An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, March 8, 2009
  • انتقال المشهد من بيروت وغزة إلى تل أبيب وواشنطن
  • Published at:Not Found
  • انتقال المشهد من بيروت وغزة إلى تل أبيب وواشنطن

    (نشر عام 2006)

     

     

     

     

     

    أ.د. يحيى جبر

     

     

          أشعلت الولايات المتحدة النيران في كل مكان من العالم، ولعبت بالنار بشكل خاص في "شرق المتوسط" على رأي عبد الرحمن منيف؛ "الشرق الأوسط" على رأي الدوائر الإمبريالية الغربية، و"البلاد العربية والإسلامية" على الحقيقة. وهنا نتذكر الأغنية الشعبية المصرية: لا تلعب بالنار؛ تحرق أصابيعك، والمثل العربي ( يداك أوكتا وفوك نفخ ) الذي يقال لمن احترق بفعل يده، ولعل أمريكا لم تبال بعواقب ما أقدمت عليه، فمضت إدارتها غير مُعَقِّبة على شيء، وكنا من قبل نعلِّم النشءَ الحكمة بقولنا: أوقد من النار ما تستطيع أن تسيطر عليه، وتسخِّره لخدمة الإنسان( كان هذا موضوع محاضرة ألقيتها في مثابة اللجنة الثورية بسرت، ليبيا عام 1979م).

     

          ويبدو أن الولايات المتحدة قد سُخِّرت إلهيًا لتهيئة أوضاع العالم لاستقبال دولة العدل الإلهي، والتوطئة لها، فرفعت شعار الديموقراطية وأنفقت الأموال لبثّها في مناطق مختلفة؛ مع أنها بحد ذاتها بعيدة من الديموقراطية؛ نظرا لأن الإنسان فيها غير مكرّم؛ خلافا لما فطر الله – عز وجل – الناس عليه، وهو فاقد لكثير من القيم الإنسانية؛ نظرا لتغلّب الطابع المادي على المعنوي والقيمي في حياته، فهو يقاس بما يملكه من مال وحسب، وفي يقيني أن أمرسون، عندما دعا لاستقلال أمريكا عن أوروبة، ما كان يريد لها أن تسير على النهج الذي سيّرها عليه المحافظون الجدد، مهووسين بفكر مهوّش، وبقوة طاغية.

     

          أمريكا، وبتخطيط صهيوني وتأييد بريطاني، تريد أن تصنع ولايات متحدة شرق المتوسط، مما توقعناه في مقالاتنا أواسط الثمانينات من القرن الماضي، وذلك خدمة لإسرائيل: إذ تُقصقص أظفار ضحاياها فلا يتمكنوا من استعادة حقوقهم!! وهي تريد الآن أن تنشر صواريخ مضادة للصواريخ خدمة لإسرائيل وحماية لها، وقد يكون مناسبا أن ننصحها بأن ذلك لن يؤدي إلى ما تريده هي، ولا إلى ما تريده إسرائيل، لأن القادم ليس له سلاح مضاد، إن الوضع الراهن ليذكّرني بما كانت عليه حال بني أمية في أواخر عهدهم، حين تعمقت المشاعر الثورية ضدهم في المشرق الإسلامي، وتصاعدت الدعوة العباسية على أكتاف العلوية، فراح عاملهم على خراسان(نصر بن سيّار) يبعث الرسالة تلو الرسالة محذّرا من النار التي كانت تستعر تحت الرماد؛ وتنذر بالثورة، دون أن يستجيبوا له، فكان أن قُطع دابرهم في المشرق.

     

        ولعل أمريكا وإسرائيل، بما أوقدتاه من نيران في المنطقة، باتتا تشعران بالحقيقة المرة، ( أجاك يا بلّوط مين يعرفك ) ولذلك فهما تهربان إلى الأمام غير عابئتين بما تُكِنُّه الشعوب لهما من أحقاد، وتستعينان، كالغريق، بقشة العملاء على مستوى الأنظمة والأفراد والجماعات، دون أن تعلما أن أقصر طرق النجاة هو الاعتراف بحقوق الآخرين، وبأن الله، عز وجل، خلق الناس سواسية كأسنان الحمار، وربما كانتا تعلمان؛ ولكنهما تنطلقان من عقلية استعلائية من شأنها أن تقود العالم إلى الدمار، تماما؛ كمن يسعى لحتفه بظلفه.

     

    رسالة إلى اليهود:

     

        لو راجعتم تاريخكم القريب والبعيد لوجدتم أن بينكم خلافات لا تقل عما تحاولون أن تستغلوه لزرع أسباب الفرقة والشقاق بين المسلمين، ومنكم فرقة كبيرة حسمت أمرها وانحازت إلى معسكر طلاب العدالة والعيش المشترك، في كيان إقليمي أو عالمي تسوده روح المساواة والتعاون والتراحم وغير ذلك من القيم الإنسانية التي تتشدق بها حكوماتكم المتعاقبة في الوقت الذي تتصرف فيه بشكل مغاير تماما.

     

        وأذكر في هذا المقام تلك الرسالة التي وجهها أبراهام بورغ إلى الشعب الفلسطيني قبل حوالي أربعة أعوام، التي دعا فيها إلى التعايش في ظل ما لوّح به في ختام مقالته من تهديد يتمثّل في أن الفلسطينيين أشبه بفراشة في يد عملاق "شارون" آنذاك، يمكنه أن يطحنها في الوقت الذي يشاء. وقد رددت عليه في حينه، غير أني لم أتأكد من أن ردي قد نشر.

     

        ومما ذكرته في الرد على ما أنذر به على جهة النصح؛ أن إسرائيل بكاملها في يد عملاق أضخم، وأقوى، كان نائما، بل مخدرا منذ قرون، وبدأ يتململ فاركا عينيه، ومن شأنه إن هب أن يبتلع إسرائيل وإن استنجدت بأمريكا، ووجدت في أصحاب المصالح من حكام وأصحاب نفوذ ما يمد في أجلها؛ مما يُملي على الجميع أن يفكر بطريقة تفضي إلى تحقيق العدالة في المنطقة والعالم، هذه المنطقة التي تمثل قلب العالم، ليس من حيث الموقع وحسب، ولكن من حيث الأهمية أيضا؛ ففيها يتقرر مصير العالم بأسره( راجع مقالتنا: عندما تكون فلسطين قاعة امتحان).

     

        لقد كان التعايش بين العرب واليهود ممكنا على النحو الذي كان سائدا قبل عام 1948، غير أن الأحداث من بعد كشفت الحقيقة الاستكبارية للحركة الصهيونية التي تتحكم في مصير سكان هذا الكيان، وهي تتمادى في بغيها وتعنتها على نحو لا يمكن التعامل معه دون الاستعانة بعوامل مساعدة؛ ليس بالضرورة كما كان في أكتوبر تشرين سنة 1973، ولكن به وبغيره، مما تستعد له هي وحلفاؤها من أمريكان وعرب، لو كانوا يعلمون أن ما تحمل به الأشهر القادمة لن يكون كما يريدون. وهنا لا بد من النصيحة، مذكّرا بقول أحمد شوقي:

     

    ما ضر لو جعلوا العلاقة في غد         بين الشعوب مودّة وإخاء؟

     

    لماذا تصر الحكومتان الأمريكية والإسرائيلية على التصعيد، والإمعان في إذلال شعوب المنطقة، وتحدي إرادتها؛ في الوقت الذي بدت فيه مظاهر انهزامهما المحتومة تتجلى في غير مكان؟.

     

          إن الوضع في المنطقة مقبل على تغيرات جذرية من شأنها أن تعيد الوعي للشارع الإسرائيلي،وما جرى في الصيف من مواجهة قاسية مع حزب الله يمكن أن يتكرر على جبهات أخرى، لا سيما أن الهالة التي كانت تتلفع بها إسرائيل لم تعد قائمة، فقد انكسرت هيبتها باعتراف قياداتها، مما يعني أن الفرصة متاحة لهم لكي يغيروا سياستهم ولو من باب   "إن شفتها سخرة اجعلها معونة" على رأي المثل الشعبي.

     

          وقد يكون مناسبا هنا أن نؤكد أن لب الصراع في المنطقة هو القضية الفلسطينية، وجوهر القضية عودة اللاجئين إلى ديارهم ومنها القدس، ليصار بعد ذلك إلى إجراء انتخابات مفتوحة ما بين البحر والنهر، وإقامة دولة واحدة في فلسطين يعيش فيها أهلها بسلام وفقا لمعادلة يمكن أن تكون مدارا للبحث والنقاش من بعد. 

     

    انقسام العالم إلى فرقين

     

        إن معالم الجنين لا تظهر بجلاء إلا بعد مدة من الزمن، فلا بد من تفاعلات بعينها، وظروف خاصة تسبق التشكّل الواضح المعالم، وإن العالم اليوم ليشهد إرهاصات تتفاعل في كل أرجائه؛ من شأنها أن تتمخض عن معسكرين جديدين ينتظمان العالم بأسره:

     

      معسكر طلاب العدالة والمساواة بين بني آدم بغض النظر عن ألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم؛ إذ أنهم جميعا مشمولون بالتكريم الإلهي( ولقد كرّمنا بني آدم..)، وسيظهر عاجلا في إفريقية وأمريكة اللاتينية وآسية، ومنها إلى بعض التكتلات السياسية الواعدة في أوروبة والولايات المتحدة وإسرائيل.

     

      ومعسكر الطغاة والاستعلاء على غيرهم من بني آدم، وهو قائم الآن، ويتمثل في حكومات الولايات المتحدة وإسرائيل، وبريطانية( مؤرثة الفتن)، وبعض العرّابين من الفَرانق ( جمع فُرانق؛ وهو حيوان صغير، يجري بين يدي اللبؤة إذا أغارت على صيدها؛ كأنه يرشدها إليه، ينتفع بفتات بعض الأشلاء).

     

          ونعتقد أن فوز الديمقراطيين في هذه المرحلة مؤشر على ما ذكرناه من انقسام العالم إلى فريقين، لا سيما أن في جعبتهم كثيرا من المآخذ التي سيجابهون بها المحافظين الجدد، وما نظنهم سيكونون كمن كان قبلهم ممن فازوا بهذا المنصب من الديمقراطيين سابقا، فقد تغير الزمان والظروف والمدخلات، وسيشهد العالم في العامين الحالي والقادم؛ الذي تنتهي فيه ولاية بوش ـ سيشهد نهاية حقبة مظلمة، وستنهار قوى البغي والاستكبار، أو تندحر متقوقعة في مقدار حجمها، مبلسة مفلسة، ثم تعود إلى رشدها مذعنة للحقوق, وسيتنفس المستضعفون الصعداء، ويولد عالم جديد بإذن الله. 

     

    الديموقراطيون:

     

        لم يكن الوضع الذي نشط فيه الديموقراطيون من قبل ناضجا كما هو اليوم؛ مما يعني أن المنتظَر منهم في الدورة الراهنة لن يكون تقليديا، ولا محدود الأثر مما ينحصر في حدود الولايات المتحدة ومصالحها، ولكنه سيكون جذريا يلقي بظلاله على دورة الأحداث في العالم كله، ولا سيما العالم الإسلامي، وبشكل خاص فلسطين وما حولها.

     

        ونكاد نرى الشارع في المدن الأمريكية وإسرائيل منقسما إلى فريقين؛ فريق يدعو لحصر اهتمام أمريكا داخل حدودها، والتفاهم المشترك مع الشعوب الأخرى التي تتقاطع مصلحتها مع المصالح الأمريكية بالتي هي أحسن، مما يعني اندحار الولايات المتحدة وتقوقعها لتلحق ببريطانية، ويرتاح العالم من الشرور التي تأتي بها سياسة المحافظين الجدد، وفريق يمثله المحافظون الجدد والمنتفعون من ورائهم والمُحتَمون بهم من أنظمة ومستزلَمين، لأن العالم لم يعد كما كان من قبل؛ صامتا، منقَمِعا، مغرَّرًا به، فثورة المعلومات وتواترها على نسق عجيب، وخروجها عن حد السيطرة الإقليمية .. كل ذلك أدى إلى انتشار حركة الوعي بالحقوق الإنسانية في أرجاء العالم كافة، وانتفت المعاني والمسافات الرمادية المتدرجة التي تمتد بين المتناقضات، مما جعل ساحة الصراع بين الخير والشر وكل الثنائيات المتناقضة ضيقة جدا؛ فالوضع الآن أشبه ما يكون بسلكين يحملان شحنتين مختلفتين كبيرتين من الكهرباء ولا يفصل بينهما سوى مليمترات قليلة، تتناقص تدريجيا، واحتدام الصراع يوشك أن يتأجج.

     

        إن الفوضى الخلاقة التي تبثّها الولايات المتحدة في بلاد العرب والمسلمين وغيرها من البلدان أشبه ما تكون بالأحوال الجوية التي تأتي توطئة للمنخفض الجوي. وما تدري الولايات المتحدة أن هذا المنخفض سيتمخض عن طوفان مدمر؛ ولكن يبدو أن روح نيرون حلّت في بوش وتناسخت في مريدي سياسته.

     

    الأمم المتحدة... نصيحة

     

          قبل أكثر من 40 عاما افتتحت الأمم المتحدة مبنى لها في الجزائر، وكُتب عليه بالعربية خطا: "الأمم المتحيدة" كما يلفظها الجزائريون، علّقتُ يومها قائلا، تلك هي الحقيقة، فهي متحيّدة منحازة لصاحب الدار( الولايات المتحدة) وللقوة العظمى؛ معذرة، يقتحم خاطري الآن مثَل شعبي تعلمته من والدي "رحمه الله" يقول: القوي عايب! واللي في بطنه عظام ما بعرف ينام، عظام الشعوب المغلوبة على أمرها التي طحنها البغي الأمريكي وبغي التوابع الذين يدورون في فلك أمريكا، تصنع العملاء وتطلق أيديهم للاستبداد بالشعوب التي يتسلطون عليها، حتى إذا خرجوا عن طوعها، وخالفوا سياستها، أو تمردوا عليها - استباحت بلدانهم، ودمرتها، كما فعلوا في أفغانستان والعراق وغيرهما.

     

          والأمم المتحدة اليوم أداة تتحكم بها أمريكا وحلفاؤها، ولكنها مدعوّة لأن تتحرر، وأمريكا مدعوة هي الأخرى لأن تستيقظ، والكلام موجه للديموقراطيين على وجه الخصوص، فإن عليهم أن يبادروا إلى تدارُك الأمر قبل فوات الأوان، وأن يضعوا حدا للسياسات الاستعلائية والبغي الذي يمارسه المحافظون الجدد، قبل أن يقودوا العالم إلى مزيد من الدم والدمار.

     

          وقد يكون لنا أن نقترح هنا تحويل الأمم المتحدة إلى حكومة عالمية، لكن بعد تطهيرها من الآفات التي نخرت عظمها، وإعادة النظر في ميثاقها بحيث تصبح الشعوب كافة على درجة واحدة، يستوي فيها الأبيض والأسود، والفقير والغني، وبحيث يكون الأداء مسخرا لمصلحة الناس جميعا.

     

          حينئذ توفر الدول الأموال الطائلة التي تنفقها على التسلح، ولا تعود تلقي فائضها في البحر لترفع بذلك الأسعار، بل توجهه ذلك كله لإطعام الجياع في الأرض، والارتقاء بالحالة الصحية والتعليمية للمواطن الكوني أيا كان, ويسود السلام في ربوع العالم؛ يتقارب الزمان وينطوي المكان، وتكون الظروف مواتية لقيام دولة العدل الإلهي

     

                  

     

    *رئيس قسم اللغة العربية بجامعة النجاح الوطنية نابلس فلسطين

    الرئيس المؤسس لمجمع اللغة العربية الفلسطيني

     

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • جمان صابر said...
  • صاحب الحق دائما يفوز عاجلا او آجلا,والشاب مصيره الهرم وحبل الكذب قصير,ولكن البداية تكون دائما صعبة.
  • Monday, August 3, 2009
  • bbbbbbbbbbb said...
  • bbbbbbbbbbbb
  • Monday, August 3, 2009
  • dankroz said...
  • يا حضرة الدكتور كلامك جميل بل ورائع ايضا ولكن اراك متفائل جدا في هذا المقال فلاواقع لن يتغير الا اذا بدانا التغير من انفسنا و بانسفنا بارك الله فيك و عليك و يعطيك الف عافيه
  • Tuesday, November 3, 2009
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me