An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Friday, January 30, 2009
  • هبي رياح التغيير
  • Published at:Not Found
  •  

    هبي رياح التغيير

    بقلم أ. د. يحيى جبر

    أما آن للشعوب أن تقول كلمتها دون خوف أو وجل، أما آن لشعبنا أن يتحرر من لُجُمه التي فوجئ بها تكتم صوته، بل توشك أن تكتم أنفاسه؟ لا اعني المخابرات ولا الأجهزة الأمنية , بل لا أعني قُطَّاع الطرق على الحواجز العسكرية, إنما أعني ما هو أخطر من ذلك واشد بلاء، وهو الرقابة التي نمارسها على أنفسنا كيلا نؤذي السادة, وكي نتقي شرهم فلا نقع تحت طائلة العقاب على اختلاف أنواعه وأشكاله.فما أسوأ أن يكون الإنسان محتلا من الداخل؛ أن يكون وكيلا للآخر في احتلال نفسه، وأنا هنا لا أعني بالآخر "الإسرائيلي" فقط, فكل من يتعمد ظلمك فهو "آخر" وهو عدو لك وإن كان ابن جلدتك أو حتى أخاك. وقديما قال الشاعر:

    ألا لا تبالي العيس من شد كورها

     

     

    عليها ولا من راعها بالمخازم

     

     

     

     

    ومعناه بالعربي: يستوي عند الحمار من ركبه, عربيا كان أم أجنبيا؛ فهو في كلا الحالين مركوب.

    تأملت طويلا في ما سمعته من المواطنين في قلقيلية عشية لقاء ضم عددا من المثقفين والمفكرين و(وجوه المجتمع كما يحبون أن يُطلق عليهم), بعضهم أعرفه من قبل جيدا, لم أعهده عصبيا كما بدا ذلك اليوم, وآخر ألقى ما كان يدور بخلده بمنتهى الصراحة,"حطها على بلاطة" و..و..

    رأيت الناس يومها يكتمون في أنفسهم هما دفينا ، وغيظا مكبوتا، وثورة مقموعة, فما أن استمعوا إلى الأصوات التي ارتفعت تهاجم الفساد، وتحذر من عواقبه، وتجاهر ببعض ما يدور في أنفسهم مما يتهامسون به في مجالسهم الضيقة، حتى راحوا يعبرون عن أنفسهم ويرفعون أصواتهم,

     

    .كان ذلك المساء جميلا حقا. كانت فرصة ذهبية أتاحت لبعض المواطنين أن (يبقوا الحصوة) من أفواههم.

    إن الظلم الذي يلحق بالناس كثيرا ما يكون من صنع أنفسهم ابتداء, أو عندما يتتبلّد إحساسهم فلا يشعرون به انتهاء، وإن الناس الذين يختارون القيادات ، ويصنعون الزعامات عليهم أن يتحملوا نتائج اختياراتهم و انتخاباتهم ، لأنه كان بإمكانهم أن يختاروا غيرها، أو على الأقل أن يثوروا عليها حالما يكتشفون فسادها أو عجزها عن إنجاز ما وعدت به عندما راحت تعرض نفسها على الجماهير كي تختارها. إن الجماهير التي لا تتابع شؤونها، وتوكل عنها من يسيِّر أمورها دون أن تحاسبه، تستحق أن تسام الخسف، وأن تصبح مطية لهؤلاء ما دام أنها رضيت أن تسلم القياد لهم. فالله عز وجل لم يخلق سادة وعبيدا ، بل خلق الناس سواسية كما قال محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ كأسنان المشط، وخلقهم أحرارا بمجرد أن تلدهم أمهاتهم؛ ولكن بعض الناس يبيعون حريتهم لقاء متعة رخيصة، أو يستخذون لغيرهم فيتخذون منهم عبيدا، يحركونهم في أي اتجاه يريدون، تماما مثلما هي حال كثير من الأنظمة التي ابتليت بها الأمة، والتي تبينت الشعوب أنها في أحسن الأحوال لا تمارس أكثر من دور الوسيط بين الشعوب التي تحكمها وبين أعدائها. واليوم، وقد تنبهت الشعوب لهذا الواقع الأليم: إلا أن يقظتها جاءت متأخرة؛ ذلك أن الآخر أنجز مهمته بنجاح، وتمكن من إحكام سيطرته على مقدرات الأمة, مما يجعل مقاومته مكلفة جدا. فكان منطوق المعادلة يقول: لهوتم طويلا وتمتعتم كثيرا ، والآن حان وقت دفع ثمن الغفلة.

    ************************************

    وفي اليوم التالي نظّم الائتلاف الشعبي الديموقراطي في مدينة قلقيلية ندوة حول دور النظام والفوضى في توجيه العمل الوطني وإدارة الصراع؛ دعا إليها كل من كانوا في ندوة الأمس ، ، وقد استغرب المشاركون قلة عدد الحضور قياسا بمن شاركوا في ندوة الأمس, وكان التساؤل المنطقي: لماذا؟ ألأن الائتلاف يفتقر إلى ما يتوفر لدى الذين نظموا ندوة أمس من أموال وإمكانات مادية؟! وما يتاح لهم من ظهور على شاشات الفضائيات؟ وإذا كان الأمر كذلك فأين هي الديموقراطية ؟ لن تكون هناك ديموقراطية ما لم يكن هناك تكافؤ في الفرص، اللهم إلا إذا كان المعيار المتبع (دبِّر حالك من هين أو من هين).

    عجبنا كثيرا لماذا لم يحضر فلان المسؤول وفلان الاجتماعي, ربما تذكرت أن الائتلاف لم يدع جهة لتصوير الندوة، وان بعض الناس لا يحبون أن يكونوا في مجلس دون أن تصاحبهم آلة التصوير لتسجل جميع حركاتهم وسكناتهم؛ ليسعدوا بمشاهدة الناس لهم وهم (يحررون الوطن) من وراء الميكروفونات على طريقة دون كيشوت

     

    .

    وواحدة أخرى نذكرها هنا؛ وهي أن بعض من افتقدناهم ربما كانت أنفسهم تحدثهم بأن الائتلاف قد ينافسهم في بعض ما يعدون له من ترشيح أنفسهم لهذا المنصب أو ذاك، وكأن المسألة حكر عليهم دون غيرهم، ولا يحق لغيرهم أن يبادر إلى شيء إلا من بعد إذنهم. ومع ذلك نجدهم ينادون بالديموقراطية والحرية والعدل والمساواة، كأنهم ينادون بها لأنفسهم فقط، على غرار ديمقراطية أثينا قبل أكثر من عشرين قرنا؛ حين كانت للسادة دون العبيد؛ لو كان هؤلاء سادة وكنا عبيدا! أو كديموقراطية أمريكا التي يتحكّم بها ما يملكه هذا المرشح أو ذاك من الدولارات، أو ديموقراطية رأس المال إن صح التعبير.

    إن المستقبل الذي ينتظر المنطقة بعامة, وفلسطين بخاصة، ينذر بإشكالات كثيرة، وتحديات عظيمة، وفتن كقطع الليل المظلم

     

    وقانا الله منها- مما يستدعي أن تتحد الجهود في مواجهته، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإشاعة العدل والحرية والمساواة بين جميع أبناء المجتمع، وألا يستبد قبيل بفصيل، ولا عشيرة بعشيرة ،ولا مدينة بقرية، أو مخيم بغيره، ولا إنسان بآخر، فليس بعد اليوم لأحد على أحد سبيل إلا بمقدار ما يعطي من نفسه، لا سيما أن وقت العشم قد ولى.

    لقد حان لكل مواطن أن يتحرر من قيده ، سواء أكان ذلك القيد من صنع نفسه أم من صنع أبناء جلدته أم من صنع عدوه؛ فهي جميعا سواء, فالحرية واحدة لا تتجزأ, ولتسقط كل القيود, وكل المستبدين، ولا نبالي إذا أسقط صنم صنما أن نصفق له حتى تحين الفرصة المناسبة لسقوطه او إسقاطه, ولعل هذا ما يراه كثير من العراقيين اليوم حتى يحين دحر الأمريكان، المهم أن تتحرر الشعوب.، وتحقق ذاتها.

    ونظن أن الوقت مناسب لنتحرر من كل القيود مرة واحدة؛ فنثور على كل العلاقات الظالمة التي تستبد بمجتمعنا من تشرذم متعدد الدوافع والاتجاهات, ومن طبقية بغيضة، وفئوية مقيتة، وتسلط على الناس واستخفاف بالحقوق، لقد آن للمستضعفين أن يحطموا المستكبرين ما لم يردوا إليهم ما انتزعوه من حقوقهم بدعم أجنبي ربما زرعت بعض بذوره في الحقبة البريطانية وغيرها.وها هي رياح التغيير بدأت تهب، وربما سخر الله أمريكا لتكون سببا من أسباب التغيير الذي بدأت تدرك أنه لن يكون لصالحها أبدا، وهكذا تذل الأمور للتقدير حتى يكون الحتف في التدبير لو كانوا يعلمون. وسيجد "السادة" أنفسهم بأمس الحاجة "للعبيد" لكن يوم لا يجد محتاج من يسعفه بحاجته.

     

     

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • جمان صابر said...
  • هبي علينا رياح التغيير... ولكن كل اناء بما فيه ينضح لأن شجر التفاح لا ينبت الا التفاح
  • Wednesday, December 2, 2009
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me