An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Monday, February 9, 2009
  • بندلي الجوزي
  • Published at:Not Found
  • الموسوعة التربوية الفلسطينية

    يصدرها

    أ.د. يحيى جبر

    الرئيس المؤسس لمجمع اللغة العربية الفلسطيني _ بيت المقدس

    مؤسس الجمعية العلمية الفلسطينية

    أستاذ علم اللغة، ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة النجاح الوطنية

     

     

     

    الجوزيّان : بندلي وابنته انستاسيا

    تأليف: يوسف عبد الأحد

     

     

     

     

    المقدمـــــة

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد؛

     

     

           فإن الجمعية العلمية الفلسطينية لتسعد بمواصلة نشرها سلسلة الموسوعة التربوية، وتقدم للقراء العلمين بندلي الجوزي وابنته انستاسيا، وهما ممن تغرّب حتى ألجأته ظروف الغربة للتوطن في المهجر (روسية)، وتدرجا في حياتهما حتى بلغا الذروة في التحصيل وبعد الصيت.

           وقد زودني بهذه المادة مشكورا الكاتب الفلسطيني المعروف يوسف عبد الاحد عندما التقيته في دمشق خريف 1995 على هامش احتفال مجمع دمشق بعيده الخامس والسبعين، وهأنذا أقدمها اليكم أعزائي القّراء آملا في أن تكون كافية للتعريف بذينك العلمين، على الرغم من وجازتها، وهي كما ترون، مقالات جمعت من ها هنا وها هنا باستثناء المادة الخاصة بأنستاسيا، فهي من وضع الكاتب عبد الأحد. وقد نشرت الدار الوطنية هذا العمل في كتيب لم يوزّع بسبب الظروف التي تعيشها فلسطين.

           لقد أبدع الجوزيان في مجالات من المعرفة مختلفة، وتسنما فيها عاليا من الدرجات، اذ يعدان مرجعين أساسيين في تخصصاتهما التي برعا فيها، وعولت عليهما الحكومة الروسية في شؤون كثيرة، واسندت اليهما مهمات جسيمة على نحو ما يتضح في سيرتيهما، مما أغرى بعض الباحثين بأن عد بندلي مستشرقا أجنبيا، بينما هو في الحقيقة مواطن فلسطيني تغرب في وقت مبكر .

    أ. د. يحيى جبر

     

    مولده ونشأته :

           ولد بندلي الجوزي في مدينة القدس في الثاني من شهر تموز عام 1871 لأبوين من الطبقة الفلسطينية العاملة. وقد توفيت والدته اثناء الوضع، وتوفي والده الذي كان يعمل نجارا هو الاخر بينما كان بندلي في السادسة من عمره .. لذلك فان العائلة المؤلفة من اخواته الثلاث، وصليبا الذي يكبره سنا، قاموا بالعناية به وتنشئته .

           ومما هو جدير بالذكر أن العائلات المقدسية، كانت تسكن داخل أسوار المدينة، في بيوت يجاور بعضها بعضا، اضافة الى انها كانت تتعاون فيما بينها في السراء والضراء.

           تقول أخته مريم التي عاشت اكثر من مئة عام : "ان طفولة بندلي كانت هادئة على وجه العموم. ولكنه عندما اصبح قادرا على المشي، كان يحب اللعب والركض. وفي العاشرة أو أقل بقليل، كان يعتزل رفاقه، ويخرج الى سطح الدار التي تطل على أسوار القدس القديمة، وينتحي ناحية قصية او يستمتع بقراءة القصص التي كانت رائجة في تلك الايام، كما كان يحب أن يسهر ليلا ليتأمل ويفكر".

           "ليس من السهل ، بعد مرور ما يزيد على مائة عام على ولادة المرحوم بندلي الجوزي الالمام بكل شاردة وواردة عن طفولته وشبابه المبكر، لا سيما أن المصادر، أو جلها، بقيت في فلسطين، ولكنني بعد اتصالاتي المتكررة بعماتي الثلاث، وبأخي صليبا - ركن العائلة- والذي يبلغ الثالثة والثمانين من عمره، ومن خلال مراسلاتي المتواصلة مع ابنة بندلي الدكتورة انستاسيا المقيمة في موسكو، والاستاذة في جامعتها، والمتخصصة في علم أحياء البحار. ومما وعته ذاكرتي اثناء زيارتي عمي بندلي للقدس عامي 1928 و 1930 أحاول تقديم ما استطيع تقديمه وأعطي صورة واضحة عن ذلك الرائد الفكري الذي نبّه الفلسطينيين الى الاخطار المحدقة بهم ، والمحاولات التي كانت تقوم بها الحكومة البريطانية من اجل تهويد فلسطين وطرد أهلها.

           وقد استعنت ببعض المراجع الهامة، فيما يتعلق بالارساليات الاجنبية، خصوصا اليونانية والروسية منها، نظرا لان بندلي الجوري تلقى علومه الابتدائية والثانوية في معهدين الاول يوناني والثاني روسي .

           تلقى بندلي الجوزي علومه الابتدائية وقسما من الدروس الثانوية في دير "الاشارة الصليبي" المعروف "بدير المصلبة" الواقع في القسم الشرقي من القدس، وهو يوناني أرثوذكسي، وتابع دراسته في مدرسه "قفطين" في طرابلس الشام - لبنان. وتمكن من اللغة العربية وهو في السابعة عشرة من عمره .

           وكان الطلاب المتفوقون الاذكياء والنوابغ يرسلون الى روسيا لإتمام دراستهم الجامعية، تقديرا لهم على اجتهادهم وطموحهم، وهكذا أرسل بندلي الى روسيا عام 1891 لاستكمال علومه الدينية في الاكاديمية الدينية في موسكو، ولكن يبدو انه عزف عن الموضوع. فكتب الى والده يعلمه بالامر، ويطلب موافقته وموافقة من بيدهم الحل والربط، على الانتقال الى "أكاديمية قازان" عام 1895 والتي حصل منها على الماجستير في اللغة العربية والدراسات الاسلامية عام 1899. وكان موضوع أطروحته "المعتزلة".

           عاد بندلي الى مسقط رأسه في فلسطين عام 1900 مصمما على البقاء فيها، وعندما رأى الحالة المتردية.السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وما وصلت اليه من فقر وحهل وضغط على الحريات، أخذ ينبه الناس ويقول لهم : "أفيقوا من هذا السبات الذي تغطون فيه، ودافعوا عن حقوقكم المهضومة وحريتكم " مما حدا بالسطلة التركية الحاكمة، أن تجبره على مغادرة القدس الشريف والعودة الى روسيا.

           تزوج بندلي عام 1903 من "ليودميلا لورنيشيتفنا زويفا" الروسية المولد، فأنجبت له سبعة اولدل، ثلاثة ذكور وأربع بنات ظلوا يحتفطون بجنسيتهم الروسية، وقد اهتم بتربيتهم وتعليمهم وقد احتلوا مراكز مرموقة في الجامعات السوفياتية، وهم:

    1-  فلاديمير : ولد عام 1904 حاز على درجة دكتوراه في الفيزياء ، وهو بروفسور في جامعة باكو .

    2-  أنستاسيا: مولدة عام 1905، حائزة على درحة دكتوراه في علم الجغرافيا، عملت أستاذة في جامعة موسكو، وهي التي حصل نصري من خلالها على المعلومات الوافية الصحيحة عن عمه بندلي، وهي التي نطرحها بين يديك.

    3-  تامارا: مولودة عام 1909 متخصصة في علم الاحياء، دكتوراه في الكيمياء، وهي استاذة جامعية .

    4-  جيورجي: مولود عام 1911، متخصص في علم الجيولوجيا، قتل في الحرب العالمية الثانية عام 1942.

    5-  بوريس: مولود عام 1913 متخصص في علم الجيولوجيا.

    6-  أولغا : مولودة عام 1915 وكانت متخصصة في علم الكلام .

    7-  في عام 1909 عاد بندلي الى الشرق الأدنى في بعثة علمية لمدة سنة كاملة، كان يشرف خلالها على رحلة الطلبة الروس الى فلسطين حبا في الاطلاع على معالمها الأثرية ورغبة في معرفة البلاد التي نشأ فيها أستاذهم، ولتعلم اللغة العربية، وعندما وصل الى القدس، اغتنم شقيقه صليبا الفرصة، ورغب ان يكون عراب ابنه نضرى في المعمودية، بعد ان كان قد مضى على ولادته سنة، وقد اخذه والداه وعماته واقاربه يفكرون في الاسم الذي سيطلقونه عليه.

           "ماذا نسمي هذا الطفل" واخذ كل واحد منهم يلقي بدلوه، ويقترح اسماء يونانية او روسية كانت سائدة آنذاك. فانبرى بندلي وقال : "الى متى نظل نسير في ركب الاجانب وعندنا اسماء عربية جميلة رنانة". وسماه نصري، وقد حدا بنصري الى ذكر هذه الحادثة، الثورة التي كانت تتأجج في صدر عمه بندلي ضد العادات البالية ورغبته في التحرر من التبعية.

           يقول نصري : سألني الكثيرون من الاصدقاء والكتاب والباحثين عن سبب تسمية عمي بـ"بندلي" وما معنى هذا الاسم. وما مصدره؟ وهو الذي حرّر الفكر من أوهامه، وأتاح للناس أن تفكر تفكيرا علميا صادقا ؟

           إن بعض الدول الغربية، في القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين، قد تسللت الى منطقة الشرق الادنى، حفاظا على الطوائف المسيحية ظاهرا، ومحاولة لاقتسام تركة "الرجل المريض" - اي الامبراطورية العثمانية - باطنا، فأخذت فرنسا تفرض نفسهاحامية للمسيحيين الكاثوليك واللاتتين، بينما نصبت روسيا القيصرية نفسها حامية للمسيحيين الأرثوذكس، وراحت تبسط نفوذها وسيطرتها على لبنان وفلسطين ".

           وبواسطة المدارس والجمعيات الروسية والفرنسية والانكليزية، والالمانية، والايطالية، بتنا نتعرف على اسماء اجنبية غريبة مثل " بيير، جان كلود، فرنسوا ، جوزفين ..كما نقل الروس الى المنطقة اسماء القديسين والقديسات مثل : قسطنطين، هيلانة، اسبر (اسبيريدون) صليبا نقولا، بندلي مختصر بندلايمون ...الخ وبندلايمون اسم قديس يوناني، بمعنى الرجل "الناصح" من فعل نصح، ينصح، وفي رحلته الى الشرق الادنى هذه تعرف بندلي الى العديد من أدباء فلسطين أذكر  منهم اسعاف النشاشيبي، وجميل الخالدي - صاحب المخطوطات، وخليل السكاكيني.

           كما تعرف الى المستشرق الروسي كراتشقوفسكي الذي وقف حياته على البحث والتدقيق في آدابنا العربية، وقد عرفه في بيروت سنة 1909 .

           وفي السنة التي أقام معظمها في فلسطين، ورأى ما رأى من تأخر وجهل وظلم السلطات التركية والاقطاعيين الذين كانوا يسيرون في فلكهم، أخذ بندلي ينشر أفكارا تحررية،. ويهيب بالناس أن يكسروا القيود التي تكبلهم، ويثوروا ضد الظلم والقوى الرجعية الحاكمة.

           وكانت رحلته الثانية عام 1928، بعد أن برّح به الحنين الى مسقط رأسه في فلسطين، والى عائلة أخيه واخواته وأصدقائه، فشد الرحال، وجاء الى القدس ليقيم في بيت أخيه، والدي،  وقد تم آنذاك طبع كتابه الذي احدث صدى كبيرا، ولا يزال يعتبر مرجعا صادقا، وقد تم طبع الكتاب ما يزيد عن عشر طبعات، وأخرجه مؤخرا اي عام 1983، اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، الامانة العامة في كل من بيروت ودمشق، والكتاب الذي احدث هذا الدوي في الاوساط التحررية هو "من تاريخ الحركات الاجتماعية"، وهو الجزء الاول من تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام".

           كان قد وقف على طبع الكتاب عام 1928 صديقه المربي الكبير المرحوم خليل السكاكيني، وقد صدر الكتاب عن مطبعة بيت المقدس - القدس، لصاحبيها الياس واندريا متحور.

           وأثناء اقامته في القدس، قام بندلي بنشاط واسع لتوعية الشعب العربي الفلسطيني على ما يحاك له في الخفاء، والمصير الذي ستؤول اليه فلسطين ان لم يفق أبناؤها، ويعملوا على سد الثغرات الواسعة القائمة وقتئذ، ويهبوا من ذلك السبات العميق الذي كانوا يغطون فيه.

           وعندما كان يزوره زعماء فلسطين على اختلاف نزعاتهم السياسية، ويدور البحث في السياسة البريطانية - اليهودية، كان يقوم من مقعده ويتمشى في الغرفة جيئة وذهابا، وهو يقول بصوت جهوري : "يا جماعة انسوا أحقادكم وأحزابكم واتحدوا، فالصراع مرير، والعدو واع ومنظم تدعمه السلطةالحاكمة".

           وقد ذكر المرحوم محمد علي الطاهر، في جريدة "الشورى" التي كانت تصدر في القاهرة، في عددها الصادر في 26 كانون الاول عام 1928 ما يلي : "كتب الينا ان العلامة الفلسطيني، الاستاذ بندلي الجوزي قد وصل الى باكو في الروسيا، واخذ يمارس أعماله التدريسية في جامعة باكو، يشتغل الاستاذ الآن بوضع كتابه الثاني (الحركات الفكرية السياسية في الاسلام) ليكون تتمة لكتابه القيم (في تاريخ الحركات الاجتماعيةفي الاسلام) الذي طبع في الصيف الماضي، وعلقت الصحيفة "انه ليعز على أبناء فلسطين وأبناء العربية جميعا أن تتمكن العصابة الصهيونية في فلسطين من حرمان وطن الاستاذ ومسقط رأسه من الانتفاع بعلمه وفضله . لقد عاد الأستاذ الى دار الغربة حزينا كئيبا ولا شك، وكيف لا يكتئب ولا يحزن وهو يرى وطنه، وقد أصبح نهبا مقسما بين أطماع فئة طرأت تحكم غير بلادها، وتتصرف في غير دارها".

           وكان بندلي الجوزي قد قام بنشاط واسع ضد الانتداب البريطاني، مما اضطر السلطات المنتدبة الى الطلب اليه أن يغادر فلسطين .. وواقع الامر أن عوامل عديدة. حالت دون بقائه في القدس لتأدية رسالةالتوعية، منها الانتداب البريطاني ، وجل زعماء العرب الفلسطينيين الذين كانوا يخافون على كراسيهم وسيطرتهم على الجماعات الساذجة التي تأتمر بأمرهم، ويسيرونها حسب أهوائهم وغاياتهم. كذلك لم يسلم من وشايات بعض المتزعمين والجهلة الذين اعتبروا افكاره التحررية الثورية بدعة من البدع، عليهم ان يحاربوها، اما الصهاينة المقيمون في فلسطين وفي خارجها فقد أدركوا الخطر بل الأخطار التي سوف تنجم عن وهج هذه الشعلة المتوقدة، والافكار التحررية، فدسوا عليه مع الداسين لدى السلطات البريطانية صاحبة الحول والطول.

           وحينما كان يجتمع بالوفود العربية التي كانت تأتي لزيارته والتسليم عليه كان، رحمه الله، يخوض في تاريخ فلسطين، وشجاعة أبنائها ووقوفهم صفا واحدا ضد اعداء البلاد والوطن، ثم يردف قائلا :

           "ليت العرب يعملون ويقللون من الثرثرة والكلام الفارغ، ويوحدون الجهود في سبيل الحفاظ على فلسطين" .

            بتصرف من مقالة بعنوان : بندلي الجوزي - بقلم نصري صليبا الجوزي فلسطين الثورة 11/2/1984 وقد أعيد نشره في جريدة الاتحاد 2/3/1984.


           تلقى الجوزي تعليمه الابتدائي في دير الاشارة اليوناني الارثوذكسي، ثم تابع دراسته الثانوية في مدرسة كفتين قرب طرابلس، ثم أرسل في بعثة دراسية الى روسيا عام 1891، مثلما ارسل بعده ميخائيل نعيمة وكلثوم عودة، حيث درس في البداية علوم اللاهوت في الاكاديمية الدينية في موسكو لمدة ثلاث سنوات، انتقل بعدها الى اكاديمية قازان عام 1895، ومنها حصل على ماجستير في اللغة العربية والدراسات الاسلامية عام 1899، وكان موضوع رسالته، المعتزلة - البحث الكلامي التاريخي في الاسلام"، فعين استاذا مساعدا في كرسي اللغة العربية والدراسات الاسلامية في جامعة قازان، وبين عامي 1911 و 1917، عين استاذا مساعدا في كلية الحقوق في جامعة قازان، وبعد قيام الثورة البلشفية عام 1917، عين أستاذا للآداب واللغة العربية في جامعة باكو عام 1920، وفي عام 1921 عين أول عميد للغت الشرقية في الجامعة، ومنح لقب دكتور في الاداب واللغة العربية، حيث قام بجمع كتب ومخطوطات عربية وفارسية نادرة أثناء زيارته لايران، وفي روسيا تزوج بندلي الجوزي عام 1903 من ليود ميلالور نيشيفنا زوينا الروسية، والتي انجبت له سبعة اولاد، ثلاثة ذكور واربع بنات. (لاحظ الاختلاف في اسم الزوجة، والصواب زويفا بمعنى الذئبة . ي. ج)

           كتب بندلي الجوزي، في معظم المجلات الثقافية والفكرية العربية مثل "الهلال" "المقتطف" "الآثار" "الكلية" "الرابطة الشرقية"، "النفائس العصرية"، وغيرها، حيث أدار حوارات مع الكتاب والمثقفين العرب طرحوا خلالها الكثير من القضايا الثقافية واللغوية والفكرية، واثناء اعداد الكتاب وجد جلال السيد أول مقالة لبندلي الجوزي باللغة العربية في مجلة "الهلال" في نيسان (ابريل ) 1897، ثم بعد ذلك في "الاثار" عام 1913، ثم تركّز نشاط بندلي الجوزي في المجلات العربية بين عامي 1928 و 1933 .

           يذكر المؤلف أن بندلي الجوزي كان الى جانب كتاباته باللغتين العربية والروسية يترجم من الروسية والالمانية، اذ كان يجيد لغات عدة الى جانب العربية والروسية منها الالمانية، اليونانية، السريانية، العبرية، الفرنسية والانكليزية.

           وضع الجوزي معظم مؤلفاته باللغة الروسية الى جانب كتاب واحد بالعربية وثلاث ترجمات من الروسية للعربية، ففي اللغة العربية ألّف وترجم الكتب التالية :

    1-  "من تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام" - القدس - 1928 .

    2-  "الأمومة عند العرب" - قيللن - ترجمة عن الألمانية - قازان - 1902.

    3-  - "أمراء غسان من آل جفنة" - ثيودور نولدكة - ترجمة بندلي الجوزي وقسطنطين زريق - بيروت 1933.

    4-  " بندلي صليبا الجوزي - دراسات في اللغة العربية والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي عند العرب"، جمع وتقديم جلال السيد وناجي علوش - بيروت - 1977.

     

    أما مؤلفاته باللغة الروسية فهي :

    1-    "تعليم اللغة الروسية لأولاد العرب" أو "اللغة الروسية للعرب - جزءان - قازان 1903.

    2-    - المعتزلة - البحث الكلامي التاريخي في الاسلام - قازان 1899.

    3-    "محمد في مكة، ومحمد في المدينة" - قازان 1903.

    4-    "تاريخ كنيسة أورشليم" - قازان - 1910.

    5-    "جبل لبنان - تاريخه وحالته الحاضرة" - قازان - 1914.

    6-    "المسلمون في روسيا ومستقبلهم" - قازان - 1917 .

    7-    "أصل سكان سوريا وفلسطين المسيحيين" - 1917.

    8-    "رسالة في الطاعون - أعراضه والوقاية منه" - بلا تاريخ.

    9-    "رحلة البطريرك مكاريوس ابن الزعيم الى بلاد الكرج" - بلا تاريخ .

    10-  "علم الاصول في الاسلام" - بلا تاريخ .

    11-  "أصل الكتابة عند العرب" - بلا تاريخ .

    12-  "المطابع الاسلامية في روسيا" - بطرسبرغ (لينينغراد)- 1911.

    13-  "الشؤون الانكليزية المصرية" - باكو - 1930 .

           وترجم من العربية الى الروسية كتابين هما "فتوح البلدان" و "تاريخ اليعقوبي".

           إن كثافة الانتاج الفكري لهذا العالم البارز، تدفع الى ضرورة ترجمة أعماله الى اللغة العربية، لتعريف الاجيال الجديدة بمؤلفاته وأفكاره، خصوصا وهو الكاتب الموسوعي الذي تنوعت نشاطاته فامتدت من الادب الى التاريخ فالاقتصاد واللغة وفقه اللغة واهتم بالجوانب الاجتماعية والفلسفية .

     

            مقالة عن كتاب بعنوان بندلي الجوزي - بقلم جلال السيد. منشورات دار المبتدأ - بيروت (الحياة في 31/5/1994) .

           عمل استاذا مساعدا لمادة الشريعة الاسلامية في كلية الحقوق بجامعة قازان بين سنتي 1911 و 1917. وانتقل بعد ذلك الى كلية الآداب والتاريخ، وحاضر في تاريخ شعوب الشرق الأدنى حتى سنة 1920. وفي تلك السنة دعي الى تولي كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة باكو الدولية، كما أسند اليه كرسي تاريخ الشرق الاسلامي. وقد أصبح بين سنتي 1930 و 1933 رئيسا للقسم العربي من فرع أكاديمية العلوم في أذربيجان . وزار فلسطين وسورية والعراق ومصر وإيران ثلاث مرات لأغراض علمية.

           كان بندلي الجوزي يتقن الكثير من اللغات القديمة والحديثة. وقد ألف باللغتين العربية والروسية، وترجم عنهما واليهما، كما نقل عن الألمانية بالاشتراك مع الدكتور قسطنطين زريق كتاب "أمراء غسان" تأليف المستشرق الألماني نولدكه (طبع سنة 1931). وبالاضافة الى الكثير من المقالات العلمية في المجالات العربية. طبع في القدس سنة 1928 الجزء الأول من كتابه "من تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام". وقد بحث فيه الحركات الاجتماعية حسب النظريات العلمية - الماركسية فنال بذلك شهرة واسعة.

           وقد جمع ناجي علوش وجلال السيد مقالات بندلي الجوزي المنشورة في الصحف والمجلات وأصدراها ببيروت في كتاب عنوانه "دراسات في اللغة والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي عند العرب".

    (من الموسوعة الفلسطينيةبتصرف هاني )

           وفي سنة 1930 زار القاهرة أيضا مع صديقيه خليل السكاكيني وعادل جبر فاحتفى بهم أهل الفكر في وادي النيل. وكتب المترجم أبحاثا ومقالات نشرها في المجلات العربية كالمقتطف والهلال والنفائس العصرية وغيرها. وكان يتقن من اللغات الى جانب اللغة العربية والروسية عدة لغات اخرى هي : الفرنسية الانجليزية والألمانية واليونانية القديمة والتركية والفارسية. ويجيد أيضا اللاتينية والعبرانية والسريانية، ويقرأ بطلاقة الايطالية والاسبانية. وتزوج بندلي عام 1903 في روسيا من "يودميلا لورنيشيتفنا زويفا" فانجبت له سبعة أولاد، ثلاثة ذكور وأربع بنات اهتم بتربيتهم وتعليمهم فاحتلوا المراكز المرموقة في الجامعات السوفيتية .

    من كتاب أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني عادل مناع -

     جمعيـــة الدراســـات العربيـــة - القدس ســنة 1986 ص 85 .


    بندلي الجوزي وكتابه "من تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام"

     

    (بقلــم د. شوقي أبو خليــل)

    (صوت العرب العددان 8/ 9

    آب/ ايلول 1990 ص 48)

     

           يتكون كتاب (من تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام) من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، والمقدمة عنوانها : (وحدة النواميس الاجتماعية)، والفصل الاول عنوانه: (أسس الاسلام الاقتصادية) ، والفصل الثاني : (الامبراطورية العربية والأمم المغلوبة)، والفصل الثالث : (حركة بابك وتعاليمه الاشتراكية) والفصل الرابع: (الاسماعيلية) والفصل الخامس : (القرامطة). ثم خاتمة دون عنوان .

           ولست، في هذه العجالة، في صدد ذكر ما للكتاب وما عليه، ولكنها نقطة واحدة أود عرضها، وقد جاءت في المقدمة، وهي :

           المقدمة كلها تفنيد لبعض أقوال مؤرخي الغرب عن الشرق وتاريخه، وما فيها "من الغرابة والطيش" ، وخصوصا (أرنست رينان) الفرنسي الذي قال : "إن تطور الأمم السامية الديني كان يقوم دائما على نواميس أخرى"، غير نواميس الأمم الغربية.

           ويقول الدكتور بندلي الجوزي : "هذه النظرية أصبحت اليوم في خبر كان .. ان الزمان تولي دحضها بنفسه"، معتبرا مثل هذه الأفكار أفكارا عقيمة فاسدة ... الى آخر هذا الدفاع المجيد، والموضوعي العلمي عن تاريخ أمتنا ، الا أن الاستاذ بندلي بدأ مقدمته بالفقرة التالية : "إذا  نحن عرفنا أن أول من وضع مبادىء علم التاريخ وأساليب الانتقاد التاريخي، هم مؤرخو الغرب كينيبور (Niebhur)، ورانكه (Ranke)،  وشلوتسر (Schlosser) وغيرهم ...).

           ونتساءل : هل حقا ان هؤلاء المؤرخين الغربيين، هم أول من وضع مبادىء علم التاريخ، أساليب الانتقاد التاريخي ؟؟

           اين هؤلاء من عبد الرحمن بن خلدون المتوفى سنة 1406م، وهؤلاء المؤرخون الغربيون، عاشوا في القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين ؟! .

           لقد كانت (مقدمة ) كتاب ابن خلدون : "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، صورة حية للحياة الاجتماعية في مختلف البيئات التي تقلب فيها ابن خلدون، وللعصر الذي انقضت فيه حياته، لقد وضعها بعد ان شعر بنقص التاريخ كما يفهمه المؤرخون، اذ يقتصرون على سرد الوقائع والأسماء، (فمقدمته) : نقد تاريخي، مع تعليل وتفهم وتفسير.

           ثم ان (المقدمة) عللت الظاهرات الاجتماعية، وأوضحت أثر السكن على الحياة الاجتماعية ، ودرست الظاهرات الاقتصادية، فيكون ابن خلدون بذلك قد بحث في علم الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعمران، ويمكن القول انه ولج ميدان ما يسمى اليوم (فلسفة التاريخ).

           والكتب التي تتعلق بفلسفة التاريخ مباشرة، ظهرت بعد تأليف ابن خلدون لمقدمته ، مثل

        كتاب (الأمير) لميكيافيلي الايطالي .

        و(الحكومة المدنية) لجون لوك الانكليزي.

        و(العالم الجديد) لجا باتيستافيكو الايطالي.

        و(طبائع الامم وفلسفة التاريخ) لفولتير الفرنسي.

        و(آراء فلسفية في تاريخ البشرية لهردر الألماني.. وكلهم اقتبسوا من ابن خلدون في كتبهم .

           وسبق ابن خلدون في مقدمته (علماء الاجتماع) بقرون، سبق غبرييلي تارد (الفيلسوف الفرنسي) بالقول بالمحاكاة والتقليد، وكان ابن خلدون أعمق،  لأنه أعطى رأيا متميزا، واعتبر التقليد ظاهرة ضعف، والظاهرة الاجتماعية هي تفرض نفسها على الافراد، وأوجه الشبه بينه وبين جان جاك روسو واضحة من حيث الايمان الشديد بحياة التقشف، وبيته وبين نيتشه في نظرية الحق لقوة، وله لمحات لتفسير الظواهر السياسية بالعامل الاقتصادي، ومن الأفكار الهامة التي عرضها ابن خلدون بصريح العبارة :

           " وقد يكون من الصنائع في بعضها غيرها، مثل النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل، الا ان العمل فيهما - أي في النجارة والحياكة - أكثر، فقيمته أكثره"، وعلى هذا فان العبرة في تقويم سلم الانتاج هي بكمية العمل التي بذلت لتحصيلها، ذلك ان العمل المبذول في صناعة قطع الاثاث اكبر من العمل الذي بذل في قطع الاشجار، والعمل المبذول في النسيج اكبر منه في الغزل، ولهذا يجب ان يجري تقويم كل نوع منهما وفقا لذلك، فيكون الأول أغلى من الثاني .

           ويلح ابن خلدون في توكيد معنى استمداد القيمة من العمل عدة مرات في مقدمته : "فلا بد في الرزق من سعي وعمل".

           ليس ابن خلدون رائدا في علم الاجتماع السكوني، بل هو رائد في علم الاجتماع الحركي، بدليل انه لم يدرس المدن الفاضلة، بل درس المدن القائمة، ووازن بين ما كان وما صار.

            لقد كان ابن خلدون شغوفا بالتاريخ، ومع معاناته للسياسة، جاءت تجربته غنية، وبعد هذا كله، هل يصح قول الاستاذ الدكتور بندلي الجوزي : "ان اول من وضع مبادىء علم التاريخ وأساليب الانتقاد التاريخي هم مؤرخو الغرب كنيبور، ورانكه، وشلوتسر؟".

           وهل سبق هؤلاء العلامة ابن خلدون حقا ؟

           نظرا لأهمية هذا الكتاب ، الذي ألفه الدكتور بندلي الجوزي في مدينة القدس، وطبع فيها سنة 1928م، أعادت عدة جهات طبعه، وهي :

    1-  منشورات صلاح الدين - القدس سنة 1977، وصفحاته 137.

    2-  سلسلة إحياء التراث الثقافي في الفلسطيني، الكتاب الرابع، الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين (الأمانة العامة)، الطبعة الثانية سنة 1981، وصفحاته 237 أيضا.

    3-  دار الجيل، سنة 1982.

    4-  دار الروائع، بلا تاريخ، وصفحاته 237.

    5-  ونشره الدكتور فواز صياغ في دمشق ، شباط 1972، (آلة كاتبة) : 91 صفحة .


    أنستاسيا الجوزى

     

        ان بداية وتطور  البحوث الميكروبية للمستحاثات لقشرة البحر (في روسية) مرتبطان بأنستاسيا جوزي العالمة الكبيرة والاخصائية (في علم الاعشاب المائية) العبقرية .. دكتوره علوم الجغرافيا، والحائزة على الجوائز الحكومية .

        أ. ب جوزي ولدت في 31 تموز 1905 في بلدة قازان، وفي عائلة بروفيسور جامعة قازان الاخصائي بالتاريخ وآداب الشرق، العربي المولد، واسمة بنتيليون كريستوفيتش جوزى، الذي حضر الى روسيا في عام 1900. وأمها هي لودميلا لافي نتوفنا جوزى (قبل الزواج زويفا) اهتمت بتربية الاولاد، وقد كان عددهم سبعة، وبشكل عام جميعهم توصلوا الى نجاحات كبيرة في مجالات علوم الطبيعة المختلفة .

        في عام 1920 انتقلت الاسرة  الى مدينة باكو حيث دعي ب. ك جوزى مع غيره من الاساتذة لتكوين جامعة باكو .

           لقد حصلت أ. ب جوزى على الشهادة الجامعية من جامعة باكو (الان تسمى جامعة اذربيجان) ومن قسم العلوم الطبيعية الرياضية والفيزيائية (ما بين 1923 - 1929) وقد اختصت في علم حياة النباتات والحيوانات المائية. وقد اختصت باشراف فلاديمير سيرفيفيتش ليباتيفسكي المختص بعلم الحيوانات. وقد تدربت في مجال الاعشاب المائية لدى ايفان الكسندروفتش كييلوف المسؤول عن مخبر علم حياة النباتات والحيوانات المائية في معهد البحوث العلمية بمدينة بيتقوف التابع لجامعة لينينغراد، وخلال حياتها الطلابية بدأت أ. ب جوزى تعمل في مجال البحوث بشكل فعال . وظهرت قبل أعمالها العلمية المخصصة لبحث حياة الاعشاب المائية والحيوانات عديمة الفقرات في الاحواض الحديثة المياه .

           بعد ان انهت أ. ب. جوزى الخامسة والعشرين دعيت في عام 1930 من قبل ف.س. بورتيسكي للعمل في لينينغراد في مخبر النباتات المجهرية التابع للمعهد المركزي للبحوث الجيولوجية الاستكشافية، والذي يسمى معهد الجيولوجيا لعلوم الاتحاد السوفييتي والمنظم بمبادرة ك. ك. مكروف . وفي هذا المعهد وبقيادة ف.س. مورتسكي قامت أ. ب. جوزى بدراسة زمرة الاعشاب المائية المجهرية وحيدة الخلايا ( دياتوم) وبفضل عبقريتها اللامعة ومعرفتها الجيدة للغات الاوروبية الرئيسية تمكنت أ. ب. جوزى من دراسة الاتجاهات الجديدة للطريقة التحليلية في دراسة الدياتوم.

           وفي ذلك التاريخ قامت المجموعة الصغيرة من الباحثين، والتي كانت تضم أ. ب. جوزى، بدراسات ذات اتجاهات متعددة. ودرست تراكيب ترسبات الاعشاب  المائية من الدور الرباعي المتواجد في الاتحاد السوفياتي، وخاصة الجزء الشمالي الغربي من القسم الاوروبي، وقد انطبعت البحوث بدراسة المستحاثات. وقد وضعت الاسس الجديدة التطبيقية لتحديد نوعية دياتوم بطريقة مجهرية والاستخدامات الصناعية لها .

           وفي نفس الوقت أجرت أ. ب جوزى بحثا فريدا من نوعه لعالم النباتات في الاحواض المائية الجبلية في متوسط الاورال(سلسلة الجبال التي تفصل بين اسية وأوروبة . ي.ج) واظهرت التغييرات الفيزياكيميائية خلال عصر ما بعد الجليديات، وهذه اول تجارب اجريت في العالم في مجال دراسة المستحاثت من خلال استخدام الطرق التحليلية للدياتوم لتحديد تاريخ الاحواض الحديثة .

        وفي عام 1913 نشرت نتائج هذه الاتجاهات، وقد ظهرت مواهب أ. ب. جوزى من خلال عملها كمنظم وعالم في مجال معرفة العلاقات بين الاحياء  وما جاورها. وقد ورد في هذه الاعمال المكتوبة من قبل أ. ب. جوزى أنواع جديدة من الاعشاب المائية المجهرية الغير المعروفة .

        بدأ من عام 1931 ساهمت أ. ب. جوزى بشكل فعال في الاعمال المخبرية للبعثات التنقيرية عن المستحاثات في الاورال  الاوسط وخلف الأورال ومنطقة فلداي ونهر فاغ  ونهر بلوميت، ومن عام 1934 عملت كباحثة في مخابر ترسبات الدور الرابع في معهد البحوث الجغرافية الاقتصادية التابع لجامعة ليننغراد، وشاركت في بعثات التنقيب في مناطق كستروسكايا وفلوفودسكايا.

        وفي عام 1932 تزوجت أ. ب. جوزى من ك. ك. مكروف في جيولوجيا التراكيب والمستحاثات، وقد اصبح اكاديميا.

           من عام 1937، وبسبب نقل اكاديمية العلوم، وانتقال الاسرة، فقد تركت أ. ب. جوزى العمل في جامعة ليننغراد الحكومية ولعدة سنوات، وبسبب مرض احد افراد الاسرة.

           لم تكن أ. ب. جوزى مرتبطة بعمل ثابت، ولكن لم تترك البحث العلمي في اختصاصها، وفي موسكو قامت أ. ب. جوزى بتعميم نتائج التحاليل المتعددة التي جمعتها بنفسها، والتي جمعها الباحثون الاخرون حول دراسة ترسبات الدور الرابع في مختلف   مناطق الاتحاد السوفياتي. ونتج عن هذه الاعمال رسالة الكاندديت في العلوم الجغرافية، والتي دافعت  عنها أ. ب. جوزى بنجاح (دكتوراه دولة في الجغرافية) عام 1939 في جامعة ليننغراد الحكومية، ونشرت ابحاثها في نفس السنة على شكل رسالة علمية ((ترسبات الاحواض المائية من خلال التحاليل الدياتومية)).

           ان صدور كتاب  أ. ب. جوزى كان حدثا علميا كبيرا في حياة علماء   الترسبات، لأن في ذلك العمل تم تعميم معطيات واسعة متوفرة في الكتب الوطنية والاجنبية. ويحلل الكتاب المادة الحقيقية الكبيرة وتتوفر فيه المعلومات عن انتشار الانواع الرئيسية للدياتوم وتركيبتها حسب شروط معيشتها في مختلف المناطق الجغرافية السوفياتية ويولي الكتاب أهمية للدياتوم وظهور تركيباتها القديمة .

           يمتاز كتاب أ. ب. جوزى بالدراسة الجغرافية القديمة للمواد في هذا المجال العلمي وكذلك الدراسة الحديثة لمناطق تواجد الاعشاب المائية .

           في بداية الحرب (العالمية الثانية) هاجرت أ. ب. جوزى الى باكو، وعادت الى موسكو في عام 1942 حيث عملت خلال عامي 1942 و  1943 في معهد الجغرافية التابع لاكاديمية العلوم السوفياتية، وذلك لوضع ووصف خارطة للنباتات في الاتحاد السوفياتي .

           وخلال عامي 1944 و 1945 انهت موضوع عالم النباتات المجهرية لمناطق لوليانوفسكي وبنزتسكي من خلال عملها في معهد الاستكشافات الجغرافية المسمى باسم أرجينكيوزي ..

           في الاعوام الأولى التي تلت   1946 - 1948  عملت أ. ب. جوزى (باتفاق مع معهد الجيولوجيا لعموم الاتحاد السوفياتي) بدراسة الدياتوم القديمة، ولاول مرة ضمن حدود الاتحاد السوفياتي اكتشفت أ. ب. جوزى بقايا الدياتوم من العصر الكلسي (الطباشيرى) في منطقة الفولجا . تم فرز ودراسة تراكيب الدياتوم من العصر الكلسي القديم، وكذلك التراكيب المستحاثية فوق منحدرات الاورال الشرقية،  وقد درست بعمق اكبر تراكيب الدياتوم من خلال نقلها الترسبات لمناطق الفولجا واكرانيا، وهذه الابحاث لم تفقد قيمتها العلمية حتى تاريخه عرضت أ. ب. جوزى توّزع سماكات الطبقات الرملية التي يحتوي عليها الديلتوم. والمواد التي تبحث في مستحاثات العصر الكلي لمناطق النباتات في الاتحاد السوفياتي وكذلك المواد التي تشرح الانواع الجديدة نشرت بشكل جزئي وشكل مقالات علمية، وبشكل اوسع نشرت في المرجع الخاص لعلم الدياتوم للاتحاد السوفياتي (التحاليل الدياتومية)، وفي اعداد هذا المرحع ساهمت أ. ب. جوزى بشكل فعال، وقد منحت مع غيرها جائزة الأكاديمي كلمروف (سنة 1950)، وكذلك الجائزة الحكومية للعلوم البيولوجية من الدرجة الاولى سنة 1951.

           بدءا من عام 1951 ترتبط حياة  أ.ب. جوزى  بمعهد علم المحيطات المعطى له اسم ب . ب. شرشوف التابع لاكاديمية العلوم السوفياتية، حيث عملت أ.ب. جوزى في قسم جيولوجيا المحيط، والذي ترأسه لسنوات طويلة العالم  الجيولوجي العضو المراسل في اكاديمية العلوم السوفياتية ل. بيزركوف.

           وهنا بدأت أ. ب. جوزى بحثا كبيرا وجديدا ليس في الاتحاد السوفياتي فحسب، ولكن في العالم، لدراسة التوضعّات (الترسبات) المستحاثية في المحيطات المرتكز على علم الدياتوم .

           ان هذا المعهد الجديد (معهد علم المحيطات) من أول الابحاث التي أجراها العاملون في قسم جيولوجيا بحار الشرق الاقصى تمكنوا من تجميع مواد حقيقية . وقد اعطيت دراسة الترسبات المستحاثية والنباتات الدياتومية الى أ. ب. جوزى. والاهمية العظيمة لهذه الابـحــاث تكمــن في ان البنية الدقيقة للمستحاثات والتي قامت باعدادها أ. ب. جوزى قد استخدمت بنفس الطريقة التي تصلح للتحليل الدياتومي، والتي اوضحت نسبها في اعمالها المنشورة خلال فترة ما قبل الحرب. استرجعت أ. ب. جوزى جغرافيا بحار اليابان وبيرنج خلال العصر البليوستسيني والجزء الشمالي الغربي من المحيط الهادىء مستخدمة الطريقة الحيوية لعلم طبقات الأرض والتكوين الجغرافي القديم. قبل ذلك درست الرواسب في القاع من خلال دراسة الدياتوم وحددت تسلسل التشكلات الدياتومية .

           وفي عام 1959 وبنجاح ، دافعت  أ.ب. جوزى  عن رسالة الدكتوراه في العلوم والتي نشرت ابحاثها في عام 1962 تحت عنوان ((علم طبقات الارض والجغرافية القديمة للجزء الشمالي الغربي من المحيط الهادىء)).

           وفي هذه الابحاث جمعت أ.ب. جوزى نتائج الابحاث الكبيرة التي استمرت عدة سنوات، والتي بها أوضحت تغير تراكيب الدياتومي مع الزمن، وقامت بدراسة تقسيمات الدياتومي من العصر الباني للترسبات القاعية، واوجدت العلاقة بين تغيير الدياتومي مع الظروف المناخية، ومن خلال دراسة مواد الحفريات ومقارنتها مع المعطيات الحديثة اقترحت طريقة للتطور التاريخي لعالم النباتات البحرية الدياتومية، وتوضع الطبقات اعتبارا من العصر الحديث الوسيط. وأن ابحاث أ. ب. جوزى هذه ما تزال حتى الوقت الحاضر من حيث تكاملها ونتائجها النهائية نموذجا جيدا من بحوث الجغرافيا القديمة وعلى المستحاثات الميكروبية.

           خلال الستينات شكلت أ. ب. جوزى وترأست مجموعة من الباحثين العاملين في معهد المحيطات التابع لاكاديمية العلوم السوفياتية التي تضم أخصائيين في علم المستحاثات الميكروبية في الدياتوم والترسبات الكلسية في النباتات البحرية، والتي قامت بابحاث واسعة في تحديد تسلسل توزع الرسوبات للنباتات البحرية في الطبقات السطحية لقعر المحيطات . وقد اعتبرت أ. ب. جوزى ان هذه الابحاث ضرورية لدراسة علم وصف الطبقات الارضية ولاعادة تنظيم الجغرافيا القديمة، وملا قحة الاحياء فيما بينها، وذلك لاحواض الدور الرابع. ونتائج هذه الابحاث الفريدة نشرت في كثير من الكتب، وكذلك على شكل رسالة علمية تحت عنوان "المحيط الهادىء : علم النباتات والحيوانات الميكروبية في الترسبات الحديثة للمحيطات" وقد صدرت في عام 1969.

           وكانت أ. ب. جوزى تسعى دائما الى ربط بحوثها مع البحوث المعرووفة لديها والتي تبحث في منتجات حفريات اخرى، وبحوث الذين يستخدمون طرقا فيزيائية دقيقة في بحوثهم العلمية حتى ان بعض المستحاثات التي استخرجتها ما زالت محفوظة كاملة حتى هذا الوقت.

           كانت أ. ب. جوزى اختصاصية فريدة من نوعها في مجال علم النباتات المائية وهي تعرف القديم منها والحديث، فهي موسوعة علوم في مجال عملها، ولكن كانت  اهتماماتها الاساسية تنحصر في عالم النباتات . وطبعا "مع تقدم العلوم وامكانية الحصول على طبقات عميقةوامكانية الحفر العميق في البحار، فاعتبارا من الستينات وضعت امام علماء المستحاثات مواد أقدم.

           وفي البداية سعت أ. ب. جوزى لدراسة الترسبات التي تحتوى على النباتات القديمة من خلال عينات مخبرية مأخوذة من أماكن مختلفة، وبعد ذلك اتجهت الى الحصول على اكبر عدد ممكن من العينات بشكل منظم . وقد كان لـ أ.ب. جوزى اصدقاء داخل وخارج البلاد قدموا لها عينات كثيرة. وقد تمكنت أ.ب. جوزى من تقديم بحوث من المعطيات المتوفرة داخل وخارج البلاد عن عالم المحيطات من هذه الابحاث (دياتوم وبيو مستحاثات في المستوى العام 1978).

           وهنالك ابحاث كثيرةعن النباتات في المحيطات والتي نشرت في مجلة الجيولوجيا التاريخية للمحيطات). ويستعمل في داخل وخارج البلاد الاطلس الخاص بالكائنات الميكروبية في ترسبات قعر عالم المحيطات والتي شاركت فيها أ. ب. جوزى بشكل فعال.


    صفاتها ومكانتها :

           من أهم صفات أ. ب. جوزى التأثر والانفعال المرتبط بسعة الاطلاع والمعرفة، ومعرفتها التامة للمراجع التي تخصها، تحب العمل. كل هذه الصفات جعلت أ. ب. جوزى  تهدف دائما للاستجابة الفورية لكل الحقائق والافكار العلمية الجديدة، وقد امتازت أ.ب. جوزى بقدرات تنظيمية كبيرة من خلال عملها كرئيسة مجموعة او رئاستها للجان مختلفة، ولفترة طويلة ترأست أ. ب. جوزى لجنة النباتات المائية للمجمع العالمي الخاص بمسألة (طرق وتسلسل التطور التاريخي لاعضاء الحياة في الحيوان والنبات) والتابعة الاكاديمية العلوم السوفياتية.

           وقد شاركت أ. ب. جوزى في كثير من المؤتمرات العلمية الداخلية والعالمية وكانت من منظمي كثير من المناظرات العلمية. وقد سعت كثيرا لايجاد علاقة الصداقة والتعاون مع المختصين من مختلف البلدان. وتعتبر أ. ب. جوزى من كبار علماء المستحاثات الميكروبية، ولها تقدير علمي واحترام من قبل زملائها الاجانب، وهي حسب رأيهم قد قدمت الكثير في علم الدياتوم، وأعطت سمعة عالمية لهذا الاختصاص في الاتحاد السوفياتي، وللتقدم العلمي للاتحاد السوفياتي. وتمتلك أ. ب. جوزى قدرة على جذب الناس اليها، وتوحيد آرائهم، وخلق جو من الصداقة والتفهم حولها. وقد بذلت جهدا، ولم تبخل بمعرفة أو علم الا نقلته لارشاد وتوجيه الاختصاصيين المبتدئين، وكثير من الاخصائيين في علم المستحاثات الميكروبية يشعرون بفخر واعتزاز لانهم من طلاب أ. ب. جوزى . ولكل من عمل او التقى بها فقد كانت نموذجا للانسان واسعة الاطلاع والمعرفة والاهتمام، ذات مستوى ثقافي عال، متوضعة قادرة، ومثقفة ثقافة حقيقية .


    المصادر والمراجع

     

    مراجع في الكتب

    1-     أعلام فلسطين - محمد عمر حمادة - دار قتيبة 1988 - الجزء الثاني (ص 29 - 31).

    2-     من أعلام الفكر والأدب في فلسطين - يعقوب العودات - عمان 1976 (ص 90) .

    3-     مصادر الدراسة الادبية - يوسف اسعد داغر ص 279 .

    4-     أعلام من أرض السلام - عرفان ابو احمد - حيفا 1979 ص 109 .

    5-     الموسوعة الفلسطينية الجزء الاول ص 425.

    6-     الاعلام - خير الدين الزركلي (بيروت 1980).

    7-     معجم المطبوعات العربية .

    8-     محاضرات في الاتجاهات الادبية الحديثة في فلسطين - ص (32) الدكتور ناصر الدين الاسد - معهد الدراسات العربية العاليمية 1957 .

    9-     الكتاب العربي الفلسطيني .

    10-   بلادنا فلسطين .

    11-   رجال من فلسطين .

    12-   البيبلوغرافيا الفلسطينية.

    13-   دراسات في اللغة والتاريخ والاقتصاد عند العرب ، جمع ناجي علوش وجلال السيد - بيروت 1977 .

    14-   فلسطين الثورة يوم 11/2/1984 العنوان (المؤرخ الفلسطيني بندلي الجوزي) وهو من قلم نصري صليبا الجوزي، وقد أعيد نشره في جريدة الاتحاد يوم 2/3/1984.

    15-   عادل مناع، أعلام فلسطين في اواخر العهد العثماني 1918، جمعية الدراسات العربية، القدس 1986، ص 84، 85 .

    16-   بندلي الجوزي وكتابه "من تاريخ الحركات في الاسلام" من قلم الدكتور شوقي ابو خليل.

    17-   مجلة صوت العرب عدد آب ايلول 1990 العددان 8،9، ص 48.

    18-   بندلي الجوزي /كاتب من فلسطين ، جلال السيد، دار المبتدأ . بيروت .

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me