An-Najah National University

An-Najah Blogs

 

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Saturday, January 1, 1994
  • الجماعات الإسلامية
  • Published at:Not Found
  • الجماعات الإسلامية

    أ.د. محمد حافظ الشريدة

     

    لقد كان للجماعات الإسلامية تأثير كبير في العالم الإسلامي:

    فقد بعثت الأمل في قلوب المؤمنين بإمكانية إعادة الحياة الإسلامية الشاملة، بعد أن ظنّ أعداء الله – على مختلف مشاربهم – أنهم اجتثّوا الإسلام من جذوره. وقدّمت هذه الحركات نماذج من الشباب المسلم الدعاة إلى الله، بعد تربيتهم على الإسلام – روحياً وفكرياً وجسدياً – وهم يحملون أرفع الدرجات العلمية، ويختصّون في مختلف العلوم الكونية … فزادوا من ثقة الناس بالإسلام، ومن صلاحيته وقدرته على بناء النفوس والجماعات.

     

    ونقلت هذه الجماعات الفكر الإسلامي من فهم يستحيي منه أبناؤه، إلى حاكم يحكم على جميع الأفكار والنظريات الأخرى … وتحرّروا من الهزيمة الروحية والفكرية أمام الهجوم الاستشراقي اليهودي الصليبي الوثني الشيوعي الماكر … .

     

    وأحيت هذه الجماعات مبدأ الجهاد في سبيل الله، ونبّهت الجماهير إلى حقوقها المهضومة وكرامتها المسلوبة.

     

    ونبّهت هذه الحركات الدول الكبرى إلى خطر الإسلام … فشعر الكفر في كل مكان بأنه أصبح في خطر … وهذا هو سرّ الضربات الوحشية التي تكال لطلائع البعث الإسلامي، والحرب الضروس التي يشنّها الأعداء – بمختلف أنواعهم – على الحركات الإسلامية بشتى الوسائل … لإقامة حجاب كثيف بين الجماهير وبين الدعوة الإسلامية، لئلا تقوم للخلافة الإسلامية قائمة.

     

    حقاً لقد كان أفراد من هذه الجماعات أتباع رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وحملة رايته من بعده، والمبشّرين بدعوته … لأنهم – كما قال أحد روّادهم - : (فكرة وعقيدة … ونظام ومنهاج، لا يحده موضع ولا يقيّده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي … ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها … لأنه نظام ربّ العالمين، ومنهاج رسوله الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم).

     

    إنّ الواجب على حركات البعث الإسلامي المعاصرة: أن تقف صفاً واحداً أمام العدوّ المشترك… وألا تكون كالقنوات الصغيرة التي تخرج من النّهر فتضعفه! بل عليها أن تكون روافد تصبّ في النهر ا لكبير: فتزيده قوة واندفاعاً … وفائدة للناس والحيوان والنبات!!

     

    قال رسوله الله – صلى الله عليه وآله وسلم - :

    "إنّ الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جُحْرها وحتى الحوت في البحر ليصلّون على معلم الناس الخير"([1]).

     

    إنّ على هذه الجماعات أن تتّحد، وأن تبذل أقصى ما تملك في سبيل إعادة هذه الأمّة إلى دينها، وألا تضيّع جزءاً من وقتها وجهدها في محاربة بعضها بعضا!

     

    * لو أنّ أناساً كانوا في صحراء … وحان وقت الصلاة ولم يعرفوا اتجاه القبلة! فاجتهد كلّ واحد منهم بشأن القبلة، وصلّى كلّ منهم حيث أدّى به اجتهاده – بعد التحرّي … والاقتناع النّفسي أنّ القبلة حيث صلّى – فإنّ صلاتهم صحيحة، (وكلّ مجتهد … وكلّ مصيب بإذن الله). ولو أنّهم بعد ذلك واجهوا وحشاً مفترساً أو لصّاً أو شبّت النيران بقربهم … فالواجب يحتّم عليهم: أن يتّحدوا جميعاً، وأنّ يقفوا صفاً واحداً تجاه الخطر الداهم، لينجوا جميعاً، وأنّ يقفوا صفّاً واحد تجاه الخطر الداهم، لينجوا جميعاً … ولا يحقّ لهم أن يختلفوا أو يتلاوموا، قبل القضاء على الخطر وتحقيق الهدف.

     

    وهكذا فإنّ لكل جماعة تصوّروا معيّناً في الدعوة إلى الله … فمنها من يجتهد فيصيب … سواء كانت الإصابة 100% أو 90% أو 70% أو 50% أو 10% … ومنها من يجتهد فيخطئ! والكل مأجور – بإذن الله -  إنْ صحّ العمل وخلصت النية: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشركْ بعبادة ربه أحدا" (الكهف: 110).

     

    لقد اختلفت الجماعات الإسلامية – الموجودة على الساحة – في كيفية إعادة المسلمين إلى حظيرة الإسلام، وإقامة الخلافة الإسلامية من جديد.

     

    فمنها من رأت – بغضّ النّظر عن الأسماء والمسمّيات – أنّ طريق الخلاص: هو في التصفية – تصفية العقيدة من الشوائب، والعبادة من البدع – ثم في التربية بعد ذلك.

     

    ومنها من رأت: أنّ الحلّ كامن في تسلّم السلطة من أيدي الطغاة – ولو عن طريق الانقلابات – ثم فرض الإسلام بقوّة السلطان. ومنها من ذهبت: إلى أنّ الحلّ الصحيح هو التربية الروحية الطويلة، عن طريق تزكية النفس ومجاهدتها وإلزامها الجادّة، وعدم التدخّل في السياسة والاكتفاء بالكياسة.

     

    ومنها من ذهبت: إلى أنّ طريق التربية الأمثل: وعظ الجماهير وتبليغهم دين الله، بالحكمة والموعظة الحسنة.

     

    ومنها من ذهبت: إلى العزلة عن الناس وتكفير سواد المسلمين.

    ومنها من رأت: أنّ التربية لا تكون إلا بالإيمان العميق، والتكوين الدقيق والعمل المتواصل، والخطوات التدريجية.

     

    ومن هذه الجماعات: من ركّز على الجانب الروحي … ومنها من ركّز على الناحية الفكرية … ومنها من ركّز على الناحية العقدية – وخاصّة توحيد الأسماء والصفات، والابتعاد عن الشرك والبدع - … ومنها من ركّز على جانب الفكر والجسد. ومنها من أخذ حظّاً من كلّ هذه الجوانب.

     

    وأظنّ – وقد أكون مخطئاً – أنّ أياً من الجماعات الإسلامية المعاصرة لم تتوفر فيها جميع الشروط المطلوبة للجماعة الإسلامية المثلى! وإن كان بعض هذه الجماعات قد تحقّقت فيها غالبية الشروط المطلوبة، والبعض الآخر قد اتّصف ببعض هذه الشروط.


    ([1]) رواه الترمذي. أنظر النبهاني : الفتح الكبير 1/348.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

PROFILE

Mohammed Hafez Saleh Al- Shraidhe
 
Show Full ProfileArabic CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me