An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Saturday, January 22, 2011
  • إحياء التراث العربي
  • Published at:الشعب. 14/5/1985
  • تطلق كلمة التراث على كل ما خلفه العرب في القرون الخالية، مما هو مكتوب، أو موجه للسلوك من عادات أو طباع أو تقاليد، أو ما هو ماثل للعيان من آثارهم كالنقوش والعمران ونحو ذلك، وهذا هو ما يتسع له المعنى الأصلي لكلمة تراث.

             غير أننا اليوم نداوم على استخدام كلمة تراث بمعنى كنز المخطوطات التي لم تنشر بعد، فهي ما تزال حبيسة في المكتبات في بقاع مختلفة من العالم، حيث نهبت ـ حين كانت بلاد الإسلام نهبا مقسما بين الدول الغربية ـ إلى مكتبات أوروبا وأمريكا وغيرها من القارات.

            ولقد نشط العرب والمسلمون ـ والمستشرقون! ـ في تحقيق كثير من المخطوطات ونشرها في ثياب عصرية، وبأعداد وفيرة، بل لقد ذهب العرب إلى أبعد من ذلك، حين أسسوا معهدا للمخطوطات العربية، وحيث أقرت بعض الجامعات في برامجها للدراسات العليا، تحقيق المخطوطات كموضوع يؤهل الطالب لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه!

            وأنت تدخل الآن مكتبة عامة، فترى عددا كبيرا من الكتب المحققة تحتل مواقعها فوق الرفوف، تكاد تعادل ثلث الكتب الأخرى أو ربعها.

            أمر جميل، ومفخرة نعتز بها، وكتب قيمة .. ولكن! لماذا نحيي التراث العربي؟ ألأنه عربي وحسب؟ أم لأننا نخشى عليه من الضياع؟ فإن كان الأول هو السبب، فلماذا يتجه المستشرقون إلى تحقيقه؟ وهل يخشون عليه من الضياع؟ ثم هل نحن حريصون على كل ما هو عربي، بحيث يمتد حرصنا ليشمل التراث؟

            وإن كان الثاني هو السبب، فلا بد من تحديد معنى الضياع. أما يعد ضائعا ذاك المال الذي يكنزه بعض الناس في جيوبهم أو تحت البلاط.. أو في بنوك أوروبا؟! أما تعد ضائعة تلك الأراضي الشاسعة من بلاد العرب، الجرداء، بالرغم من إمكانية استصلاحها؟ أما يعد ضائعا ذاك الطفل المشرد، أبواه لا يعتنيان به، ولا الشارع يرحمه ـ أعني بالشارع معناه الدارج ـ ولا يملأ سمعه وبصره إلا بما قل نفعه وكثر ضره؟

            بالرغم من وجود المال المذكور، والأراضي المنعوتة، والطفل المشرد وبالرغم من حياته.. إلا أنها جميعا ضائعة، سواء أردنا بالضياع معناه القريب أم معناه البعيد. ورحم الله القائل:

    لقد أسمعت لو ناديت حيا                          ولكن لا حياة لمن تنادي
    ولو نارا نفخت بها أضاءت                        ولكن أنت تنفخ في رماد
            أي أن الحياة قد تكون قائمة، لكن بمعناها المادي العضوي، وليس بمعناها المعنوي الذي يتمثل في الدور الذي ينبغي أن يلعبه \"الحي\" من الناس، والرسالة التي ينبغي أن ينهض بها.

    ليس من مات فاستراح بميت                    إنما الميت ميت الأحياء
    ومثله قول المتنبي:

    من يهن يسهل الهوان عليه                       ما لجرح بميت إيلام
            ونخلص مما تقدم، أن بقاء التراث العربي كما مهملا في الأقبية والمكتبات، لا يختلف عن إحيائه على الطريقة التي نشهدها في البلاد العربية ولإسلامية والأجنبية المختلفة، إذ لو كان في ذلك نفع للعرب والإسلام، لما حرص كثير من المستشرقين على درسه ونشره. أجل، لا اختلاف بين الحالين يذكر، ما دام أن مكان التراث من أهله واحدة في الحالين، وهي مكانة الجفاء والهجر، وعدم الاحترام، في بعض الأحيان.

            إن إحياء التراث العربي الإسلامي، ينبغي أن يسلك طريقا آخر لن يواكبنا فيه مستشرق أو مغرض، وذلك هو أن يكون إحياؤه في النفوس، قبل إحيائه في المطابع والكتب الفخمة المجلدة.

            إن إحياء التراث على الطريقة السائدة اليوم، ليتسع ليشمل إحياء الأصنام والأوثان (كآثار) لا بأس في التنقيب عنها لأخذ العبرة ودراسة التاريخ. ومن يدري، فقد يغري ذلك بعض ضعاف النفوس بالنكوص على الأعقاب، والردة إلى الجاهلية.

            إن رصّ الكتب، التراثيّ منها والمستحدث الغربيّ، على رفوف المكتبات، دون أن يكون للعلوم التي تتضمنها تأثير فعّال في نفوس أهل التراث المفاخرين بغير حق، لهو أقرب ما يكون إلى العبث، بل، هو العبث بعينه.

            إن إحياء التراث على الطريقة السائدة، لهو تجريد للتراث من مضمونه الحضاري، وتحويل له إلى كم يضاف إلى الكميات الكثيرة المختلفة في بلاد العرب.. فهل نسمو بالتراث العربي الإسلاميّ إلى المكانة اللائقة به، إلى المكانة المنطقية الصحيحة، بأن نجعل منه، \"كيفا\" تسهم في صقل \"كيفياتنا\" ونفوسنا، وتجانس ما بيننا وتوحدنا، وتلوننا بلونها، وتمنحنا رائحتها وإن لم ترق أغيارنا؟!

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • عبد الفتاح زهير said...
  • بالخير امسيك كثيرون هم الذين تركوا بصمة في حياتي , ولكن انت اكثرهم ، وانت سيدهم ، فلك اكن الاحترام والتقدير ، ولا انسى ما لك علي من فضل ، والشكر كل الشكر لجهودك الجبارة في الحفاظ على تراثنا الشعبي ، او على ما تبقى منه بالاحرى، وفي النهاية ستظل منارة للعلم اهتدي بها اينما ضعت في ظلمات الجهل فانت الاول والاخير والاوحد في مجالك والسلاااااااااااام
  • Sunday, August 25, 2013
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me