An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Tuesday, February 3, 2009
  • دور اللغة في التعاون والتقريب بين الشعوب
  • Published at:Not Found
  •  

    دور اللغة في التعاون والتقريب بين الشعوب

     أ.د. يحيى جبر

    رئيس قسم اللغة العربية بجامعة النجاح الوطنية

     الرئيس المؤسس لمجمع اللغة العربية الفلسطيني

    من آيات الله، عز وجل، اختلاف الناس بوجه عام، واختلاف ألسنتهم وألوانهم بشكل خاص، وهذه الحقيقة قائمة في كل زمان ومكان، ولما كان الإنسان مدنيا بطبعه؛ فقد كان لا بد له من التفاهم مع الذين يشاركونه في المكان والزمان، ومن هنا كانت اللغة الواحدة قرينة المجتمع الواحد، وواحدا من أبرز العناصر المكونة له، غير أن تشتت الجنس البشري على سطح الأرض، واختلاف البيئات أدّيا إلى تباين اللغات واختلافها بنسب متفاوتة، على نحو ما نجده في الأسر اللغوية كالساميات ومجموعة اللغات الهندية الأوروبية، والمجموعة الحامية وغيرها.

    والتواصل بين المجموعات البشرية لم ينقطع على مر الزمن، ولكنه في العصر الحاضر أكثر وأعرض وأعمق، وذلك بفضل ما توصلت له الحضارة من أسباب التقدم والرقي؛ مما يعني أن الإنسان يجد نفسه مضطرا بين حين وآخر إلى التفاهم مع الآخرين بغير لغته، ومن هنا كان تعلم اللغات وفن الترجمة.

    ونظرا لارتباط اللغة الواحدة ببيئة بعينها، وبمجتمع معيّن، فإن مفرداتها ونسيجها سيكتسبان مع مرور الزمن خاصية عميقة الأثر في الناطقين بها، فلا تكون المفردات لدلالاتها المعجمية وحسب، وإنما تنطوي على إشارات معنوية خاصة ترتبط بتاريخ الأمة وثقافتها، مما يكسبها عمقا ونكهة خاصة. (انظر:ف. بالمر، علم الدلالة؛ ترجمة محمد عبد الحليم الماشطة، منشورات الجامعة المستنصرية،1985 ص 62).

    أجل؛ لقد تغيرت وظيفة اللغة بين الماضي والحاضر, فبعد أن كانت أصواتاً يعبر بها كل قوم عن أغراضهم؛ وفقا لما ذهب إليه ابن جني؛ فقد أصبحت اليوم جامعا قوميا يؤلف بين الناطقين بها، ويهبهم شعورا بالانتماء إلى مجتمعها والحضارة التي تنتسب إليها( يراجع توفيق شاهين؛ علم اللغة العام، طبعة الإسكندرية، ص22).

    ولعل أبرز مظاهر الدور الذي تلعبه اللغة أنها لا تترجم الحاجات والأهداف التي يعبر بها عنها وحسب، ولكن دورها يذهب إلى هو ما أبعد من ذلك؛ إذ تؤدي عن من يتكلم بها ما يكتنف ألفاظه من مشاعر وأحاسيس ترتبط بالأجواء الثقافية التي تحفّ بالمفردة والعبارة، وبالأسلوب الذي صيغت به، فليس هناك مفردة إلا ولها تاريخ، ولا تاريخ إلا وهو مرتبط في الذهن الشعبي بإيحاءات وإيماءات تتفاوت في سلبيتها وإيجابيتها مما يتسرب إلى أذهان الناطقين بها، ويؤدي، مع الزمن، إلى شيء من التجانس بين طرق التفكير والاهتمامات، والتوجه العام.

    ولا ينحصر دور اللغة "في التعبير عن عواطف الإنسان وأفكاره وإبلاغها للآخرين، بل يتعدى ذلك ليشمل عملية التوجه نحو الداخل (الذات والنفس ) والخارج (العالم والواقع) على حد سواء.( بركة، بسام.أبحاث ودراسات في اللغة العربية. الكتاب الأول، أكاديمية القواسمي. باقة الغربية، د. ت.ص3) ولعل هذا هو ما أراده عبد المعطي حجازي بقوله في رسالته مخاطبا زميله أمل دنقل:" إن صور الحياة اليومية في شعرك  تعبير عن عالم داخلي، لا عن عالم خارجي " (شاهين، عبد الصبور. العربية لغة العلوم والتقنية، دار الاعتصام. القاهرة 1986 ص نقلا عن جريدة الشرق الأوسط 14/12/1981).

    ولعل أجلى ما تتضح عليه صورة الدور الذي تلعبه اللغة في صياغة عقلية الفرد والمجتمع ـ ما ذهب إليه إدوارد سابير من أن " اللغة تنظم تجربة المجتمع" وهي التي تصوغ عالمه وواقعه الحقيقي، وأن " كل لغة تنطوي على رؤية خاصة للعالم". وذهب سابير وورف إلى أن اللغة " أساس تشكيل الأفكار، ودليل على النشاط الفكري للفرد" (بركة ص4،5) وهذا هو جوهر نظريتيهما في اللغة، وإن الأمر ليتجاوز ذلك إلى المجتمع ذاته، إذ نجدها الأساس الذي تنبني عليه الهوية الاجتماعية علاوة على الهوية الفردية. (بركة 10).

    ولما كان للغة هذا الدور الخطير في تنميط الحياة البشرة، وصياغتها، وتوجيه مناهج الفكر، فإن ذلك يستدعي إحاطتها بمزيد من الرعاية والاهتمام، ويقدم الحلول لكثير من المشكلات العالقة في العالم، لا سيما تلك التي تتصل بالتباين الحضاري، والصراعات الإقليمية والدولية، مما يمكن أن تسهم اللغة في حله، أو التخفيف من حدته، وإذا كان القول المأثور" من تعلّم لغة قوم أمن مكرهم" صحيحا في حال قيام العلاقة بين الطرفين على العداء، فإن تلك المعرفة ستؤدي في حال السلم إلى بناء علاقات حميمة وتفاعلات حضارية تقرّب بين الأطراف المختلفة، على نحو ما شهدته العلاقات العربية والفارسية والهندية في المشرق؛ إبان العصر العباسي، والعلاقات العربية والأوروبية عبر التخوم المتوسطية في العصر الأندلسي. ومن هذا القبيل أيضا ما تشهد البيئات اللغوية التي تشترك في لغة بعينها، كمجموعة الكومنولث، والفرانكفونية، ودول أمريكة اللاتينية الناطقة بالإسبانية، إذ تمثل الرابطة اللغوية رباطا متينا يوثق العلاقات التي تنتظم تلك الدول.

    وأذكر في هذا الصدد بعض التجارب الشخصية التي توضح دور الاشتراك في لغة واحدة في التقريب بين وجهات النظر المتباينة، وترطيب الأجواء الجافة ، وتخفيف حدة التوتر في الحالات المشحونة بأسبابه، فمن ذلك أنني كنت أشعر بقوة العلاقة بيني وبين بدو جنوب الجزيرة العربية، أكثر من زملائي، لأنني كنت أحسن الحديث بلهجتهم.

    ومن ذلك _ وهو أبلغ دلالة _ أني رأيت على الحواجز العسكرية التي يقطّع بها جيش الاحتلال الإسرائيلي أوصال فلسطين؛ التي يكون فيها بين حين وآخر جنود روس؛ أنهم يتعاملون بلطف مع الفلسطينيين الذين يكلمونهم باللغة الروسية، أو بالعبرية إذا كانوا يتقنونها.

    ومن أطرف ما يمكن أن يُذكر في هذا الصدد، أن جنود الاحتلال كانوا قد نصبوا حاجزا عسكريا على المدخل الغربي لمدينة نابلس، فاحتجزوا الناس على جانب الطريق ، وراحوا ينكلون بهم، وكنت مع مجموعة من المواطنين في الطريق إلى الجامعة، فرأتنا امرأة نجت من التوقيف، فأشارت إلينا أن لا تذهبوا في هذا الاتجاه؛ تحذّرنا من الجنود الإسرائيليين، ولكن لما كنت أدرك مخاطر الطرق الجانبية؛ إذ كانوا قد أطلقوا علينا النار قبل أسبوع من ذلك التاريخ؛ فقد قررت ومن معي أن نستمر في الطريق، وليكن ما يكون، لم نتوجه لننضم للموقوفين، وقد كانوا قرابة مائة، فرآنا جندي من الفلاشة كان يقف بعيدا على الطريق؛ بجانب سيارة الجيب، فدعانا.

     قال لي: إلى أين؟

    قلت: إلى الجامعة.

    قال (بعبرية مكسرة): ماذا تُدَرِّس؟

    قلت له بعبرية مكسرة أيضا: اللغة العربية، العبرية، الأمهرية (لغة الحبشة).

    فلما ذكرت الأمهرية تغير لونه، وبدت عليه ملامح الاستغراب والدهشة والسرور؛                                  إذ يبدو أنه من الحبشة وليس من أرترية، التي ينتسب إليها يهود الفلاشة الذين جُلبوا في أواخر القرن الماضي.

     فقال لي: أريد أن تذكر لي خمس كلمات بالأمهرية .

    لم يشكّ في معرفتي بها بقدر ما كان مستغربا أن يجد في هذه البلاد من يشاركه معرفة لغته، ولكنه فاجأني بطلبه، لم أكن مستعدا، لأنني لم أكن أتوقع مثل ذلك،بل ذهب خاطري إلى أنه ربما أراد أن يمتحنني، وكنت من قبل أحتفظ بثلاثمائة كلمة مما يدور حول البدن والأسرة ومظاهر الطبيعة الرئيسة كالشمس والقمر والماء والرعد، والأب والأم واليد والعين ونحو ذلك مما عرفه الإنسان قبل غيره، وكنت إذا عرفت امرَأَ من غير العرب أطلب منه أن يكتب لي نظائر تلك المفردات بلغته حتى تَشكّل لديّ حشد كبير من ذلك، ومنه مفردات من الأمهرية.

    فقلت له: دَبِر، وتعني جبل، وتسليم، وتعني أسود، وتسحاي، وتعني الشمس (ضحى) وورحي (قمر) وهي نظير ورخ العربية التي تعني القمر، ومنها جاء اسم أريحا والتاريخ، وأخيرا ذكرت له كلمة حطسين، ومعناها بالتجرية ( إحدى لغات أرترية: حديد) فلم يعرفها، فحاولت أ ن أشرح معناها فلم يفهم؛ ولم أتمكن من إفهامه، فما كان مني _ لا شعوريا_ إلا أن مددت يدي إلى بندقيته قائلا: هذا حطسين، ففهم المعنى، أو أنه لم يستوعب مقصدي، فقال: ساع، أي أمش، فقلت له: وزملائي؟ (وكان ابني واحدا منهم) فقال: كلكم.

    فمشينا، فسألني أحد رفاق الطريق: كيف تجرّأت وأمسكت ببندقية، كان يمكن أن يطلق عليك النار! تدرون؟! فعلا؛ فهو الذي أطلق علينا النار، قبل أسبوع، عندما سلكنا طريقا جانبية، فأخبرتهم بحقيقة ما جرى بيني وبينه من حوار، فعجبوا منه. وكان في برنامج محاضراتي ذلك اليوم لقاء مع طلبة مساق علم اللغة العام، وكان موضوع المحاضرة، صدفة، عن دور اللغة في الانتماء الحضاري للإنسان، فلم أجد خيرا مما حدث لأشرحه لطلابي، ولبيان أهمية الدور الذي تلعبه اللغة في منح الفرد شعورا بالانتماء إلى المجتمع الذي يتكلم لغته، والدور الذي تؤديه في التقريب بين من يتكلمونها حتى لو لم يكونوا من أصل عرقي واحد.

    فذلك الجندي كان يشعر، بين بقية الجنود، بالعزلة؛ فهو لا يفهم لغتهم، ولا هم يفهمون لغته، حتى إذا وَجَدَ من يشاركه في معرفة لغته، أبدى له بشاشة وسهّل عليه الأمر، حتى لو كان مكلفا بالتضييق عليه وإيذائه.

    واليوم، فإن العلاقة بين الشعوب قد تداخلت عناصرها إلى درجة خطيرة، ولم تصبح مجرد مشكلة ثقافية أو حضارية، وإنما أضحت مشكلة سياسية وأمنية، وهي تشكل تهديداً حقيقياً للسلم والأمن الدوليين. ولذلك؛ فقد بات من الضروري أن نبحث عن لغة واحدة لتحقيق التفاهم المرجو بين الشعوبّ، ولا نعني باللغة هنا أن تكون واحدة في ألفاظها ومعانيها، فذلك لا سبيل إلى إنجازه، وهو مناف للنواميس الكونية، وللفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولا أن تكون لغة مصطنعة كالإسبرانتو، لأنها أثبتت عدم جدواها، ولكن المقصود أن تكون المعاني المتداولة مشتركة، ومتفقا عليها بين سائر الأمم، فكلمة الإرهاب مثلا، من الكلمات التي تختلف دلالتها بين الشرق والغرب، فبينما هي مقدسة عند المسلمين، باعتبارها اصطلاحا قرآنيا يعني الإعداد للردع، نجدها تعني عند الغربيين الإجرام والعنف غير المبررين.

     

    ولتحقيق ما تقدم؛ فلا بد من "تجديد البناء الحضاري للعالم أجمع، بالتحالف بين الحضارات، لا بالحوار فقط، وبالتعاون المثمر بين الأمم والشعوب، وهذه مهمة قيّمة لأولي العزم والحكمة وذوي الإرادات الخيّرة والعقول النيّرة من شتى  المشارب والاتجاهات، ومن  مختلف الحضارات والثقافات، لبناء مستقبل آمن ومزدهر، لا تُنتهك فيه كرامة الإنسان، ولا تهدر حقوقه، ولا يطغى فيه القويّ على الضعيف، إنما يحتكم فيه الجميع إلى القانون، وتسوده قيم التعايش والتسامح والمواطنة الإنسانية". http://www.islammemo.cc/filz/one_news.asp?IDnews=1079 

     

    فالتحالف بين الحضارات من وجهة النظر العملية، هو من أقوى الوسائل المتاحة لإصلاح شؤون العالم، وللإسهام في إنقاذ الأسرة الإنسانية مما تتخبط فيه من مشكلات تَتَراكَمُ وأزمات تَتَفاقَمُ، فشلت السياسة الدولية حتى الآن في إيجاد تسوية عادلة وحلول حاسمة لها بالدبلوماسية التقليدية، وبالأساليب الاعتيادية التي تفتقر إلى الصدق والجدّية والإخلاص، وتفتقد كذلك إلى العدالة و الروحَ الإنسانية. http://www.islammemo.cc/filz/one_news.asp?IDnews=1079

     

    ولا بد لإنجاز هذه المهمة من وحدة اللغة التي يتفاهم بها الناس، بحيث تكون المعاني المقصودة بكلامهم، وإن اختلفت مخارجه ومدارجه، واحدة لدى الناس كافة. ولما كانت مادة النصوص أخطر المواد التي يتربى عليها الطلبة، فقد بات لزاما أن تعدّ، أو تختار بطريقة محكمة ومدروسة.

     

    ولتحقيق ما تقدم؛ فإن من الضروري عقد مؤتمرات وتنظيم لقاءات بين مدرسي اللغات على الصعيدين الوطني والدولي، لوضع استرتيجية تتناغم مع متطلبات العولمة القائمة على أسس العدل والمشاركة الحقيقية بين الشعوب، بحيث يُتفق على الخطوط العريضة في مجال الأهداف التربوية التي يوجَّه إليها الطلبة من خلال النصوص المختارة، وعلى تقديم صورة الآخر فيها على النحو الذي يريده هو ما دام ملتزما بالعمل المشترك وما يقتضيه من مراجعة للذات.

    ولا بد في هذا السياق من التيقّظ إلى بعض الاصطلاحات والمفردات التي تنطوي على أحقاد تاريخية؛ فلا يُسمح بتداولها في النصوص المدرسية، وأن يُصار إلى إجماع دولي على تحديد كثير من المفاهيم التي هي محل اختلاف بين الأمم، وضع معجم دولي تعتمده كل الأمم؛ مما لا سبيل إلى تحقيقه إلا إذا توفرت النيات الحسنة لدى الدول التي تمارس الاستبداد، وإلى أن يتحقق ذلك فلا بد من الحفاظ على الثوابت الحضارية من خلال ما نقدّمه لأبنائنا من وجبات الفكر والثقافة؛ مع استمرار الدعوة لإشاعة العدل في ربوع العالم، والسعي لإقامة مجتمع عالمي واحد.

    فلو نظرنا إلى ما يوازي ذلك في الدولة العبرية، لوجدناه مختلفا جدا، فالمقررات المخصصة لتدريس اللغة العربية لليهود تطفح بالعداء الحضاري للعرب والمسلمين، وتنم عن تخطيط وكيد مدروسين يجسدان الصراع،  ويكرسانه، فقد اطلعت على كتاب اللغة العربية (لعله لطلبة الصف السادس)، ووجدت غلافه يوحى بازدراء للشعب الفلسطيني، ويتعمد تقديم صورة سلبية لنمط حياته، إذ كان عليه صورة مدخل قرية غير معبد، وفي الصورة بيوت بدائية، وفي خلفية الصورة مئذنة مسجد، وعلى قارعة الطريق وعاء للقمامة مُنجَفٍ وقد تراكمت القمامة من حوله. وربما كان هذا المشهد مألوفا في القرى والمدن، حتى عندهم، ولكن أن يُسلط الضوء عليه في غلاف كتاب القراءة العربية فذلك (عدوان حضاري).

    وإن العداء، كما تقدم، ليتجاوز النصوص الحديثة إلى المصادر التراثية والمعاجم اللغوية، سواء ما كان من ذلك في العبرية، أو سواها مما انتقل إليها من العبرية، ومن ذلك كلمة Saracens التي تطلق في العادة على العرب وأحيانا على الشرقيين، وهي مشتقة من" سارا كنوا" المحوّرة عن " قنيّة سارة" أي عبيد سارة، زوج إبراهيم عليه السلام، يريدون بذلك أبناء هاجر؛ إسماعيل عليه السلام وأبناءه، وهم العرب؛ فأنّى لنا أن نمحو هذه العقيدة اللا إنسانية التي تعشش في العقلية اليهودية، والتي انتقلت منها إلى عقليات شعوب غربية أخرى؛ إذ نجد الكلمة متجذرة في المعجم الإنجليزي؟.

    وجدير بالذكر أن هذا الموقف يأتي منسجما مع عقيدة أخرى تتمثل في إطلاقهم اسم "جوييم" على الأغيار، أي على من سواهم، والنظرة الدونية التي تحملها هذه الكلمة في المعجم العبري.والفلسطيني، بل العربي،  في أدبهم "لا يقتل إلا النساء والأطفال والشيوخ، ولا يعرف الرحمة ولا يهتم بالنظافة، وحين يقبض عليه اليهود يصبح جباناً ذليلاً ينفذ الأوامر كالعبيد ولا يجرؤ على الرفض، وحين تتاح له الفرصة يغدر ويكذب. (سلفيتي، أشرف، هكذا يربي الإسرائيليون أولادهم، http://al-shaab.org/GIF/21-02-2003/a21.htm)

    ثم كيف نتخلص من الدلالة المعجمية التي استقرت لدى الأوروبيين، ومنهم لدى كثير من أهل الأرض لكلمة بربري التي لم تكن تنصرف لأي دلالة منكرة، حتى استعملها بعض الأوروبيين لدلالتها المألوفة اليوم؛ التي تقع على معنى (الهمجي، أو المتوحش)، هذه الدلالة التي تشكّلت جراء ما لاقوه من بأس وهزائم على يد قبائل البربر عندما اصطدموا بها.

    وختاما لهذا البحث نستطيع أن نقول إن اللغة بقدر ما يمكن أن تقرّب بين الشعوب؛ فإنها يمكن أن تكون أداة لتأجيج الصراع، فالقتال قبل أن يكون على الأرض إنما يكون في العقول، وما اللغة إلا ترجمان لتلك الانفعالات تماما على نحو ما قاله الشاعر العربي:

    إن الكلام لفي الفؤاد وإنما   جُعل اللسان على الفؤاد دليلا

    ومن المناسب هنا أن نشير إلى دور الترجمة والمترجمين في إشاعة أسباب التلاقح والتقارب الحضاريين بين الشعوب؛ مما يُسهم آخر المطاف في تجانس المجتمع البشري في أرجاء العالم بأسره، لا سيما أن ظروف التواصل والاتصال غدت ميسورة على نحو لم يشهده العالم من قبل، فغدا به قرية صغيرة بحق.

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • Thiseerrorb said...
  • this is a good topic,weldone! new era caps
  • Wednesday, May 22, 2013
  • فاضل said...
  • أسأل هل ترجمت أشغال إدوارد سابير إلى العربية؟
  • Thursday, July 25, 2013
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me