An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Monday, April 9, 2012
  • الرّوح والنفس والنسمَة
  • Published at:مجلة الخفجيالسنة الخامسة والعشرون , العدد الرابع أكتوبر ( تشرين الأول ) 1995_ جمادى الأولى 1416 هـ

  • أ.د. يحيى جبر

    نقول في التعداد السكاني ألف نسمة، أو ألف نفس، وربما قيل ألف روح، كل ذلك تعبيرا عن الإنسان ذكراً كان أو أنثى، وفي أي مرحلة من مراحل الحياة، وليدا يحبو، أو عجوزاً فانياّ ... ولكننا لا نستخدم تلك الألفاظ في احصاء الموتى .

    وتكشف لنا اللغة عن السر الذي يكمن وراء هذه الألفاظ :

    نفس، ونسمة، وروح، وذلك بالتأمل في المفردات التي تشترك معها في أصلها، وفي ما تدل عليه تلك الألفاظ ودوره في حياة الإنسان .

    ومن تلك الألفاظ النسيم، لاشتراكه مع النسمة في الأصل اللغوي، والنسيم هو الهواء المتحرك بلطف، ينعش الإنسان، ويداعب الأغصان، ولا يثير غبارا .... وما سمي الإنسان نسمة إلا بعد نسبة الهواء المتحرك في مجراه منه .... فالإنسان نسمة وإنسان ما دام حياَ، ولا حياة إلا إذا جرت النسمة في جهازه التنفسي، وهي الهواء المتحرك في ذلك المجرى، ولا تكون حركته في الغالب إلا لطيفة .

    والإنسان نفس، وتشترك هذه الكلمة مع \" نفس \" في أصل لغوي واحد، والنفس من الإنسان معروفة، والنفس أيضا هو الريح اللطيفة، وحركة لطيفة على نحو ما يفهم في قوله تعالى : \" والصبح إذا تنفّس \" .

    وقال اسحق ابن خلف البهراني في النفس بمعنى الريح :

    وَجَرَت عليه أنفاس الريّاح

    يعني روضا طاقت به ريح لطيفة فماست أغصانه وتأودت .

    والإنسان روح، والروح ذلك الكائن اللطيف الذي يلازم الجسد، وتكون به الحياة ما دام الهواء يتحرك في مجراه من الإنسان، والروح والريح، الذي هو الهواء المتحرك، من أصل واحد، هو الراء والواو والحاء .

    وأصل الريح \" رِوح \" فقلبت الواو الساكنة ياء بسبب الكسرة التي قبلها .

    وتظهر هذه الواو في جمع الريح على أرواح، حيث تشترك الريح والروح في صيغة الجمع هذه .

    قال النّمر بن تولب :

    وبوارح الأرواح كلّ عشية             هيف تروح وسيهك تجري

    أي أن الرياح تهب حارة كل مساء، وذكر منها الهيف، وهي ريح حارة تهب على الجزيرة العربية من قبل اليمن، أما السيهك، فهي الريح التي تلزم مجراها وتؤثر فيه بالتعرية وبهذه الصيغة تروي أبيات ميسون الكلبية، وزوج معاوية وفيها تقول :

    لبيت تخفق الأرواح فيه                أحب إلي من قصر منيف

    تعني ببيت الشعر، خيمة البدو العربي في كل مكان .

    ترى هل تواضع العرب على إطلاق هذه الألفاظ روح، ونسمة، ونفس على الإنسان ...؟ فأدركوا حقيقة العلاقة بين الهواء والحياة ؟ أم أن هذه الألفاظ جاءت مصادفة لدلالتها ؟ وأي صدفة هذه جاءت محكمة ؟ الأقرب إلى الأخذ أن القوم لم يتواضعوا على ذلك، وأن الأمر لم يك صدفة، ولكنها اللغة المقدسة، لغة أهل الجنة، ولغة القرآن الكريم، اختارها الله لكتابه ودينه، وأحكم أصولها ومعانيها، وقدّر العلاقات بين ألفاظها ودلالاتها .... ثم أجراها على الألسن فتصرفت بها الناس، ولكن جوهرها وأرومتها يتجليان في كثير من الحقائق التي يكشف عنها التبصر في مفرداتها والتأمل في معانيها .

     

     

     
  • Bookmark and Share Email
     
  • asimhusien said...
  • thnx for this permission
  • Thursday, May 15, 2014
  • عمر علي said...
  • مقال رائع في موقع أروع تحية لجامعة النجاح
  • Wednesday, October 30, 2013
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me