An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, September 19, 2010
  • الأغنية العربية مرة أخرى
  • Published at:الشعب. 23/4/1985
  • د. يحيى عبد الرؤوف جبر

            كثر في الآونة الأخيرة استخدام عبارات مثل الأدب الشعبي، والأغنية الشعبية والتراث الشعبي، وكلنا نعرف أن مقصودهم بالأدب الشعبي، ذلك الأدب الذي يعبر عن وجدان الشعب مما كتب أو صيغ بالدارجة، فهو إذًا من قبيل الأدب الرسمي أو أدب الفصحى، ونده.

            كما نعرف أن مقصودهم بالتراث الشعبي، تلك التركة من القصص والروايات والأساطير والخرافات التي تتناقلها الناس جيلا بعد جيل، سواء أكانت مدونة أم سماعية، وهي في الغالب مما يدور على ألسنة العامة، وتروج سوقه في التجمعات البشرية البسيطة ... وربما ازدهر فيما يسمى بالمجتمعات الراقية، ولكن بطريقة مختلفة، فهو إذًا نظير التراث الرسمي المدون وقبيله الذي يقف إزاءه ويوازيه

            وإن لنا نحن العرب أدبا رسميا فصيحا ... وتراثا رسميا فصيحا مدونا، لكن بالله عليكم، هل لنا أغنية رسمية؟ ولئن ارتبط الأدب والتراث الرسميين بالفصاحة، فهل الأغنية العربية ـ غير الشعبية ـ أغنية فصيحة؟ أم أنها أبعد ما تكون عن الفصاحة؟

            ونتساءل هنا عن المقصود بالأغنية الشعبية، أليست هي تلك الأهازيج والألحان التي تنبع من صميم المجتمع، في مناسباته المختلفة، سواء منها ما يتعلق بالحصاد أو الحداد أو الختان أو الأعراس أو غير ذلك؟ أليست هي التي تعبر عن مكنون الشعب العربي في كل بقعة من بقاع أرضه؟ سواء كانت ملحنة بآلة كالعود أو الربابة أو المزمار أو نحوها، أم كانت مسجوعة مقفاة ينغمها \"ابن الشعب\" بصوته بطريقة معبرة عن مشاعره النفسية؟

            فإذا كان الأمر كذلك، فما هذه التي يسمونها أغنية \"غير شعبية\"، التي لا تنتسب إلى الشعب في شيء، لا في معانيها ولا في ألحانها ولا في مردديها.

            الأدب الشعبي ... والأدب الرسمي، التراث الشعبي ... والتراث الرسمي من نتاج الشعب ومن صياغته، ومثلها في ذلك الأغنية الشعبية، لكن ما رأيكم في الأغنية الأخرى... غير الفصيحة، وغير الرسمية، التي طلع بها \"المغنون\" علينا في آخر الزمن؟!والتي لا تعبر حتى عن مشاعرهم ولا عن مشاعرهن، وإن رأيتموهم يتطوحون ويتمايلون في \"ملابس السهرة\" الموشاة.

            كان الشاعر القديم، وبعض المحدثين، والشعراء \"الشعبيون\"، يقولون الشعر استجابة لدافع نفسي يحرك مشاعرهم فتحرك هي ألسنتهم. وكذلك المترنم الشعبي، قديما وحديثا، لا يتحرك لسانه بهمهمة ولا بلحن يحمله آهاته وزفراته، أو مسراته وأفراحه إلا إذا كانت نفسه جياشة بالمشاعر التي تقتضي الغناء والهمهمة.

            أما الأغنية الحديثة، فاسمحوا لي إن قلت لكم: إنها نوع من التجارة، وبضاعة سيئة الصنع، مزيفة مغشوشة، نَغُش بها ونُغَش.

            ويكفي مبررا لرفضها أنها لا توصف بأنها \"شعبية\" وما هي برسمية ولا فصيحة، فماذا هي إذا؟ ولماذا تستمر في اغتصاب حصة الأغنية الشعبية من الإذاعة والتلفزيون ومن أشرطة التسجيل .. ومن أسماعنا ..ولئن كان المرء قادرا على أن يغمض عينيه للحظة، فما هو بقادر على أن يضع أصابعه في أذنيه حيثما كان.

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me