An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, April 4, 2010
  • هل إلى خروج من سبيل؟
  • Published at: قدمت في المؤتمر الذي عقده في رام الله يوم السبت3/4/2010 مركز دراسات المسقبل الفلسطيني)(ورقة حول أزمة الانتخابات الفلسطينية
  • هل إلى خروج من سبيل؟

    أ.د. يحيى جبر

            كم يشعر الناس بحريتهم عندما يكون لديهم بعض المال في جيوبهم، ويكون الوصول إلى السلع سهلا ميسورا؟ يظل ذلك سؤالاً في موضع النقاش بلا نهاية. وفي المقابل، فإن نوع الحريات وانعدام الحريات التي تقيسها فريدوم هاوس (الانتخابات متعددة الأحزاب، الاستحقاقات وما شابه) تظل نسبياً غير ملموسة وليس من السهل تقدير أثرها على الشعور بالحرية. ربما يكون ذلك وحده حجة جيدة للحصول على مؤشر يهدف إلى تقدير الحريات الرسمية – حق التصويت، التعبير، التجمع وهكذا. لكن ذلك لا يتضمن أن العوامل الأخرى، مثل الازدهار، ليس لها وزن أو تأثير على كم يشعر الناس بأنهم أحرار(1).

                فللشعور بالحرية عوامل مختلفة، يمثل عاملا حيازة المال وممارسة الحقوق المدنية أبرزها، ومن هنا نلاحظ أن ما يطرحه الكيان الصهيوني من حل للقضية الفلسطينية على أساس اقتصادي يُترجَم رخاء وبُحبوحة في حياة الفلسطينيين إنما ياتي منسجما مع العامل الأول. ولو نظرنا إلى الشق الآخر من المعادلة؛ ممارسة الحقوق المدنية، لوجدنا أن الشعب الفلسطيني محروم منه، ناهيك عن المعاناة الشديدة التي تطاله جراء الاحتلال ابتداء من أواخر العهد العثماني، بعبارة أخرى، فقد تحول العاملان إلى جزرة معروضة وعصا مفروضة، لأن الحقوق المدنية التي يمارسها الشعب الفلسطيني منقوصة إلى حد كبير، لأن الشعب مقيد مستعمر على كل صعيد، ومن كان هذا شأنه فهو محروم الحقوق، ناقص السيادة. وأما ما يقدم له من مال من هنا وهناك فهو مشروط، ولا ينفق في إنجاز المشروع الحضاري للشعب الفلسطيني؛ الذي من شأنه أن يضعه في مصاف الشعوب الأخرى.

            ومن هنا يحق لنا أن نتساءل: هل شعوب الأرض على قدر واحد من الحرية والحقوق؟ بموجب أنظمة الأمم المتحدة ولوائحها، نعم، كل الشعوب سواء، لكن الممارسة العملية ولسان حال المعطيات الدولية يشيران إلى عكس ذلك، لأن هناك أمما تتحكم في غيرها، وتستبد بمقدراتها، وتصادر حريتها، على النحو الذي نجد  عليه حال الفلسطينيين مع المحتل الصهيوني.

            وفي أعقاب مؤتمر مدريد، تشكلت السلطة الوطنية الفلسطينية في ظل تعدد الآراء وانقسامها بين مؤيد لتشكيلها ومعارض، ثم كانت اتفاقية أوسلو بما تضمنته من تراجع في الموقف من الثوابت، وفي عام 1996 جرت انتخابات تشريعية؛ في ظل مقاطعة تامة من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وأسفرت تلك الانتخابات عن تسلم حركة فتح زمام الأمور كاملة في الضفة والقطاع، فصبغتهما بما يناسبها من الألوان التي جاءت متوافقة مع الإرادة العربية ممثلة في دول مصر والأردن والسعودية، ومع الإرادة الدولية الراعية.

            وفي هذه الأثناء نشطت حركة المقاومة في غزة، وتمكنت السلطة من إبرام اتفاقية جلاء مع المحتل الصهيوني، حتى إذا كان عام 2006 جرت الانتخابات التشريعة في اجواء مختلفة، وشاركت فيها حركة حماس، وتمكنت من حصد حوالي 70% من أصوات الناخبين واحتدم الصراع بين حركتي فتح وحماس على أشده، وتبادلتا الاتهامات، حتى إذا ادركت حماس أنها تستطيع أن تقلب المعادلة بالسيطرة على القطاع بادرت إلى ذلك، ونجحت فيه، معطية بذلك الفرصة لحركة فتح كي تبسط يدها على الضفة تحسبا من قيام حماس بمثل ما قامت به في غزة، وانتهت المدة القانونية لكل من رئيس السلطة والمجلس التشريعي، وأصيب المجتمع الفلسطيني بنوع من الشلل السياسي، وراح المحتل يستغل الظروف، ويتمادى في تطبيق مخططاته، وراح العرب والمجتمع الدولي يتهربون من مسؤوليتهم تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة؛ بحجة الانقسام الذي أذهب ريح الفلسطينيين، بالرغم من كل محاولات المصالحة التي جرت في مصر والسعودية واليمن، ناهيك عن جهود بعض الناشطين من الفلسطينيين أنفسهم.

            باختصار؛ هذا مجمل ما جرى، فما الحل وكلا الطرفين متمسك برأيه، والشعب هنا وهناك رهن إرادة حركتي فتح وحماس، وقد صار لكل منهما سلطة مستقلة لها أجهزتها ونظامها وأولوياتها؟ فهل يسكت الشعب الفلسطيني عن هذا الواقع المرير؟ وماذا يمكنه أن يفعل في ظل الأوضاع الراهنة؟ وما السبيل إلى الخروج من هذا المأزق؟ 

            لا بد للشعب الفلسطيني إن هو أراد أن يخرج من هذا المأزق أن يحدد أهدافه بداية، فهذه التكتلات السياسية المتنافسة إنما تولدت على هامش قضيته المزمنة، ومع مرور الزمن صارت هي الأصل وتحولت القضية إلى هامش، وصارت مصالح الفئات المتنافسة مقدَّمة على المصلحة العامة، ولما كان اللاعبون الأساسيون على الساحة الفلسطينية إلى جانب تينك الحركتين هم إسرائيل والأردن ومصر فلا بد من أن يتصرف الشعب الفلسطيني بعيدا من مؤثراتها ما كان مباشرا منها وما كان غير ذلك، ثم أن يتحرك الشعب لتحقيق قدر من الاستقلالية في اتخاذ القرار الذي بات متنازعا عليه بين القوى الخارجية.

             لكن أإلى ذلك من سبيل؟ من يستطيع أن يلجم إسرائيل ويحول بينها وبين التدخل في الشأن الفلسطيني وهي أساس البلاء والمتربص بمقدرات هذا الشعب كيلا تقوم له قائمة؟ وما دام الأمر كذلك فلا بد من أن تكون مقاومة إسرائيل هي المهمة الأولى على أجندة الشعب الفلسطيني، وتحقيق أكبر قدر من الاستقلالية، لأن الاستقلال أول خطوات التحرر والديموقراطية، إذ لا يمكن الشعب أن ينجز شيئا من الإصلاح دون استقلال.

            ومن يضمن ألا تتدخل الدول العربية والإسلامية في الصراع الدائر بين طرفي السلطة في الضفة والقطاع، ولا سيما الأردن ومصر اللصيقين بفلسطين؛ يتأثران بكل ما يجري فيها، مع أنهما المسؤولان عن جل ما جرى للشعب الفلسطيني ابتداء من عام 1948م.

    يبدو أن الانقسام الراهن بين الضفة والقطاع على الصعيد الجغرافي واقعا، وعلى الصعيد السياسي جبرا، لا سبيل إلى الفكاك منه، وقدر الشعب أن يتعامل معه، ولذلك كان لا بد من الإصلاح.

     

    وقبل الشروع بالإصلاح لا بد من مقدمات ينبغي توفرها لضمان العملية الإصلاحيه، وكي تكون الرؤية واضحة لدى أولئك الذين يخططون له والذين سيحملون أعباءه . وهذه المقدمات هي:

     

     

    (1)  دحر الاحتلال وتحقيق الاستقلال!:

          ولا نعني بذلك تحرير الأرض بالضرورة لأن الأمر فلسطينيا، وفي ظل الظروف السائدة، ضرب من الخيال، بالرغم من أن التحرير هو الهدف الرئيس، وإنما نعني إخراج العدو من دائرة التدخل السياسي وعزله بحيث لا يكون قادرا على التأثير في قرارات الشعب الفلسطيني، فالشعب الذي لا يملك حريته وسيادته، كالشعب الفلسطيني، لا يمكنه أن ينجز مشروع الإصلاح بحال من الأحوال، لأنه يمثل كلاً متكاملاً غير قابل للتجزئة، وشأن المجتمعات التي صودرت حريتها شأن من يتواجد على رمال متحركة، لا يمكنه أن يخطط أو يعالج؛ صحيح ما ذهب إليه (هوبز)بخصوص السلطة من الناحية النظريةإلا أنه \" ثبت استحالة تجزئة السلطة، وتجزئة ممارسة السيادة\"(2).

     

            ولعل في السنوات التي أعقبت اتفاقية أوسلو من الشواهد والأحداث ما يؤكد ذلك، فكم مرة حالت قوات المحتل دون تمكين السلطة من إنجاز هذا المشروع أو ذاك، وكم مرة دمرت ما بنته السلطة، وكم رصيفاً مُهِّد للمارة فسوّته دبابات المحتل بالأرض.

     

            ولو نظرنا إلى الواقع الذي يحياه الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع تحديداً لوجدنا أن القرار الوطني، على جل الصعد، يرتبط بإرادة المحتل؛ سواء أكان بشكل مباشر؛ أم غير مباشر؛ نظراً لتحكم المحتل بالحدود والمعابر وكثير من المسائل الأمنية، ناهيك عن تحويله الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد تابع يدور في فلك اقتصاده؛ على نحو ما يضطر الفلسطينيين إليه \" كتلك الاتفاقيات المجحفة التي تفرضها دولة كبرى على شعب صغير.(3)

     

            يضاف إلى ما تقدم سطوة المحتل على الدول العربية، مما أفقد الشعب الفلسطيني ظهيره التقليدي، فقد أسلمت الأنظمة العربية الشعب الفلسطيني ومقدراته إلى المحتل الباغي، وذلك مقابل بعض المصالح الاقتصادية (والأمنية المحدودة) التي يوفرها لتلك الأنظمة \" التي أصبح شأنها شأن المثقف العربي\"ينبغي عليه أن يراعي في خطابه الديموقراطي عدم التناقض مع موقف الغرب ورؤيته لجملة من القضايا مثل إسر ائيل، الصهيونية، التيارات الإسلامية، القومية العربية، الإرث الثقافي، الغزو، الاحتلال، المقاومة والإرهاب\"(4)\"

     

            ومن مظاهر الاستلاب التي يعاني منها الشعب الفلسطيني عدم سيطرته على الطرق ووسائل الاتصال والمواصلات، بينما يسيطر المحتل على سير الحياة اليومية في الضفة والقطاع، ولعل الأمَرّ من ذلك كله هو اختراق المحتل صفوف الفلسطينين بطوابير متعددة الألوان والنشاطات، تعمل دائبة على تعرية الشعب، وإجهاض مخططاته، حتى بات محاصراً بشكل رهيب، محلياً وخارجياً، وكأن الشعب الفلسطيني لن يكون قادراً على ترتيب بيته وفقاً لما يراه، ولا على تنظيف مجتمعه ممن ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا صنائع للمحتل، الذين ربطوا مصيرهم بمصيره، حتى أودعوا أموالهم في مصارفه دون المصارف المحلية.

     

    (2) القيمة العليا :

         ونقصد بها الغاية النبيلة العليا التي يسعى المجتمع لتحقيقها، فقد كانت الوحدة العربية هي القيمة العليا التي سعى القوميون لتحقيقها من ناصريين وبعثيين وسواهم، والشيوعية هي القيمة العليا التي سعت الثورة البلشفية لتحقيقها، وكثير من الشعوب التي نشطت فيها حركات التحرير كانت قيمتها العليا تحرير أوطانها من المحتلين، ولعل هذه ايضاً كانت الغاية المعلنة لمنظمة التحرير الفلسطينية، غير أن انتكاسات عدة، ذاتية وإقليمية ودولية، انحرفت بالمنظمة عن مسارها وحالت دون إنجاز مشروعها التحريري .

     

            إن تحديد القيمة العليا للمجتمع ضروري لسلامة مسيرته، \"وعليه فإذا أرادت دولة من دولنا أن تختار لنفسها نظاما تراه معبرا عن هويتها ومناسبا لعصرها، فيجب أن تبدأ بتقرير المبادئ والقيم التي تريد الدولة أن تلتزم بها، ثم تبحث بعد ذلك عن المؤسسات المناسبة لعصرها وظروفها؛ التي يمكن أن تحمل تلك القيم وتعبر عنها\"(5).

            ومع ذلك، إلا أننا لم ننجح حتى الآن في تحديد غاياتنا، ولا القيمة العليا التي يجب أن يستمر عمل شعبنا من أجل تحقيقها. وما من شك في أن المواطن الفلسطيني يريد وطناً، ولكن قراءة سريعة في معطيات الفترة السابقة توضح لنا أن التوجه المتاح بوجه عام ينصرف لإقامة سوق، وليس وطناً، مما يعني أن علينا قبل الخوض في مزيد من الموضوعات على هذا الطريق أن نحدد ماذا نريد ...وطناً أم سوقاً، ذلك أن لكل منهما منهجاً خاصاً في الإصلاح.

     

    3: توعية الجماهير:

             إن الظلم الذي يلحق بالناس كثيرا ما يكون من صنع أنفسهم، وإن الناس الذين يختارون القيادات، ويصنعون الزعامات عليهم أن يتحملوا نتائج اختياراتهم وانتخاباتهم، لأنه كان بإمكانهم أن يختاروا غيرها، أو على الأقل أن يثوروا عليها حالما يكتشفون فسادها أو عجزها عن إنجاز ما وعدت به عندما راحت تعرض نفسها على الجماهير كي تختارها.

     

            إن الجماهير، التي لا تتابع شؤونها وتوكل عنها من يسيِّر أمورها دون أن تحاسبه، تستحق أن تسام الخسف؛ لأنها رضيت أن تسلم القياد له، فالله عز وجل لم يخلق سادة وعبيدا، بل خلق الناس سواسية؛ كما قال محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ كأسنان المشط، وخلقهم أحرارا بمجرد أن تلدهم أمهاتهم، فيما ينسب لعمر بن الخطاب؛ ولكن بعض الناس يبيعون حريتهم لقاء متعة رخيصة، أو يستخذون لغيرهم فيتخذون منهم عبيدا، يحركونهم في أي اتجاه يريدون، تماما مثلما هي حال كثير من الأنظمة في ما يعرف بالعالم الثالث، والتي تبينت الشعوب أنها، في أحسن الأحوال، لا تمارس أكثر من دور الوسيط  بين الشعوب التي تحكمها وبين أعدائها. واليوم وقد تنبهت الشعوب لهذا الواقع الأليم؛ إلا أن يقظتها جاءت متأخرة؛ ذلك أن الآخر أنجز مهمته بنجاح، وتمكن من إحكام سيطرته على مقدرات الأمة، مما يجعل مقاومته مكلفة جدا. فكان منطوق المعادلة: لهوتم طويلا وتمتعتم كثيرا، والآن حان وقت دفع ثمن الغفلة(6).

          ونسوق في ما يأتي جملة من المقترحات نامل أن يكون في بعضها مخرج للشعب الفلسطيني مما يعانيه من آثار الاحتلال والفرقة والانقسام.

    انتخابات برقابة خارجية( عربية، إسلامية، دولية)

            من المخارج الممكنة أن تجري انتخابات برقابة خارجية لكل من منصب رئيس السلطة الوطنية، والمجلس التشريعي، وهذا، وإن كان ممكنا نظريا، إلا أنه لن يكون مقبولا من الطرفين كليهما أو أحدهما، والتهمة لها (للانتخابات) جاهزة، وهي عدم المصداقية، والانحياز. ناهيك عن العقبات التي قد يفرضها المحتل للحؤول دون ذلك، لأن الوضع الراهن منسجم مع أهدافه ومصالحه، بل هو في مقدمة أهدافه، لأنه لا يريد تواصلا جغرافيا بين الأراضي الفلسطينية، ولا علاقة بين ما يربط المشرق العربي بمغربه، ولعل زرع الدول الغربية لهذا الكيان في فلسطين إنما كان للفصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه. يضاف إلى ذلك أن الوضع المشلول يغيّب الفلسطينيين عن الساحة كأصحاب حق، وكقوة فاعلة.(انظر مقالتنا \" الطريق الآمن والمخاوف الجديدة القديمة\" جريدة القدس القدس 19/8/1996).

    المؤتمرات الشعبية:

            مارست بعض الدول فكرة المؤتمرات الشعبية بأشكال مختلفة، كليبيا وبعض الدول الاشتراكية، وتتمثل هذه الفكرة في أن يقوم كل تجمع بشري ( واحد لكل 4000_ 5000 نسمة) باختيار شخص من الكفاءات ( رجلا أو امرأة) لتمثيله في مؤتمر الشعب العام، وغالبا ما يتم ذلك بالتصعيد؛ بأن تتولى القوى الحية في ذلك التجمع تسمية اثنين او ثلاثة لاختيار واحد منهم، استنادا إلى خبرتهم بالكفاءات وتوجهاتها ولا سيما من حيث انتماؤها وسلامة طويتها، ونقاء عنصرها، وربما جرى ذلك عبر صناديق الانتخابات التي يفترض أن تُجرى على صعيد الدولة. وهكذا يتألف مؤتمر الشعب العام من ممثلي التجمعات البشرية المختلفة عبر اختيار حر مباشر. ومن الدول من يصعّد للمؤتمر العام رؤساء الاتحادات والنقابات المهنية والطلابية ونحوها باعتبارها تمثل قطاعات فنية، ولكن الأعم الأغلب أن تكون هذا الاتحادات والنقابات مسيّسة تتبع في توجهاتها السلطة المتنفذة في هذه الناحية أو تلك.

            وهكذا، يمكننا أن نبادر إلى اختيار كفاءات بواقع واحد لكل تجمع سكاني يعد ما بين 4000 – 5000 نسمة، وهنا قد يُشترط في المترشحين لهذا المنصب أن يكونوا بمواصفات معينة من الناحيتين العلمية والخُلُقية بما فيها الاتصاف بالروحية الوطنية.

    الحراك الشعبي:

    ونقصد بذلك أن تتمرد الجماهير الفلسطينية هنا وهناك على هذا الواقع، بحيث يتمخض التمرد المدني عن قيادة شعبية تفرض وجودها على كلا الطرفين اللذين يتنازعان السلطة في الضفة والقطاع. ولكن هذا الحراك يحتاج إلى دعم الأجهزة الأمنية، وهذا موضع شك، لأن هذه الأجهزة متناغمة مع كلا الفريقين، فهم هنا متلاحمون مع حركة فتح، وكذلك هم هناك مع حماس.

    حكومة تكنوقراط تمهيدية محايدة:

    وذلك بأن تيتنازل الطرفان، فتح وحماس، عن السيطرة على مقدّرات الأمور في الضفة والقطاع لحكومة تكنوقراط محايدة تدير الشؤون العامة لفترة محدودة، وتمهد لانتخابات حرة تجري بإشراف الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة، ورقابة مباشرة من فتح وحماس، بشرط أن يتم تحييد الأجهزة الأمنية في كل من الضفة والقطاع، ومنع الدول العربية والأجنبية من التدخل، مع السماح لأجهزة الإعلام، أيا كانت، بالتدخل لمصلحة هذا المرشح أو ذاك، لكن بحيث لا يُستعرَضون ككتلة واحدة، وهذا يقتضي اعتماد القائمة المفتوحة، كما حدث في العراق مؤخرا، أو _ وهو الأفضل _ أن يتم الترشُّح بشكل فردي، وأن يكون الوطن كله دائرة انتخابية واحدة.

    مؤتمر الشعب العام العالمي:

          لما كانت قضية الشعب الفلسطيني متشعبة وممتدة في الزمان والمكان، وكان الشعب مشتتا في أصقاع الأرض، وكان يطمع في أن يكون له كيان مستقل، يجتمع شمله فيه مجددا، فقد كان لا بد من صياغة رأي عام عالمي فلسطيني يجتمع عليه الفلسطينيون في كل مكان؛ في الداخل وفي دول الشتات والتشظي، وقد عملنا أول ما تشكلت حركة اللجان الثورية على تشكيل هذا المؤتمر \"العام العالمي\"، وبادرنا إلى تشكيل وحدات شبابية للاتصال بالفلسطينيين في أمريكا اللاتينية وغيرها، ولكن ظروفا سياسية قاهرة حالت دون ذلك.

             والهدف من رواء ذلك نجميع القوى الفلسطينية في إطار واحد على غرار الوكالة اليهودية في تعاطيها مع يهود العالم، أملا في خلق حركة فلسطينية عالمية تزعج أهل الأرض بضجيجها حتى يفيقوا من غفلتهم، ويتحركوا لإنقاذ هذا الشعب المظلوم جراء فعلتهم حين أعطوا الكيان الصهيوني شهادة ميلاد على أرضه، ولم يكفُلوا له ما اشترطوه على هذا الكيان من حق العودة وتقرير المصير.

            وما تزال هذه الفكرة صالحة للتطبيق حتى اليوم؛ ذلك لأنها تترجم نمطا كفاحيا مميزا، تجتمع فيه قوى الشعب، ويجد كل من أبنائه فرصة للتعبير عن ذاته بحرية تامة.

            إن في هذه الفكرة، في حال تنفيذها، ما يقدم حلا جذريا للقضية الفلسطينية، وحلا للأزمة الراهنة، ذلك أن هذه الأزمة ليست بين فتح وحماس وإنما هي بين فريقين عالميين لم يعودا خافيين على أحد، وليست بين الفلسطينين داخل الوطن وحسب، وإنما هي ممتدة في كل مكان يعيش فيه الفلسطينيون.

    الفدرالية:

            من الحلول المقترحة تحويل الدولة الفلسطينية إلى فدرالية، فتظل غزة والضفة مستقلتين بإدارتيهما؛ بغض النظر عن من تفرزه الانتخابات لاحقا، على أن يجمعهما كيان سياسي واحد، له حكومة تختص بالشأن الخارجي ونحوه مما يدخل في إطار صلاحيات هذا الكيان، وهذا الاقتراح قد يحتاج إلى دراسة مستقلة.

            وبعد؛ فهذه جملة من الآراء التي يمكن أن تطبق كلها أو بعضها، متزامنة أو متتابعة، نرى أن من شأنها تقديم حل للمعضلة الداخلية الفلسطينية، وإن كنت أعتقد أن الانشطار الراهن هو مطلب لجل القوى الخارجية المهيمنة على الساحة الفلسطينية، ولعل بعض المتنفذين الفلسطينيين يجدون فيه مخرجا يخدم توجهاتهم ومصالحهم، شخصية كانت أو حزبية. وتستمر بذلك معاناة الفلسطينيين، ويستفحل العدو، ويستبد بجسد الأمة الوهن.

    المصادر والهوامش:

    1.     الإيكونوميست (تقرير خاص) بتصرف

    http://209.85.129.132/search?q=cache:z0tdftrLnIYJ:www.alghad.com/index.php/rss/King

    2.  أزمة السلطة وأزمة القانون – سلسلة كتاب الشعب 2، منشورات الائتلاف الشعبي الديموقراطي – حركة اللجان الثورية الفلسطينية، قلقيلية 2004 ص18.

    1. أزمة السلطة وأزمة القانون – سلسلة كتاب الشعب 2، منشورات الائتلاف الشعبي الديموقراطي – حركة اللجان الثورية الفلسطينية، قلقيلية 2004 ص19.

    4.  السنوسي، صالح. محنة المثقف العربي وهاجس الديموقراطية –جريدة البيان الإماراتية12/4/2005م ( الموقع الإلكتروني للجريدة) ص9.

    1. إدريس، جعفر الشيخ، الديموقراطية اسم لا حقيقة، البيان العدد 196 ذو الحجة 1424هـ ص5.
    2. جبر، يحيى، التجربة الديموقراطية في فلسطين. مدونة جامعة النجاح الوطنية:

    http://blogs.najah.edu/admin/post/edit/id/290

     وانظر في الموقع نفسه أيضا للباحث ولزميله جمال ابو مرق: الخطاب السياسي الفلسطيني والمؤثرات الخارجية؛ شهادة على العصر؛ وهو بحث أعد قبل 3 سنوات للمشاركة في مؤتمر كانت جامعة الخليل أعلنت عنه.

     

     

     

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • عقيل ابو حسن said...
  • احسنت يا شب
  • Sunday, July 4, 2010
  • عقيل ابو حسن said...
  • احسنت يا شب
  • Sunday, July 4, 2010
  • عقيل ابو حسن said...
  • احسنت يا شب
  • Sunday, July 4, 2010
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me