An-Najah National University

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber

موضوعات النصوص المدرجة شتى،لم أدرج نصوصا لقدمها ولا احتفظ منها بنسخة إلكترونية، ولمن يخالفني الرأي أن يحاورني قبل أن يحكم علي، فلعلي غيرت

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Sunday, February 15, 2009
  • مسلمو قوصوة والشيشان
  • Published at:Not Found
  • مسلمو قوصوة ( كوسوفا )

     

            لم تزل قوصوة إقليماً إٍسلامياً منذ فتحها المسلمون 1389 على يد الخليفة العثماني مراد الأول الملقب بالصاعقة، ففي ذلك العام بسط العثمانيون نفوذهم على بلاد البلقان بأسرها، واستمر ذلك إلى أن شارف القرن الميلادي 19 على الانتهاء، حين بدأت بعض الأقاليم تتمرد على الإدارة الإسلامية، مما أدى إلى انحسار النفوذ العثماني، وانسلاخ الأقاليم الإسلامية عن الدولة الأم، وخضوعها بشكل أو بآخر للإمبراطورية البروسية المجرية، واستمر ذلك حتى عام 1912 إذ أسند الخلفاء إدارة قوصوة إلى صربيا التي بادرت إلى اقتطاعها من الأراضي الألبانية خوفاً من إقامة ألبانيا الكبرى( وهي دولة مسلمة ) فتهدد بذلك منطقة البلقان وأوروبة.

            وفي عام 1968 انتفض المسلمون ضد النظام اليوغسلافي مطالبين بالاستقلال، فأمر الرئيس اليوغسلافي جوزيف بروزتيتو بقمع انتفاضتهم بوحشية بالغة، فقتل قياداتهم وزج بكثير منهم في السجون، غير أن تيتو منح الإقليم (سنة 1974) حكماً ذاتياً أسوة بغيره من الأقاليم الأخرى. ولكن الرئيس اليوغسلافي سلوبيدان ملوسوفيتش ألغى ذلك عام 1989 عندما زار الإقليم بمناسبة مرور ستمائة عام على معركة قوصوة قائلاً إنه سيعيد أمجاد مملكة صربيا، مؤكداً واجب الثأر التاريخي ( خطابه في 23/3/1989 ).

            وفي عام 1991 انتفض المسلمون في ذلك مطالبين بالاستقلال، وبادروا إلى إعلان جمهورية قوصوة المستقلة، وما لبثوا حتى انتخبوا إبراهيم رجوبا رئيساً للجمهورية. وهنا ينبغي أن نشير إلى ما دار حول شخصية إبراهيم من أقوال تتصل بتواطئه مع الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تسعى – وما تزال لإلغاء نتائج الحرب العالمية وتعديل خرائط كثيرة.

            ولكن الصرب لم يتركوا المسلمين وشأنهم، بل مارسوا ضدهم أبشع المجازر فحرقوا القرى، ودمروا المساجد، وأتلفوا المحاصيل وسجنوا من المسلمين أعداداً كبيرة، وفي هذه الأثناء تدخلت الدولة الأوروبية، ولكن الصرب كانوا يرفضون معتبرين ذلك تدخلاً في شؤونهم الداخلية.

            ونشط جيش تحرير قوصوة الإسلامي، فسيطر عام 1998 على نسبة من مساحة الإقليم مما أزعج الولايات المتحدة، فضيقت الخناق على المسلمين بتجميد أرصدتهم في سويسرا، ومع استمرار الضغوط الأوروبية استجاب ملوسوفيتش وقبل مبدأ التفاوض، ولكنه ظل يراوغ حتى قبل بإدخال 2000 مراقب دولي للإقليم.

            وفي 24/3/1999 هاجم حلف الأطلسي صربية وحليفتها جمهورية الجبل الأسود مما أدى إلى رد فعل عنيف من الصرب تجاه المسلمين، فارتكبوا أبشع الجرائم في حقهم، وهاجر من هاجر، ولعل منهم من لم يعد إلى اليوم، وقد نال الإقليم حكماً ذاتياً من جديد، بعد أن أطيح بالنظام الصربي، وقدم ملوسوفيتش لمملكة العدل الدولية بصفته مجرم حرب.

     

    جغرافية الإقليم:

            تبلغ مساحة الإقليم الأصلية نحواً من عشرين ألف كيلو متر مربع، ولكن ما تبقى للمسلمين اليوم لا يتجاوز 10887 كم2 بعد أن استولى الصرب على جزء كبير منه.

            ويبلغ عدد سكانه حوالي 2ر5 مليون نسمة 94% منهم مسلمون. وعاصمة الإقليم برشتينا.

     

    الواقع الثقافي:

            في قوصوة واحد وعشرون مركزاً إسلامياً، وكلية للدراسات الإسلامية ومدرسة ثانوية مشهورة تعرف باسم مدرسة علاء الدين، ولها فروع شتى في المدن المختلفة من الإقليم. كما أن فيها نحواً من خمسمائة مسجد، إضافة إلى مئات المدارس والمعاهد، وبعض الجامعات،  وأشهرها جامعة برشتينا ( العاصمة ).

            والشعب القوصوي مثقف، ويتمتع بحرص كبير على طلب العلم، غير أنه انتكس ابتداء من عام 1991 بتفشي البطالة وتدهور الأوضاع الداخلية ومع اشتداد المقاومة.

            ويصدر في قوصوة عدد كبير من الصحف المحلية، ويهتم أهلها بعلوم الدين واللغة العربية وآدابها، وهناك مكتبات كثيرة تحتوي على آلاف المخطوطات العربية والإسلامية.

            كما أن الجهات المعنية توفد كثيراً من الدارسين إلى البلدان العربية والإسلامية لمتابعة الدراسات العليا، وأذكر، هاهنا في ما أذكر، صديقي الذي أقام معي في حي الدقي " مالوكو سليم " حين كنا نعد لدرجة الماجستير في اللغة العربة وآدابها في جامعة القاهرة سنة 1975م.

     

    قوصوة والعالم الإسلامي:

            ومما يؤسف له أن العرب خصوصاً والمسلمين عموماً لم يأبهوا بما أصاب مسلمي قوصوة من نكبات، ولم يهبوا لنجدتهم اللهم إلا بعض المتطوعين الغير على حمى الإسلام، وإلا بعض المتصدقين الذين بادروا إلى تقديم العون المالي لإخوانهم المنكوبين هناك. بل إن من الدول العربية والإسلامية من أَيَّد الصرب في عدوانهم على مسلمي قوصوة.

            وما زال المسلمون هناك في أمس الحاجة إلى مد العون مادياً وثقافياً، وسياسياً حتى يتمكنوا من مستلزمات المواجهة الحضارية والتحديات المحدقة بهم.


    المسلمون في الشيشان

     

    الموقع:

    تقع جمهورية الشيشان بين داغستان شرقاً، وأنغوشيا غرباً، وجورجية جنوباً وستافرودل من الاتحاد الروسي شمالاً. ويعنى اسمها ( تشيتشينا ) جبال الثلج ولعلها المقصودة بقول أبي دلف الخزرجي الينوبوعي، سفير العباسيين لدى الصين، الوارد في المقدمة، والذي يبين عظمة دولة الإسلام وامتدادها:

    فنصطاف على الثلج

    ونشــــتو بلد التمـر

     

            ويبلغ عدد سكانها قرابة 5ر1 مليون نسمة، وعاصمة الدولة غروزني، وتعني المرعب، وتتألف الدولة من 14 محافظة، وأكثر من 400 قرية ومدينة، وتبلغ مساحة الإقليم حوالي مائتي ألف كم2.

     

    عهدها بالإسلام:

            بدأ الإسلام ينتشر في إقليم القوقاز إبان الخلافة الراشدة، أما بلاد الشيشان فقد تأخر دخولها في الإسلام، وذلك بسبب الطبيعة الجبلية للإقليم، ولأن مملكة الخزر اليهودية، وجورجية كانتا تحولان دون تقدم المسلمين إليه.

            وفي أواخر القرن الميلادي الثامن عشر بدأت أطماع روسية القيصرية تمتد إلى بلاد القوقاز جنوباً، ولكن الشيشان هبوا سنة 1785 يقاومون الغزاة تحت قيادة الشيخ منصور أوشورما الذي ارتقى شهيداً عام 1794م.

            وفي عام 1834م ثار الشيخ شامل بن محمد وأخته فاطمة على رأس عدد كبير من مجاهدي الشيشان، وخاضوا معارك كثيرة ضد الروس، الذين ألقوا بثقلهم في ميادين الحرب على مدار ربع قرن مما أدى إلى استشهاد ما يعادل ربع الشيشان آنذاك، وتمكن الروس من اعتقال الشيخ شامل، ونفيه من بعد إلى الآستانة التي ما لبث حتى ارتحل منها إلى المدينة المنورة ليجاور مرقد النبي صلى الله عليه وسلم، ويقضي فيها نحبه من بعد.

            وفي عام 1860م تزعم المجاهد الشيشاني بوسفير حركة الجهاد في بلاد الشيشان. التي استغرقت نحواً من خمسة أعوام.

            وفي عام 1917م حاول مسلمو الشيشان استمالة القوات البلشفية التي أظهرت قيادتها وداً مصطعناً تجاه المسلمين، فردوا للشيشان مصحفاً قيل إنه يعود إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وحرضوا المسلمين على الثورة على واقعهم المزري، إلا أن لينين ما لبث حتى تنكر لهم، وبدأ حملة تهجير وإبادة جماعية ضد مسلمي ذلك الإقليم. وقد جسّد ستالين هذا التوجه المعادي في 23/2/1944م عندما أصدر مرسوماً بترحل الشعب الشيشاني المسلم إلى سيبيرية الأمر، الذي استمر حتى عام 1975م مما أدى إلى وفاة ما يزيد عن ربع مليون نسمة منهم، وهذا يفسر وجود أعداد كبيرة من الشيشان في الأردن وسورية وغيرهما.

            وفي ما بين عامي 1980م، 1989م ظهرت مجموعات شيشانية تطالب بالاستقلال وتشكلت جمهورية الشيشان بعد عودة المهجرين، وأعلنت استقلالها عن روسية الاتحادية     ( بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ) سنة 1991، بقيادة جوهر دوداييف، ولكن الروس هاجموا ذلك الكيان الفتي عام 1994 وتوالت الحوادث المفجعة في تلك الجمهورية حتى عام 1996م.

            وفي عام 1999م هبت مجموعة كبيرة من المسلمين في ذلك الصقع استجابة لنداء وجهه مجلس الشورى الإسلامي الداغستاني تتألف من حوالي ألفي مقاتل، بقيادة شامل بسييف، تهدف إلى تحرير كامل القوقاز من الاحتلال الروسي وراحت هذه المجموعة تتصدى للروس في كل مكان، مما حدا بهم إلى شن هجمات عنيفة ضد المسلمين، والإغارة بالطائرات على الداغستان، مما أدى إلى استشهاد المئات، وتهجير الآلاف. وقد أدى ذلك، من بعد، إلى ثورة عارمة بين المسلمين وارتفعت الأصوات تنادي حيّ على الجهاد، وشدد المجاهدون النكير على الروس.

            ولكن الروس قرروا غزو الشيشان، وسحبوا الاعتراف بالجمهورية، كما أرسلوا عشرات الآلاف من المقاتلين، والآلاف من الآليات التي راحت تقصف بلاد الشيشان دون هوادة، ومما أسفر عن هجرة ما يقارب 200 ألف نسمة.

            ومهما يكن من أمر، فتلك هي حال مسلمي الشيشان، وتلك مشاهد من أنشطتهم قديماً وحديثاً، وتحاول الولايات المتحدة من خلال دعمهم، أن تستغل قضيتهم لإثارة القلاقل في وجه الروس، خدمة لأغراض استكبارية.

            تلك هي أحوال المسلمين الشيشان، وهذه أحوال بلاد المسلمين من حولهم، وتلك هي تفليس ( تبليس اليوم، عاصمة جورجية ) تبكي ماضيها عندما كانت إحدى حواضر العالم الإسلامي. نسأل الله أن ينصر الإسلام وأهله وأن يرفع راية القرآن.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yahya Abdul-Raouf Othman Jaber
علم اللغة
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me