروائقا

    وبقي طريداً إلى أن وصله  عمرو بن قميئة بخبر مقتل أبيه ـ الذي كان ملكاً على أسد وغطفان ـ على أيدي بني أسد ، وكان حينذاك بدمُّون ـ بحضر موت ـ فقال : (( ضيعني صغيراً ، وحملني دمه كبيراً ، لا صحو اليوم ، ولا سكر غداً, اليوم خمر ، وغداً  أمر ))، وقال أبياته المشهورة:

    أرقت لبرق بليل أهلّ     يضيء سناه بأعلى القلل

                                    لقتلِ بني أسد ربَّهم      ألا كل شيء سواه جلل

     وراح يطلب ثأر أبيه ، يستنجد القبائل، وأمدّه أهل اليمن برجال كثر، وقاتل بني أسد، ولم يستجب لجهود الوساطة التي قام بها عبيد بن الأبرص الشاعر الأسدي المشهور، وقتل منهم وأسر، ولم يكتف بذلك فانفض كثير من رجاله من حوله، فقصد القيصر يستعين به على خصومه, واصطحب أهله ومتاعه إلى أن وصل إلى السمو أل فجعلهم وديعة عنده، وكان ما كان من شأنه مع ملك المناذرة حينئذ،ثم توجّه شمالا يرافقه من حاشية ابيه عمرو بن قميئة الشاعر الجاهلي المعروف إلى الحارث الغساني في بلاد الشام , ومن ثم إلى قيصر الروم في القسطنطينية ، فأرسل معه جيشاً كثيفاً ، فوشى  الطمّاح"رجل من بني أسد" بامرىء القيس الى قيصر ، فبعث إليه بحلة مسمومة منسوجة بالذهب . فلما وصلت إليه لبسها ، فأسرع فيه السم، وسقط جلده ، وفي ذلك يقول والمرارة بادية يفيه:

    لقد طمح الطماح من بعد أهله  ليلبسني ما يلبس أبؤسا

                         فلو أنها نفس تموت سوية     لكنها نفس تساقط أنفسا

     وكان حينذاك بأنقرة من أرض الترك ، وفيها مات. يقول في ذلك :

    رب خطبةٍ مسحنفرة                                       وطعنة مثعنـجرة
     وجـفنة متـحيرة                                       حلت بأرض أنقرة
    وقيل أيضا: إنه لما كان يحتضر، رأى قبر امرأة من بنات الملوك ماتت هناك، ودفنت في سفح جبل يقال له عسيب، فسأل عنها وأُخبر بقصتها فقال:
    أجارتنا إن المزار قريب .............وإني مقيم ما أقام عسيب
    أجارتنا إنا غريب هاهنا .............وكل غريب للغريب نسيب
    وكانت وفاته سنة 565م على أرجح الروايات.وله أشعار كثيرة يصف فيها رحلته هذه .

    وتعود شهرة امرئ القيس لجماله, الذي قال عنه الرسول (صلى الله عليه وآله): ذاك رجل مذكور في الدنيا, شريف فيها, منسي في الآخرة, خامل فيها, يجيء يوم القيامة ومعه لواء من الشعراء يتدهدى بهم في النار. أو هكذا قال. قال ابن سلام‏:‏ ليس لكونه قال ما لم يقولوا ولكنه سبق إلى أشياء ابتدعها فاتبعوه عليها واقتدوا به فيها. وقال أبو عبيد‏:‏ سبق امرؤ القيس العرب إلى أشياء ابتدعها فاستحسنوها وتبعهم فيها الشعراء, منها : استباق صحبه والبكاء على الديار, ورقة التشبيب, وقرب المآخذ, وتشبيه النساء بالظباء البيض, والخيل بالعقبان والعصي وقيد الأوابد, وأجاد في التشبيه, والمعنى هذا لواء الشهرة في الذم وتقبيح الشعر كما أن ثم ألوية للعز والمجد والإفضال.

     

        ثق تماما أن مكانتك في نفسي خاصة جدا وثقتي بك مطلقة  ، لا أعرف إن كنت لمست ذلك أم لا ،  ولك أن تختبر صدقي كما تريد .

     

         أعدك أن أبذل جهدي ليستمر التعاون بيننا 

       

    منهج قراءة النص العربي والمأثورات الشعبية و ومناهج النقد الأدبي الحديث والأدب المقارن ونصوص شعرية 3

     

     

     

     

     

    قلبي لدى ظـبي الفـلاة أسـير                    أفـدي الظباء لأجلـه, وأجير

    يا من يداوي؟جرحُـه من قيـده                   جودوا عليّ بنصحكم وأشيروا

    والأرض حول الشمس تجري يومها                   كخواطري حول الحبيب تدور

     

    خيال من اميم احتل نفسي               يلازمني الغداة وحين أُمسي

    أتاني بعدما دجت الليالي                أنار ظـلامها, وسما بحسّي

    أرى دار الأحبّّة من بعيد             فيصفو خاطري وتطيب نفسي

    فكيف لَوَ انني منها قريب                وكان البدر مني قاب قوس

    لنلت الخلد من قبل التولّي          وغاب من السماء نجوم نحسي

    عشقت الله في عينَي حبيبي              وفي بسماته أدركت أنسي

    فجودي باللقاء, فداك مني              زماني كله وغدي وأمسي

    وقلبي, والعيون مُدَمّيات           أما حان الشروق عليّ, شمسي!

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    هل كان امرؤ القيس طائشا في كل أمره؟

     يحلو لكثير من الباحثين أن يصنفوا امرأ القيس في زمرة الشعراء الذين لا يذكرون ولو بحسنة واحدة، وما نرى ذلك انطلاقا من مضمون حديث النبي صلى الله عليه وآله، ولكن من النعت الذي ألحق به في الجاهلية: الضلّيل، ومن كثير من الأخبار التي رويت عنه او نسبت إليه، غير أن المطالع في شعره ليقف على كثير من المعاني النبيلة، والأفكار السامية التي تنم عن شيء من مكنونه وتبوح ببعض خصاله، كقوله:

    أرانا مُوضِعين لأمر غيب   ونسحر بالطعام وبالشراب

    بمعنى: أرى أن الناس يجرون في اتجاه المجهول وهم مشغولون عن ذلك بطعامهم وشرابهم. ولا تخلو أشعاره من بعض الحكم التي ساقها تعبيرا عن بعض المواقف التي مرت به، ومن ذلك قوله حين حضرته الوفاة:

    أجارتنا ما فات ليس يؤوب         وما هو آت في الزمان قريب

                    وليس غريبا من تناءت دياره      ولكن من وارى التراب غريب

    امرؤ القيس متغزّلا:

    كان الغزل وما يزال خبز شعراء البوادي العربية، وما نرى ذلك إلا انطلاقا من الحاجة للأنيس، فالرجل مسافر باستمرار: راعيا كان أو تاجرا أو غازيا، وما أحوج من كانت هذه حاله إلى المرأة تسليه وتسرّي عنه، وتقوم على شؤونه، وهذا الشعور هو الذي جعلها حاضرة في ذهنه أنى توجه، وأنى سار؛ لاسيما أن سيره كان باستمرار في الفيافي المقفرة والبيد الموحشة، ولعل في ذلك ما يدعو إلى مضاعفة المشاعر حين تخف نفس الإنسان إلى ملء الفراغ بنوعيه: فراغ النفس وفراغ الطبيعة.

              ومن هنا وجدناهم يقفون بالديار والأطلال وآثار الأحبة، ليس لذاتها, وإنما لما تبعثه فيهم من الذكريات والمشاعر الدفينة، لذلك رأيناها تقفز إلى سطح القصيدة قفزا، فتتصدرها، وتحدد وجهتها. و يتساءل امرؤ هنا: ما بالهم يكثرون من أسمائهن؟ أكان ذلك من باب التعددية؟ أم هو كما يحلو لبعض الباحثين المحدثين ـ ضرب من التعمية والتورية حفاظا على المحبوبة وسمعتها؟.

    أقول : بل لقد كان ذلك منهم سليقة وسجية، لم تسعفهم الظروف بما يمكنهم من الوفاء لواحدة بعينها، فرحلتهم متواصلة، وقد يشرق هو، وتغرب هي، فلا يلتقيان حتى يعود القارظان، أو حتى يرد الضب، وقد ترسخت هذه الحقيقة في أذهانهم حتى صارت فلسفة لهم تنعكس على معانيهم عبر الأجيال المتعاقبة، ولعل هذه الحقيقة هي التي أنطقت شاعرهم في العصر الأموي ـ كثير عزة ـ بقوله:

    وقد يجمع الله الشتيتين بعدما  يظنان كل الظن ألا تلاقيا

    وعمر بن أبي ربيعة عندما بلغه أن أبا الثريا قد عزم على تزويجها من سهيل فقال:

    أيها المنكح الثريا سهيلا   عمرك الله كيف يلتقيان

    فالثريا شامية إذا طلعت   وسهيل إذا  استقل يمان

    وما نراهم في جاهليتهم كانوا غيارى على النحو الذي يهيأ لنا، نعم كانوا كذلك إذا بلغت الأمور حدها، أما إذا انحصرت في مجال النظر والتلميح وعلاقة المصادفة وصحبة المرعى والاستقاء فلا نرى أن القوم كانوا يقفون عندها طويلا، ولعل بعض البدو ما زالوا على ذلك إلى اليوم، لا سيما أن ما قد يحدث في هذه المناسبات لا يعدو كونه طبعا بشريا لا سبيل إلى نفيه، إضافة إلى أنه لا سبيل إلى ضبطه.

    وكان امرؤ القيس في غزله مباشرا ، لا يوارب ولا يكني،وكانت بعض علاقاته مزرية على النحو الذي يبدي عنه شعره، لا سيما الوقائع التي وردت في معلقته كقوله:

    فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع   فألهيتها عن ذي تمائم محول

    وما يليه، إضافة إلى ما يروى من خبره مع بنات الحي يوم دارة جلجل، ولاميته التي يخاطب بها امرأته بسباسة، إذ تحدّاها بما ينمّ عن فجور واضح، وعمل فاضح.

    ومن هنا لم يكن الرجل لصادق الود، يجيد الانتقال من امرأة لأخرى، ولم لا والمرأة هي الأخرى تجيد التنقّل، استمع إلى قوله في سليمى وقد شطت بها يد النوى، مما يؤكد ما ذهبنا إليه قبل قليل:

    سما لك شوق بعدما كان أقصرا   وحلت سليمى بطن قوّ فعرعرا

    إلى أن يقول:

    أأسماء أمسى ودها قد تغيرا      سنبدل إن أبدلت بالود آخرا

    وما نراه هو أن أسماء ليست سليمى نفسها، بل هي أخرى يتساءل إن كانت ما تزال على عهدها القديم فيعود إليها بعد أن ارتحلت سليمى! لا سيما أنها لم تعد قريبة منه بل لقد ارتحلت إلى بلاد غسان في بادية الشام:

    كتانية  بانت وفي الصدر ودها         مجاورة غسان والحي يعمرا

    بعيني ظعن الحي لما تحملوا   لدى جانب الأفلاج من حنب تيمرا

    ولسليمى حضور عريض في أشعاره، وهو مرة يستخدم اسمها مصغرا وأخرى مكبرا، ولعل ذلك راجع لمقتضى الوزن، يقول في موضع آخر:

    ويقول في موضع آخر، ويبدو أنه كانت قد تقدمت به السن، فأزرى به عندها الشيب:

    قالت سليمى أراك اليوم مكتئبا     والرأس بعدي رأيتُ الشيب قد عابه

    ويبدو نزق امرئ القيس وتهوره، أو قل ما كانت عليه حالهم في الجاهلية، في ما روي من شأنه مع زوجه أم جندب وعلقمة الفحل؛ حين تنافرا لديها في وصف الفرس، إذ حكمت لعلقمة بالسبق ، فعنّفها امرؤ القيس قائلا: بل إنك له لعاشقة، وطلّقها، وخلفه عليها علقمة التميمي،  ولقب بالفحل على ضوء ذلك.

    رحلته إلى القيصر:

    تعد رحلة امرئ القيس إلى قيصر الروم حدثا تاريخيا إلى جانب ما تعكسه من سيرة الشاعر الشخصية، إذ تؤكد ما كانت عليه العلاقات العربية الأجنبية في ذلك الوقت المبكر، وطبيعة تلك العلاقات، وما يهمنا هنا هو ما تعكسه الرحلة من الأبعاد النفسية التي انطوت عليها شخصيته، فالرجل لم يكن يرى حرجا في الاستعانة بالأجنبي على بني جلدته،لا سيما أنهم أعذروه بأن قتلوا أباه، ومن يدري فلعل أباه كان ظالما، وهذا ما توحي به بعض الروايات، لكأنّا بالواقع العربي، بل بالتاريخ يعيد نفسه.

              والشاعر ذو مضاء وعزيمة لا تلين، فقد أودع أهله وماله لدى السموأل بن عادياء       ( اليهودي)، واجتاز إلى بلاد الروم المفاوز والدروب والثغور؛ مما جعل رفيق دربه يتأذّى من طول الرحلة، يقول: بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه   وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا

    ولم تكن الحال على هذا القدر من السوء والضنك، بل راح يعزّيه ويسرّي عنه بالوعود تماما مثلما تفعل النسوة بصغارهن إن هن أردن أن يصرفنهم عن شيء من الأشياء،يقول معزيا:

    فقلت لا تبك عينك إنما       نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

    وإني زعيم إن رجعت مملكا   بسير ترى منه الفرانق أزورا

    وليت الأمر توقف عند هذا الحد، ولكنه تجاوزه إلى ما جعل العود النباطي يجرجر حين استاف أخلاق الطريق فأدرك بعد الشقة وطول الرحلة، يقول في ذلك الطريق:

    على لاحب لا يهتدى بمناره   إذا سافه العود النباطيّ جرجرا

    امرؤ القيس وصّافا:

    قد يطول بنا الحديث عن ملكة الوصف عند هذا الشاعر، وقد أجاد في نسج صور بديعة في مجالات مختلفة، وقد نعد في مقدمتها وصف الظعن المرتحلة، ووصف المطر والخيل. يقول في وصف الظعن:

    بعيني ظعن الحي لما تحملوا  لدى جانب الأفلاج من جنب تيمرا

    فشبهتهم في الآل لما تكمشوا      حدائق دوم آو سفينا مقيرا

    أو المكرعات من نخيل ابن يامن    تردد فيه العين حتى تحيّرا

    ويكرر  جزءا من الصورة نفسها تقريبا في السياق نفسه من قصيدة أخرى فيقول:

    وأخيرا هذا بعض ما يمكن أن أشارك به في هذه الأمسية، واعدا بأن أكمل الدراسة من بعد ، وأن أحكم أمرها لتكون أكثر علمية، وأعمق.

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me