An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Wednesday, February 4, 2009
  • القصيدة الجاهلية تتناسخ في الشعر الشعبي
  • Published at:Not Found
  • أ. د. يحـيى جـبـر

     

    القصيدة الجاهلية تتناسخ في الشعر الشعبي

                                                                      

                                

                       يقف المطالع في الأدب الشعبي العربي على حقائق جليلة تتصل بالحياة العربية بوجه عام وبدور اللغة في صياغة تلك الحياة والتعبير عنها، وتزداد تلك الحقائق عدداً ونوعاً كلما أمعن الدارس في سبر غور الأدب العربي بشقيه الرسمي والشعبي(1)، وكلما كانت النصوص المتخذة موضوعاً للدرس تمثل اكبر ظرف ممكن زماناً ومكاناً.

     

              ونحن نعلم ما ثار حول دراسة الأدب الشعبي من جدل، وقد نؤيد كلاً من المتجادلين في جانب مما يذهبون اليه، اذ أن المعول عليه في هذا المقام هو النيات التي يصدر عنها الدارسون، وجملة القول أن دراسة الأدب الشعبي دراسة تأصيلية تحليلية لا تمس "كرامة" العربية، ولا تخدش حياءها، لا سيما أنّ له كياناً قائماً بذاته، فارضاً نفسه منذ أمد بعيد، ولئن كان في دراسته اليوم مأتى يمكن أن تؤتى العربية من قبله فذلك راجع الى تدني مستوى التحصيل اللغوي عند العرب، ومزاحمة اللغات الأجنبية  للسان العربي في عقر داره.

     

              وفي هذه الدراسة نتقفى امتداد القصيدة الجاهلية في الشعر الشعبي المعاصر في حوض اللغة العربية الممتد من الأطلسي الى الهضبة الإيرانية ومن أواسط افريقية الى جبال طوروس، من حيث الفاظها ومعانيها والصور الفنية التي تقوم بها، ونذكّر هنا بما أقره علماء العربية قديماً من إجازة الاحتجاج بأشعار سكان البوادي حتى نهاية القرن الهجري الرابع بينما توقفوا عن الاحتجاج بأشعار أهل الحواضر مع اكتمال القرن الثاني، ذلك لاستمرار سلامة الطبع والفصاحة بين الأعراب، لأنهم لم يختلطوا - كسكان الحواضر - بالأعاجم، مما أتاح لهم أن يحتفظوا بلسانهم عربياً مبينا مدة أطول...   

     

    ولئن كان ذلك في مجال الأدب الرسمي، فإننا نرى أن كثيراً من أنواع الأدب الشعبي اليوم تمثل امتداداً لأدب القبائل العربية التي ظلت محافظة على النمط التقليدي للحياة من حيث التماسك الاجتماعي والارتحال طلباً للماء والكلأ، مما انغرس في جوهر حياتهم ولون بأصباغه ثقافتهم العامة ووقاهم كثيراً من غوائل الدهر التي من شأنها أن تذيب الشعوب وتشتت شملها أو تسلبها أبرز الصفات التي تميزها عن غيرها من الأمم، وهذا في حقيقة الأمر ما جعل حركة التاريخ ودورته أبطأ في فعلها وتأثيرها في البدو منها في الحواضر، لأنهم كأنهم باستمرار تحركهم وارتحالهم- لا يتيحون لعامل التاريخ ممثلاً في منتجات الحضارة المادية أن يعجّل في دورة الحياة، فهم بذلك يصنعون الحياة بهدوء ويصوغونها ببطء، مما يزيد في الاستقرار الثقافي وبروز السمات الذاتية المميزة بشكل واضح. وهذا من وجهة نظرنا ما جعل الروح التي تسود كثيراً من القصائد الشعبية المعاصرة صورة أخرى من القصيدة الجاهلية لولا المستوى اللغوي الذي صيغت فيه هذه وتلك.

     

              ونعتقد جازمين أن التلاحم الفطري بين العربي والبيئة ببعديها الاجتماعي والطبيعي، هو الذي أدى الى تلك الاستمرارية، لا سيما أن البيئة الطبيعية هي نفسها التي أثرت في اسلافه من امرىء القيس الى الأعشى ولبيد والقتال الكلابي والنوابغ وشعراء هذيل وابن احمر وغيرهم من بعد، والترابط الاجتماعي ما زال على ما كان عليه الى حد كبير، حتى اولئك الذين أقلتهم مراكب الإسلام الى البر الإفريقي فقد اختاروا لأنفسهم حياة تمثل استمراراً لما كان عليه آباؤهم من التحام بالبيئة مراحاً ومراداً ومرعى ومنهلاً وملعباً، وظواهر طبيعية تتوالى في فصولها، وأجراماً تتلألأ في سمائها، ومن التمسك بالوشائج القبلية التي يلوذ بها الإنسان إذ ضاقت عليه اسباب الحياة.

     

              ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن القصائد الشعبية التي نعنيها في هذا المقام هي ما يعرف بالشعر النبطي وما يشاكله في البيئات البدوية العربية في ا لخليج والجزيرة العربية وباديتي الشام والسماوة وبوادي مصر وليبيا والصحراء الكبرى وجنوب الجزائر وبلاد مالي وشنقيط (موريتانية)، وقد اتيح لنا أن نعمل في هذه البقاع، وأن نلتقي عدداً من شعرائها، وأن نسمع منهم ونقرأ من انتاجهم، فشدنا من ذلك:

    1-تطابق الأغراض والموضوعات التي يتناولونها في قصائدهم، اذ هي في الغالب متصلة بالبيئة وأوصافها - وهي متشابهة إلى حد كبير - وبشكوى الزمن، والطرد (الصيد) ومقارعة الخصوم، والغزل ونحو ذلك مما نجده في الشعر الجاهلي.

    2-جزالة الألفاظ وكثرة الغريب، وهذا في حقيقة الأمر، ما دعانا إلى وضع هذه الدراسة. إذ أن الطابع الغالب على جل هذه القصائد هو شيوع الغريب فيها مما لم يعد مستعملاً         في الفصيحة ولا نظفر به إلا في اشعار الجاهلية بكثرة، وفي أشعار القرون الهجرية الأربعة الأولى. قد نظفر في الأشعار الأخرى ببعض هذه المفردات، لكن ذلك نادر، وقلما نجد المفردة متداولة في لغة الشاعر. بل نجدها مقحمة في موضوعها، ناشزة.

    3-التوافق في شكل القصيدة من حيث مقدمتها وخاتمتها، وهذا ما تناولناه في دراسة سابقة،          اذ يغلب عليها البدء بحمد الله أو بحكمة، أو بالنداء لغرض الشكوى مثل يا طروش ويا          راكب، ويا ونة، وقد يكون المنادى طائراً أو خليلاً على نمط "قفا نبك" والغالب في           خواتيمها أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل هذا هو ما تمتاز به         عن شعر الجاهلية، استجابة لدواعي الإسلام، دين العرب أجمعين.

    4-توافق الصور التي يقربون بها المعاني، ويرسمون بها حركة مكوناتها، اذ نجدها مستوحاة من البيئة الطبيعية، وذلك ناجم عن رابطة العشق والتناغم التي تضبط علاقتهم بها.

     

    الفاظ القصيدة الشعبية:

     

              تتسم ألفاظ القصيدة الشعبية العربية بالتصاقها بالبيئة الطبيعية التصاقاً وثيقاً، ولا نغالي إن قلنا إنها انعكاس صادق وواضح للبيئة بكل مكوناتها وأنواعها من فلكية وحيوانية وتضاريسية ومناخية، مما يشير الى سلامة الطبع عند الإنسان العربي، وفطريته واتحاده مع الطبيعة جزءاً لا يتجزأ منها.

              ونستعرض في ما يلي ثلاثة مقاطع من الجزيرة العربية وبادية الشام والصحراء الليبية تترجم ما تقدم بشكل واضح. قال الشاعر محمد العبدالله القاضي العنزي النجدي المتوفى سنة 1284هـ في حساب العام من البروج والمنازل والنجوم من قصيدة طويلة تبلغ ثلاثة وخمسين بيتاً(2):

     

              ترى أول انجوم القيظ سبع رصايف  كما جيب وضحا ضايع الشبك دالق

              أو تقل شاخ والتويبع تبيعهــا     في برجهــا كمــا الـدال دالــق

              يرفع بها عاهات الاثمار وعشبهـا    يغدي من سموم الحر مثل الحرايــق

              ............

              واثني عشر باقي سهيل وبعدهــن تظهر انجوم الوسم صم الحدايـــق

              بهن يظهر الهدهد والاشجار كلهـا  تغرس ويجري الماء بالعـود سابــق

     

              فالشاعر في هذه الأبيات يؤرخ لأول فصل الصيف، وقد علم عليه جرياً على عادة العرب من قديم بطلوع الثريا (النجم) وهي سبع أنجم متراصفة كالعنقود، وقد شبهها الشاعر بما بدا من عنق "وضحا" وقد انحسر عنه الغطاء..... وفي البيت الثاني يشير لما يعرف عند الفلكيين باسم حادي النجم، أو تالي النجم، وهو الدبران، وبينه وبين الثريا (النجم) نجيمات تسمى "قلاص النجم"، وشبهوه كأنه رجل يسوق أمامه ابلاً مهراً لعروس (الثريا) وهذا ما عبّر عنه شاعرهم قديماً بقوله(3):

              أما ابن حوط فقد وفى بعدته                   كما وفى بقلاص النجم حاديها

     

              وفي البيت الثالث إشارة لما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله "إذا طلع النجم رفعت العاهة" والمقصود عن النخل تحديداً، ويشتد الحر، ويتصوح البقل.

     

              وفي البيت الرابع من الأبيات المختارة إشارة الى طلوع سهيل، وهو نجم يماني، يعلم العرب بطلوعه على ابتداء البرد، ومن اقوالهم في بلاد الشام "إذا طلع سهيل برد الليل وادخل الخيل" وفيه اشارة الى ابتداء نزول المطر الأول "الوسمي" وهو أول امطار الخريف.

     

              وقريب من هذا المعنى ما عبّر عنه الشاعر خليف مهيزع الهزاع بقوله(4):

              ومن الثريا الميّا شتاها بمنظار          متعاقبنها بزهر في زيارة

    أي عندما يسطع نجم الثريا في كبد السماء، ونلمح نجمة الزهرة نعد عدتنا ونتأهب لقضاء حاجاتنا.

     

              ثم تحدث عن برج الدلو، الذي يصادف ابتداء الدفء نوعاً ما، وبدء ظهور طائر الهدهد، وغرس الأشجار، وتحرك الماء في العود، اذ يكون ذلك بعد رياح الفصل. وجدير بالذكر أنني لاحظت عرب عسير جنوب المملكة العربية السعودية يعملون بطلوع الهدهد واليمام من تهامة على ابتداء موسم الدفء (الربيع) في بلادهم.

     

              إن قصيدة الشاعر تمثل سمفونية تستعرض الزمن في دورة العام، وما يصاحبها من الطبائع المختلفة، من حر وبرد، ومطر وجفاف، ونجوم تظهر وأخرى تختفي وأشجار تورق وزروع تستحصد وثمار تطيب، وبقل يتصوح.

     

              ويقول سلامة الغيشان (اعزيز) وهو من الأردن يعاتب شهر شباط (الثاني في التقويم الميلادي) اذ لم ينزل فيه مطر خلافاً لما جرت عليه العادة باذن الله(5):

              روح يا شباط يا حيفي عليك                  ما شفنا ياشين من شهـرك مطــر

              والخلايق كلها عينه عليـــك              مـرّن كوانيــن والـــك تنتظـــر

              الفلايح كلها راحـت عليــك             ما كسـب الفلاح مـن حـب بــذر

              امن الطفيلة للكرك لفوا هجيج                من ابـلاد ناشـفاً فيهــا الشجـــر

              ذاك يمشي وذاك واقع بالطريق                 او ذاك يصرخ، ويلنا، مات الظهر

              ما شافون اسنين مثله بالمحـــل             ما يدشرون الطيب ولو شح الدهر

    (كوانين: يقصد شهري 12 ، 1 وهما شهرا البرد) (مات الظهر: أي الابل جدبا)

    ثم يصوغ الشاعر ابياتاً على لسان شهر شباط يرد فيها عليه فيقول:

              لا تلغي نلغ يا اعزيز عليــــك          نسيت فعلي يـوم منــي تنحشــر

              تقعد اسبوعين وامغلق عليـــك           والنوافذ اتسكره ابطين وحجــــر

              من كثر الرعود يوم انه تجيـك               والهوا شديد تسمـع لــه زمــــر

              والثلوج امطعسـه على اقلالــك          والسهـول متفجـرة تقــل نهـــر

     

              فالشاعر في هذه الأبيات يحمل على شهر شباط وقد أخلف، فأصاب الناس بأس شديد مما اضطرهم للرحلة وقد أعياهم الجوع والعطش، فيرد عليه الشهر مانّا ما كان من شأنه فيما تقدم من أنه كان يرافقه بفضل الله مطر غزير يضطر الناس الى المكوث في بيوتها اسبوعين وقد اغلقوا النوافذ بالحجر والطين كيلا يتسرب منها البرد، وكان يأتي برعود كثيرة ورياح شديدة بين يدي المطر والثلج الذي يتراكم على الجبال فكأنه طعوس الرمل (دعوص جمع دعص وقد وردت في معلقة طرقة ا لبكري) والمطر يتنزل، وتفيض به السهول والمنخفضات.

     

              ويقدم لنا محمد سعيد القشاط من شعراء الغرب الليبي في آخر ديوانه المعروف "من ليالي السمر"(6) لوحة سماوية تتكون من بعض النجوم والظواهر صوّر بها محبوبته التي كان يرى فيها ما هو أبهى وأبهج من تلك النجوم، وأن بعضها قد غار منها، فيقول:

              (الميـزان) هـاف تواطــه                 و (اسهيل) في روس الجبال يتماطه

              وهاكه (طريق التبن) دار زطاطه      ورقة عمود الفجـر كيــف جبينــك

              ............

              انجــوم السمـا  ينجاحـوا                وحتى (المرازم) يا نديده طاحـوا

              وهوكه (بنات النعش) لوطه ماحوا   ولا  لاح حلـى الصدر بتشرنينــك

              فيك نرتجو يا ام التمايــم فاحـوا                   نرجوك حتى نخلصوا في دينـك

     

              وجملة المعنى أن مجموعة الميزان من برج الجوزاء وهي (ستة أنجم في سطرين متساويين متعامدين تقريباً) ونجم سهيل والمجرة أبدت حياءها من جمالك، وذلك هو عمود الفجر (الفلق) يحاكى في وضاءته ووضوحه لون جبينك. ان نجوم السماء مبهورة بجمالك بما في ذلك المرزمان وبنات نعش اذ شبهها في جنوحها عن دائرة فلك البروج وكأنها لاذت بطرف الأفق حياء منها عندما شاهدت جمالها. وهذا التشبيه مطابق الى حد ما قول نمر بن عدوان في رثاء وضحا(7):

              الخد نور الخد يا ناس لو بــــان                   غاب البدر مخجول يسرع اعتاب

    اذ جعل البدر يغيب خجلاً من جمالها لأنه أعظم من جماله وبهائه.

     

              نلاحظ مما تقدم أن ا لشعراء الثلاثة أبدوا التصاقاً حميماً بالبيئة، مما يوضح أثر البيئة الطبيعية في صياغة حياة الإنسان، وتكوين ثقافته وتلوين عبارته.

     

              ونقدم فيما يأتي أبياتاً تعكس صورة أخرى تنسجم مع ما تقدم، وتبدي مدى التطابق بين الشعراء العرب في أصقاع الوطن الكبير المختلفة، وهي مبنية على عبارة افجاج الخلا أو الفلا، أو فجوج الخلا، جمع فج "عميق" وهي بمعنى الطرق البعيدة الواسعة. وهي غالباً ما ترد في معرض المباهاة بقطعها كناية عن المقدرة والصبر على العزّاء، أو كناية عن الرغبة في توسيع البال والتنزه على جهة الطرد والصيد او الانتجاع ونحو ذلك. قال نمر بن عدوان(8):

              من عقب ذا يا راكبا بكر عنـــس                  قطّاع ل افجوج الفلا مطرشاني.

    يريد أنه بعد أن يشتد عليه العمس (الهم) - وقد ذكره في الأبيات السابقة - يبادر الى ارتحال ناقته ويقطع بها فجوج الفلا لتفريج الهم أو طلباً للأحبة.

              ويقول الشاعر الليبي عبدالمطلب الجماعي المتوفى سنة 1890م. قرب العقيلة من منطقة أجذابية على الساحل الشرقي من خليج سرت بليبيا- في الابل وما تقدمه للإنسان من خدمة:

              يجي بيه يبلع كان صار مغيره                            فجوج الخلا في ساعته يطويهــا

    أي أنها تمكنه من قطع المسافات بسرعة لا سيما في الغارات. ومما نحفظ من شعر سمعناه في صبيخة قحطان في حاشية الربع الخالي الشمالية  الغربية على لسان خالد بن ذيب بن شفلوت قوله:

              يا ليتنا يا الزين في الأريـاف                           نضرب فجاج الفلا يا مدعج عيونه

              وهذا المعنى شبيه بقولهم "نضرب الفيافي" على نحو ما نجده في قول تركي بن ماضي(9):

              كنى على لاماك بالليــن والقسـا          اصبر كما تصبر على الشيل الاجمالي

              يضرب الفيافي والتجافي مع العنا            وزج المدامع فوق الاوجان نفسالـي

     

              ومن استخدامهم الفجوج في مقام يناقض ما تقدم، ان الشاعر يعبر عن ضيقه وغمة باله بقوله أن الفجوج ضاقت عليه (بما رحبت)، ومن ذلك قول غريب الشلاجي واصفاً صبر ناقته ووفاءها(10):

              يا راجب اللي بمشيـه تروجـي                        جدعية كطع الفرج من مناهــا

              ليا روحت تبرى شنيع الخلوجي                         تدري تكل بيعرض فخذه بلاهـا

              تلفي على ربعي  ميال الدعوجي                        قل لهم تريني بسهلة من خلاهــا

              با قصى الزمك بيحد تل الفلوجي                      لا عاد يا يوم جرى لي وراهــا

              من بعدهم ظاكت علي الفجوجـي                     والظبعة العرجا تبشر جراهـــا

     

              وهذا ما عبّر عنه الشاعر الجبلي عيد عقل البنيان بقوله(11):

                       البارح القلـب يـا حيـزان                 وهموم بقعـــا تدالنه

                       والهجن ركابهن يا فــلان                  اليا ظاق بالك يفظنــه

              والمعنى والخطاب لصديقه حيزان أن الهموم تداولت قلبه البارحة، ولذا فهو يذكر الابل التي من شأنها أن توسع الخاطر وتفضي البال.

     

              وفي الصورة التالية التي يقدمها الشاعر عبدالمطلب الجماعي ما ينطبق على الصورة السابقة، ويتفق معها على الرغم من اتساع الشقة بين الشاعرين - هذا من مغرب الوطن وذلك من مشرقه. والأبيات في وصف الابل ودورها في الترويح عن الإنسان اضافة للفوائد الأخرى التي تمكنه منها. يقول(12):

              رقاب الرال وخشوش الفجــاوي          يا تــن بالفــرج للــي مشـــى

              دوا للحــي مــا كيفــه مـداوي              ركـوب القود هزتهــا شفـا

              تفضي البال لاجت في السـراوي                       وتصبح في ضحاضيحاً أخرى

              مراكب مــو معدلهـا سطـاوي           قصــوراً مــو معليهــا بنــــا

              ...... الى آخره ....

     

              ولهذه الإبل رقاب كرقاب صغار النعام، وهي تقتحم البر، وتأتي بالفرج وتداوي الإنسان دواء لا مثيل له، وتشفي راكبها بخببها واهتزازها وتوسع البال عند السرى، واذا كان الصباح تكون قد قطعت مسافة بعيدة فإذا بها في السباسب وقد لمع السراب فيها كأنه الماء الضحل، وهي تشبه السفن غير أنها لم تصنع بأيدي الاسطوات (جمع أسطة، وهي تركيّة بمعنى عامل فني) وهي قصور لكن لم تشد بأيدي البنائين.

     

              والمقاطع الثلاثة الأخيرة شائعة في اشعار المشارقة، وهي من الصور القديمة التي تسلسلت في الشعر الشعبي حتى وصلت الينا اليوم. وهي:

    1-صورة السرى والسراب - الضحضاح، ونظفر بهذه الصورة في شعر محمد العبدالله      القاضي(13) اذ قال:

              وكم ساري في تالي الليل منجـــوم                 أصبح بضحضاح بعيد المظامي

              اذ نجد الصورة عند الشاعرين، على بعد هذا من ذاك، واحدة وبألفاظها نفسها تقريباً.      ومن الضحضاح في ا لشعر القديم قول المثقب العبدي وهو جاهلي من عبد القيس:

              فراحت بهـــا تعـــارض مبـــكراً                   على ضحاضحه وعلى المتون(14)

              أي على الأماكن المستوية التي يترقرق فيها السراب، وعلى الأماكن المرتفعة الممتدة.

              وقال رؤبة بن العجاج التميمي، وهو أموي:

              بــأرض حـر قــذف يبابـهـا                  يجري بضحضاح الضحى سرابها(15)

              أي بأرض واسعة خالية حارة يغمرها السراب ضحى.

    2-والصورة الثانية هي تشبيه الابل بالمراكب البحرية، وتلك لعمري صورة تراثية خالدة   هي التي أغرت ذا الرمة في العهد الأموي بتسمية الناقة سفينة بر، مما مهد للتسمية     الحديثة سفينة الصحراء. وقد استعرضنا هذه المسألة باسهاب في بحثنا عن الابل الذي        سبق نشره في هذه المجلة.

    3-والثالثة تشبيه الناقة بالقصر، غير أنها لم تبن كما تبنى القصور. وهذه ايضاً صورة         تراثية قديمة فكم شاعر وقف ناقته على الأطلال فكأنها فدن!! أي قصر.

     

    القصيدة الشعبية والغريب:

     

              ونعني بالغريب حوشي الألفاظ الذي كان يستخدم قديماً، ونادرها، اضافة الى الألفاظ المألوفة في لغة الأدب القديم مما لم يعد مستخدماً في هذا العصر في النصوص الفصيحة، بينما ظل حياً لدلالاته القديمة في  الأدب الشعبي المعاصر سواء في مشرق الوطن ومغربه. ونستعرض في ما يلي طائفة من الألفاظ تؤكد ذلك.

    1-أسماء بعض الحيوانات وما له علاقة بها وأسماء اعضائها وصفاتها:

              ونذكر من ذلك الخزز - ذكر الأرانب، والخشف، صغير الغزلان والجبح، بمعنى خلية النحل، والقطا، العير، عوج العراقيب، والرأل لصغير النعام، والخرب؛ ذكر الحبارى، والثلب، والظليم والشاهين(14)، وبعد الشأو(15) والقطامي ونحو ذلك. ونورد في ما يلي أبياتاً تضمنت بعضاً من هذه المفردات. يقول عيد البنيان(16) في وصف عيني محبوبته:

                       عينها عين القطامــــى                             وإلا شيخ الصيد شلّه

    أي أنها تشبه عيني هذا الطائر، وهو من عائلة الصقور، وإلا فهي تشبه عيني الصقر الذي كنى عنه بشيخ الصيد. وقال خليف الهزاع(17) في امرأة يتغزل بها:

              يا زول خشفة مطرق زينة السيرة    سبحان الخالج مركوز الانهاد

              والخشف هو صغير الظباء، وقد ورد في شعر امرىء القيس يصف ربيئة فقال:

              فظل كمثل الخشف يرفع رأسه                وسائره مثل التراب المدقق

              ويقول خالد رميلة في وصف الابل وألوانها(18):

              والصفر كيف جمّاعة القير            نحله مير والجبح طايب.

    يصفها بمن يجمعون القير، اي انها نشيطة دائبة الحركة، وهي تشبه النحل عندما يكون عسل الجبح قد طاب. والجبح هو أحجار متراكبة يتخذ النحل مثوى بينها ومعسل فيه. وقد ورد في اشعار هذيل وطرفة بن العبد البكري. وربما أوت اليه الضباع كما نجد في قول طرفة(19):

              أبا لجرامق  ترجو أن تدين لكم               يا ابن الشديخ ضباع بين أجباح

              وقال الطرماح بن حكيم الطائي في أجباح العسل(20):

              وان كنت عندي أنت أحلى من الجنى         جنى النحل أضحى واتناً بين أجباح

    وهو في امرأة يصفها بأنها أحلى من عسل النحل وقد طاب بين الأجباح وهو نفس المعنى الذي أراده الشاعر خالد رميلة. وقال الجماعي(21) يصف فرسه:

              وجت سابقه تصرد تقول نحيبه                 بعيد شاوها شاشت يهدّي فيها

              اي تجري بسرعة، وتقطع مسافة طويلة، والنحيبة هي الشاة التي تتقدم قطيع الغزال، وهذه الصورة نجدها، بمثل عبارتها في اشعار امرىء القيس. والخزر، ذكر الأرانب، قلما نجد له ذكراً في الشعر العربي القديم، ومما نحفظه قول امرىء القيس في عقاب تصيد الأرانب والثعالب:

              تخطف خزان الشربة بالضحى                  وقد جحرت ثعالب اورال

    غير أن هذه الكلمة حية لدلالتها في قصيدة "حنا حقها نعطوه" لخالد رميلة اذ يقول(22):

              لاني خزز من وجه يرقد ع الوطا     ولا يهفني بالعيب صاحب نزيرها

    يريد أن يقول انه شجاع وليس كذكر الأرانب اذ سمع طلقة نارية لطأ بالأرض خوفاً.

     

              والخرب، ذكر الحبارى، لفظ قلما نظفر به في النصوص الأدبية القديمة، ونادراً ما تجد مثقفاً يستخدم هذه الكلمة، أو يعرفها لدلالتها، ولكنها وردت في الشعر الشعبي الليبي(23) حيث يقول الشاعر ابن رويلة المعداني:

              اليوم الحبارى يضربن في الحوزة      ونقب الصقورة ع الوطا عزّازه

              وكم زغزغي منّه تخاف الحــــوزة        توطّى وصار الخرب في مركازه

    والزغزي هو ذكر الصقر، والمعنى أن الحبارى والخربان التصقت بالأرض حينما رأت الصقور.

     

              وخلاصة القول إن الإنسان العربي في بواديه شرقاً وغرباً ما زال يحيا حياة قوامها التواصل مع البيئة الطبيعية ويمثل الحيوان وما اتصل به أبرز مظاهرها لحركته وحاجة الإنسان اليه أو خوفه منه، فهو شريكه في التبدّي والعيش في الخلاء. وتتأكد هذه الحقيقة باستعراض الفقرات التالية:

     

    2-الفاظ الفلك والظواهر الجغرافية:

     

              وهي كما نعرف جميعاً لها علاقة بالحركة ان لم تكن متحركة فعلاً، وانما نركز على عامل الحركة لأنه يشد المشاهد اليه، ولطالما أغرت السماء بدراريها وصورها النجومية السارين والسمار بمراقبتها والاهتداء بها على نحو ما تعكسه الآيات الكثيرة التي وردت في القرآن الكريم وهي توضح ما للنجوم من أثر في حياة الإنسان، فهي اضافة الى كونها رجوماً للشياطين وحفظاً، فهي "علامات وبالنجم هم يهتدون" وهي زينة "وزيّنا السماء الدنيا بمصابيح"... وعلى نحو ما نجده في قول الشاعر:

                                                    أمّاً بكل كوكب حريد

              أي سيراً قدماً اهتداء بكل كوكب منفرد في جهته. ولا نظن هذا الموضوع بحاجة إلى عرض، لا سيما أن الأدب العربي يحفل بآلاف الشواهد قديماً وحديثا.

     

              غير أن الأدب الشعبي العربي ما يزال يحتفظ بألفاظ اختفت من الفصحى اللهم إلا في المعاجم، فلم تعد تستخدم إلا نادراً، ومن ذلك جل الألفاظ التي وردت في قصيدة محمد العبدالله القاضي في حساب العام من  البروج والمنازل والنجوم(25) والتي مطلعها:

              سبك لك انجوم الدهر بالفكر حاذق حوا واختصر مضمونها بأمر خالق

     

              أما الفاظ الظواهر الجغرافية، فهي تتضمن الفاظ المناخ في أحواله المختلفة، والتضاريس والغطاء النباتي، والمياه، ونحو ذلك مما له اتصال بتبدل طبائع الزمان باختلاف مواقع الأرض من الشمس والقمر، وتمثل هذه الألفاظ صلب اللغة وقوامها ذلك لما لمدلولاتها من أثر في توجيه الحياة على الأرض وصياغتها. ونستعرض في ما يلي طائفة من المفردات تجسد ما تقدم، منها:

              * المزن: وهو السحاب الأبيض المطير، وبهذا المعنى ورد ذكره في القرآن الكريم في معرض منّ الله سبحانه وتعالى على الناس الماء الذي يشربون "أأنتم أنزلتموه من المُزن أم نحن المنزلون"(25). كما ورد بهذا المعنى في كل الأشعار التي وقفنا عليها في الأدب الجاهلي كقول امريء القيس(26):

              نشيم بروق المزن أين مصابه                  ولا شيء يشفى منك يا ابنة عفزرا

              وقول الشماخ بن ضرار(27):

              على أنيابها بغريض مـــزن                 أحالتـه السحابــة فــي الرصـاف

     

              ونعتقد أن هذه الصفة - تنزّل المطر - التي تلازم المزن هي التي أغرت العربي قديماً -وما  زالت- بتسميته ابنته مزنة، وهو شائع في البوادي العربية، وربما صغروه فقالوا "مزينة" وهو اسم قبيلة عربية عريقة ما تزال توطن اكناف المدينة المنورة.

     

              ومن ذكر المزن في الأدب الشعبي العربي المعاصر - قول عبدالمطلب الجماعي - من اواسط ليبيا(28):

              هاللي مثيل المزن طبع ذراها                   الروس الغوالي يدفعوهن فيها

    وهو في الابل، والمعنى أن سنامها مترص شحماً كالمزن الحوافل بالماء. ومثله قول القشاط من مغارب ليبيا أيضاً(29):

              مزن اللي يدكان، ظلّم بعصايب               برقه بالهمتان، ينفد في نشايب

    والمعنى: المزن يزداد دكنة، كناية عن كثرة ما يحمله من الماء، والتحم بعضه ببعض فغدا مظلماً، والبرق فيه يضطرب ويخفق متتابعاً كمن يخيط حوية. ويقول محمد القاضي(30):

              واذا مضى منهن ثلاثين ليلـــــة                 تواسى نهاره هو وليله مطابق

              وعشر ويبدى المزن ينشي مغرب    كما افتر ريدان حداهن سايـق

    والمعنى انه بعد الاعتدال الخريفي الموافق 23/9 بعشرة أيام تنشأ السحب المطيرة وتتوالى واحدة اثر اخرى. ومن جميل وصف المزن، وأنها أبداً مطيرة ما قاله غريب الشلاجي(31) في مناخ رم:

                       مزن مطرها بس دم ودخان          ولا ينتنا يا ركب الكور سيله

    اذ جعل مطرها دماً ودخاناً، لأن البيت والقصيدة في معركة دارت بين قبيلته وقبيلة أخرى.

     

    * وانظر الى هذه الصورة التي يرسمها محمد بن علي العذيمان يصف صدر امرأة قائلاً(31):

              ولي صاحبن ما شفت جنسه بالاجناس                   وصدره مفج البرق بالخلمسيّة

    والمعنى أن بياض صدرها في سواد ثيابها كلمع البرق في ليل عكامس شديد الظلمة، وهذه الكلمة "الخلمسية" من الغريب الغريب.

     

    *  ومن شعر لسالم القنصل سنة 1916 م نقف عند هذا البيت(33):

              شوف الرعايــا واردات ع الابيـار                 تقل ثماـل ع الثمـد وارديــن

     

              والمعنى أن الرعاة وردوا بإبلهم ومواشيهم على آبار الزراع، فكأنهم أذواد ابل وردت ماء الثمد الواقع الى الشرق من بلدة مأدبا في الأردن. وجدير بالذكر أن الثمد في العربية يعني الماء القليل ثم اطلق علماً على مكانه، وثمة مواقع كثيرة في الجزيرة العربية وغيرها تحمل هذا الاسم، ومن ذلك هذا الثمد المذكور، والثمد الواقع الى الجنوب من خيبر الشمال في المملكة العربية السعودية،  والكلمة وردت لدلالتيها في شعر الجاهلية، وما أرى بي حاجة الى شاهد. والثميل أيضاً والثميلة هي الماء القليل يزدحم عليه السقاة، وربما اضطروا الى وضع حجر كبير فيه ليرفع منسوبه، وليقف عليه المستقون كيلا يخوضوا فيه فيعتكر، ويسمونها في العربية أتان الثميل وأتان الضحل. قال عمرو بن قميئة(34) وهو جاهلي قديم:

                       بضامرة كأتان الثميل                 م عيرانة ما تشكّى الكلالا

              وقد استخدمت كلمة "الثمايل" في بيت القنصل بمعنى جماعة الابل التي ترد الثميل فتكتظ عليه، وأنت تلاحظ كيف تطورت دلالة الكلمة عبر الزمان، وهي مع ذلك كلمة من الغريب كانت وما تزال.

     

              والصوح، صفحة الجبل العالي العريض، لم تعد تستخدم اليوم، وهي قديمة جاهلية لدلالتها قال تأبط شراً(35):

              وشعب كشل الثوب، شكس طريقه مجامع صوحيه نطاف مخاصر

    أي رب واد ضيق بين جبال عالية متقاربة، وعر الطريق، ترى في ملتقى صوحيه، أي طرفي الجبلين اللذين يكتنفانه - نقراً امتلأت بماء بارد، وقد وردت هذه الكلمة لدلالتها لكن علماً على جبل بعينه تنطبق عليه الدلالة في شعر محمد بن بليهد النجدي(36):

              يالله عسى برق ورا النير له ضوح             لا حنّ رعاده وهبـت لــه الريــح

              يمطر على دار محاذ لها صـــوح            غرب وهي شرق عن ام المراويح

     

    *والقيظ، هذه الكلمة العربية الموغلة في القدم، حتى أننا لنجدها في فروع العربية العاديّة -نسبة الى عاد- ونعني بها ما يسميه المستشرقون ومن حذا حذوهم باللغات السامية، اذ هي قيط بالطاء في السريانية والآرامية، وقيتص بالعبرية -ما تزال مستخدمة في اللهجات الدارجة في الجزيرة العربية والصحراء الكبرى للدلالة على فصل الصيف أو جزء منه أو فاكهته، غير أنها لم تعد تستخدم في ا لفصيحة إلا نادراً. يقول ناصر بن بندر (عور المقرن)(37):

              في القيظ مقياظه طوارف حمرّة                 وعن خشم هكران العفر ما يروح

    والمعنى أن هذا الاعرابي ينتجع الأماكن القريبة من حمرّة، فلا تراه بعيداً عن مقدم جبل هكران الاعفر (الأبيض).

     

              وقد يطول بنا الحديث حول هذا الموضوع، فهو واسع سعة اللسان العربي وممتد امتداد التاريخ العربي، والأرض العربية، غير أن في ما تقدم غناء للدارس العارف بلغته وآدابها.

     

    3-الفاظ العلاقة بالإنسان ومناشطه على الأرض:

     

              فالحياة تخضع لعاملين هما علاقة الإنسان بالبيئة الطبيعية بمعناها الواسع، وعلاقة الإنسان بالإنسان ومن الفاظ هذا النوع، على سبيل المثال لا الحصر:

     

              *  المهيع، وتعني الطريق الواسع، وهي جاهلية لفظاً ودلالة، وقد وردت -فيما نحفظ- في عينية سعدى بنت الشمردل الجهنية ترثي أخاها أسعد الذي قتلته "بهز"، والمحجة، بمعنى الطريق الواسع الواضح السالك، ورد ذكرها في الحديث النبوي الشريف  "المحجة البيضاء" ولكن اللفظين لم يعودا يستخدمان إلا نادراً، غير أن الشاعر ابن المطوع جمع بينهما في بيت واحد(38) اذ قال:

              لي فاطر حنينها له تهجراع            وأنا لها من شوف واره حزين

              تذكرت بين الهياتين مهيــاع                لا صدّرت تركب محجة معين

    وهو في ابله بعد أن قدم بها مع قومه من بلاد العجمان الى وارة في الكويت، فلم يطب لها المرعى، مما ذكّره ببلاده. ونحن نلاحظ أن الشاعر هنا مد فتحة الياء فاذا هي مهياع. كقولنا في مفتح ومخرز مفتاح ومخراز وهذا باب في العربية واسع مشهور.

     

              * وقرأت في نوادر أبي زيد الأنصاري قول العرب: جايى الرجل الرجل يجابيه مجاياة ومجايأة اذا مشى اليه وسار نحوه. وعد ذلك في باب النوادر والغريب، ومن الطريف أن هذه الكلمة ماتت في الفصحى من بعد أبي زيد، بيد أنها ظلت حية في الدارجتين الشامية والليبية الى يومنا هذا، وأطرف من ذلك أن الكلمة عربية المبنى، وهي مشتقة من فعل شائع في الفصيحة والدارجة، في المشرق والمغرب، ذلكم هو الفعل "جاء" وهي على وزن "فاعل" من صيغ الأفعال المزيدة، والمعنى أن هذا جاء في اتجاه الآخر، الذي جاء بدوره في اتجاه صاحبه، فهما شريكان في "المجيء" ذلك أن أهم معاني هذه الصيغة هي المشاركة. قال ابن رويلة المعداني(39):

                       سرير ورملة تدير سيوف             وهي جاي وهم لا قدّام

              أي: وهي أولاً، أو أدنى، كأنها جاءت .... وهم كأنما ساروا الى الأمام (قدام)، وقال رحومة ابن مصطفى(4):

                       وقارات تقول مراكيـب                      بعد فاتـوا عقبنهـم جـاي

                       .........

                        ولا ركبوا في ازوار سبيب            ولا ظهروا والرومي جاي

              والمعنى: رب مرتفعات صغار تشبه السفن أو الابل، بدت قريبة منا بعدما قطعوها. ومعنى الثاني: واذا ركبوا خيولهم (فوق صدروها - وكنى عنها بالسبيب وهو شعر الذيل) واذا برزوا والروم (الطليان اذ أن الشاعر من ليبيا) دونهم.

     

    * والديموم: بمعنى البحر، والصحراء المترامية المستوية كأنها بحر، كلمة قديمة لدلالتها، ولم تعد تستخدم في الفصيحة، غير أننا نجدها في شعر خالد رميلة الليبي اذ يقول في وصف جواده وهو يجري متتابعاً كأنه أمواج ا لبحر(43):

              يجّالب كما موج ديمـــوم                  مســـاره اوقـــات ضولانـــه

              أي أنه يتجالب، اي يجلب بعضه بعضا، كناية عن التتابع في الجري كالموج من بحر واسع. ومن ذكرها في الجاهلية قول الأعشى(42):

                                 فوق ديمومة تخيل للسفر قفاراً إلا من الآجال

              أي فوق صحراء واسعة مستوية ....، وتشبيه الصحراء بالبحر كثير في اشعار الجاهلية نظراً لما يخفق فيها من سراب يحيلها (بحراً).

     

    * وزقو القطا من قول الشاعر الليبي (حسين ياسين)(43) يذكر معركة جيشان جبيل أو يوم الربيع التي انتصر فيها المجاهدون الليبيون على الطليان اذ يقول:

              وتما زقاهم م الجّعب في يدينا                   قطا هافّه قبيلي ظما بلحيل

              والمعنى: كانت صرخاتهم ألماً مما يلاقونه من بنادقنا فكأنهم طيور القطا وقد هبتها ريح القبلي الحارة. وان كان الظمأ صفة للريح فالمعنى الريح الجافة جداً، أو للطير فالمعنى الظمأى جداً. والعرب تصف الريح بالظمأى، وهي بمعنى الجافة على نحو ما نجده في قول سوّار بن المضرب(44):

              رمى بلد بن بلداً فأمسى             بظمأى الريح خاشعة القنان

              ان هذه الكلمة (زقاهم - زقاؤهم) على وزن فُعال، وهو من أوزان الأصوات (كصراخ ونباح) والأدواء (مثل زحار وسعال). وهي من  الفصيح القديم الذي انتهى الى بطون المعاجم، لولا ما يرد له الحياة من اشعار الاعراب.

     

    *والبيطار:  بمعنى الطبيب الذي يعالج الحيوان، لم يعد في الناس من يستخدم لفظه اللهم إلا اسم علم على جهة اللقب، أما الشائع فهو البيطري نسبة الى البيطرة اسم المهنة الذي دخل لغات العالم من العربية (Vetrarian: بيطري) ، غير أننا نظفر بالكلمة حية في لهجة اهل الجبل شمال شرقي الأردن وجنوب سورية، يقول خليف الهزاع(45):

              وان صرت يا رجّال للشعر بيطار              غيرك ارجال يحكمون احكاره

              والمعنى: ان أردت يا هذا أن تصبح شاعراً حاذقاً فاعلم أن للشعر قواعده وقوانينه.

     

    * ويقول بعد ذلك والأبيات في النصح(46):

              واليا قطفت اقطف عذيات الاثمار              واحسب حساب الربح قبل الخسارة

              وهذه الكلمة "عذيات" جمع عذي من ا لغريب الذي لم يعد مستخدماً، نعم قد نجد في أخبار الخراج ذكراً للعذي من الزروع، وهو ما يكتفي بماء المطر ولا يسقى، وفيه العشر، غير أن الكلمة من النادر قليل الاستخدام. وفي العربية نقول: ارض عَذاة... لا تسقى، ويطيب زرعها على الرغم من ذلك. ومعنى الشاعر: طيبات الثمار.

     

    قضايا صوتية:

     

              يعكس الشعر الشعبي العربي لهجات القبائل العربية قديماً وحديثاً، ومن أراد أن يطلع على شاردها وواردها فعليه بالمطالعة في أشعار البادين العرب في ارجاء الوطن الكبير، ليقف على جماع أمر اللهجات وأوصافها في تطبيق عملي ودراسة ميدانية مباشرة.

     

              ويكفي لاستيضاح ما تقدم أن نستعرض الصور الصوتية التي يلفظ بها حرف القاف هنا وهناك اذ نجده يأخذ عدة أشكال هي:

    1- قلب القاف جيماً، وعلى ذلك أهل نجد وما والاها حتى بادية الشام ، ومن ذلك قول أحدهم، وكان ضيف الله الشلاجي يردده(47):

              متى يغرب جيشنا من عكب تشريج ومتى نطالع خشم سلمى وجالي

              ومتى نشوف اللي علينا مشافيـــــج   عفر معفرتات بروس المبانــــي

    والكلمتان الواردتان في صدري البيتين هما تشريق بمعنى التوجه شرقاً، ومشافيق، جمع        مشفق وهو من يحبك ويرأف بك. ويقول الغياثي مهمّل، وفي رواية فريج الفرج(48) :

              خوذوا كلام الصدج ما به تكاذيب  ويا موافجين الخير حنا وياكم

              وكتيت بكم راجل ووادي سلاحيب وبالصبخة لقيت مدافيج ماكــم

    فالمفردات الصدج، وموافجين ومدافيج هي الصدق وموافقين ومدافيق بالقاف.

    2- قلب القاف كافاً، وعلى ذلك كثير من العرب، وجل أهل فلسطين يفعلون ذلك ويقول          القشاط(49)

              وجيران ما فاد فيهم عملنا المعكد عجامة                ويدبوا كما دبي نحل العدامة

              يريد معقّد ، فقلب القاف كافاً.

    3- نطق القاف مشربه بالعين، وعليه أهل شمال فلسطين وبعض اهل لبنان.

    4- قلب القاف غيناً، وذلك شائع في لهجة جنوب اليمن والسودان.

    5- قلب القاف همزة كما هي الحال في لهجات بيروت ودمشق ونابلس والقدس والخليل   والقاهرة والإسكندرية ولهجة مالطة العربية.

    6- قلب القاف جافا Ch  كما هي الحال في لهجة بعض سكان البادية السورية العراقية،   وربما تولد هذا من قلب القاف كافاً، اذ أن كثيراً من العرب يقلبون الكاف جافاً Ch           ومنهم من يقلبها ( ts,z بالألمانية) كما هي الحال في نجد. قال الشاعر الشعبي(50):

              أنا لقيت الجذب في كل ديرة                  يا حلو، جذب امروّيه علط الارماح

              يريد الكذب. وقال خليف مهيزع الهزاع(51) في الابل يشبهها بالصقور:

                       راجب سبعه وسبعين                 كلهـن لـون الشياهين

                       ما رجبهن كل مسكين                غير صاحى الراس يجدين

     

    قضايا صرفية:

     

              يقف المطالع في الشعر الشعبي على كثير من أوزان العربية المهجورة، فهو يمثل من هذه الناحية ما كانت عليه أشعار الجاهلية من حفولها بشواهد الغريب ولهجات القبائل والمباني النادرة. فكأننا بالشاعر الشعبي المعاصر لا يرى له حداً يقف عنده في التصرف بلغته وسلك الفاظها بطرق تؤدي غرضه وتعبر عن مكنونه حتى لو جاءت مخالفة لنحو سيبويه والمبرد، ولو لم تأت على سمت أوزان الفحصى... لكأن المهم هو أن يعبر عن مراده بغض النظر عن مستوى العبارة، وهو بذلك يوافق ابن جني في تعريفه اللغة بأنها "أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم".

     

              ونورد في ما يلي بعض الأوزان النادرة التي نص عليها أهل العربية قديماً مما لم يعد مستخدماً في الفصيحة بكثرة، بينما نجده في الشعر الشعبي هنا وهناك حياً خالداً شاهداً على أن هذا الشعر صالح لأن يرفد عربية هذا العصر بألفاظ وأوزان تسعفها في سد العجز الناجم عن ثورة المعرفة التي تجتاح العالم المعاصر. بل لعل الأعراب أسلم ذوقاً، وأرهف حساً ازاء مسائل التعريب من العلماء، فلا تطرق بواديهم كلمة دخيلة أو "تقنية" حديثة حتى يبادروا، لا شعورياً، الى الباسها ثوباً عربياً، أو يستبدلوا الاسم الاعجمي لهذه "التقنية" من آلة أو جهاز أو نحو ذلك باسم عربي كما فعلوا على سبيل المثال: بسجائر Craven A  فعربوها بـ "أبو بس" وببطاريات Rio vac  اذ عربوها بأبي مدفع لعلاقته بتوزيع ألوانها حيث يبدو فيها ما يشبه المدفع، ومثل ذلك كثير صالح لولا أن معايير بعض العلماء تحاصره وتحرمه حق الحياة في المحافل العلمية.

     

    *وزن يفعال وتفعال، بمعنى يفعل، كقول القشاط(52) :

                                 مزن اللي يدكان، ظلّم بعصايب

    والمعنى يصبح داكناً، والدكنة من الألوان، فكأنه بناه على وزن افعلّ يفعل (مثل احمرّ يحمرّ) فاستبدل الألف (يفعال) بأولى النونين (يدكنّ). وهذا الشاعر نفسه يقول(53):

                                 والخيل اتصلّ تعذر تسماح وتبدان

    أي تسمح بجري سريع، أو تغدو سمحة الخلق، والكلمة هنا فعل لا مصدر من جنس ما ورد في الفقرة السابقة، وما نراه هنا إلا مد فتحة الحاء لتصبح الفاً. وقل مثل ذلك في تبدان، أي تبدن، بمعنى تصبح بدينة، وقال بن رويلة المعداني(54):

              النجع اللي يونّس  م الخوف                  اليوم دونه جوبة تدغام

              وورد قبله وبعده ابيات تنتهي بالمفردات تسواد تشهاب وكلها لعلاقته باللون، ومن أوزانه افعلّ وافعالّ، ولكنه ليس من أوزان البدانة في "تبدان". ولا السماحة في "تسماح".

     

    *وزن فاعول. ومنه كلمات قليلة في العربية نادراً ما تتردد بها الألسن والأقلام ولكننا نجده حياً في الشعر الشعبي. يقول ابن ربيعة(55):

              خذ ما تراه وخل عنك التماني                 يا قلب ياللي لك عن الرشد شاطون

              يريد البعد عن الهدى، من الشطن بمعنى البعد.

     

     

    تأصيل أحرف المباني:

     

    *كثيراً ما نجد في الأشعار الشعبية مفردات جيء فيها بأحرف العلة على حقيقتها دون إعلال، بينما نجدها في الفصيحة تقلب همزة، ومن ذلك بناء وغنّاء، اذ الأصل فيهما غناي وبناي، وهي وأمثالها كثير نجده بالياء، او بالواو لما كان واوي الأصل، في الشعر الشعبي، لا سيما الليبي منه. يقول رحومة بن مصطفى(56):

                       النجع اللي فيه لواليــب                   دوازين يجيبوا في الراي

                       اللي كان مزرب تزريب    على منهل عــز السقـاي       

                       اليوم دونه يشوب تشويب سراب يهيل نــاي بنـاي

                       انزاحوا فرسان التصليب   عرب كون ينغنغ بكــاي

                       ......

                       خذا عون القبلي تشريـب          رحيل وصمّال ومشــاي

                       هوينه متنصب تنصيـــب                  على قيس يهيل الضـواي

    فالكلمات السقاي، ناي بناي، بكّاي، مشاي، ضواي، هي نظير المفردات الفصيحة السقّاء، نأي بنأي، بكّاء، مشّاء، ضواء... ويحسن بنا أن نشير هنا الى أن الياء في هذه المفردات هي الأصل، والهمزة فرع.

     

    *قلب الحروف على غير قياس. كقلب الواو الأولى ياء في كلمات مثل موجود ومولود، اذ نجدها في اللهجة الليبية، وكذلك في اشعارهم الشعبية ميجود، ميلود وهكذا. يقول حسن لقطع الأقطع(57):

                       مرمرم حساد عنيدين                 لهم من ميلود لميلود

              وقد نظفر بهذه الصيغ في لهجات البادين العرب في الجزيرة العربية وبلاد الشام لا سيما عند قول بعضهم الجود من الميجود. ويقول رحومة بن مصطفى(58):

                       ومع دفة ضحضاح مضيق  تلاقن بقصار الميعود   (الموعود)

                       وبدين لسوام مطاليـــــــق         البايع والشاري ميجود  (موجود)

              ومن العرب من قلب الواو ألفاً على غير قياس. قال سلامة الغيشان:(59)

                       ما بقى للخيل شيّاً ينذكــر        أصلح الماجود قلدها حواه

              ومرد ذلك إلى أن العرب تستثقل الواو والضم، وهذا موضوع يطول بحثه.

     

     

     

    * أوزان غريبة:

     

              كثيراً ما يقف دارس الشعر الشعبي بأوزان ومبان غريبة، ولكنها مع ذلك تفصح عن معانيها نظراً لبراعة الشاعر في التعبير وصياغة الألفاظ، فاستمع الى قول القشاط(60) يصف امرأة فيقول:

                       جت ظاهرة تتخنسى                 مربوعة القدين طُفلة عنسه

    وكأنه يريد "تخنس" فقال لضرورة الشعر تتخنسى، أو يريد "كالخنساء" وهي البقرة الوحشية لجمال عينيها، فاجتهد وصاغ هذا المبنى الذي لم نسمع به من قبل.

     

              وأذكر هنا أنني ضللت الطريق من تنومة عسير الى بلدة ربوع قريش عام 1388هـ، وصرت الى جبال، فوقع بصري على أحدهم فقصدته سائلاً عن درب الهدى، فأشار الي قائلاً بلهجة السؤال: ترى ذيك الصخاليف؟ قلت: أجل، قال: حين تجيها وتفرّع ترى القرية دونك... فشكرته وفعلت، وفعلاً اهتديت، غير أن بالي لم يشتغل كثيراً بمشقات الطريق ووعورته، بل ظل مشتغلاً بالصخاليف، لم أسمع بها قبل ذلك، ولم تمر بي في أثر، ولم يهدأ لي بال حتى سألت، فلم أجد من يرشدني الى جواب مفيد... فأدركت أن ذلك الرجل اختلق الكلمة فور سؤالي اياه، اذ قلّب بصره فرأى رقاقاً في اعلى الجبل، يخالف لونها لون سائره، فأدرك فيها معنى السخف (الرقة) وأضاف اللام للدلالة على معنى الاتصال، وولّدها من فوره. وذلك هو شأن العربي الأصيل مع لغته، أو لعله رآها كالزحالف (من شعر أوس بن حجر) أو الزحالق، وهي لمعناها نفسه، فتصرف مستعيناً بالإشارة، فوقع الإفهام والفهم... وتلكم لعمري هي اللغة في ابهى معانيها وأخطر وظائفها.

     

              ومما ينسجم مع ما تقدم هذه المباني التي قفّى بها عبدالله بن سبيل قصيدته التي مطلعها(61):

                       يالله يا عالم خفيات الأسرار           يا عالم ما يطرق المودماني

              ومنها: المعرباني، ومطرباني، وغيرها، اذ المقصود بها الآدمي، ابن آدم، والعربي الذي يفصح بكلامه عما يجد، والمطرب، حيث زاد الشاعر المقطع (آني) على غير قياس اللهم إلا قياس القافية التي اختارها لقصيدته.

     

              بإجمال: ان دراسة القضايا الصرفية الكثيرة التي يحفل بها الشعر الشعبي العربي لتقفنا على حقائق خطيرة، وتمدنا بفوائد جليلة من شأنها أن تسعف العربية في حاجهتا الراهنة لمزيد من المفردات لتغطية مستجدات الحضارة وتوليد الاصطلاحات المناسبة، غير أن المجال لا يتسع هنا لمثل هذه الدراسة، وانما ننبه الى ضرورتها، آملين في أن نوفق، أو يوفق غيرنا الى الخوض في غمارها، اذ أنها مهمة شاقة، وتقتضي تضافر الجهود بين المشارقة والمغاربة.

     

    قضايا النحو والتركيب:

     

              المعروف أن الأدب الشعبي متحرر من قيود النحو، وهذه حقيقة لا مراء فيها، غير أننا نجد كثيراً من أمور النحو قد لاذت بالدارجة، واستوطنت الأدب الشعبي مخفية وراءها تاريخاً حافلاً بالتطورات والتغيرات اللغوية. ومن أمور النحو الباقية في الدارجة:

     

    1- تصحيح نوع العدد قياساً بالمعدود، وهذه قضية كثيراً ما يخطىء بها دارسو النحو،       فيذكّرون ما حقه التأنيث والعكس، بينما نجد العوام يتقنون ذلك لا سيما عند استخدام     الأرقام من ثلاثة الى عشرة. فيقولون: ثلاث تيام وأصلها ثلاثة أيام، خمس ترغفة،   وأصلها خمسة أرغفة. يقول محمد العبدالله القاضي(62):

              واذا مضى منهن ثلاثيــن ليلــــة     تواسى نهاره هو وليله مطابق

              وعشر ويبدى المزن ينشي مغرب    كما افتر ديدان حداهن سايــق

              والمقصود وعشر ليال... وقال قبل ذلك:

              ترى أول انجوم القيظ سبع رصايف....  يريد سبع أنجم، جمع نجمة.

     

    2- قلب تاء جمع المؤنث السالم هاء، وهذا شائع في لهجة رجال المع من تهامة عسير،         وفي لهجة أهل الجبل والحرة بحوران، في سورية والأردن. يقول بشير حامد           السبيتان(63):

              قولوا لنايف اتــرك الهـــم وغبــون أبوه شهيد وواحد الحي ساواه

              مرحوم ابو نايف يرحمه عالي الكون  يدعيه للجنـــة رب السمــواه

              والقصيدة هائية... ومما نحفظه من كلام العرب المأثور، وأد البناه من المكرماه.. أي           قتل البنات من المكرمات. بئس من قول!

     

    3- التنوين: يعد التنوين من خصائص العربية، وهو من امور النحو وفصيح الكلام، غير    اننا نجد في الدارجة كثيراً من المفردات لا نستخدمها إلا منونة، مثل غصباً، دائماً،       جداً، أما في الشعر الشعبي فالتنوين شائع وكثير، ولكنه نادراً ما يكون مطابقاً لمقتضى           النحو. قال محمد سعيد القشاط(64):

                       في البال لا يخطى النظر لا ننسى      ريمن تخنّس للعفي متعني

              والمقصود "ريماً" ولكن ا لشاعر نون الكلمة بالكسر، وأثبت التنوين في ديوانه بالنون،       ولا بأس في ذلك اذ هو نون حقاً، ولكن لا وجه للكسر، ونعتقد أن قلب الفتح كسراً هنا، وفي أحوال كثيرة انما جاء على جهة الامالة، لأن العرب تميل الالف والفتحة جهة الياء والكسرة بكثرة. ومما نحفظه لأحد شعراء شمّرقوله:

              كريم يا برق سرى له رفاريف                 قعدت اخيله والعرب نايمين

    اذ نونت الكلمتان كريم وبرق بالكسر، وحق الأولى والثانية الضم ويصح في الثانية         الفتح. ونعتقد أن الكسر اكثر انسجاماً مع ميل ا لدارجة الى التخفيف والتسهيل واقل          اقتضاء لحركة جهاز النطق من الفتح والضم.

     

    ومن الشعراء الشعبيين من يأتي بالتنوين على قياسه، على نحو ما نجده في قول نمر بن عدوان(65):

              زارن وليف الروح غايب زمانا                شكيت له أحزان قلبي ابتوجيع

              حياك ربي يـــا حبيــباً نسانـــا    لوهو نسانا ما شرينا ولا نبيـع

              حيث نون زمانا بالفتح وذلك حقها اذ هي ظرف زمان، وحبيباً، لأنها منادى نكرة غير       مقصودة. ومن ذلك قول موسى حمودة من صحراء وسط ليبيا(66):

              نهاراً ترع دمه جرى من الرمله                ناهو اللي شاهد على مطراهن

              اذ نون نهاراً بالنصب على الظرفية قياساً على معايير النحو العربي. ونلاحظ هنا أن           الشاعر حذف همزة "انا" ومعناه أنني أنا الشاهد على اخبارها، يعني احداث الحرب ضد         الطليان.

    4-     استخدام النون بدلاً من تاء التأنيث. وهذا من رواسب العربية الجنوبية القديمة، وما         زال عرب تهامة عسير واليمن على ذلك، اذ يقولون: راحن، جن، سرحن في راحت     وجاءت وسرحت للغائبة المفردة.

              ومن شأن العرب أن تعامل جمع التكسير معاملة المفرد المؤنث لا سيما اذا كان لغير          العاقل، ولكن الشعراء الشعبيين في بعض البوادي العربية شرقاً وغرباً يستخدمون      النون بدلاً من التاء، ومن ذلك قول موسى حمودة أيضاً - وهو في الخيل(67):

              بانن فراسين ع الموت شقّن وفيهم يزقّن       مداعيات لا تومجن لا تتقن

              ........

              ادّا عن على الطبجي يسّرنّه          وكوره خذنّه      وتمّن معازيق فيه الحصنّه

              والمعنى: بانت (ظهرت) فرسان شقت على الموت (أقبلت) والخيل زقت (صهلت) وهم على ظهورها كما يزقو القطا، وهي تتداعى كارّة، ولا يقال فيها انها لم تأت بعد (تو: للآن) ولا اتقت وتولت عن الزحف. ومعنى البيت الثاني: أن الفرسان تداعت على آمر بطارية المدافع (الطبجي - وأصلها تركية طوب: مدفع، وجي للنسبة) وأخذته كالكرة تزجيها بين ارجلها، وظلت الخيل تتراكض في الميدان.

              ومن استخدام النون في موقع تاء التأنيث عند المشارقة قول معاهد رواد عودة(68) من شعراء بادية الشام:

                       سبعين تمّن بالاعداد                   راجن بنا كل البلاد

              والمراد: تمت، وداجت. ولو أرد نون النسوة لقال: تممن ودُجن. غير أن الذي نراه هنا هو أن هذه النون بعلاقة بالتأنيث، أو هي في الأصل نون النسوة، أو نون للتأنيث فصح أن توقع موقع تاء التأنيث.

    التغير الدلالي:

              قليلاً ما نجد الفاظ الشعر الشعبي مستخدمة لدلالات حديثة، بل هي على العكس من ذلك، قديمة موغلة في قدم دلالاتها، ولعل هذا هو ما دعانا للبحث في لغته هنا، والقدم ليس في اللفظ لدلالته وحسب، وانما هو أيضاً في الصورة والموضوع، فكأن الشعراء الشعبيين يقتدون بالقدماء، ويحوكون على منوالهم ولا غرابة في ذلك، لأن طابع الحياة لم يكد يتغير في البوادي - الى عهد قريب - ولعل في قول غريب الشلاجي في احدى الغزوات(69):

              افطن لبيت عبيد الياكنت بلشان              أو دين المهلهل يا اهل القلوب الهبيله

              ما يؤكد أن اعلام الشعر والفروسية (عبيد بن الابرص والمهلهل وكلاهما شاعر فارس) ما زالوا يمثلون قدوتهم ومثلهم الأعلى في هذه الأحوال.

              ونورد في ما يلي مقاطع لشعراء من جانبي الوطن الكبير هم سليم بن عبدالحي المتوفى سنة 1320هـ، وهو من الأحساء شرق المملكة العربية السعودية، ومحمد سعيد القشاط من قبيلة الصيعان غرب ليبيا، وهاشم الخطابية وحسن الاقطع من ليبيا أيضاً. لنرى صورة المرأة عندهما، وما هي مكونات تلك الصورة ومن أين استمدت. يقول ابن عبدالحي(70):

              لمة جعوده كنــها عصــم الارمــاس  ضاوي دجاها والعواتــق مقاييـس

              وصبح الضيا من غرته ياخذ انفاس  يغني عن الجنديل ان جن خرميس

              انبال بالحاظـــه وحجاتــه اقــواس وسموه نطفة للعشاشيق طلميــــس

              ومنقاد عرنينه كــما حــد عبـــاس           في كف شغموم صحى الكون ماريس

              وشبهت في فاهه مفاليج الاضـراس مثل البرد واشفاه شهـرة ملابيـــس

              حم كما الياقوت وانهــود جــــلاس اثنين على مصقول صدره جواليس

              هايف حشى ردفه كما رجم الاطعاس         وساقيه مدموجات ما هن بمحاويـس

              فهذه المرأة: ذات شعر كثيف اسود كغربان المقابر، أما عواتقها فقد جاءت وفقاً لمقاييس الجمال. أما غرتها فمنها ياخذ الصباح ضياءه (والصبح اذا تنفس)، وهو يغني عن القنديل ان جن الظلام. وعيونها كالنبال في وقعها:

              ويلاه ان نظرت وان هي أقلبت                وقع السهام ونزعهن أليـــم

              والحجاجان، وهما العظمان البارزان اللذان يكتنفان العنيني يشبهان قوسين :

              وعينان كالماويتين استكنتا             بكهفي حجاجي صخرة قلت مورد

              واسمها نطفة (وهي الماء القليل في الجبل)

              ألم تر أن الليل يقصر طوله           بنجد وتزداد النطــاف بــه بــردا؟

              وهي فتنة للعاشقين وسحر يصعب فكه.       أما أنفها فهو دقيق طويل كحد السيف في يد فارس عزيز لم يترأسه أحد. أما أسنانها في فمها فهي كالبرد. أما شفتاها فهما حمّاوان (الحمة سمرة في حمرة) كالياقوت، ونهداها بارزان يجلسان على صدرها الصقيل لبياضه. وهي الى جانب ذلك قباء مخصرة، وذات أرداف كما الكثيب، وساقاها مكتنزتان ليستا نحيفتين. ويقول من قصيدة أخرى(71):

              موضي جبينه بالدجا مثل مسرج              واسهام لحظه للضمـاير تصيبي

              اعفر حسين اللون ابو سنون فلّج    وله مبسم حم الاشافي عذيبـــــي

              وعنقه كما عنق المها حين يزعج      متعثكلات حشوها كــل طيبـــي

              والمعاني تباعاً:

    -        أن جبينها يضيء بالدجى كالسراج ، وكما يقول امرؤ القيس "يضيء الفراش وجهها       لضجيعها" وأن عينيها كالسهام تصيب القلوب.

    -        وهي بلون ا لرمل (العفر) ولونها صاف جميل، وأسنانها حسنة الرصف، وفمها ذو شفتين حماوين عذب المذاق.

    -        أما جيدها (فجيد كجيد الرئم ليس بفاحش) وذهب الشاعر بعيداً في تفصيل الصورة        وتحريكها، فرقبتها كرقبة الغزال اذا استثيرفجأة وراح يقفز صوب مراحه، وهذا اشارة      الى مد العنق وامتداده.

    -        أما جدائلها فهي سود تدلت على كتفيها، وزرق (اي سود أيضاً) وهي متداخلة (كثيفة)     قد ردعتها بالطيب من الريحان الهندي والمحلب ونحو ذلك.

              وننتقل الى غرب الوطن العربي مع محمد القشاط(72) لنجده يصف المرأة بمثل ما وصفها به القدامى والمشارقة، فهي كما يقول:

              حذاي جار خلا لي منامي طاير                 اليا متت راني يا حمـد قتيلــــه

              عنده روامق واسعـات بحايـــر           اليا شبهوا للشخص يبرد حيلــه

              وعنده جبين يشع نـوره نـــاير           تقول برق في مزنه تبزع سيلـه

              وعنده على لكتاف زوز ظفاير                 جريدات على ربعة نخل هذيلـه

              وعنده سوالف كيف ريش الطاير    ظليم فز شاف الحشر وجلاجيله

              ومعاني هذه الأبيات بترتيبها:

    -        ان بجانبي جارة حرمني النوم حبها، واذا مت يا حمد، فاعلم أنها قتلتني بحبها.

    -        لها عينان واسعتان، اذا رآهما الناظر أصبنه باحساس يجعله يفقد عزمه لفرط جمالهن.

    -        وجبينها يضيء كأنه برق يضيء سحابا مطيراً.

    -        ولها ضفيرتان تدلتا على كتفيها كأنهما جريدتا نخل.

    -        ولها سوالف تشبه في سوادها ونعومتها ريش ذكر النعام اذا جفل هو وصغاره، فترى        الريح تعبث بريشه.       

              وفي قصيدة البير للشاعر الليبي هاشم الخطابية نجد وصفاً للمرأة من جنس ما تقدم فهو      يبتدئها بتوجيه سؤال للبئر هل وردتها الحبيبة؟ فيقول(73):

              سؤال النبي يا بير ما ورداتك                  ودلت سوالفها على جالاتـك؟

              سؤال النبي يا بير ما وردنــك              بناويت من لون الغزله جنك؟

              فترد البئر:.......

              نلقانها جتني                                    البنت اللي بقرونها غطتني

              ثديانها وبيطانها ورتني                           وعلت حجايج ماثلن ولعاتك

              فالمرأة ذات سوالف (شعر جانبي الرأس) وهي من الطول بحيث تتدلى على جانبي البئر عند انتشال الدلاء منها، وهي كالغزال خفة ورقة وفتوة، وهي - على لسان البئر الذي رأى منها ما لم يره الشاعر - ذات قرون (ضفائر) طويلة، واثداء ناهدة، وآباط بيض وعيون مزججة الحواجب. والمرأة الجميلة عند حسن الأقطع(74):

              بحرها غريق الجال بنت بوادي                 تقيــم الــدلال وباتهـا دللهــا

              طويلة وبيضا والعيون عـــوادي          وشعل بسواد ملويات خجلها

              فهي تتمنع، وبعيدة المنال، يغرق دون شاطئها الماهر في السباحة، وهي بنت بادية أصيلة، ومدللة، وأبوها دللها زيادة، وهي طويلة، وبيضاء، وعيناها تفتكان بمن يراهما، أما شعرها فقد اشتعل حتى غدا اسود كالفحم، وكنى عنه بالخجل، لأن المرأة تحرص على ستره، وتستحي (تخجل) إمّا تكشّف للناظرين.

              ونختتم هذا البحث بنصين ترجم فيهما صاحباهما كثيراً من المعاني الجاهلية بألفاظها وصورها المختارة للتعبير عنها. وسنضع خطاً تحت كل عبارة مقصودة بحرفها أو بمعناها، وربما أعقبنا بتعليق نورد فيه أبياتاً من الشعر الجاهلي توضح مدى التطابق. يقول محمد سعيد القشاط(75) يصف الحصان:

              ودي عل عكروم  مشري بغالي سوم

              وقت بهيف يعــوم       تحلف طير اسحوم (يعني الخطاف)

              والا ريح نســــوم    قبلي من كــــاوار    (تقول هزيز الريح مرت بأثأب)

              ايدير وراه غيــوم       ليا خطب لو عــار       (يثير الغبار بالكديد المركل)

                                 ******

              من قدام ايــــجف   مستعرض في الدف         عبل الذرا

              من تالي ناحــــف    اليا ظله واقـــــــف       =        =

              اتقول مبني باشقف         مضروب بمصمـــار

              كيف يقمز ويصـف       اتقول جدى النكـــار

             

    (له ايطلا ظبي وساقا نعامة  وتقريب سرحان وإرخاء تتفل)

    *******

    المنحز وقت يعـب        اقرون زكرة زكّار

    راســـه مسلهــــب       مزيــان بدينـــــار

    حكر مـن قــــــدام           لنه خير غمـــــام

    او ذانه اتقول قلام                   والرقبة تسقـام

    تحلف عود عـــلام               صدره ثلث شار

    ذرعانــه في البوع                ما همّاش قصـار

    مستاسع في البـوع                         في قـده دعـدوع

    يسقـــام ومربــــوع      له حارك مرفـوع          نهد  الشوى

    *******

    متغطي باقصـــاص     الحافر صب رصاص        (ويخطو على صم صلاب كأنها

    في الجوبه قصاص  تقــدح فيــه النــــار    حجارة غيل وارسات بطحلب)

              ولو استعرضنا قصيدة لامرىء القيس أو أبي دُواد الايادي أو طفيل الغنوي في وصف  الخيل لوجدناهم يذكرون المعاني السابقة بألفاظها أو بما يؤدي معانيها. فهو يثير الغبار، ويمر كمر الرائح، وشديد القصيري، ويسد شعر ذيله فرجه، وهو عبل الذرا نهد الشوى، الى غير ذلك من الصور التي وجدها العربي علامة على أصالة فرسه.

              وهذا مقطع من قصيدة لمحمد الصالح القاضي(76) في وصف الابل، يصفها فيه بمثل ما وصفها الجاهليون، فيقول:

    الا يا ركب دنوا لي قلايص            مراحيل مراسيل الطلاحي

    مراديـم علاكيم همايـم                  تجاذبنا التغازي والقناحي

    قلايص نزل عوص هوايع               هميمات بعيدات المضاحي

    الى اقفن كنهن حول نعايـم                    بين ا ريام دمثات المداحي

              فهذه الابل قلاص، جمع قلوص، وهي الفتية من الابل، وهي مرحولة عليها آلة السفر، وهي مراسيل بلا أزمة تقاد بها، وذلك لسلامة طبعها، وهي بدينة قوية ذات همة، نركبها في مغازينا ورحلاتنا، ومراعيها بعيدة، كناية عن قوّتها، وهي تشبه النعام اذا أدبرت، لسرعتها، وشبه النعام بأنه بين غزلان في ارض رملية، حيث يتخذ النعام أداحيه، وهي مواضع بيضه على الأرض كالأفاحيص للقطا.

     

              وأخيراً،

              فإن البحث في لغة الشعر الشعبي العربي أمر عسير يطول شأوه، ولا يتسع المقام للاسهاب فيه، وحقها ان تؤلف فيها الكتب الطوال، وذلك لوفرة ما اجتمع لدى الأمة من اشعار، ولاتساع رقعة الوطن وامتداد الزمان، ولا نغالي ان قلنا ان قصة الشعر الشعبي هي قصة الحضارة، واللغة هي الراوي والترجمان، ونحن نستمع ونحسن تارة، وتارات نسيء، وربما مر بنا الشعر دون أن  نعيره بالاً، ودون أن تلفت أنظارنا اليه كنوزه ورموزه العميقة في دلالاتها، الجليلة في اشاراتها.

     

              ونستخلص من هذه الدراسة حقيقة بالغة تتمثل في أن التراث الواحد والبيئات المتشابهة وان تباعدت، تنتج أدباً متشابهاً، على نحو ما ألفيناه في الشعر الشعبي العربي في الجزيرة العربية وبادية الشام من ناحية وفي ليبيا من ناحية أخرى، على الرغم من بُعد الشقة بينهما، وندرة التواصل.

     

              وأخيراً بإيجاز، قد يكون لنا أن نقترح على كل من يهمهم تراث الأمة على اختلاف الوانه أن يبادروا الى اماطة اللثام عن الأدب الشعبي، لا سيما الشعر في كل ارجاء الوطن، وحبّذا لو تشكل لهذا الغرض فريق يذرع البوادي من بلاد شنقيط على  الأطلسي وشرقاً عبر الصحراء الكبرى والصحراء المصرية الليبية فسيناء ونقب فلسطين وبادية الشام والسماوة، والنفود والدهناء والصمان والربع الخالي والأحقاف وما يليها من ا لمعمور كنجد وسواحل الخليج وجنوباً بلاد اليمن حيث حضرموت وظفار الغنية بأشعار الحميني والدان وغيرها. فهل إلى ذلك من سبيل؟!

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    الهوامش والمراجع

     

    1-     نؤثر هذه التسمية كيلا نضطر إلى وضع "العامي" صفة للأدب الشعبي، و"الفصيح"          للأدب الرسمي، ذلك أن من الفصيح ما غدا شعبياً باستطارة أمره، وذيوع خبره، وكثرة         تداوله.

    2-     منتخبات من الشعر النبطي لأشهر شعراء نجد، د. ت. ص112-115.

    3-     الألفاظ الجغرافية في التراث العربي حتى نهاية القرن الهجري الثالث - يحيى جبر،   مخطوط، ص118.

    4-     الشعر الشعبي لأهل الجبل، خلف خازر الخريشة، منشورات وزارة الثقافة، عمان   1992 ، ص 193.

    5-     معلمة التراث الأردني، روكس العزيزي، منشورات سلطة السياحة، عمان، 1984،        ج4، ص314، 315.

    6-     طبعة بيروت، سنة 1967، ص134.

    7-     نمر بن عدوان، روكس العزيزي، منشورات وزارة الثقافة، عمان 1991، ص201.

    8-     المصدر السابق نفسه، ص186.

    9-     منتخبات، مصدر سابق، ص80.

    10-   غريب الشلايجي، الحاج أنور عبدا لحميد السباهي الشمري، مطابع دار الفجر، الإمارات    العربية المتحدة، د. ت.  ص223.

    11-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص103.

    12-   ديوان الأدب الشعبي، منشورات كلية الآداب، جامعة قاريونس، بنغازي، ليبيا 1977،    ص44.

    13-   منتخبات، مصدر سابق، ص102.

    14-   المثقب العبدي، ديوانه، تحقيق حسن الصيرفي، مجلة معهد المخطوطات، مج 60،   سنة1970م. ص205.

    15-   رؤية بن الحجاج، ديوانه، مجموع أشعار العرب، وليم بن الورد البروسي، لايبزج سنة1903م. ص25.

    16-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص102.

    17-   المصدر السابق نفسه، ص 45.

    18-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص83.

    19-   طرفة بن العبد البكري، ديوانه، ط قزانده اورنه ك ، سنة1909، ص15 .

    20-   الطرماح بن حكيم، ديوانه، تحقيق عزة حسن، دمشق، سنة 1968، ص102، 499.

    21-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص32.

    22-   المصدر السابق، ص 96.

    23-   المصدر السابق، ص124.

    24-   منتخبات، مصدر سابق، ص112.

    25-   سورة الواقعة، الآية 69.

    26-   امرؤ القيس، طبعة الكويت بتحقيق محمد ابي الفضل، ص68، وانظر للمرقش الأصغر      المفضليات ص245، وديوان أوس بن حجر ص16، 57.

    27-   الشماخ بن ضرار الغطفاني، طبعة مصر سنة 1327هـ ، ص144.

    28-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص27.

    29-   من ليالي السمر، محمد سعيد القشاط، طبعة بيروت، سنة 1967، ص68.

    30-   منتخبات، مصدر سابق، ص113.

    31-   غريب الشلايجي، مصدر سابق، ص150.

    32-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص107.

    33-   معلمة التراث الأردني، مصدر سابق، 4/234.

    34-   عمرو بن قميئة، ديوانه، تحقيق حسن الصيرفي، مجلة معهد المخطوطات، مج 11،   سنة 1965، ص 169.

    35-   الأصمعيات، عبدا لملك بن قريب، تحقيق عبدا لسلام هارون وزميله، ط دار المعارف،        مصر سنة 1967، ص 125.

    36-   سعد بن عبدالله الجنيدل، خواطر ونوادر تراثية، منشورات الجمعية العربية السعودية        للثقافة والفنون، الرياض 1407 - 1987، ص 128.

    37-   المصدر السابق نفسه، ص125.

    38-   المصدر السابق نفسه، ص111.

    39-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص253.

    40-   المصدر السابق نفسه، ص256.

    41-   المصدر السابق نفسه، ص 89.

    42-   الأعشى ميمون بن قس، ديوانه، طبعة بيروت ، سنة 1960، ص165.

    43-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص60.

    44-   الأصمعيات، مصدر سابق، ص240.

    45-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص240.

    46-   المصدر السابق نفسه، ص197.

    47-   غريب - مصدر سابق، ص 89.

    48-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص185.

    49-   من ليالي السمر، مصدر سابق، ص65.

    50-   معلمة التراث، مصدر سابق 4/36.

    51-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص66.

    52-   ليالي السمر، ص68.

    53-   المصدر السابق نفسه، ص43.

    54-   ديوان الأدب الشعبي، ص253.

    55-   منتخبات من الشعر النبطي، مصدر سابق، ص62.

    56-   ديوان الأدب الشعبي، ص256.

    57-   المصدر السابق نفسه، ص141.

    58-   المصدر السابق نفسه، ص258.

    59-   معلمة التراث الأردني - مصدر سابق، 4/324 .

    60-   من ليالي السمر، مصدر سابق، ص104.

    61-   منتخبات، مصدر سابق، ص85.

    62-   المصدر السابق نفسه، ص113.

    63-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص113.

    64-   من ليالي السمر، مصدر سابق، ص104.

    65-   نمر بن عدوان، مصدر سابق، ص195.

    66-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص 73.

    67-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص 71.

    68-   الشعر الشعبي، مصدر سابق، ص119.

    69-   غريب الشلايجي، مصدر سابق، ص151.

    70-   منتخبات، مصدر سابق، ص142.

    71-   المصدر السابق نفسه، ص141.

    72-   من ليالي السمر، مصدر سابق، ص84.

    73-   يونس عمر فنوش، دراسات نقدية في الشعر الشعبي، المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع        والاعلان، الطبعة الأولى، ليبيا 1980، ص 151 ، 152 .

    74-   ديوان الأدب الشعبي، مصدر سابق، ص144.

    75-   من ليالي السمر، مصدر سابق، ص15-21 .

    76-   منتخبات، مصدر سابق، ص135.

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • Tegan said...
  • Glad to be one of the visitors on this awful internet site :D. Feel free to visit my web site [url=http://julie7castaneda6.sosblogs.com/Genevie-Evensen-b1/Apparent-Leg-Length-Discrepancy-Measurement-b1-p2.htm]foot pain causes[/url]
  • Friday, January 6, 2017
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me