An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Monday, February 9, 2009
  • مستقبل الحركة الإسلامية (الدستور الأردنية، الخميس28/6/1990
  • Published at:Not Found
  • مستقبل الحركة الإسلامية

     

    الدستور الخميس28/6/1990

     

              كشفت المحاضرة التي ألقاها الدكتور موسى الكيلاني مساء الأربعاء في المركز الثقافي الملكي بعنوان " مستقبل الحركة الإسلامية " – كشفت عن حقائق خطيرة، يجدر بنا أن نقف عندها طويلاً.

              ولعل أخطر الحقائق هو شيوع ظاهرة التفسخ في الجسد الإسلامي، وبروز ظاهرة التناحر، والتنافس القائم على مواقف مسبقة، يقفها هذا الطرف من الآخر، ومما يزيد الأمر خطورة أن الأمة الآن تمر في أعصب مرحلة من تاريخها الحديث، بعد سقوط دولة الخلافة الإسلامية في استانبول، على أيدي الكائدين للإسلام من صليبية أوروبية، وصهيونية يهودية وعنصرية طورانية.

              وترجع هذه الخطورة – الآن – إلى أن الأمة استنفدت طاقاتها، وبذلت محاولاتها فركبت زعاماتها خيل الوطنية، وخيل القومية، وخيل الشيوعية فلم تفلح في تحقيق أي تقدم من شأنه أن يحافظ على بقائها وارتقائها إلى مصاف المنافسة، ودرجة حرارة التحديات التي تحيق بالأمة.

              غير أن ثمة خيولاً أخر، من نوع مختلف، لم تجربها زعامات الأمة، وهي خيول الإسلام، بالرغم من قيام عدد كبير من الحركات والأحزاب الإسلامية في أرجاء دار الإسلام الممتدة بين خافقي الأرض، ودعوتها الحكام التي تبني المنهج الإسلامي في الحكم والسياسة الداخلية والخارجية، ولكن دون جدوى، بل كأنّ في اتفاقيات الاستقلال عن التبعية الإنجليزية والفرنسية بنداً سرياً ينص على مقاطعة الإسلام، والعمل على عزل الرعايا عنه.

              وقد علقت الجماهير المسلمة الآمال العريضة على الحركات الإسلامية المختلفة       ( بمعنييها )، ولكن أيا منها، في البلاد العربية على وجه الخصوص، لم تفلح في تحقيق أي انتصار باستثناء ما حدث في السودان لفترة وجيزة، وفي حدود السودان فقط، دون أن يمتد بأثره إلى خارجه، وما تم أخيراً في الجزائر([1]) من انتصار الحركة الإسلامية الذي يرجى أن يمتد بأثره إلى شمال أفريقيا وغربها، يضاف إلى ذلك ما نلمسه في لبنان وفلسطين من تصاعد دور الحركة الإسلامية في حملة التحرر ضد الصهاينة ودعاة الطائفية.

              ويؤمل المسلمون خيراً في التقارب الذي بدأت بشائره تلوح في الأفق بين العراق وإيران بعد الحرب الضروس التي أسهمت في وقف عملية البناء الإسلامي.

              إلا أن انكشاف معاقل الأمة الإسلامية، وضعفها الذي لم يعد سراً على أحد، على أعدائها قبل من يدّعون أنهم أصدقاؤها، يغريان بها أعداءها التقليديين وعلى رأسهم أمريكا – مروراً بالولاية المستوطَنة في فلسطين.

              إن الهجمة المعادية الآن في أشدها، وقد نالت من البنيان الإسلامي، وأوهنته، وهي تراهن على البقية الباقية منه، ولا أمل للأمة في نصر أو استمرار، ما لم تفق من سكرتها، وتجمع صفوفها مبتعدة عن أسباب الشقاق المذهبي والقومي والوطني والمادي، التي زرعها المستعمرون فينا، وتمسكنا بها حرصاً منا على التودد لهم وإرضائهم.

              إن هناك ما يمكن أن يمثل قاسماً مشتركاً بين جميع الحركات الإسلامية يجب أن تلتقي عليه، وأن تتضافر جهودها من أجل تحقيقه، وهو العمل على خلق " حالة إسلامية " كمقدمة لأي مرحلة أكثر تطوراً، وقد فقدت الحركات والأحزاب الإسلامية، التي ظهرت على الساحة منذ وقت مبكر، كثيراً من امتدادها الشعبي، واهتزت صورتها في عيون الناس، لأنها بالرغم من طول عهدها بالعمل لم تنجح في تحقيق أهدافها، ولم تطور أساليبها بحيث تستطيع أن تتجاوز العراقيل المستجدة، وتتعامل مع هذا الواقع بما يناسبه.

              وهذا يعني أن الجماهير المسلمة، تحت وطأة ما يحدق بها من الأخطار، لا يمكن أن تقبل، بحال من الأحوال، استمرار الصراع الفكري بين قادة الأحزاب والحركات الإسلامية، وهي – الجماهير الإسلامية – أداة هذه التكتلات في سلم وحرب، وقد بات لزاماً على هذه الجماهير أن تفرض عليها الوحدة، وأن تتجمع في صف واحد، جرياً وراء هدف واحد، وإنها لقادرة على ذلك إن هي أخلصت في العمل، وترفعت عن الخلافات، وأعطت فرصة لكل مسلم كي يشارك في العمل بفتح صفحة جديدة. والغريب في الأمر، أن بعض الاتجاهات الإسلامية، قد تتحالف مع اتجاهات غير إسلامية ضد اتجاه إسلامي آخر .. بل ربما التقوا مع الشيوعيين ضد بعض من يتخذون من الإسلام شعاراً لهم.

              إن التوتر الذي حدث في المركز الثقافي الملكي بين بعض الفئات الإسلامية. في أعقاب محاضرة الدكتور الكيلاني، ينذر بمستقبل مظلم للحركة الإسلامية ما دامت خاضعة للزعامات الفكرية التقليدية التي تقودها إلى مزيد من الصراع، ومن يدري فقد تتعرض البلاد للعدوان، وتنتهك الحرمات، وتحتل الأرض، وهؤلاء ما يزالون يتجادلون ويتصارعون … لو لم يحدث شيء من ذلك في سالف العهد يمكن أن يكون فيه معتبر لمن أراد أن يعتبر.

              وهذا يستدعي، من جميع المسلمين، في هذا البلد وفي غيره، أن يرفعوا شعاراً واحداً يتنادون به وهو: يا مسلمي العالم اتحدوا، فأنتم هدف الأعداء وأنتم غرض الرامي.

              لقد كان موضوع المحاضرة مستقبل الحركة الإسلامية، ولما كان المستقبل من صنع الأقوياء – بعد مشيئة الله عز وجل – وكانت القوة رهينة بالوحدة، فإن المستقبل – مرة أخرى أقولها – قاتم كريه ينذر بالويل، ما لم تتحد الحركات الإسلامية، باختيار مباشر من زعمائها، أو نزولاً عند رغبة الجماهير المسلمة، التي بدأت تدرك أبعاد لعبة شد الحبل، والمخاطر الجمة التي ستجرها عليها إن هي استمرت في ممارستها.

              فيا أيها المسلمون اتحدوا، ولا تتفرقوا عن سبيل الله الواحد، وتداعوا إن كنتم جادين إلى مؤتمر للصلح .. إن الصلح ممكن إن كان لدى المتخاصمين فيه هوى.



    ([1])  كتبت هذه المقالة قبل تراجع الشاذلي بن جديد عن " الديمقراطية " التي مكّنت " الإسلاميين " من الفوز.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me