An-Najah Blogs :: http://blogs.najah.edu/author/emp_2117 An-Najah Blogs :: en-us Sat, 20 Apr 2024 05:48:07 IDT Sat, 20 Apr 2024 05:48:07 IDT [email protected] [email protected] تبسيط أحكام التجويدhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-3Published Articles إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا وبعد: فقد أكرمني الله تعالى وله الحمد والشكر على ذلك بتعلّم وتعليم أحكام التجويد طوال ربع قرن من الزمان، قرأت خلال هذه المدة كثيراً من كتب ورسائل التجويد المطوّلة والمختصرة - بالإضافة لتلقّي هذا العلم من أفواه الشيوخ الفضلاء في بعض مساجد وجامعات فلسطين والأردن والسعودية وقد استخرت الله تعالى في تأليف كتاب جديد في أحكام التجويد يستفيد من محاسن الكتب الحديثة ويتلافى سلبياتها ويصلح للناشئة والمبتدئين في تعلّم هذا الفن: فانشرح صدري لذلك، فكان هذا الكتاب مبسّطا يجمع بين آداب التلاوة وأحكام التجويد، بأسلوب علمي، وطريقة عصرية، وعرض مقنع جميل إن سبب تأليف مثل هذا الكتاب رغم كثرة كتب التجويد في الأسواق: عدم وجود كتاب مبسّط في متناول أيدي أبنائنا طلبة المدارس والمعاهد والجامعات، حيث إن مساق التلاوة والتجويد في جامعاتنا الفلسطينية الزاهرة يختلف إلى حدٍّ كبير عن دورات ودروس التجويد في دور القرآن الكريم التابعة لدوائر الأوقاف الإسلامية: في أن مدة الدورة في دور القرآن الكريم سنتان، وفي الجامعات أربعة أشهر وتهمل كثير من دور القرآن الكريم الحديث عن فقه التلاوة في ضوء السنة النبوية الصحيحة والفقه المحرر ومما ينبغي ذكره في هذه المقدمة أن كثيرًا من أبنائنا طلبة الجامعة الأعزاء وخاصة من كليات الهندسة والزراعة والعلوم والاقتصاد والآداب وخاصة من غير كليات الشريعة يأخذون مساق التلاوة والتجويد: مادة اختيارية حرة، وبعض الطلبة لا يحسن قبل دراسة المساق مجرد التلاوة فضلاً عن التجويد فكان من الضروري اختصار وتبسيط وتهذيب أحكام التلاوة وفقهها في كتاب صغير يسير، بعد أن عقَّدت بعض كتب التجويد هذا الفن بكثرة الاستثناءات والهوامش والتفريعات والخلافيات والأوجه الجائزة وغير الجائزة ومما زاد الطين بله كما يقال أن هذه الكتب ذكرت بعض الأحاديث الموضوعة والضعيفة وعرضتها في أحكام التلاوة؟؟ مع أن في الصحيح ما يغني عن الضعيف والموضوع وبعد: فمن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب الجديد في أحكام التجويد وغيره من الكتب القديمة أو الحديثة لا يغني عن تلقّي هذا العلم من أفواه العلماء والشيوخ المتقنين، فما جاء في هذا الكتاب من معلومات: عبارة عن نظرية ومعرفة وفهم أما التطبيق: فيكون بالممارسة العملية في حلقة الدرس وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وجزى الله خيرًا كل من يتفضل بنقد بناء أو نصيحة طيبة أو تصحيح خطأ وكل إنسان يؤخذ منه ويردّ عليه: سوى النبي الرسول المعصوم الخاتم صلى الله عليه وسلمالباطنية وكتاب الجفرhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-2Published Articlesالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد: فيقول زميلي العلامة محمد الخطيب في كتابة: الحركات الباطنية، ما ملخصة: كانت الباطنية وما زالت مصدر خطر على الإسلام والمسلمين منذ أن وجدت، بعد أن أدرك اعتداء الإسلام إن مواجهتهم للمسلمين وجهاً لوجه لن يجدي شيئاً في تحقيق أهدافهم والوصول إلى مآربهم، ولذلك كانت الباطنية بعقائدها وفتنها نتيجة لاتجاه جديد في الكيد للإسلام والمسلمين، عن طريق التدثر باسمه والتستر بحب آل البيت، وهي فكرة خبيثة ماكرة حاكها ودبرها عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام وعمل من خلال ذلك على نفث سمومه، وبثّ مؤامراته بين المسلمين، فادعى الموالاة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن ذريته، وحرّض على قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم أعلن أن عليا هو وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته من بعده، حتى وصل في نهاية الأمر إلى الزعم بتجسد الإلوهية في علي بن أبي طالب ومن خلال هذه الأباطيل والمؤامرات استطاع ابن سبأ أنّ يمهّد لتلاميذه ولكل من يريد الكيد بالإسلام والمسلمين، طريقاً خبيثاً سار فيه دعاة الباطنية بعد ذلك أن مصادر الفكر الباطني ليست من الإسلام في شيء، وإنما هي أفكار دخيلة على عقائد السلام تستر أصحابها، هادفين من وراء ذالك هدم المجتمع الإسلامي بعقائد وأساطير حطمها الإسلام، فلم يجدو أمامهم إلا هذه الطرق، التي تدل على الحقد الدفين في قلوبهم ونفوسهم على هذا الدين وأهله، وتحت لواء هذه الفرق والحركات التي اتخذ دعاتها الإسلام ستاراً لإخفاء أغراضهم، روجت الدعاية السرية مبادئ باطنية هادمه للإسلام مفوضة لأركانه ؟ وقد عمد دعات الباطنية إلى كتابه بعض الرسائل الملفقة على لسان أئمتهم لإظهار مشروعية السريّة والكتمان ويستدل هؤلاء على مبدئهم بأقوال موضوعة، وأفعال مزعومة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم فهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بثّ علي بن آبي طالب وبعض صحابته علوماً وأسراراً خفية أخفاها عن بقية صحابته لأنهم ليسوا أهلاً لذلك، والغرض من ذلك على حدّ زعمهم إخفاء أسرار الله تعالى عن غير أهلها، لأنها ما زالت كذلك مخفية عن غير أهلها مودعة عند أهلها أما أهل الأسرار الربانية، الذين خصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعلوم الباطنية حسب زعمهم فهم قلة، ومن هؤلاء سلمان الفارسي الذي يعتبر عند دعاة الباطنية صاحب السر العظيمالانتفاضة الفلسطينية من منظور إسلامي!http://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-1Published Articlesالحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإنّ الجهاد في سبيل الله أنواع منها: جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد المنافقين، وجهاد الكفار والقتال في سبيل الله أي جهاد الكفار له شروط غير متوفرة في فلسطين في هذه الأيام ومن هذه الشروط: وجود الأمير والجيش المسلم، والعتاد المكافئ، وغلبة الظن بتحقق النصر، وعدم تعريض المسلمين للهلاك دون فائدة، وأن يتحيّز المقاتل ـ عند الضرورة ـ إلى فئة، والفوز بالنصر أو الشهادة ـ وليس مجرد الموت ـ وبما أن معظم الأحكام الشرعية ـ ومنها الحدود ـ معطلة في معظم الدول العربية ـ ومنها فلسطين ـ فلا يجوز أخذ جانب من الدين ـ وهو قتال الأعداء دون استعداد ـ والتقصير من ثم في بقية الأحكام الشرعية وصدق من قال: خذوا الإسلام جملة أو دعوه وعلى فرض تحقق شروط الجهاد الشرعي في فلسطين اليوم فهل يجوز شرعاً: تمييع العقيدة في النفوس، كما تقوم به الحركة الإسلامية بالتحالف مع فصائل وطنية تتبنى غير الإسلام، وفصائل دينية تخالف أهل السنة والجماعة في الأصول؟ وعلى فرض أن المقاتلين في فلسطين يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا فهل يظن عاقل أن نتيجة ذلك: قيام الدولة الإسلامية في فلسطين؟؟نفخ الروح في الجنين بين الطب والدينhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/articlePublished Articlesالحمد لله في البداية والنهاية، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد المبعوث بالعناية للهداية، ورضي الله عن سلفنا الصالح الذين جمعوا بين العلم والإيمان والمعرفة والسلوك والدين والدنيا، فآتاهم الله سعادة الدارين أما بعد؛ فقد اهتم ديننا الإسلامي الحنيف بالجنين في جميع مراحل تكوينه، وهو أحد آيات الله الكثيرة المبثوثة في هذا الكون الفسيح، وكما اهتمت الشريعة بحياة الجنين وحرصت عليها فإنها حذرت من الاعتداء المادي أو المعنوي عليها، ومن أعظم الأدلة على عناية الإسلام بالجنين: أن الأحاديث الشريفة الصحيحة بيّنت أن الله تعالى وكّل ملكاً يراقب مراحل تطور الجنين، من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى كتابة ما ستكون عليه حياته وقد ذهب فريق من العلماء قديماً وحديثاً إلى أن الجنين يتمّ تخليقه وتكوينه ونفخ الروح فيه في الأربعين يوماً الأولى من حياته، واستندوا لأحاديث تشير وتلمّح إلى ذلك أهمّها حديث حذيفة رضي الله عنه- بالإضافة لما ذكره الأطباء من عمل القلب والدماغ والسمع والبصر في مرحلة مبكرة من حياته في بطن أمّه[1] ولكنّ الجمهور ذهبوا إلى التوفيق بين الأحاديث الصحيحة المتعارضة في الظاهر، وأخذوا بحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي ذكر فيه أن الروح تنفخ في الجنين بعد الأربعة الأشهر الأولى لا قبلها، وهذا لايعني أن الجنين في هذه الفترة بدون حياة، بل هو حيّ من أول يوم يتمّ فيه التلقيح، فهناك فرق بين الرّوح والحياة لأهمية هذا الموضوع، ولاختلاف العلماء في الوقت الذي يتم فيه نفخ الروح في الجنين، ولما قد يترتب على ذلك من تحريم الإجهاض أو كراهته أو إباحته، أحببت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع -الطبيّ الدينيّ- الخطير، وأسأل الله تعالى الهداية والتوفيق وقد اشتمل هذا البحث على مقدّمة وثلاثة فصول وخاتمة تحدثت في المقدمة عن أهمية الموضوع، وسبب اختياره وتحدثت في الفصل الأول عن معنى الروح والجنين، والفرق بين الروح والحياة، ومراحل تطور الجنين وتحدثت في الفصل الثاني عن الأحاديث الشريفة الواردة في ذلك، وأقوال العلماء في شرح هذه الأحاديث المتعارضة في الظاهر وذكرت في الفصل الثالث وهو صلب الموضوع- : الأدلة على أن نفخ الرّوح في الجنين يتمّ بعد المائة والعشرين يوماً وليس قبلها، وبيّنت ما يترتب على معرفة موعد نفخ الروح في الجنين من أمور وذكرت في الخاتمة خلاصة هذا البحث، والنتائج التي توصلت إليها وذكرت في نهاية البحث المصادر الرئيسة والثانوية التي رجعت إليها والله من وراء القصد وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين [1] د سامي: هذه جملة خاطئة لأن الطب لم يقل بعمل الدماغ والسمع والبصر في المراحل الأولى وإنما فقط عمل القلب البدائي في اليوم الثامن عشر بعد التلقيح أصول العقيدة في التوراة (المحرَّفة) - عرض ونقض –http://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/---------ndashPublished Articlesالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، وبعد: فمن نعمة الله على هذه الأمة المسلمة أنه تعالى تكفل بحفظ كتابه فقال : إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون الحجر 9، في حين لم يحظ كتاب رباني سابق بهذه الميزة ، حيث عهد الله تعالى للأمم السابقة بحفظ كتبها التي أنزل الله لها فقال: بما استحفظوا من كتاب الله المائدة 44 ومن المعلوم لدى المسلمين وغير المسلمين بل ومن المتفق عليه:- أولاً: أن الكتب المقدسة التي بين أيدي البشر هي : التوراة والإنجيل والابستاق ومعناها الأساس أو الأصل وهو الكتاب المقدّس عند أتباع الديانة الزرادشتية و الفيدا ومعناها المعرفة أو العلم: الكتاب المقدّس للهندوس، والقرآن الكريم كتاب الله المجيد ثانياً: أن تلك الكتب جميعاً سوى القرآن الكريم قد ثبت أن الغلط والاختلاف والتناقض والتحريف واقعة فيها جزماً، حتى لا يمكن نسبة كتاب منها إلى الله تعالى بعد ذلك فلم يبق إلا القرآن الكريم كتاباً ربانياً غضاً طرياً كما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أعظم التحريف الذي وقع في تلك الكتب التوراة والإنجيل خاصة التحريف في حقيقة الإيمان بالله تعالى ، وسائر أصول الإيمان مثل : الإيمان بالأنبياء ، والبعث ، والملائكة ، والوحي وقد راح أتباع التوراة المحرّفة يدافعون عن عقائدهم ويدّعونها حقاً تقرّبهم إلى الله وترضيه عنهم ولم يقفوا عند هذا الضلال البعيد ،بل إنهم على مرّ الزمان يهاجمون عقائد المسلمين، ويحاولون تزييف الحق وتغطية عين الشمس بغربال بل هم كما وصفهم ربّ العزّة تبارك وتعالى : يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون الصف 8 من هنا كان لابدّ لعلماء المسلمين ودعاة الحق أن يبينوا ضلالاتهم ويكشفوا تحريفهم، بل ويثبتوا تناقض معطيات كتبهم بعضها مع بعض ، ومعارضتها بديهيات الإيمان المسلّمة عند أصحاب العقول السليمة ، وتمكن مثل هذه البحوث من قبل علماء المسلمين من تعرية أحبار السوء ورهبان الشيطان، الذين غيروا وبدّلوا فباءوا بإثمهم وإثم من أضلّوهم ، ولابدّ من تأكيد هذه الحقائق بشتى طرق التوثيق، حتى يتم فصم وفصل تواصل العوام السذّج مع أولئك الضالين المضلّين أما سبب اختياري للحديث عن تحريف أصول الإيمان في التوراة: فسببه أن اليهود هم الذين نقضوا الدين الحق الذي جاء به عيسى عليه السلام فبدّلوه وغيّروه وادخلوا عليه عقيدة التثليث وغيرها من المفاسد ، وتوراتهم المحرّفة لا تزال تعتبر المرجع الأول للنصارى، وتسمى العهد القديم وهم كذلك الذين حاولوا أن يفعلوا في دين الإسلام مثل ما فعلوا في المسيحية، لكنّ الله تعالى ردّ كيدهم في صدورهم وجعل سهامهم في نحورهم وقد كانت أولى محاولاتهم المنظمة -المخطط لها- لهدم الإسلام في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أسفرت تلك المحاولات على يد عبد الله بن سبأ اليهودي اليمني الأثيوبي الأصل، أسفرت عن قتل عمر فاروق الأمة رضي الله عنه واستمرت تلك المحاولات حتى تمّ ابتداع دين الشيعة القائم على تقديس الأشخاص ورفعهم فوق مستواهم البشري، وهي فكرة تأليه المسيح عليه السلام، حاولوا إنزالها على علي رضي الله عنه وما زال اليهود يرعون الحركات التي تقصد هدم الإسلام، ويمدونهم بتصوراتهم التوراتية المحرّفة، حتى يمكن القول: إن أساس كل شرك وكفر وخلل عقائدي منذ قرون طويلة، إنما هو التوراة المحرّفة وفي نهاية هذه المقدمة أبين خطتي في هذا البحث، حيث جعلته في مقدّمة وأربعة مباحث وخاتمة كما يلي: المقدمة : وذكرت فيها أهمية البحث وسبب اختياري له وخطتي في إعداده المبحث الأول: الإله المبحث الثاني: الأنبياء المبحث الثالث: البعث المبحث الرابع: الوحي الخاتمة: وفيها خلاصة البحث والنتائج التي توصلت إليها وقد حرصت على الدقة والأمانة العلمية في تناول هذه القضية الهامة ورجعت فيما رجعت- إلى المصادر اليهودية الأصلية، حتى يتبين للمنصف أننا لا نفتري على الآخرين، وحاولت أن أعمل بالمثل الشهير: من فمك أدينك فحمداً الله على نعمة الإسلام، وحمداً له عزّ وجلّ أن عافانا معشر المسلمين مما ابتلى به غيرنا، من التحريف والتناقض الذي أوقعوا أنفسهم فيه والحمد لله أولاً وأخيراً، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً نابلس غرّة ربيع الأول 1423هـالمستقبـل لهـذا الديــن: من الألم إلى الأمل = الصحوة الإسلامية العالمية المعاصرةhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-25Published Articlesالمستقبل لهذا الدين[1] : يمرّ العالم الإسلامي بفترة سيئة في الوقت الحاضر نتيجة أسباب داخلية وخارجية كثيرة من الضعف والذلّ والهوان والضياع وغلبة الأعداء مع كلّ ما يعانيه من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وروحيّة والذي يراد بالعالم الإسلامي في المستقبل القريب أسوأ من ذلك كله بكثير إنهم في الحقيقة سائرون في ذات الطريق الذي بدأوه منذ أربعة قرون أو أكثر، منذ طُرِدَ المسلمون من الأندلس، ثم بدأت الحروب الصليبية الجديدة لمطاردة المسلمين في بقية الأرض، وإخضاعهم لسيطرة الصليبيين الحاقدة، وإذلالهم انتقاماً من الهزيمة الساحقة التي تلقّاها الصليبيّون في الحروب الصليبية الأولى، بعد كل ما بذلوه من الدماء والأموال، ولم يعودوا مدحورين فحسب، بل قامت دولة إسلامية في أوروبا ذاتها، ظلت تزحف زحفاً مستمراً قرابة ثلاثة قرون، وتستولي على بلاد نصرانية تخضعها لسلطانها، بل يدخل من سكانها في العقيدة الإسلامية عشرات الملايين ولكنّ العالم الإسلامي ظنّ في بداية القرن العشرين الميلادي وفي أثنائه، أنه قد تخلّص من الاستعمار واستردّ كيانه وحسّن أوضاعه فهل كان الظنّ حقا؟ لقد انتشر التعليم بعد أن كانت الجهالة هي السمة العامة لشعوب العالم الإسلامي، وتحسّنت الأوضاع الصحيّة بعد أن كان المرض متفشٍ، ووجدت مصانع صغيرة أو كبيرة تصنع الخامات المحلية، وتنتج بعض ما يلزم الناس في حياتهم، بعد أن كان كل شيء يستورد من الخارج وصارت هناك جيوش تستخدم أسلحة حديثة، بعد أن كان سلاحها متخلّفاً جدّاً، ودخلت الآلات الحديثة في الصناعة والزراعة والعمارة وملأت السيارات شوارع المدن، وإلى جانب ذلك انسحب الاستعمار من معظم بلاد العالم الإسلامي، واكتفت دول الاستعمار بنفوذها السياسي والاقتصادي، بعد أن كانت تحتلّ الأرض وترهب الناس، وسمح الاستعمار للدول الإسلامية أن يكون لها تمثيل دبلوماسي، وأن تحتلّ مقاعد في هيئة الأمم المتحدة ولكنّ هذه الظواهر لم تكن كلها صادقة كما يبدو لأول وهلة، فقد كان بعضها حقيقياً وبعضها خادعاً ولكنها كانت في جملتها خيراً مما آلت إليه الأوضاع بعد الحرب العالمية الثانية، بحيث يعتبر واقعنا المعاصر نكسة شاملة، بعد التقدّم الظاهري الذي كان في النصف الأول من هذا القرن كيف حدث ذلك؟ لما انتكست الأحوال وصارت تزداد يوماً بعد يوم؟ فلننظر أولاً في حالة التحسّن الظاهري الذي كان في مبدأ الأمر لقد حدث ولا شكّ قدْر من التقدّم برضا الاستعمار أو بغير رضاه ونستطيع أن نتصوّر أنّ روح الثورة على الاستعمار قد شحذت عزائم الناس، فأصرّوا على أن يتعلّموا وأن يُنتجوا وأن يصلحوا بعض ما رأوه فاسداً في حياتهم ولكن هناك أمراً خطيراً لم تلتفت إليه تلك الشعوب وهي تزحف نحو التقدّم والتحضّر والرقيّ لم تلتفت إلى المؤامرة الكبرى التي صاغتها دول الاستعمار جميعاً ضدّ كيانها الأصيل ضدّ الإسلام ولم تلتفت إلى عملية التسميم التي قامت بها دول الاستعماري في الأرض الإسلامية قبل أن تنسحب منها إنها لم تنسحب حتى أبرزت القيادات العلمانية التي تقود مرافق الحياة كلّها في العالم الإسلامي ولم تنسحب حتى كانت قد حررت المرأة المسلمة من دينها وأخلاقها وتقاليدها ولم تنسحب حتى بذرت في الأرض الإسلامية كل البذور السامّة الموجودة في المجتمعات الغربية، ولكن بدون عوامل القوة الإيجابية التي تؤخّر الدّمار هناك بذرت في العالم الإسلامي الفوضى الجنسية، والتحلل الخلقي، والتمزّق الأُسري والنفسي، والضياع الروحي، والقلق، والانتحار، والجريمة، والاستهتار بالقيم هل كان يتوقّع للشعوب الإسلامية وقد بذرت فيها كل تلك البذور السامّة أن تتقدّم حقيقة؟ أم كان يتوقّع لها الانتكاس الدائم والضعف المستمر، رغم كل مظاهر التقدّم المادي التي تطفو على السطح؟ لقد رأى العقلاء بوادر ذلك كله وأنذروا شعوبهم، فلم تستفق هذه الشعوب لصوت النذير، وظلت تلهث كالمجنون تستزيد من بذور السمّ، وكلما أخذت جرعة طلبت المزيد هكذا كانت الأمور تسير قبل الحرب العالمية الثانية قوّتان رئيستان مسيطرتان بريطانيا وفرنسا وقوى ثانوية تنافسهما، ولكنّ الجميع بالنسبة للعالم الإسلامي متعاونون على الهدف المشترك وهو حرب الإسلام، ووسائلهم الكبرى : الغزو الفكري، وتحرير المرأة، وإفساد المجتمع، وإبراز الزعامات العلمانية في جميع المجالات ولكنّ الحرب العالميّة قضت على الدولتين العظيمتين وأبرزت بدلاً منهما وحشين جديدين من نوع آخر هما: روسيا وأمريكا وأهمّ من ذلك كلّه أنها أبرزت النفوذ اليهودي سافراً على السطح لقد كان النفوذ اليهودي قائماً في العالم الغربي منذ الثورة الصناعية التي وقعت تلقائياً في أيدي المرابين اليهود، ولكنه لم يتغلغل قطّ كما تغلغل وبرز بعد الحرب العالمية الثانية، وسيطر على المعسكرين في الشرق والغرب، وصارت السياسة العالمية في يد اليهود، ينفّذونها عن طريق أمريكا وروسيا، أصرح وأوضح بكثير مما كانوا ينفّذونها من قبل خلال بريطانيا وفرنسا لقد وصل اليهود إلى قلب المنطقة الإسلامية وأقاموا دولة فلسطين، وحدث في أثناء قيام دولتهم المغتصبة، ذلك الحدث التاريخي الكبير: وهو صدام الفدائيّين المسلمين المصريّين مع اليهود وتبيّنت الصهيونية والصليبية كلتاهما أنّ الدولة التي تآمرتا معاً لإيجادها في قلب العالم الإسلامي، مهددة بالخطر إذا بقيت الحركة الإسلامية، فضلاً عن تعذّر توسّعها فيما بعد، إذا بقيت تلك الحركة على ما هي عليه عندئذ تلاقت العداوات كلّها بدرجة عنيفة على ضرورة القضاء الباتّ على الحركة الإسلامية ومن هنا بدأت مرحلة جديدة من التحطيم متمثلة في: التذبيح الوحشي للمسلمين، والتفتيت المستمر للعالم الإسلامي واستخدمت الجولة الجديدة أداة أشدّ فتكاً هي الانقلابات العسكرية وهكذا توالت المذابح الوحشية، وتصعّدت معها عملية إفساد الأخلاق في جميع المجالات وأصبحت الانتهازية عملة متعارف عليها لا يستتر أهلها منها وكان هذا كله جزءاً من السياسة العامة المطلوبة من قبل الأعداء، لتفتيت كيان الشعوب المحيطة بإسرائيل، فلا يبقى فيها شيء متماسك يمكن أن يقاوم أطماع اليهود أمّا العمل على الساحة الإسلامية: ففيه مشكلات كثيرة وغير هيّنة أبرزها: تفرّق الجماعات العاملة في الساحة وتمزّقها، وقيام بعضها بحرب بعض، وغياب القيادة التي يمكن أن تجمع العمل الإسلامي وتوحّد طريقه، ثم النقص في جوانب مهمة من جوانب التربية: العقيدية والحركية والفكرية والسياسية والروحية وعند هذه الصورة بالإضافة لما يراد بالمسلمين من سوء يقف بعض الناس فيرون كأنّ الطريق مسدود، وكأنّ الصحوة الإسلامية كلّها على وشك الانهيار وهذا غير صحيح وأعداء الإسلام يعرفون أنهم لم ولن يقضوا على الإسلام وإذا قلنا بأنّ المستقبل بإذن الله للإسلام، فلا نقول ذلك رجماً بالغيب، ولكن تتبّعا للواقع المشهود، وتتبّعاً للسنن الربّانيّة في الوجود ولو كان في قدَر الله أن يزول الإسلام: فربما كان أنسب حدث لهذا: إزالة الخلافة على يد أتاتورك ولكنّ قدَر الله اختار هذا الحدث ذاته ليكون بداية يقظة جديدة، ولو كان في قدَر الله القضاء على الصحوة الإسلامية الفتية - : فربما كانت أعمال أتاتورك الثاني جمال عبد الناصر أنسب ظرف للقضاء عليها ولكنّ الذي حدث أنّ كل مذبحة تقع: تأتي بمدد جديد من الشباب ينضم للصحوة الإسلامية، بل نرى أنّ الاتجاه للإسلام، والرغبة في تطبيقه كاملاً شاملاً: أصبح تيّاراً ذاتيّاً عند الشباب، لا يتعلّق بجماعة معيّنة، بل يمثّل تطلّعاً عامّاً عند الشباب؛ سواء التحقوا بجماعة أم لم يلتحقوا إنّ رجوع الأمّة للإسلام لم يكن عجباً، وإنّما العجب أن يشردوا عنه، وأن يثبتوا على هذا الشرود ولقد كان من أكبر أسباب هذا الشرود: الفتنة بالحضارة الغربية، ولكنّ الحضارة في طريقها إلى الانهيار، بعد انهيار الشيوعية في عقر دارها وإنّ الذي حلّ بالمسلمين لم يكن نتيجة أنهم مسلمون إنما كان بسبب الخواء التدريجي الذي حلّ بكل مفاهيم الإسلام الرئيسية، نتيجة خطّ الانحراف الطويل، الذي فرّغ كلمة التوحيد من مدلولها الحقيقي، وحوّل الإسلام إلى تقاليد ومظاهر خالية من الروح والحيوية ووضوح هذه الحقائق أمر لا يمكن وقفه فلا أوروبا وأمريكا تملك أن تتوقف عن الانهيار الذي هو صائرة إليه، ولا المعرفة بحقيقة الدين الإسلامي يمكن وقفها، وقد صارت عند الشباب من المسلّمات ومن روافد الصحوة الإسلامية كذلك: فشل النظم المستوردة في حلّ مشاكل الناس، وفشل الزعماء العلمانيّين في تحقيق ما كان الناس يعلّقونه عليهم من آمال وحين ييأس الناس من هذه النّظم ومن هذه الزّعامات فإلى أي يتّجهون؟ أنهم يتجهون للإسلام الحقّ بأعداد متزايدة تطلب الخلاص والوجود اليهودي في الأرض الإسلامية رافد من روافد الصحوة الإسلامية كذلك لقد أُنشئت الدولة اليهودية في مؤامرة صليبية صهيونية مشتركة، لتكون بمثابة الشوكة تخزّ العملاق كلما أراد النهوض ولكن إلى أين يتّجه الناس حين يتضجّرون ذات يوم من الوجود اليهودي وسيطرته في جميع مجالات الحياة؟ إنّ اليهود برغم ذكائهم الشرّير يعملون ضد صالحهم، ولكنّهم لا يملكون التوقّف عن العمل ضدّ مصالحهم، بسبب الحقد الأسود الذي يملأ قلوبهم ضدّ الإسلام ومن أصدق من الله حديثا؟ : لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا المائدة: 82 إنهم يستذلّون البلاد العربية، ولا يقفون في إذلالها عند حدّ لأنهم يريدون السيطرة والتوسّع فينشئون بذلك ردّ فعل دائم يتزايد باستمرار فهل يملكون أن يتوقّفوا عند الحدّ المعقول لكي لا يحدث ردّ الفعل المحذور؟ وحيث يحدث ردّ الفعل ولا بدّ أن يحدث ذات يوم فلمن يتّجه الناس؟؟ أتراهم يتّجهون إلى الأحزاب الموالية للغرب، وهو الذي يمدّ لإسرائيل في الغي، ويشجّعها على العدوان؟ أم تراهم يتّجهون إلى الأحزاب الشيوعية، التي تقوّضت دعائمها في البلد الأمّ روسيا، وهي التي كانت تصيح في وجه القاتل المجرم: عيب حرام عليك يا رجل ثم تتركه يجهز على فريسته وهو آمن من كل تعويق؟ إنّه لا متّجه لهم إلا الإسلام هنالك قدر علوي يُسيّر الأحداث ويدفعها في اتّجاه الصحوة الإسلامية إنّ بواعث الصحوة كلها متحقّق، سواء منها ما هو قائم الآن، أو ما هو قادم في الطريق ولا يملك الأعداء جميعاً شيئاً من هذه البواعث لكنّهم يملكون بقدر الله أمراً واحداً هو التقتيل والتعذيب والتشريد وهذا لا يقضي على الصحوة الإسلامية، إنما يصقلها ويمحّصها ويجعلها أقدر على المواجهة ويجعلها هي الخطّ البارز في مستقبل البشرية ولن يكون شيء من هذا نزهة جميلة، أو طريقاً مفروشاً بالورود إنما الشهداء تلو الشهداء بينما الركب يسير في الحَرّ اللافح وفي الزمهرير لا يتوقّف عن المسير : ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلوْن إن كنتم مؤمنين إنْ يَمسَسْكم قرْحٌ فقد مسّ القومَ قرْحٌ مِثْلُهُ وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتّخذ منكم شهداء والله لا يحبّ الظالمين وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين آل عمران: 139-142 وفي النّهاية ينصر الله جنده المؤمنين حقاً، ويمكّن لهم في الأرض حسب وعده الدائم لهم : وَعَدَ اللهُ الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمنا: يعبدونني لا يشركون بي شيئا النور: 55 ولا نعلم بطبيعة الحال كيف ومتى يكون التمكين ولكنّنا نستشفّ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم بعض الملامح لهذا التمكين: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي من وراء الشجر فيقول الحجر والشجر : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله رواه مسلم [1] انظر واقعنا المعاصر لمحمد قطب من ص 526-550 قضيـة مسلمـي ليبيريـاhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-24Published Articlesيشكّل المسلمون في ليبيريا 60 من مجموع سكّانها البالغ عددهم 3 مليون نسمة، وهذه النسبة تزعج مراكز التنصير وأصحاب المصالح ومراكز التجسّس العاملة في غرب القارة الإفريقية، ومن ثمّ عقدوا العزم على إبادة الوجود الإسلامي هناك فهم يعتبرون ليبيريا دولة صليبية 100 فأنفقوا عليها أكبر المبالغ التي صُرفت في إفريقيا، فالمنصّرون هون يملكون محطتين إذاعيّتين تبثّ برامجهما بعدّة لغات محلّية وعالمية لمدة 16 ساعة، ويمتلكون 90 من المدارس والجامعات، ويرسلون مئات المنح الدراسية سنوياً إلى أوروبا وأمريكا ولكنّ إحساس المنصّرين هناك بأنّ جهدهم هذا يضيع وسط النموّ السكاني والاقتصادي للمسلمين، كان دافعاً لانفجار حقدهم الدفين على المسلمين، تحت ستار آخر وهو الإطاحة بالحاكم الحالي لليبيريا صومئيل دو رغم أنه منهم فوجدوا ضالّتهم في ثايلو الذي هرب من ليبيريا متّهماً بالفساد، ثم عاد إلى الغابات بعد تسليحه وتمويله في ديسمبر 1989م وبدأوا في إعداد قوّة عسكرية تبلغ 10 آلاف مقاتل، لكي تتمّ عملية ذبح المسلمين بطريقة منظّمة ومرتّب لها من قبل ليتّضح الهدف الحقيقي للحركة الصليبية التي تعلن أمام الناس والعالم: أنه إزالة صومئيل : عن السلطة ولقد تحالفت قوى الشر جميعها في سبيل تحقيق هذا الهدف، بداية من مجلس الكنائس العالمي بكل طوائفه، والمجلس الكنسي الإفريقي بكل طوائفه، والمتعصّبين من النّصارى في أمريكا وأوروبا والقبائل النصرانية في ليبيريا، والضباط الصليبيّين من الجيش الليبيري والمتنصّرين من القبائل الأخرى، والتي تتحرك جميعها وفق خطة دبّرتها أمريكا في ساحل العاج نحو ديار المسلمين العزّل، لتبدأ أعمال القتل تحت شعار الصليب، فذبحت الأئمة، وقطعت ألسنة المؤذّنين، وضربت ديار المسلمين، ونهبت متاجرهم وأموالهم، وهدمت مساجدهم كما قام الصليبيّون هناك بجمع 3500 سيّدة مسلمة من الشابات لمعاشرة المتمردين، والقيام بأعمال الخدمة لهم، ومن تعترض يكون عقابها بقرّ البطن أمام الأخريات، أو التعليق بالأشجار حتى الموت وتشير الأرقام إلى أنّ المجازر التي يتعرض لها المسلمون في ليبيريا مستمرة، وتشمل الجميع: علماء ورجالاً ونساء وأنا تستهدف استئصال الوجود الإسلامي هناك استئصالاً كاملاً، ومن هذه المجازر : مجزرة الأئمة والخطباء التي ذهب ضحيتها 76 إماماً وخطيباً حتى الآن مجزرة المواطنين المسلمين الأبرياء في القرى، والتي راح ضحيتها حتى الآن 36000 قتيل إحراق وتدمير ما يزيد على 250 مسجداً في مناطق المسلمين في محافظات لمبا، بونغ، ماجيبي تشريد أكثر من 1250000 من المسلمين، وخروجهم من مناطق في ليبيريا إلى الدول المجاورة : غينيا، سيراليون، ساحل العاج اقتياد أكثر من 3500 سيّدة إلى معسكرات اللاجئين وانتهاك أعراضهنّ وسط معسكراتهم إحراق وتدمير معظم المباني السكنية للمسلمين في أماكن تجمّعهم تحويل المدارس الإسلامية إلى مخازن لمراكز المتمرّدين كل هذا يحدث ولم يتحرّك ساكن لأجهزة الإعلام العالمية أو المحليّة، أو منظّمات حقوق الإنسان ودخلت قضية المسلمين في ليبيريا دائرة التعتيم الإعلامي الصهيوني والصليبي حتى الإعلام العربي والإسلامي لا يكاد يعرف شيئاً عن هذه القضية فهل يستيقظ المسلمون وقد أصبح وجودهم مستهدفاً في بقاع عديدة من العالم؟ - نأمــل ذلــك -قضيـة مسلمـي سيريلانكـاhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-23Published Articlesإذا كانت أزمة الاجتياح العراقي للأراضي الكويتية والتدخل الأجنبي في الخليج هي أكثر القضايا وضوحاً، والأخطر من حيث الآثار والتبعات: فإنّ هناك قضايا أخرى فرضت نفسها على الساحة الإسلامية، وأصبحت تتطلب اهتماماً من المسلمين، ومنها المجازر التي ارتكبت ضد المسلمين في سيريلانكا من قِبَل المتمرّدين التاميل وقد كانت أخطر المجازر التي تعرّض لها المسلمون: هي تلك التي وقعت يوم الأحد 1281990م، حيث تعرّضت ثلاث قرى في منطقة إيرافور التي تضمّ غالبية المسلمين لهجوم المتمرّدين التاميل، وقد قتل في هذه المجزرة حوالي 114 من المسلمين، منهم الكثير من الأطفال والنساء وقد بدأت تلك المجزرة بالهجوم على مساجد هذه القرى، وقتل عدد من أئمتها، لمنعهم من تحذير سكان القرى بواسطة مكبرات الصوت الموضوعة على مآذن المساجد وجاءت تلك المجزرة بعد مجزرة سابقة وقعت خلال اقتحام مسجدين ليلة الجمعة 381990م في كاتانكودي التابعة لمقاطعة باتيكالوا نفسها، حيث قتل أكثر من 140 مسلماً وقد وجدت رسالة مكتوبة بخطّ اليد وتحمل شعار: نمور التاميل جاء فيها: إذا لم يغادر جميع المسلمين هذه المنطقة بحلول 10 أغسطس، فإنهم سيهاجمون المصير نفسه الذي واجهه المسلمون في كانانكودي ولم تحرّك الحكومة ساكناً لحماية المسلمين والجدير بالذكر: أن الإسلام يعتبر ثالث دين في سريلانكا، حيث وصلها الإسلام مبكّراً في نهاية القرن الهجري الأوّل وبداية القرن الهجري الثاني، وقد عرفها المسلمون باسم سرنديب ثم تغير اسمها إلى سيلان وفي عام 1972م، تغيّر اسمها إلى سريلانكا نسبة إلى الحزب الحاكم والكلمة تعني: البلد الجميل، واستمدّ من روعة الكساء الأخضر لأرضها وحسب إحصائيات السكّان في سريلانكا: يقدّر عدد المسلمين بحوالي 1400000 نسمة، وعدد المساجد فيها حوالي 2000 مسجد موزّعة على المدن المهمة والقرى التي ينتشر فيها المسلمون ولقد ترجمت معاني القرآن الكريم إلى اللغتين السنهالية ولغة التاميل، كما أنّ للمسلمين مدارسهم الخاصّة إنّ المسلمين في سريلانكا وخلال أكثر من ألف سنة من وجودهم في تلك البلاد، ظلّوا حتى بداية القرن العشرين على محيط دائرة العمل السياسي وليس في داخلها، إلى أن جاء عام 1948م ونالت الجزيرة استقلالها فبرز صوت المسلمين ودورهم والجزيرة تموج بالصراعات العرقية، وخاصة الصراع بين الأكثرية السنهالية والأقلية التاميلية، مما يؤثر على المسلمين في المقاطعات التاميلية، شرقي الجزيرة وشمالها أما باقي المسلمين فهم يعيشون في مناطق سنهالية وهذا التوزيع الجغرافي يمنع المسلمين من اتخاذ موقف لهذا الفريق أو ذاك، في هذا الصراع العرقي وفي الوقت نفسه: لم يتمكّنوا من البقاء بعيدين عن الصراع، يتحوّلون فيه إلى الضحية الأولى فبينما تحمي الحكومة السنهاليين، ومسلحو التاميل يحمون قومهم: يظل المسلمون خارج كلّ حماية، ومعرّضين لكل أنواع التعدّي والانتقام ومن الواضح أنّ المسلمين يعيشون في ظروف تزداد كل يوم صعوبة، لأنّ استمرار الوضع الحالي فوق ما يعرّضهم له من قتل وتخريب لقراهم، وتدمير لها فإنّ إجراءات الحكومة المركزيّة بجعل اللغة السنهالية اللغة الرسمية للبلاد : سيعني انقطاع المسلمين عن محيطهم التاميلي المسلم في الهند أما الانفصال الذي يعمل من أجله نمور التاميل : فإنه سيقسم الوجود الإسلامي في سريلانكا إلى فريقين : واحد يتكلّم بالسنهالية والآخر بالتاميلية وكلّ من الأمرين خسارة على المسلمين في هذه البلاد قضيـة شعـب "أورومـو" المسلـمhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/--quotquot-Published Articlesإن شعب أورومو المسلم 34 مليون نسمة، يشمل ثلث سكان أثيوبيا، وأكثر من 70 من مساحتها وقد دخل الإسلام أورومياً في العالم الخامس من البعثة النبويّة، على أيدي الصحابة المهاجرين إلى أوروميا الحبشة، فارّين من أذى قريش ولا تزال الآثار التاريخية القائمة إلى اليوم تدلّ على أنّ هذه المنطقة هي دار الهجرة الأولى ولكنْ لماذا لم نسمع عن قضية شعب أورومو من قَبْل مع قربها من الكثير من الدول الإسلامية؟ هذا التساؤل يجيبنا عليه الشيخ عبد الكريم إبراهيم رئيس الجبهة الإسلامية لتحرير أوروميا فيقول: إنّ التعتيم الإعلامي من أهمّ الوسائل التي استخدمها عدوّنا، لعزلنا عن العالم عامّة وعن العالم الإسلامي خاصّة، وذلك ممّا يسببّ عدم معرفة قضية شعب الأورومو المسلم، حتى لدى أقرب الدول الإسلامية المجاورة، بالإضافة إلى كون منطقتنا منطقة داخلية بعيدة عن المنفذ الخارجي، الذي يساعدها على الاتصال بالعالم الخارجي، وعدم وجود حكومة تتبنّى قضية شعب الأورومو، وغياب الإعلام الإسلام عن المنطقة ويضيف: وقد قامت الجبهة باتصالات عديدة لشرح قضية شعب أورومو المسلم، وطلب الاعتراف وتقديم العون اللازم إلى جميع الدول الإسلامية والعربية، ولكنْ لم نتلقّ أيّ ردّ إيجابي حتى الآن، سوى بعض التسهيلات من بعض الهيئات الخيرية والمنظمات الإسلامية، والواضح أنّ الدول العربية والإسلامية لها تحفّظات بسبب علاقاتها الدبلوماسية مع النظام القائم في أديس أبابا، والذي لم يقدّر ولم يحترم العلاقات الدبلوماسية التي تربطه مع الدول العربية والإسلامية، وقد أعاد علاقاته القديمة مع الصهاينة النصر قادم : إذا أردنا أن نتعرّف بصورة أدقّ على قضية شعب أورومو وحركته الجهادية وتطوّرها وما حقّقته من إنجازات: فإننا نستطيع تحديد عام 1843م بداية لدخول الاستعمار الأثيوبي لأوروميا واحتلالها، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف حركة المقاومة الشعبية، وإن كانت بصورة غير منتظمة، إلى أن بدأ تكوين الجبهة الإسلامية لتحرير أوروميا عام 1969م حركة جهادية لتحرير أوروميا من السيطرة الأثيوبية وإقامة دولة إسلامية وقد استطاعت الحركـة توسيـع الوعي السياسي في جميع مناطق أوروميا، كما قامت بالكثير من العمليات الفدائية، التي كبدت العدو خسائر فادحة، وحقّقت مكاسب كثيرة، بحيث يسيطر المجاهدون على مساحة تساوي 24 ألف كيلو متر مربع ويقول الشيخ عبد الكريم إبراهيم رئيس الجبهة الإسلامية لتحرير أوروميا: إنّ الأوضاع تتطوّر لصالحنا إن شاء الله، وذلك لعدّة أسباب أهمها: زيادة الوعي الجماهيري بأنّ الجهاد هو الطريق الوحيد لتحقيق الغاية المرجوّة، كما أنّ الحركة الجهادية المعاصرة وخاصة في فلسطين وأفغانستان زادتنا إيماناً ويقينا، بالإضافة إلى العوامل الداخلية المشجّعة من انتصارات يومية وانضمام الشعب إلى المجاهدين أفواجاً أفواجا، والقلق والخوف الشديد بين صفوف العدوّ المدجج بأحدث الأسلحة المتطورة من أفراد المجاهدين الذين لا يملكون سوى بعض الأسلحة الخفيفة والبدائية جدّاً، مما زاد المجاهدين قوة وإيمانا وهناك الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تواجه عدوّنا، وتعتبر من العوامل المساعدة للمجاهدين، منها: وجود نشاط عدّة جبهات أخرى مثل أرتيريا وتيجراي، والمحاولات الانقلابية المتعدّدة، والإعدامات الجماعية ضدّ كبار الضباط في الجيش الأثيوبي، وتعيين أعضاء الحزب الحاكم المدنيّين في المناصب العسكرية برتبة الجنرالات، لتغطية أماكن شغرت بإعدام حوالي 200 من كبار الضباط بالإضافة إلى سجن ما يزيد عن 700 فرد من ضباط القوات المسلّحة، وكذلك عدم الاستقرار في داخل الحزب الحاكم وخاصة بين أعضاء المكتب السياسي، مما أدى إلى عزل رئيس الوزراء ونائب الرئيس ووزير الخارجية وعدد من كبار الوزراء وأيضاً: الانقلاب الذي حدث في المعسكر الاشتراكي، وعجز روسيا وأتباعها عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للدول التي تدور في فلكها، وعلى رأسها أثيوبيا، مما جعلها تتّجه لحليفها الجديد القديم فتعيد علاقتها رسمياً مع النظام الصهيوني ويوضّح رئيس الجبهة الشيخ عبد الكريم أسباب رفضهم لبرنامج الأمم المتحدة لإعادة اللاجئين الأوروميّين الذين هربوا من أثيوبيا إلى الدول المجاورة الصومال والسودان وجيبوتي، والذين يزيد عددهم في الصومال وحده عن المليون نسمة فيقول: إننا لم نرفض عودة اللاجئين إلى ديارهم، شريطة أن تزول الأسباب التي دفعتهم إلى النزوح ومفارقة الوطن، عابرين بأقدامهم مئات الأميال وسط غارات جوية واصطياد القوات الحدودية لهم لقد جاءت هذه الهجرة نتيجة ضغوط سياسية واضطهاد استعماري ووسائل وحشية؛ من قمع وقتل وسلب ونهب وحرق للقرى ومصادرة للأراضي الزراعية والممتلكات، ومنع أداء شعائر الدين، وتحريم تعاليم الدين، وحرق المصاحف، وتدمير المساجد، وزج العلماء والأعيان في السجون ومن هنا نعارض برنامج إعادة اللاجئين إلى أثيوبيا لأنّ الأسباب التي أجبرتهم على النزوح لم تزل قائمة، ولن تزال ما دام النظام الأثيوبي الاستعماري قائماً، بل ويعتبر هذا البرنامج خَطراً على حياة المهاجرين ومؤامرة علينا، لأنّ لدينا تجارب كافية بهذا الموضوع، حيث حدثت موجات الرجوع في العام الماضي، وتحت دعاية تحسّن الأوضاع عاد بعض المهاجرين إلى أثيوبيا، ولما وصلوا إلى ديارهم قبضت عليهم السلطات الأثيوبية وأجبرت رجالهم على الذهاب إلى أرتيريا وتيجراي، وأرسلت النساء والأطفال إلى معسكرات العمل، كما قامت حكومة جيبوتي بالاتفاق مع أثيوبيا تحت مظلّة مكتب شئون اللاجئين التابع للأمم المتحدة بإعادة عدد كبير من المهاجرين وحدث أثناء عمليات الإعادة: مذابح ومآسٍ رهيبة للاجئين، أهمها تلك التي وقعت عام 1987م، حيث سجنت عدداً في حاوية القطار المغلقة، المعدّة لنقل البضائع غير الصالحة لنقل الإنسان، مما سبّب وفاة أعدا كبير نتيجة الاختناق ويضيف: إنّ أعداء الله وأعداء المسلمين وعملاء الاستعمار تكاتفوا وتعاونوا بشتى الوسائل: للقضاء على هؤلاء المهاجرين والدليل على ذلك حركة المعارضة الصومالية التي تهاجم مخيمات اللاجئين العزّل، والأمم المتحدة تعلن قطع المساعدات عنهم من جهة، وتعلن إعادة اللاجئين الطوعية من جهة أخرى، ولا تضمن أمن العائدين إنه لشيء غريب أن يكون العالم الإسلامي بعيداً عن هذه المسرحية وغائب عنهاقضيـة مسلمـي أرتيريـاhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-22Published Articlesتسيطر الفصائل الأرتيرية المقاتلة على 85 تقريباً من أراضي أرتيريا، وتسيطر قوات الحكومة الحبشية على ما تبقّى وتعدّ أسمرة أهم مدينة أرتيرية تتحصّن فيها القوات الأثيوبية باعتبارها العاصمة الإقليمية لقد استولى المقاتلون الأرتيريون منذ ثلاثة أشهر على ميناء مصوّع الذي يقع على البحر الأحمر ويربط أثيوبيا بالعالم بحريّاً وهو في الوقت نفسه محطّ المعونات التي تقدّمها هيئة الإغاثة الدولية إلى المنطقة، باعتبارها من أكثر مناطق العالم تعرضاً للجفاف والجوع كان استيلاء الفصائل على ميناء مصوّع ضربة قاتلة للحكومة الأثيوبية، اضطرتها للاستعانة بإسرائيل وجنوب إفريقية، حيث زوّداها بالسلاح التقليدي والقنابل العنقودية، وقام الطيران الأثيوبي بضرب الميناء بالغازات السامّة، ومع الخسائر الضخمة التي فقدها المقاتلون الأرتيريون، فقد ظلّت مصوّع في قبضتهم وتحت سيطرتهم، مما جعل الموقف الأثيوبي حرجاً، وبخاصة بعد أن شدّد المقاتلون في إقليم تيجراي ضرباتهم ضد الجيش واختراقهم لدفاعاته الحصينة، وبعد أن تمّت لهم السيطرة على معظم الإقليم لقد تخلّى السوفيات والشيوعيون في أوروبا الشرقية عن عملائهم في العالم الثالث، ومن بينهم مانجستو هيلا ماريام حاكم إثيوبيا، وقد اتخذت عملية التخلّي أشكالاً عديدة، أبرزها : وقف المساعدات المالية والمادية والعسكرية، وأيضاً فإنّ العملية تضمنت وقف المنح الدراسية والثقافية، وجعلت البديل لكل ذلك: دفع الثمن بالعملة الصعبة عدّاً ونقداً؛ سواءً ثمن الأسلحة أو الذخائر أو العتاد الحربي أو البعثات التعليمية وقد وقع النظام الأثيوبي في ورطة بسبب السياسة الجديدة للرّفاق الشيوعيّين، فاضطر أن يمدّ بصره ثم يده إلى كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وجنوب إفريقية والدول الثلاثة لها مصلحة استراتيجية في دعم النظام الأثيوبي والوقوف من خلفه، ليس حبّاً فيه، وإنما بحثاً عن مغانم أبعد، تتعلّق بجيرانه العرب المسلمين، وبخاصة الدول المطلّة على البحر الأحمر إنّ الولايات المتحدة تريد أن تحلّ محل الروس، وتجعل من إثيوبيا مركزاً للتحكّم في المنطقة الإفريقية والعربية، وتحقّق عبْرها غايات سياسية وعسكرية وتنصيرية وإسرائيل تسعى منذ زمن للسيطرة على البحر الأحمر، منذ أن استطاعت أن تجعل لها منفذاً على خليج العقبة إيلات، بعد انسحابها من سيناء وقد أدركت أهمية السيطرة على باب المندب بعد حرب رمضان 1993هـ أكتوبر 1973م وفضلاً عن ذلك فإنها تسعى إلى غايات أخرى خطيرة، أهمها: ترحيل اليهود الأثيوبيّين الفلاشا إلى فلسطين المحتلة لزيادة عدد اليهود في مواجهة الفلسطينيين، ثم الالتفاف حول مصر من الجنوب، ومساعدة الأحباش على إقامة السدود عند منابع النيل لحرمان مصر من المياه، أو على الأقل المساومة حول تزويدها بما يوازي واحداً بالمائة من حصّة المياه التي تحصل عليها مصر، بموجب اتفاقية توزيع المياه بين دول حوض نهر النيل فضلاً عن دعم الحركات الانفصالية التي يقودها النصارى أو الوثنّيون ضد السودان ودول أخرى، وخلق حاجز عَقدي أو ديني بين الإسلام وقلب القارة الإفريقية أما جنوب إفريقية: فإنها تبحث عن سوق للسلاح في إثيوبيا وغيرها، وقد وجدت في إثيوبيا السوق الملائم بوساطة شركات إفريقية مختلفة، وكان من بين شركات النقل التي أسهمت في نقل السلاح مؤخراً: شركة سودانية خدعتها إثيوبيا، حيث زعمت الأخيرة أنّ المنقولات عبارة عن بضائع استهلاكية، ولكنّ الشركة اكتشفت الخدعة، ففسحت العقد بالرغم مما ترتّب على ذلك من خسائر كبيرة للشركة بحكم الشرط الجزائي في العقد ومن ناحية أخرى : فإن جنوب إفريقية تبحث عن مخرج لعزلتها، وكسر الحصار الذي فرضته الدول الإفريقية عليها بسبب سياستها العنصرية وبالطبع: فإن دوْر أمريكا سوف يرجّح عنصر الإبقاء على النظام الأثيوبي أو القضاء عليه، فبقدر مساعدتها سيصمد النظام ويواجه الثورة الأرتيرية، والمعتقد أن أمريكا ستُبقي عليه، وتساعده ولو بالواسطة عن طريق إسرائيل وقد سمحت أمريكا لإسرائيل أن تزوّد إثيوبيا بالقنابل العنقودية المحرّمة دولياً، حيث استخدمتها ضد الأتيريين في مواقع عديدة ولكن المهم في الأمر: هو موقف الأرتيريين أنفسهم فإنّ الانقسامات التي تحكمهم وتبدّد جهودهم وتجعلهم يحتكمون فيما بينهم إلى السلام: قد أخّرت نجاحهم كثيراً، وجعلت عدوّهم الحبشي الذي يعلن الشيوعية ويؤمن بالصليبية، يلتقط أنفاسه، ويوجّه إليهم ضربات عنيفة لقد كانت الفصائل الأرتيرية تنطلق في بدايتها من منطلق وطني أو إسلامي، ولكنّ الخلافات أعطت فرصة للجبهة الشعبية لتحرير أرتيريا وهي تنظيم شيوعي معظم أفراده من النصارى أن تسيطر على الساحة الأرتيرية، وتفرض نفسها وأفكارها وأسلوبها، لدرجة أنها خدعت العالم وصوّرت له سكان أرتيريا كنصارى في أغلبيتهم، ومسلمين في أقليتهم؛ بينما الواقع يقول إن أرتيريا مسلمة، حيث يبلغ عدد المسلمين أكثر من 75 من عدد السكان، ويتوزّع الباقون بين النصرانية والوثنية كذلك فإن الجبهة الشعبية بالرغم من اعتناقها للشيوعية، فإنها تستشعر عملياً انتماءها للعالم الصليبي، ويسعى قادتها إلى ترسيخ مفاهيم الانسلاخ عن العرب والعروبة والمهم أن أسياسي أفورقي زعيم الجبهة الشعبية قد وجد في نفسه مؤخّراً الجرأة على مهاجمة العرب، وإعلان الانسلاخ الأرتيري عن العروبة حيث قال: نحن لا نريد دولة عربية، ومشكلتنا مع العرب كانت ولا تزال في خصوص استقلالنا السياسي وهذا القول من جانب أفورقي يكشف سرّ العمليات الإجرامية التي قامت بها الجبهة ضد المسلمين في أرتيريا وبخاصة خطف النساء المسلمات من بيوتهن، وإجبارهنّ على معاشرة مقاتلي الجبهة وإبقائهنّ حتى يلدن، ثم طردهنّ بعد الولادة، وتربية أبناء السفاح وفقاً لمفاهيمهم و أساليبهم بيْد أنّ الأنباء قد حملت أخبار تشكيلٍ إسلاميّ جهاديّ موحّد من بعض الفصائل، يقوم بدوره في إعادة الوجه العربي الإسلامي لأرتيريا، وفي الوقت نفسه يواجه قوات الاحتلال الأثيوبي والإجرام الذي تمارسه الجبهة الشعبية الشيوعية وقد حقّق هذا التشكيل نجاحات ملموسة، وحظي بتأييد بعض الدول العربية والإسلامية، ولكنّ إمكاناته أقلّ بكثير من إمكانات الجبهة الشعبية، التي تحظى بدعم صليبي: مجلس الكنائس دول أوروبا الغربية أمريكا بعض الرفاق العرب وقد قبل نظام مانجستو مبدأ التفاوض مع الفصائل الأرتيرية، وانعقدت أكثر من جولة توسّط فيها كارتر، ثم اليمن وواضح أنّ المفاوضات لم تسفر عن شيء ذي بال، وإن كان الطرفان قد اتفقا على مواصلة الحوار في المستقبل، مع استمرار روح عدم الثقة، والمراوغة من جانب النظام الذي يطمح إلى التقاط الأنفاس ومواصلة القتال بعد وصول دعم عسكري أكبر، واستثمار الخلافات بين الفصائل: وبخاصة بين الجبهة الشعبية والتنظيم الإسلامي الجديد وفي ألمانيا الغربية تبنّى حزب الخضر مشروعاً غريباً لإقامة دولة نصرانية تضم شرق أرتيريا وشمال أثيوبيا حيث تيجراي والأورمو، من خلال زعمٍ يقول بأنّ هذه المناطق تسكنها أغلبية نصرانية بينما الواقع يكذّب ذلك، فأرتيريا تضمّ أغلبية ساحقة من المسلمين وكذلك الأورمو وإن كانت النسبة تقلّ بعض الشيء بالنسبة للتيجرانيّين ولم يفهم الناس ما علاقة حزب الخضر الألماني بإقامة دولة نصرانية في الإمبراطورية الحبشية المنهارة؟ ولماذا يقوم بعملية الدعاية والترويج لهذه الدولة في البرلمان الألماني البوندستاج والصحافة والإعلام؟ ثم لماذا يسعى إلى تجميع المعنيين بالأمر، واتخاذ قرارات ومواقف تجعل من قيام الدولة الجديدة أمراً واقعاً وطبيعياً؟ إنّ الحزب المذكور ينطلق من تصوّر صليبي يسعى إلى قطع الطريق على استعادة أرتيريا هويتها العربية الإسلامية، مستغلاً نشاط الجبهة الشعبية وتفوقها العسكري، وتخاذل الدعم العربي الإسلامي للتشكيل الموحّد، وإهمال القضية على المستوى الدّعائي ولكنّ شيئاً من الجهد الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي: كفيل بأن يجعل مؤامرة حزب الخضر تموت في المهد، وفي الوقت نفسه: يفوّت الفرصة على الجبهة الشعبية حتى لا تصبح المسيطر الأوحد على الساحة الأرتيرية المسلمة، مع دعم التشكيل الجهادي الموحّد، وتخليص أرتيريا العربية المسلمة من الاحتلال الحبشي الذي دام قرابة نصف قرن لقد هاجم مانجستو الدول العربية، وتحالف مع إسرائيل وجنوب إفريقية وأمريكا، واستخدم الأسلحة المحرّمة دولياً ضد الأرتيريين، وهجّر الفلاشا إلى فلسطين وقد آن الأوان لأن يلقّنه العرب والمسلمون درساً لا ينساه هو وغيره من أعداء العرب والمسلمين، والظروف مواتية على كل حال بإذن اللهقضيـة مسلميـن بلغاريـاhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-21Published Articlesوضع المسلمين في بلغاريا مأساة إنهم ليسوا بأقلية صغيرة وليسوا أيضاً بأقلية ثانوية، فعددهم قد زاد على المليونين أي أنهم حوالي 22 من مجموع السكان 9 مليون نسمة وعددهم يتزايد بنسبة أكبر من تزايد بقية السكان في البلاد، لكنهم الآن يقعون تحت اضطهاد كبير ومهلك للقضاء على شخصيتهم الإسلامية وقد بدأت معاناة المسلمين في بلغاريا: منذ أن سيطر الشيوعيون على الحكم عام 1946م، وكانت الخطوات الأولى التي خطتها السلطات الشيوعية: هي إجبار المسلمين على الهجرة إلى تركيا وقد هاجر إلى تركيا أكثر من 150 ألف تركي بلغاري ما بين عام 1949م وعام 1951م إلا أن النقص الذي سبّبته الهجرة في عدد الفنيّين في بلغاريا دفع الحكومة لانتهاج أسلوب آخر يركّز على إذابة الشخصية الإسلامية، وذلك بتفريق المسلمين بعضهم عن بعض فتمّ إرسال حمولة 28 عربة من العائلات المسلمة من مناطق مستانلي وكوسوكافاك ودرويري إلى الشمال وفي سبتمبر 1950م تم ترحيل حمولة 63 عربة من العائلات المسلمة من كوسو كافاك إلى مناطق ترويان ورازقراد وسومنو: حيث لا يكاد يوجد سكان مسلمون والأغرب من ذلك: انتزاع الفتيات المسلمات من عائلتهن وتوزيعهن على الأقاليم البلغارية، حيث أجبرن على الزواج من بلغار غير مسلمين وفي تقرير صادر عن المنظمة العالمية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة: نوّهت المنظمة بالأساليب التي انتهجتها السلطات الحكومية لإزالة الوجود الإسلامي في بلغاريا وأشارت إلى المرحلة التمهيدية التي تمّت فيها محاولة دمج المسلمين الأتراك في الشعب البلغاري أيديولوجيا، وما تبع ذلك من إدخال أعداد كبيرة من الأتراك في أجهزة الدولة وأجهزة الحزب الحاكم ولما أثبتت هذه السياسة فشلها لجأت الحكومة إلى التضييق على المسلمين ويقول التقرير: منذ عام 1984م لم يعدْ هناك وجود لمجلات أو صحف باللغة التركية، وقد منع الاستعمال العلني للغة التركية ومنع ختان الأولاد على الطريقة الإسلامية، ومنع المسلمون من إظهار أي مظهر ينمّ عن طبيعتهم الإسلامية ومنذ ديسمبر عام 1984م إلى مارس عام 1985م: قادت السلطات البلغارية حملة كبيرة موجّهة ومخطّطة لتغيير الأسماء التركية الإسلامية إلى أسماء بلغارية وتصف مجلة التايم الأمريكية هذه الحملة البشعة فتقول: في الساعة الثالثة قبل الفجر سمع سكان بلدة يابلونوفو التي يقطنها مسلمون بلغار من أصل تركي أصوات عربات عسكرية، ومع بزوغ الفجر أغلقت كل الطرق المؤدية إلى البلدة، واندفع رجال الميليشيا الحزبية داخل المنازل وأمروا ربّ كل أسرة بتغيير اسمه وأسماء أفراد أسرته من أسماء تركية إسلامية إلى أسماء بلغارية، وكتابة ذلك على ورقة مخصصة وقد صفع على الفور من رفض الأوامر، بينما أجبر من استمر على الرفض على مشاهدة رجال الميليشيا وهم يغتصبون بناتة أو زوجته أو تعريتهنّ على الأقل لإجبارهم على التغيير وهناك العديد من الحقائق التي تدل على مدى وحشية النظام البلغاري في اضطهاد المسلمين: فمثلاً أثناء مسيرة سلمية في مدينة ساموكوفو حصدت قوات الجيش بالرصاص وألقت في النهر حوالي ستمائة مسلم بسبب احتجاجهم على بعض القوانين المجحفة وفي قرية دوسباد أحرق الكثير من المسلمين لرفضهم تغيير أسمائهم الإسلامية، كما قامت السلطات بهدم بعض المساجد وتحويل البعض الآخر إلى كنائس أو معارض أو مستودعات للخمور كما منعت أي شخص أن يتعلّم القرآن أو أي شيء عن الإسلام، ومنعت أيضاً دفن الأموات على الطريقة الإسلامية وألزمت أهل الميّت بدفنه داخل صندوق على الطريقة النصرانية ووصل الاضطهاد إلى درجة إلغاء الاسم التركي من صحيفة الضوء الجديد: التي كانت تصدر باللغتين البلغارية والتركية حتى نهاية يناير 1985م وأغلقت السلطات المدارس التركية، وأخذت التلاميذ إلى مدارس بلغارية بعيدة داخلية لتسهيل تنشئتهم بعيداً عن تراثهم الإسلامي، كما فرضت عقوبة بالسجن لمدة تتراوح ما بين 10:5 سنوات على أهل طفل يختن، بالإضافة إلى الإهانة والتعذيب والتشريد ولم تنته معانات المسلمين في بلغاريا بعدْ، وإن كنا لا نعرف عنها إلا القليل، وما ذلك إلا بسبب الستار الحديدي المضروب حولها، والتعتيم الإعلامي المفروض على أخبار المسلمين، وذلك ليس بجديد فهو نهج متّبع ليس في بلغاريا وحدها، وإنما في دول الكتلة الشرقية جميعاً فهل هذه هي حرية الفرد والعقيدة والفكر التي يزعم الشيوعيّون توفرها في أنظمتهم وحرصهم عليها؟؟قضيــة أفغانستــانhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-20Published Articlesأفغانستان بلد إسلامي يقع في وسط آسيا، له حدود طويلة تبلغ 2000 كيلو متر مع الجمهوريات في التركستان الغربية، التابعة للاتحاد السوفياتي من الشمال، وتحدّها تركستان الشرقية التابعة للصين في أقصى الشمال الشرقي، وإقليم كشمير وجامو والباكستان من الشرق، والباكستان من الجنوب، وإيران من الغرب وموقعها هذا جعلها مركز دائرة قارة آسيا، بالإضافة لخصوبة أرضها وكثرة أنهارها ويتكلم سكانها لغة: البشتو، والفارسية، ومن ثمّ العربية وقد عرفت أفغانستان في التاريخ الإسلامي باسم خراسان أي أرض الشمس وعدد سكانها: 20 مليون مسلم وقد دخلها الإسلام في زمن عمر رضي الله عنه يوم فتح المسلمون أول مدنها هراة، بقيادة الأحنف بن قيس رضي الله عنه الشيوعية في أفغانستان: في عهد شاه محمود خان تولى رئاسة الوزراء داود خان عام 1952م الذي وضع نواة الأحزاب الشيوعية، فظهر حزب خلق وحزب برشام التابعان لموسكو وفي عام 1973م انقضّ رئيس الوزراء على ابن عمه الملك فخلعه، وشاركه في ذلك الشيوعييون في الداخل والخارج ثم دبّ الخلاف بينه وبين الحزبين الشيوعيّين خلق وبرشام اللذين اتّحدا تحت زعامة محمد نور تراقي وفي عام 1978م نجح تراقي في انقلاب دموي على محمّد داود، وبعد ثلاثة أشهر وفي عام 1979م وقع الانقلاب الشيوعي الرابع بدعم عسكري من الاتحاد السوفياتي وتم إقصاء حفيظ الله أمين ليحلّ محلّه بابراك كارمل، وتزايدت قوات روسيا حتى وصلت أكثر من مائة ألف جندي، فأعلن المجاهدون الأفغان استمرارهم في جهاد الكفر الحاكم في كابول، والمدعوم من الكفر في موسكو ولم يجد شعب أفغانستان المسلم منطقاً مع الشيوعي غير السلاح، واعتصم أكثر من مائة ألف مجاهد في الجبال، تحت منظّمات وقيادات إسلامية متعددة وقدّم الشعب الأفغاني في هذه المحنة أكثر من مليون ونصف شهيد، وأكثر من خمسة ملايين لاجئ وتمّ تدمير 60 من القرى تدميراً كاملاً لقد انقضى أكثر من عشر سنوات على الغزو الشيوعي لأفغانستان، ولا يزال جهاد الأفغان مضرب الأمثال وأخيراً: انسحبت القوات الروسية مذمومة مدحورة عام 1989م، بعد أن انضمّ إليهم أكثر من تسعين ألف من الجنود ويحكم المجاهدون اليوم أكثر من 85 من أراضي أفغانستان وبقي على المجاهدين أن يوحّدوا صفوفهم وينسوا خلافاتهم، لمقابلة الواقع الجديد، وخاصّة بعد انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفياتي نفسه ومن الجدير بالذكر: أنّ الإمام عبد الله عزام رحمه الله كان له أكبر الأثر في الجهاد الأفغاني، وأكبر الأثر في توحيد قيادات المجاهدينقضية مسلمي الفلبينhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-19Published Articlesأسماها العرب المسلمون عذراء ماليزيا: وأسماها الأسبان المسيحيون: الفلبين عدد المسلمين فيها: خمسة ملايين ونصف المليون، وقد كانوا قبل قرن يمثلون 55 من تعداد السكان، واليوم يمثلون 12 فقط، بعد تعرّضهم لحروب إبادة مع الأسبان ومع الاستعمار الياباني والأمريكي، وأخيراً مع الاستعمار الصليبي الفلبيني ومساحة جزر الفلبين 296460 كيلو متر مربع وهي غنية بثرواتها المعدنية والزراعية والحيوانية والتجارية لقد كانت للمسلمين في يوم ما معظم أراضي الفلبين، ثم زُحزحوا عنها وقبعوا في الجنوب من تلك الجزر الغنية، الواقعة في الجنوب الشرقي من آسيا، بين المحيط الهادي وبحر جنوب الصين وهم في هذا الجنوب يقاتلون قتالاً شديداً، لإخراجهم مما بقي من أرضهم، واستئصال شأفتهم، من قبل صليبية محليّة، تساندها صليبية عالمية أمريكية ويواصل المجاهدون في عذراء ماليزيا جهاداً دام أربعمائة عام ثلاثمائة عام يجاهدون الأسبان، الذين وفدوا عليهم منذ القرن السادس عشر الميلادي ينافسونهم التجارة، ويدعونهم إلى النصرانية ثم ينتقلون بعد هذا الجهاد الطويل المرير إلى جهاد الوثنيّين اليابانيين والصليبيّن من الأمريكان ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية: تتوطّد أقدام الصليبيين في الفلبين، وتنهك المسلمين اثنتا عشرة ثورة، تفجّرت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى الآن، لكنهم يعاودون الجهاد من جديد وما زالت قضية مسلمي الفلبين تنتظر الحلّقضية مسلمي ألبانياhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-18Published Articlesأصدر اتحاد الطلبة المسلمين في شرق أوروبا هذا البيان عن المسلمين في ألبانيا: إذا كانت هنالك معان كثيرة ومختلفة توصف بها حالة شعب من الشعوب لكي تترجم معاني التضحية والصبر ومعاناة الاضطهاد، وتحمل كل ذلك بنوع من التحدي لكل شيء، فإنّ شعب ألبانيا المسلم لجدير بأن تطلق عليه تلك المعاني والصفات وهنا نبدأ بنظرة سريعة مختصرة لتاريخ ألبانيا القريب، وذلك إلى ما قبل خمسين عاماً: كانت ألبانيا في حوالي العشرينات من هذا القرن تحكم بزعامة أحمد ذوغو حيث كان ملكاً عليها، وكان الشعب آنذاك يمارس شعائره الدينية بحريّة وفي هذا الوقت بدأت عواصف الشرّ تهبّ من بعيد، حيث وقعت ألبانيا تحت الحكم الإيطالي، أما أحمد ذوغو فقد نفي إلى إيطاليا ثم بدأت الحرب العالمية الثانية، وكانت ألبانيا كجارتها يوغوسلافيا ترزح تحت السيطرة الألمانية، وبسبب الحرب مع الألمان اندمجت يوغوسلافيا وألبانيا تحت قيادة تيتو، وكان من ضمن القادة البارزين في حرب العصابات آنذاك: أنور خوجه ومحمد شيخو الألبانيين اللذين يسيطران الآن على السلطة في ألبانيا وقد استمر الاتحاد الائتلافي بين يوغوسلافيا وألبانيا من عام 1944م حتى عام 1948م، حيث ظهرت سياسية تيتو المعتدلة مع الشيوعيين، والتي لم ترق للقادة الألبان، فانفصلوا عن يوغوسلافيا وتبنّوا الماركسية المتطرّفة هذه نظرة سريعة على ألبانيا: الهدف منها الوصول إلى معرفة الوسائل التي أوصلت الحكم إلى ما هو عليه الآن: ألبانيا بلد أوروبي تعداد سكانها 2 مليون نسمة، نسبة المسلمين منهم 85 ويتركّز المسلمون في وسط ألبانيا ورغم أنّ المسلمين هم أغلبية السكان: إلا أنّهم يلاقون أشدّ المصاعب والاضطهاد من عنت الشيوعيين حيث قام المسؤولون هناك بهدم المساجد، كما أنّ مواليدهم الجدد لا يتمّ تسجيلهم وإعطاؤهم الجنسية إلا بأسماء غير إسلامية، وكذلك لا يسمحون للمسلمين ممارسة الشعائر الإسلامية على الأموات أما عند الزواج: فيستحيل ذكر الديانة للزوجين وأما بالنسبة للمناهج الدراسية فهي حقلهم الخصب في زرع الإلحاد في نفوس الأطفال إلى أن يشتدّ ساعدهم، وذلك بمختلف الوسائل والأساليب هذا جزء بسيط وقطرة من بحر عميق مما يلاقيه المسلمون في ألبانياقضيـة كشميـرhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-17Published Articlesكشمير بلد إسلامي يقع في الطرف الشمالي الغربي من شبه القارّة الهندية تحيط بها الصين من الشمال والشرق، وباكستان من الغرب، والهند من الجنوب ومساحة كشمير: 218 ألف كيلو متر مربع وعدد سكانها: تسعة ملايين نسمة، المسلمون منهم 90 من السكان، وتشمل كشمير ثلاثة مناطق هي: جمو، وكشمير، ومناطق الحدود وهي بلاد جبلية، طيّبة المناخ، كثيرة الأنهار والغابات، وهي أجمل مناطق العالم من حيث مناظرها الطبيعية وموقعها الجغرافي حسّاس جداً، فهي متاخمة لباكستان وأفغانستان والهند وروسيا والصين وقد وصل الإسلام إلى كشمير في أواخر القرن الهجري الأول، وفتحها البطل هشام بن عمرو التغلبي والي السند في عهد أبي جعفر المنصور، وأصبحت كشمير جزءاً من الدولة الإسلامية في الهند منذ عام 730هـ 1399م، وقامت كشمير بدورها في نشر الإسلام وحمله إلى التبت المجاورة ولما ضعفت دولة الهند الإسلامية: استطاع أن يسيطر السيخ على كشمير بزعامة رانجيت سنك عام 1224هـ-1809م وقد هزم الإنجليز السيخ عام 1255هـ-1839م وأبقوا عميلهم كولاب سنغ الهندوكي أميراً على كشمير المسلمة، مقابل 75 مليون روبية، يدفعها للحاكم البريطاني مدة مائة عام كما تقرّر ذلك في معاهدة أمريستان عام 1846م على أن يعترف بالسيادة البريطانية مثلما حدث في سائر الإمارات فبدأت مأساة كشمير فعلى الرغم من كثرة خيراتها وإمكانياتها أصبحت في أسوأ حال، بسبب طغيان كولاب سنغ وخلفائه من أسرة دوجرا ويعتبر الشاعر المسلم محمد إقبال أحد أبناء كشمير، وكان له أعظم الأثر في بعث روح الإيمان والجهاد لدى مسلمي كشمير فدارت أول معركة بين المسلمين والهندوس عام 1931م في مدينة سرينكر، سقط فيها آلاف المسلمين بين قتيل وجريح، وذلك بمساعدة المستعمر البريطاني الذي بقي يؤازر أسرة دوجرا العميلة وقد عملت السلطات الهندية المتعاقبة على تشجيع الهندوس على الهجرة لجمّو وكشمير، الغنية بالموارد الطبيعية، ومنافسة أبنائها في فرص العمل التي لا يجدها المسلمون وفي هذه الأيام يعاني أكثر من مائة ألف شاب كشميري جامعي من البطالة وفي سبيل طمس المعالم الإسلامية في كشمير: وضعت حكومة نيودلهي مخططاً طويل المدى للقضاء على هوية كشمير الإسلامية: بدأته بمذابح جماعية للمسلمين وتحرص الحكومة الهندوسية على نشر الإلحاد والإباحية والفساد الخلقي بين المسلمين، عن طريق وسائل الإعلام من: تلفاز وإذاعة وصحافة، وما يضعونه من سموم في منهاج التربية والتعليم، بالإضافة إلى إغلاق المدارس الإسلامية في كثير من الأحيان وفي هذه الأيام تشتعل انتفاضة عارمة في كشمير، ذهب ضحيتها الكثير من الجرحى والشهداء وقد اتّحدت معظم الأحزاب والمنظمات الدينية والسياسية الكشميرية لمواجهة العدو الهندوسي الغاشم وما زال الشعب الكشميري يقاوم المحتل، وما زالت قضية كشمير قائمة تنتظر الحل ولكن إذا كان القاضي هو العدوّ فلمن الشكوى؟قضية مسلمي كمبودياhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-16Published Articlesكمبوديا: تحدّها فيتنام من الشمال الشرقي والشرق والجنوب الشرقي، ولاوس من الشمال، وتايلند من الشمال الغربي، وتطلّ على خليج سيام من الجنوب الغربي، ومساحتها 181035كم2 ويتكوّن سكانها من جماعات تشام والخمير، وغالبية التشام من المسلمين، غير أنّ الخمير فرضت لغتها وحضارتها على المنطقة وقد زحف الإسلام إلى كمبوديا من تايلند وربع سكانها من المسلمين -، كما وصلها الإسلام من السواحل عن طريق التّجار والدعاة، فتكوّنت مملكة التشام الإسلامية وقد عاش المسلمون في أمن قبل الاستعمار الفرنسي، وعند رحيله عام 1373هـ، إلى أن تعرّضت البلاد لمصير مؤلم تحت ضغط النظام الشيوعي: الخمير الحمر، الذين استلموا الحكم عام 1395هـ، فبدأوا عملية استئصال للمسلمين، ففرّ قسم منهم إلى تايلند وماليزيا، وتناقص عددهم من 700 ألف نسمة عام 1395هـ إلى 200 نسمة عام 1398هـ وقد قامت الحكومة الشيوعية عام 1396هـ بشنّ الهجمات على المسلمين، وقتلت زعماءهم، وطردت المسلمين من قراهم، وهدمت المساجد، ومنعت الشباب المسلم ممن تزيد أعمارهم عن خمسة عشر عاماً من الإقامة مع والديهم، وأجبروا الإقامة في معسكرات خاصة لإضعاف إسلامهم هذا ويعيش المسلمون في شبه جزيرة الهند الصينية: بورما، وتايلند، وكمبوديا، وفيتنام، والملايو، ولاوس، وفطاني في محنة ومعاناة واضطهاد ونكد وتلك مشكلة من مشكلات المسلمين الكثيرة المعاصرةقضية مسلمي فطانيhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-15Published Articlesقضية مسلمي فطاني[1] فطاني إقليم إسلامي يقع جنوب تايلند، وشمال ماليزيا، بين بحر الصين الجنوبي وخليج سيام شرقاً، والمحيط الهندي غرباً وهذا الموقع الاستراتيجيّ الهامّ جعل منه عنق الزجاجة التي تربط بين شبه جزيرة الملايو وشبه جزيرة الهند الصينية، وهو جزء من شبه جزيرة الملايو جنوب شرق آسيا-، اقتطعته تايلند البوذية بمساعدة من الاستعمار الصليبي البريطاني عام 1201ه وتتكوّن فطاني من أربع ولايات هي: ساتول، وفطاني، وبنغنارا، وجالا وبلغت مساحتها قبل الاحتلال البوذي: أكثر من خمسين ألف ميل مربع، أما مساحتها الآن فتبلغ: 16 ألف ميل مربع فقط وعدد سكانها ثلاثة ملايين مسلم، ويتكلّم السكّان اللغة الملاوية ويكتبونها بحروف عربية وقد وصل الإسلام إلى فطاني: عن طريق التجارة البحرية في القرن الثالث الهجري، وزاد انتشاره في القرن التاسع الهجري، بعد اعتناق ملكها لعقيدة التوحيد، ومنذ ذلك الحين أصبحت فطاني مملكة إسلامية، وبلغت مجدها في القرن الثاني عشر الهجري وصارت مركزاً إسلامياً ثقافياً هامّاً في المنطقة، حتى سقطت تحت الاستعمار التايلندي مشكلة فطاني: في عام 1909م سمحت بريطانيا لتايلند أن تبتلغ فطاني، في الوقت الذي كان فيه الفطانيّون يأملون مساعدة إنجلترا لهم، التي طالما وعدتهم بها، إذ كانت صاحبة النفوذ في جنوب شرق آسيا، وكان الفطانيّون يفضّلون أن يكونوا تحت حكم بريطانيا بدل تايلند البوذية واستمر القتال بين الفطانيين والتايلنديين حتى احتلت اليابان البلاد أثناء الحرب العالمية الثانية، وهيّأت بريطانيا مقاومة أرضية لطرد اليابان، وأقنعت فطاني بأنها ستنال استقلالها لو انتصر الحلفاء وبعدما انتصر الحلفاء لم تتحقق الوعود التي قطعت لها فوضعوا موارد فطاني تحت تصرّفهم، ومن ثمّ أعادوها لقمة سائغة إلى البوذيّين الذين وقفوا إلى جانب اليابان مكافأة لهم فما أعجب السياسة الصليبية البريطانية تجاه المسلمين وأخذت تايلند بتنفيذ مخطّط لمحو الشخصية الفطانية المسلمة: فارتفعت نسبة غير المسلمين بفطاني، في حين شرّدت كثيراً من المسلمين إلى تايلند واغتصبت أخصب أراضي المسلمين وأعطتها للبوذيّين، ونشرت اللغة السيامية بدلاً من لغة الملايو لغة فطاني-، وأغلقت الكتاتيب التي يتعلّم فيها أبناء المسلمين هناك، واشترطت تعلّم اللغة التايلندية للحصول على الوظائف الحكومية، ونشرت المعابد البوذية في الأقاليم الإسلامية، وعزلت فطاني عن العالم الخارجي أمام هذه السياسة التايلندية: تكوّنت عدّة منظّمات وأحزاب سياسية لمواصلة الجهاد عام 1958م، فألقي القبض على الزعماء المسلمين، واتّهمتهم السلطات بالشيوعية لتبرير جرائمها وقد وحّد المسلمون جهودهم هناك، وكوّنوا حركة التحرير الوطني، وتتكوّن من جناح مدنيّ: يشمل التنظيم والإعلام، وجناح عسكري: على شكل قوات مسلّحة بدأ أعماله عام 1969م، وحرّر بعض مناطق فطاني، وأخذ في مهاجمة القوات التايلندية، وقام بعمليات واسعة في جميع أنحاء البلاد ولا يزال الجهاد الفطاني يواجه قوى تايلند البوذية الباغية [1] أنظر المصدر نفسه ص7-9، وحاضر العالم الإسلامي للمصري 2592-607 قضية مسلمي زنجبارhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-14Published Articlesقضية مسلمي زنجبار[1] أد محمد حافظ الشريدة زنجبار أرض عربية إسلامية تتكون من جزأين هما زنجبار وبمبا، وتبعد عن شاطئ إفريقيا الشرقي 25 ميلا مقابل تنجانيقا وقد استوطن العرب المسلمون هذه البلاد منذ قرون خلت، ومنها نشروا الإسلام في كثير من بلاد إفريقيا ويبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة، معظمهم من المسلمين وقد استقلّت زنجبار بعد تحرّرها من الاستعمار البريطاني عام 1963م المؤامرة على زنجبار: حينما استقلّت زنجبار وقفت في وجه التغلغل الصهيوني في إفريقيا، وخالفت بذلك نهج جيرانها من دول إفريقيا الشرقية، وعلى رأسهم القسّيس نيريري حاكم تنجانيقا واتّضح موقف زنجبار الصريح المؤيّد لقضية فلسطين: يوم رفضت حكومتها استقبال جولدا مئير التي أصبحت رئيسة وزراء إسرائيل فيما بعد عندما كانت تزور دول إفريقيا الشرقية، لإقامة علاقات دبلوماسية مع البلاد التي تقع على الطريق البحري إلى فلسطين، لتأمين الملاحة اليهودية وعند ذلك شرع اليهود في تدبير مؤامرة للقضاء على زنجبار، فاهتدوا إلى أحد عملائهم وهو عبيد كرومي وكلّفوه بالتعاون مع نيريري للقضاء على هذه الدولة الفتية وفي عام 1964م دبّر كرومي العنصري الحاقد على العرب والمسلمين بمساعدة نيريري عملية ذبح للمسلمين هناك، وتمّ قتل أكثر من خمسة عشر ألف مسلم في يوم واحد واستولى كرومي على السلطة، وأخذ يقلّد مصطفى كمال أتاتورك في إزالة الصبغة الإسلامية عن زنجبار، ثم قال بضم زنجبار إلى تنجانيقا، وصارت دولة جديدة اسمها: تنزانيا برئاسة القسّيس نيريري وترك نيريري لخادمه كرومي الذي يحمل هوية إسلامية وطنية مطلق الحريّة في زنجبار لإذلال المسلمين هناك، وتحويلهم إلى الماركسية بعد أن استحال تحويلهم إلى النصرانية عن طريق المبشرين - ومع شديد الأسف كان موقف ما يسمّى بالدول العربية مخزياً من أحداث هذا البلد العربي المسلم بسكوتها عن احتلال هذا المعقل الإسلامي بل إن بعض هذه الدول قدّم مساعدات كبيرة لإنجاح تلك الجريمة البشعة: ألا وهي القضاء على دولة إسلامية فتية ولقي حكم كرومي ترحيباً في أوساط دول العالم ومنها الدول الإسلامية-، تماماً كما حدث حين ابتلع النصراني الحاقد المجرم هيلا سيلاسي جارته أرتيريا المسلمة، بمساعدة من الجامعة العربية ويحقّ لنا أن نردّد بعد مأساة المسلمين في زنجبار قول الشاعر: وآلمني وآلم كلّ حر سؤال الدهر: أين المسلمونا [1] أنظر ملحق خاص بمادّة حاضر العالم الإسلامي على الآلة الكاتبة إعداد: حسين مهدي ص5 قضية مسلمي الصينhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-13Published Articlesقضية مسلمي الصين[1] أد محمد حافظ الشريدة لا تخلو ولاية في الصين من المسلمين الذين يكثرون في الأقاليم الغربية والشمالية وفي الصين اليوم أكثر من 75 مليون مسلم والأقاليم الإسلامية في الصين هي : أ التركستان الشرقية: والتركستان موطن الترك الأصلي، وهي بلاد واسعة تقع في وسط آسيا، وقد تقاسمتها الصين وروسيا، فأخذت روسيا القسم الغربي، وأخذت الصين قسمها الشرقي وسمته ب سينكيانغ أي المقاطعة الجديدة ومساحتها: 1710745 كيلو متر مربع وعدد سكانها ثمانية ملايين نسمة، المسلمون منهم 95 من عدد السكان وقد فتح القائد المسلم قتيبة الباهلي هذه البلاد عام 96ه وراسل منها ملك الصين، وأصبحت جزءاً من ديار الإسلام، وكان حاضرتها كاشغر، وانتشرت فيها اللغة العربية، ووقعت تحت الاحتلال الصيني في القرن الثامن عشر الميلادي ب كانسوا: وتجاور التركستان الشرقية، ومساحتها: 376000 كيلو متر مربع وسكانها 13 مليون نسمة منهم 80 من المسلمين ج نينج هسيا: ومساحتها 66500 كيلو متر مربع، وعدد سكانها: 2 مليون نسمة، منهم 75 من المسلمين د ستشوان: وتجاور ولاية كانسوا، وعدد المسلمين فيها: خمسة ملايين ه يونان: وهي ولاية جبلية تبلغ مساحتها: 437000 كيلو متر مربع وعدد المسلمين فيها: سبعة ملايين و شي: ومساحتها 196000 كيلو متر مربع، وعدد سكانها: 21 مليون نسمة، منهم 40 من المسلمين ز شانسي: ومساحتها: 157000 كيلو متر مربع، وعدد سكانها: 18 مليون نسمة، منهم 20 من المسلمين ولكي نعرف أحوال المسلمين في الصين: نقدّم ما نشرته صحيفة تمد بات باد في هونج كونج في عددها الصادر في أكتوبر عام 1966م، وهو منشور موجّه إلى الحرس الأحمر جاء فيه: يا رجال الحرس الأحمر لا يمكن أن ندع عدوّاً من أعدائنا يهرب، وعلينا من الآن فصاعداً أن نهاجم أكثر الأعداء تخفّياً من المسلمين، الذين يقومون بنشاط ضدّ الحزب وضدّ الصينيّين تحت قناع الدين المزعوم يجب ألا تتكلّموا العربية التي هي ضدّ اللغة الصينية ولن نسمح لكم بأن تقرؤوا ما يسمّى بالكتاب المقدس: القرآن اسمعوا أيها المسلمون: دمّروا جوامعكم، حلّوا المنظمات الإسلامية، أحرقوا القرآن إلغوا الحظر الذي وضعتموه على الزواج المشترك، كفّوا عن الصلاة إلغوا الختان ولكن بعد هلاك ماو زعيم الصين، بدأ المسلمون مرحلة جديدة عام 1978م حصل فيها بعض الانفراج في سياسة الحكومة تجاه المسلمين، وظهرت مجاملة الدولة لهم لكسب عطفهم في أعقاب الغزو الروسي لأفغانستان عام 1979م [1] أنظر: المسلمون تحت السيطرة الشيوعية ص32، وحاضر العالم الإسلامي لجريشة ص113، وحاضر العالم الإسلامي للمصري 2557 قضية مسلمي أواسط آسيةhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-12Published Articlesقضية مسلمي أواسط آسية أد محمد حافظ الشريدة إنّ مساحة العالم الإسلامي كما ذكرنا من قبل تساوي ربع مساحة العالم كله، وإنّ المساحة التي يسيطر عليها الشيوعيون تساوي مساحة العالم الإسلامي، وإنّ عدد المسلمين تحت النفوذ الشيوعي يساوي خمس مسلمي العالم وتتكوّن الأقاليم الإسلامية في الاتحاد السوفياتي من: الأورال، واسترخان، وسيبيريا، والقرم، والقوقاز، والتركستان بلاد ما وراء النهر وهذه الأقاليم تمثّل تسعة أعشار مساحة الاتحاد السوفياتي بعد الثورة البلشفية عام 1917م أصدر مجلس الثورة نداء إلى شعوب روسيا من المسلمين كان من بين وقّعه لينين وستالين يناشدها فيه الوقوف بجانب الثورة، ومقاومة الإمبراطورية والفساد والظلم وقد جاء فيه: أيها الناس في روسيا أيها المسلمون في الشرق إننا ونحن نسير في الطريق الذي يؤدّي بالعالم إلى بعض جديد، نتطلّع إليكم لنلتمس عندكم العطف والعون فاستجابت البلاد الإسلامية لهذا النداء، وأعلنت استقلالها عن الحكم الروسي القديم ولكن بعد أربعة أشهر فقط من هذا البيان: أصدر لينين اللعين أمرا بالزّحف على البلاد الإسلامي، واستولت جيوشه على الأورال وشمال القوقاز وخوقند، وتأخّر استيلاؤها على شبه جزيرة القرم، لعنف المقاومة فيها وفي عام 1919م تمّ الاستيلاء على جمهورية الاش أزدو، وفي عام 1920م استولت على جمهورية خيوة، وفي عام 1912م استأنفت الهجوم على جمهورية بخارى، ودار فيها قتال استمر عشر سنوات على شكل حرب عصابات وقد نشرت جريدة زفستيا الروسية في عددها الصادر في 15 حزيران عام 1922 تقريراً عن مجاعة القرم نتيجة نقل الروس ما في الجزيرة من أقوات ليضطروهم للتسليم: وبلغ عدد الذين أصابتهم محنة الجوع في شهر يناير 302000 مات منهم 14413، وارتفع عددهم في شهر مارس إلى 379000 مات منهم 19902، بلغ في إبريل 377000 مات منهم 12754، وفي يونية 392072 ولم يذكر كم مات في هذا الشهر؟ وفي التركستان وحدها قتل الشيوعيّون عام 1934م: مائة ألف مسلم ونفوا ثلاثمائة ألف مسلم، ومات ثلاثة ملايين جوعاً نتيجة استيلاء الروس على محاصيلهم الزراعية وفيما بين 1937-1939م ألقت السلطات القبض على نصف مليون مسلم أعدمت قسماً منهم، ونفت القسم الباقي وفي عام 1949م هرب ألقا شخص منهم 1200 لقوا حتفهم في الطريق وفي عام 1950م هرب 20 ألف مسلم قتلت روسيا منهم: سبعة آلاف وفي عام 1921م قتلت السلطات في القرم مائة ألف مسلم جوعا ولقد أغلق في تركستان وحدها 14 ألف مسجدن وفي الأورال سبعة آلاف مسجد، كما حوّل جامع سمرقند إلى ناد للملحدين وثبت بالإحصاءات الرسمية: أن ستالين قتل أكثر من عشرة ملايين مسلم[1] [1] أنظر: المسلمون تحت السيطرة الشيوعية لمحمود شاكر ص6 فما بعدها، وحاضر العالم الغسلامي لعلي جريشة ص108 فما بعدها وصلاح الدين المنجّد التضليل الاشتراكي ص5، وعبد الله عزام: السرطان الأحمر ص80، وعلاء الكتاني: المسلمون في المعسكر الشيوعي ص25 قضايا إسلامية معاصرةhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-11Published Articlesقضايا إسلامية معاصرة أد محمد حافظ الشريدة قضية فلسطين[1] فلسطين بلد عربي مسلم عريق، تقع في غرب قارة آسيا، وتطلّ على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض، يحدّها شرقاً: سوريا والأردن، وغربا: البحر المتوسط، وشمالاً: لبنان، وجنوباً: مصر وخليج العقبة ومساحتها من النهر إلى البحر 27 ألف كيلو متر مربع وتنقسم إلى: السهول الساحلية والشواطئ، والجبال والهضاب، والأغوار وأشهر مدنها: القدس، ونابلس، وحيفا، ويافا، وعكا، وبيت لحم، وأريحا، والناصرة، والخليل، ورام الله، وطولكرم، وغزة، وبئر السبع، وبيسان، وجنين وفلسطين أرض النّبوّات، وجنّة الدنيا، وقد أسرى الله إليها برسوله صلى الله عليه وآله وسلم فأصبحت مباركة إلى قيام الساعة وقد فتحها الإسلام على يد عمر رضي الله عنه، وحرّرها صلاح الدين رحمه الله من الصليبيّين، والاتجاه الإسلامي على الدرب يسير حتى يتحقّق النصر بإذن الله نكبة فلسطين: قرر أول مؤتمر صهيوني انعقد بسويسرا مؤتمر بال أو بازال بزعامة ثيودور هيرتسل عام 1897م وضم مندوبين يمثلون أكثر من مائتي جمعية صهيونية في العالم كله: اتخاذ فلسطين وطناً قومياً لليهود يضمنه القانون العام ووضع التخطيط اللازم لتنفيذ قرارات المؤتمر، عن طريق: دفع اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين، والبحث عن الشرعية الدولية التي تساند هذا الاحتلال وقد تأسّس البنك الوطني اليهودي لهذا الغرض، وتأسست معه الجمعيات اليهودية العديدة التي تغذِّي روح الصهيونية وقد استطاعت الصهيونية أن تمدّ نفسها كالأخطبوط بين مختلف دول أوروبا بالإضافة لأمريكا عن طريق الجاسوسية والأموال ووسائل الإعلام، فأخذت من كلّ من هذه الدول وعوداً بمساعدتها، وقامت الشيوعية في روسيا عام 1917م فكان معظم زعمائها من الصهاينة كما ونجحت في إسقاط الخلافة العثمانية على يد الصنم أتاتورك، الذي شجع مع القوميّين الأتراك: الهجرة اليهودية إلى فلسطين وفي عام 1917م أصدر وزير خارجية بريطانيا بلفور وعده المشؤوم الذي جاء فيه: أنّ حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ في فلسطين للشعب اليهودي، وسوف تبذل أقصى جهدها لتحقيق هذه الغاية وفي عام 1947م وقبل إعلان قيام إسرائيل بنصف سنة: أصدرت الأمم المتحدة قرار التقسيم الذي رفضه العرب، وفي عام 1948م تمّ إعلان قيام إسرائيل في حماية دولية بزعامة أمريكا وروسيا وبريطانيا - أسباب النكبة: أ تخطيط العدوّ وصبره على تنفيذ مخطّطاته: وفي المقابل انتفى التخطيط لدى العالم الإسلامي، وتوافر عند كثير من المسلمين الإخلاص، ولكن بدون تخطيط، وبقلّة صبر على التنفيذ ب أبعاد الإسلام عن المعركة: حيث إنّ الإسلام يأمر بالإعداد المادّي المكافئ، والإعداد الإيماني المعنوي العظيم فقامت الصهيونية العالمية بإقصاء السلطان عبد الحميد رحمه الله عن الحكم، بعد أن رفض عرض اليهود بمساعدته مقابل أجزاء معيّنة من فلسطين ومن ثمّ قضي على الخلافة على يد صنائع اليهود ج إقصاء الشعب الفلسطيني عن المعركة، ودقّ الأسافين بين أبناء الشعب الواحد: فمنذ ذاق الإنجليز المستعمرون ومن بعدهم اليهود ألوان العذاب على يد الفلسطينيين، ومنذ ظهر أمثال: عزّ الدين القسام، وعبد القادر الحسيني، وحسن سلامة، وغيرهم رحمة الله عليهم جميعاً فقد قرّر الأعداء إبعاده عن المعركة: عن طريق إدخال سبعة جيوش عربية إلى فلسطين، لتخوض معركة التحرير بالنّيابة عن الفلسطينيين، وشكّكت الجيوش العربية في أمانة وصدق وشجاعة الفلسطينيّين وسبق ذلك وعاصره: حرمان الشعب من التدريب والتسليح وفعلاً نجحت الخطة، وأقصي الشعب عن المعركة وسلّمت أراضي فلسطين جزءاً جزءاً، وتحوّلت القضية إلى أروقة الأمم المتحدة، وانتهت بإسقاط البندقيّة ورفع غصن الزيتون، وتحوّلت المنظّمات الفلسطينية بعد جعلها علمانية إلى جهات سياسية بأسها بينها شديد والغريب العجيب: أنّ الشرعية للدولة المغتصبة تمّت أخيراً باعتراف من يدّعون أنهم الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ولا حول ولا قوة إلا بالله والجاهلون في الداخل والخارج: يظنّون أنّ إسرائيل سوف تقنع بما هي عليه الآن: وتاريخ الصهيونية وطبيعتها وأهدافها وكُتبها - يأبى عليها ذلك وحسبنا أن نقرأ التلمود أو بروتوكولات حكماء صهيون، أو ما كتب في الكنيست نفسه: حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ولكن لا يأس ولا غرور فالمستقبل لهذا الدّين بإذن ربّ العالمين[2]، فعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تكون النبوّة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إن شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوّة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إن شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضّاً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إن شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت، رواه أحمد [1] أنظر: حاضر العالم الإسلامي لجميل المصري 2299-358، وحاضر العالم الإسلامي لعلي جريشة ص85-107، والطريق إلى فلسطين لأحمد نوفل، وثقافتك في القضية الفلسطينية [2] أنظر: سيد قطب: المستقبل لهذا الدين ص90-96 العالم الإسلامي وأهم قضاياه المعاصرة: لمحات … وكلمات …http://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/------hellip--hellipPublished Articlesالعالم الإسلامي وأهم قضاياه المعاصرة: لمحات وكلمات أد محمد حافظ الشريدة العالم الإسلامي في سطور: المسلمون اليوم يشكّلون: خمس سكان العالم مساحة العالم الإسلامي: ربع مساحة الكرة الأرضية العالم الإسلامي هو الأول في إنتاج: البترول والقطن والمطاط والتمر تقول الإحصاءات المتوفرة حتى عام 1400هـ[1] : إنّ العدد الإجمالي لسكان العالم الإسلامي يتراوح بين 800-850 مليون نسمة بخلاف الأقليّات غير ذات الحجم، والتي تعيش في دول غير إسلامية وتقول تلك الإحصاءات: إنّ نحو 550 مليون مسلم أو ما يزيد عن ثلثي سكان العالم الإسلامي يعيشون في قارّة آسيا وإنّ عدد الدول الإسلامية المستقلّة في قارة آسيا حتى الآن: 21 دولة، باستثناء الجمهوريّات الإسلامية في الاتحاد السوفياتي وإنّ ما بين 250-300 مليون مسلم يعيشون في قارّة إفريقيا في 27 دولة مستقلة ويمثّلون نحو 60 من سكان تلك القارّة فإذا أضفنا إلى سكان العالم الإسلامي: المسلمين المقيمين متفرقين كأقليّات في أرجاء العالم وهي أعداد لا يتوفر لها الإحصاء الدقيق حتى الآن فإنّ عدد المسلمين في العالم يصل إلى مليار نسمة وهذا كلّه يبيّن لنا الإمكانيات الضخمة الكامنة في العالم الإسلامي وهذا العالم يملك إمكانيات كبيرة وكثيرة من عناصر القوى الاقتصادية: وهي الثروات الزراعية والحيوانية والمعدنية وخامات الصناعة بالإضافة إلى الأيدي العاملة ولاتّساع وتنوّع المناطق التي يشملها فإنّ الأراضي الزراعية به عظيمة الامتداد عظيمة الخصوبة، حيث إنها تتواجد في عدة مناطق مناخية مختلفة، مما يجعل المحاصيل متنوّعة وفيرة ولكنّ الواقع يقرّر أنّ مردود الزراعة في العالم الإسلامي منخفض بالقياس إلى ما يتوافر فيه من إمكانيات، وذلك لقلّة العناية الكافية، وضعف الاستخدام الآلي الحديث ولذلك نجد مردود الكيلو متر المربع من الأرض الزراعية في سوريا مثلاً: 70 طناً، بينما نجد مثيله في الدنمارك يصل إلى 300 طن ويملك العالم الإسلامي نحو 375 مليون رأس من الأنعام ورغم جميع السلبيات وقلّة الإمكانيات: فإنّ العالم الإسلامي اليوم ينتج: 15 من الإنتاج العالمي للقمح والأرز، و10 من السكر، و99 من إنتاج التمر، و48 من إنتاج الكاكاو، و80 من إنتاج الزيت، و30 من إنتاج الزيتون، و35 من إنتاج جوز الهند، و43 من إنتاج القطن، و80 من إنتاج المطاط وهذا كله إنتاج ضخم قياساً إلى وسائل الإنتاج المتخلفة هذا ويحتل العالم الإسلامي المركز الثاني في العالم في إنتاج القمح والزيتون، والمركز الثالث في إنتاج قصب السكر وغيره من الغلات الزراعية الأخرى أما من حيث الثروة المعدنية: فإنّ العالم الإسلامي يحتلّ المرتبة الأولى في عدد منها: كالنفط 60، والقصدير 56، والكروم 40، والفوسفات 25، والألمنيوم 23 مع أن الثروة المعدنية لم تستغل بعد في العديد من الدول الإسلامية والعالم الإسلامي يحتلّ موقعاً فريداً مهمّا في العالم، إذ يربط بين القارات القديمة: آسيا وإفريقيا وأوروبا بطرق المواصلات البحرية والجوية مع قارّات العالم الجديد، ويكاد لا يوجد خطّ بحري أو جوي في العالم إلا ويمرّ في بلاد المسلمين فالعالم الإسلامي ملتقى طرق العالم وتجارته، وهذه الأهمية القصوى للعالم الإسلامي من حيث الموقع والطرق ووفرة الخامات هي التي جعلته مطمع الدول الكبرى، ومجالات صراعاتها، وهدف سيطرتها وأخيراً: إنّ الأمة الإسلامية على مدار التاريخ قديمه وحديثه ومستقبله في أيّ مكان أو مجال أو ظرف تجمعها عوامل واحدة، بالرغم من اختلاف شعوبها وأجناسها وأوطانها وألوانها ولهجاتها وبيئاتها تصديقاً لقول الله عزّ وجلّ: إنّ هذه أُمتكم أمّة واحدة و أنا ربكم فاعبدون الأنبياء: 92 وهذه العوامل والروابط هي: أ عقيدة التوحيد: وما يتبعها من عبادة وشريعة وأنظمة حياة ب اللغة العربية: المتمثلة بالدستور الخالد القرآن الكريم، الذي لا تصحّ الصلاة إلا به ج التاريخ المشترك: الذي يجمع بين آلام المسلمين ومصائبهم ونكباتهم، وبين انتصاراتهم وسعادتهم وآمالهم في المستقبل[2] د العادات والأخلاق والتقاليد الحسنة التي تلازم كل داعية مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، في مختلف الظروف والأحوال هـ النظرة الصائبة للإنسان والكون والحياة، والسعي للفوز بسعادة الدارين[3] و الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذه الأمور حفظت للأمّة شخصيّتها المتميّزة، واستقلالها الحر، وعصاميتها الفريدة [1] أنظر فتحي يكن: العالم الإسلامي والمكائد الدولية من ص17-20 [2] أنظر رسالة حاضر المسلمين بين الآلام والآمال لمحمود شيت خطاب [3] أنظر محمد المبارك: نحو إنسانية سعيدة من ص29-62 صفات الجماعة الإسلامية المنقذةhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-10Published Articlesصفات الجماعة الإسلامية المنقذة لا بدّ أن تتوفّر في الجماعة الإسلامية الرائدة عدّة صفات أساسية أهمها: أ أن يكون مرجعها في تصوّرها للعمل للإسلام من حيث: الأهداف والوسائل ومواجهة الظروف والأحداث ووزن الأشخاص مستمداً من الكتاب والسنّة، باعتبارهما الترجمة العملية للدعوة الإسلامية ويندرج تحت هذه الصفة: أن يكون مفهوم لا إله إلا الله واضحاً لدى أفراد الجماعة ونعني بلا إله إلا الله: توحيده عزّ وجلّ في ألوهيته وربوبيّته وأسمائه وصفاته لا إله إلا الله: ثورة على الظلم والفساد وعلى الباطل بجميع صوره وأشكاله لا إله إلا الله: ثورة على الشرك والبدع بجميع أشكالها ومن أهمّها بدعة الحكم بغير ما أنزل الله لا إله إلا الله: تعني أنّ التشريع من حقّ الله وحده، وإلاّ فهو الظلم والفسق والإجرام والعصيان والكفر والشرك والضلال لا إله إلا الله: تعني الكفر بالطاغوت بجميع أنواعه وأشكاله لا إله إلا الله: تتطلّب التخلّق بآداب الإسلام في جميع شؤون الحياة: بين المرء وبين نفسه وبينه وبين أعدائه وبينه وبين جيرانه وبينه وبين الدولة التي يعيش في ظلّها وبينه وبين أفراد مجتمعه لا إله إلا الله: تتطلّب التخلّق بأخلاقيّات الدين الحنيف في النيّة، فلا يهمّ صاحبها إلا بخير وإنْ هَمّ بالسوء كَفّ عنه مخافة الله لا إله إلا الله: تتطلّب القيام بما وكّل للمرء من عملٍ خيرَ قيام، سواء كان في البيت أو المتْجر أو المدرسة أو المعمل أو الوظيفة أو المختبر أو العيادة أو السوق أو المنتدى أو المسجد أو لا إله إلا الله: تتطلّب التخلّق بأخلاقيات الإسلام في الطعام أو الشراب أو النوم أو اللباس لا إله إلا الله: توجب التجرّد للّه في الأقوال والأعمال لا إله إلا الله: تقتضي مراقبة الله في الفقر والغنى في السرّاء والضرّاء في السرّ والعلانية في الظاهر والباطن في الشغل والفراغ في الصغر والكبر في القوة والضعف في الصحّة والمرض في العزوبة والزواج في السلم والحرب لا إله إلا الله: تتطلّب الصدق والصبر والحلم وكظم الغيظ والعفو عن الناس والإحسان إليهم لا إله إلا الله: تتطلّب الحبّ في الله والبغض في الله وتتطلّب: التوبة والخوف والرجاء والشكر والوفاء والرضا بالقضاء لا إله إلا الله: تتطلّب الرحمة والتواضع والحياء والعلم والدعاء والذكر والاستغفار لا إله إلا الله: تتطلّب الموالاة في الله وتكثير سواد المسلمين لا إله إلا الله: تتطلّب القيام بحقوق العيال، وبرّ الوالدين، وتربية الأهل والأولاد، وصلة الرحم، والرفق بالموالي والضعفاء لا إله إلا الله: تتطلّب متابعة الجماعة، والإصلاح بين الناس، والمعاونة على البرّ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء الأمانة، والجهاد في سبيل الله لا إله إلا الله: تقتضي القيام بجميع الأوامر والابتعاد عن جميع المناهي وترك الشبهات: قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم الحجرات:14 وقد بات من نافلة القول التأكيد على أنّ الحديث المستفيض عن العقيدة في محكم التنزيل لم يأت لإثبات وجود الله فحسب، لأنّ الناس فُطرت قلوبهم على مدار التاريخ على الإيمان بخالق الكون والحياة: قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعملون؟ سيقولون لله، قل أفلا تذكّرون قل من ربّ السموات السبع وربّ العرش العظيم؟ سيقولون لله، قل أفلا تتّقون قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون؟ سيقولون لله، قل فأنّى تسحرون المؤمنون: 84-89 ولكنّ هذا الحديث جاء في مراحل تاريخ الأنبياء والمرسلين عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأتم التسليم للتأكيد على حقيقة التوحيد وما تستلزمه من إخلاص العبادة لربّ العالمين وقد قلا كل نبيّ لقومه: أُعبدوا الله مالكم من إله غيره هود: 50 و 60 و 84 والأعراف: 59 و 65 و 73 و 85 والنحل: 36 إنّ الإقرار بالألوهية يقتضي عبادة الله وحده، وطاعته وحده، وجعل الحاكمية له وحده، وردّ الأمر والنهي إليه وحده، وجعل التشريع مقتصراً عليه وحده إنّ توحيد الألوهية يؤدّي لردّ الحاكمية للفرد الصمد وانتزاعها من كلّ ما سوى الله عزّ وجلّ ويؤدّي كذلك إلى سحق الطاغوت وكل ما يتعلّق به وأخذه بالنواصي والأقدام، وإلى تحرير العباد من الآصار والأغلال والظلام وحين يجترئ أحد على حقّ الحاكمية بغير سلطان -، وحين يرضى الناس حكم الطاغوت، ويستمرون حياة الجاهلية، ولا ينكرونها باليد أو اللسان أو بالقلب -، ولا يسعون قدْر طاقتهم لتغيير الواقع السيء الذي يعيشونه حينذاك: ينقسم الناس إلى فريقين: أرباب وعبيد: أرباب ملأ مشرّعون - : شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله الشورى: 31 وعبيد منفّذون - : اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم، وما أُمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا الله هو سبحانه عمّا يشركون التوبة: 31 عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال : يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك، قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في سورة براءة، فقرأ هذه الآيات: اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله قال: قلت: يا رسول الله إنّا لسنا نعبدهم، فقال: أليسوا يحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه، ويُحلّون ما حرّم الله فتُحلّونه؟ قال: قلت: بلى قال: فتلك عبادتهم وفي رواية أخرى: قلت: يا رسول الله أما إنّهم لم يكونوا يصلّون لهم قال: صدقت ولكنْ كانوا يحلّون لهم ما حرّم الله فيستحلّونه، ويحرّمون ما أحلّ الله فيحرّمونه[1] وإذا صرف أيّ شيء من الحاكمية لغير المولى تبارك وتعالى، فإنّها حينئذ عبادة الشيطان وعبادة الطاغوت وقد انقسم الناس تجاه هذه الدعوة الربّانيّة إلى قسمين: قسم آمن بأنّ لله وحده الأمر والنهي والتحليل والتحريم وقسم رفض توحيد الألوهية وما يتعلّق به الأوّلون هم المؤمنون والآخرون هم الكافرون سواء كانوا من الملأ أو العبيد ودار الصراع بين حزب الرحمن وحزب الشيطان وتعرّض حملة الحقّ أثناء ذلك: للقتل والنفي والتعذيب والاضطهاد والاستهزاء والابتلاء ولكنّ العاقبة كانت دائماً للمؤمنين، وكان الخسران في الدارين على الكافرين؛ من مستكبرين ومستضعفين[2]: قالوا حرّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا: يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ونجّيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ولوطاً آتيناه حُكْماً وعِلْماً ونجّيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سَوْء فاسقين، وأدخلناه في رحمتنا إنّه من الصالحين ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجّيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذّبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سَوْءَ فأغرقناهم أجمعين الأنبياء 68-77 فكلاًّ آخذنا بذنبه، فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من خسفنا به الأرض، ومنهم من أغرقنا، وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون العنكبوت:40 ب ومن الشروط الواجب توفرها في الجماعة النموذجية المنقذة أيضاً: أن يكون في طبيعتها التكامل وفي أهدافها الشمول وألا تقتصر على أحد جوانب الإسلام الهامة، وألا تُضخّم جانباً على حساب آخر وألا تكون محدودة الأهداف وأن تبدأ بتربية الأفراد حتى تقيم الحكم الإسلامي والحياة الإسلامية، حتى تنطلق في الأرض لإعلاء كلمة الله ونشر دينه بين الناس وأن تُقدّم الإسلام للناس في صورة نماذج بشرية متكاملة وأن يكون عندها وضوح تام لأهدافها ووسائلها وإدراك صحيح لما يجري حولها ومعرفة جيّدة لضراوة المعركة التي يخوضها أعداء الله معها وأن تؤثر الناحية العملية وأن تترجم الأعمال إلى أقوال وأن تلتقي مع بقية الجماعات الإسلامية العاملة في أحسن ما تدعو إليه وأن تربّي قلب الفرد: بالعبادة والتلاوة والذكر وتربّي عقله: بالمطالعة والبحث وطلب العلم وتربّي جسده: بالرياضة والتدريب والفروسية وأن تلتقي مع من ينادي بالأخذ بالسنّة والابتعاد عن البدع والبحث عن الأدلّة وعدم التعصّب المذهبي: مع البعد عن الغلظة والجفاف الروحي وأن تلتقي مع من ينادي بالاهتمام بتزكية النفس: مع البعد عن أي شرك أو بدعة أو تعصّب لغير الكتاب والسنة وأن تلتقي مع من ينادي بنشر الدعوة بين عامة الناس وتبليغهم أمور الدين: مع البعد عن الجهل والسذاجة وأن تلتقي مع من ينادي بالتربية البطيئة والإيمان العميق والتكوين الدقيق والعمل المتواصل؛ مع البعد عن الحزبية والاستعجال وألا تُكفّر إلا من يستحق الكفر لئلا تقع في مزالق خطيرة ج أن يكون هناك وضوح في الرؤية لدى الجماعة: في الأهداف وأسلوب العمل، ولواقع البشرية وللمعركة الخطيرة مع أعداء الإسلام من صليبية ويهودية وشيوعية ووثنية - وأن تعي أنّ عليها الآن الاهتمام في الجذور واللباب لافي الفروع والقشور ولا يعني ذلك ترك أيّ سنة أو ارتكاب أيّ بدعة د أن يعطي أفراد الجماعة ولاءهم لله تعالى: وأن يطيعوا القيادة في المنشط والفكرة بغير معصية بالطبع -، وأن يكون أساس الترابط بينهم هو الحبّ في الله والعمل لله: إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون المائدة: 55 و 56 ه أن تهتمّ الجماعة بتربية أفرادها: - بعد انتشالهم من واقعهم الجاهلي وتخلعهم من كل رواسب الجاهلية، في الفكر والشعور والسلوك، وتصلهم بالله عزّ وجلّ، وتحوّل المعاني النظرية في أذهانهم إلى مشاعر فياضة، تملأ القلب بحرارة العقيدة، وتدفع لتحقيق مدلولها في واقع الحياة و أن تؤثر الجماعة الناحية العملية على الجدليّة: لئلا تتحوّل الدعوة إلى ترف فكري ومعرفة ذهنية، وأن لا يزيد الكلام عند أفرادها على العمل فبعد اعتناء الجماعة بتربية أعضائها تنطلق بهؤلاء الأفراد ليدعوا الناس بدعوة الإسلام ويبصّروهم حقيقة دينهم وواقعهم الجاهلي السيء نتيجة غياب الحكم الإسلامي - ويبيّنوا لهم ضرورة الجماعة الإسلامية لإعادة الإسلام إلى واقع الحياة وحين يعلم الله أنّ الجماعة استحقّت التمكين ينزل نصره ويذلّ أعداءه بعد أن يتّخذ من الجماعة شهداء، يكون دمهم مشاعل على الطريق يزيد الدعوة وضوحاً، وقوة، وحياة، ونماء وبإيجاز: عليها أن تأخذ إيجابيات الجماعات الإسلامية القائمة وأن تبتعد عن سلبيات هذه الجماعات لتحوز على رضا الله سبحانه وتعالى أولاً، ثم رضا العاملين في حقل الدعوة الإسلامية ثانياً إنّ الإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف، ودنيا وآخرة، وخلق وثقافة، وعلم وعبادة، ومعاملة وسياسة، واقتصاد وتربية، وشعائر وأحكام وليس بمؤمن من آمن ببعض وكفر ببعض: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب البقرة: 85 إنّ على ا لجماعة الإسلامية النموذجية: أن تَفهم قبل غيرها وأن تُفهم غيرها كذلك حقيقة هذا الدين، وألا يزاولها شكّ في أنّ الإسلام نزل من عند الله تعالى شاملاً لجميع نواحي الحياة الإنسانية، ولا بدّ من تحكيمه كما نزل في جميع مجالات الحياة في كل مكان وأوان وعلى الجماعة كذلك: ألا تُغلّب أحد جوانب الإسلام على غيره بحيث يطغى على بقية جوانب الإسلام العظيمة، فكما أنّ الإسلام يحثّ على جهاد النفس: فإنه يحثّ كذلك على جهاد الأعداء، وما أجمل القيام بكلّ منهما في آن واحد وكما أنّ الإسلام يهتمّ بتوحيد الأسماء والصفات فلا تجسيم ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه - : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[3] الشورى: 11، فإنّه يهتمّ كذلك بتوحيد الألوهيّة، الذي بُعثت الرسل من أجله، ودار الصراع بين الحق وأهله، وبين الباطل وخيله ورَجله بسببه [1] الطبري: جامع البيان 10114، ومختصر ابن كثير 2137 [2] أنظر كتاب المؤلف: مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية: فصل أثر الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام [3] قوله تعالى: ليس كمثله شيء فيه نفي التمثيل وقوله: وهو السميع البصير فيه إثبات الصفات أنظر الشنقيطي: منع جواز المجاز ص53-56، وكذلك منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص: 25 و26 وابن شيخ الحزامييّن: النصيحة في صفات الربّ جلّ وعلا الجماعات الإسلاميةhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-9Published Articlesالجماعات الإسلامية أد محمد حافظ الشريدة لقد كان للجماعات الإسلامية تأثير كبير في العالم الإسلامي: فقد بعثت الأمل في قلوب المؤمنين بإمكانية إعادة الحياة الإسلامية الشاملة، بعد أن ظنّ أعداء الله على مختلف مشاربهم أنهم اجتثّوا الإسلام من جذوره وقدّمت هذه الحركات نماذج من الشباب المسلم الدعاة إلى الله، بعد تربيتهم على الإسلام روحياً وفكرياً وجسدياً وهم يحملون أرفع الدرجات العلمية، ويختصّون في مختلف العلوم الكونية فزادوا من ثقة الناس بالإسلام، ومن صلاحيته وقدرته على بناء النفوس والجماعات ونقلت هذه الجماعات الفكر الإسلامي من فهم يستحيي منه أبناؤه، إلى حاكم يحكم على جميع الأفكار والنظريات الأخرى وتحرّروا من الهزيمة الروحية والفكرية أمام الهجوم الاستشراقي اليهودي الصليبي الوثني الشيوعي الماكر وأحيت هذه الجماعات مبدأ الجهاد في سبيل الله، ونبّهت الجماهير إلى حقوقها المهضومة وكرامتها المسلوبة ونبّهت هذه الحركات الدول الكبرى إلى خطر الإسلام فشعر الكفر في كل مكان بأنه أصبح في خطر وهذا هو سرّ الضربات الوحشية التي تكال لطلائع البعث الإسلامي، والحرب الضروس التي يشنّها الأعداء بمختلف أنواعهم على الحركات الإسلامية بشتى الوسائل لإقامة حجاب كثيف بين الجماهير وبين الدعوة الإسلامية، لئلا تقوم للخلافة الإسلامية قائمة حقاً لقد كان أفراد من هذه الجماعات أتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحملة رايته من بعده، والمبشّرين بدعوته لأنهم كما قال أحد روّادهم - : فكرة وعقيدة ونظام ومنهاج، لا يحده موضع ولا يقيّده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها لأنه نظام ربّ العالمين، ومنهاج رسوله الأمين صلى الله عليه وآله وسلم إنّ الواجب على حركات البعث الإسلامي المعاصرة: أن تقف صفاً واحداً أمام العدوّ المشترك وألا تكون كالقنوات الصغيرة التي تخرج من النّهر فتضعفه بل عليها أن تكون روافد تصبّ في النهر ا لكبير: فتزيده قوة واندفاعاً وفائدة للناس والحيوان والنبات قال رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم - : إنّ الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جُحْرها وحتى الحوت في البحر ليصلّون على معلم الناس الخير[1] إنّ على هذه الجماعات أن تتّحد، وأن تبذل أقصى ما تملك في سبيل إعادة هذه الأمّة إلى دينها، وألا تضيّع جزءاً من وقتها وجهدها في محاربة بعضها بعضا لو أنّ أناساً كانوا في صحراء وحان وقت الصلاة ولم يعرفوا اتجاه القبلة فاجتهد كلّ واحد منهم بشأن القبلة، وصلّى كلّ منهم حيث أدّى به اجتهاده بعد التحرّي والاقتناع النّفسي أنّ القبلة حيث صلّى فإنّ صلاتهم صحيحة، وكلّ مجتهد وكلّ مصيب بإذن الله ولو أنّهم بعد ذلك واجهوا وحشاً مفترساً أو لصّاً أو شبّت النيران بقربهم فالواجب يحتّم عليهم: أن يتّحدوا جميعاً، وأنّ يقفوا صفاً واحداً تجاه الخطر الداهم، لينجوا جميعاً، وأنّ يقفوا صفّاً واحد تجاه الخطر الداهم، لينجوا جميعاً ولا يحقّ لهم أن يختلفوا أو يتلاوموا، قبل القضاء على الخطر وتحقيق الهدف وهكذا فإنّ لكل جماعة تصوّروا معيّناً في الدعوة إلى الله فمنها من يجتهد فيصيب سواء كانت الإصابة 100 أو 90 أو 70 أو 50 أو 10 ومنها من يجتهد فيخطئ والكل مأجور بإذن الله - إنْ صحّ العمل وخلصت النية: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشركْ بعبادة ربه أحدا الكهف: 110 لقد اختلفت الجماعات الإسلامية الموجودة على الساحة في كيفية إعادة المسلمين إلى حظيرة الإسلام، وإقامة الخلافة الإسلامية من جديد فمنها من رأت بغضّ النّظر عن الأسماء والمسمّيات أنّ طريق الخلاص: هو في التصفية تصفية العقيدة من الشوائب، والعبادة من البدع ثم في التربية بعد ذلك ومنها من رأت: أنّ الحلّ كامن في تسلّم السلطة من أيدي الطغاة ولو عن طريق الانقلابات ثم فرض الإسلام بقوّة السلطان ومنها من ذهبت: إلى أنّ الحلّ الصحيح هو التربية الروحية الطويلة، عن طريق تزكية النفس ومجاهدتها وإلزامها الجادّة، وعدم التدخّل في السياسة والاكتفاء بالكياسة ومنها من ذهبت: إلى أنّ طريق التربية الأمثل: وعظ الجماهير وتبليغهم دين الله، بالحكمة والموعظة الحسنة ومنها من ذهبت: إلى العزلة عن الناس وتكفير سواد المسلمين ومنها من رأت: أنّ التربية لا تكون إلا بالإيمان العميق، والتكوين الدقيق والعمل المتواصل، والخطوات التدريجية ومن هذه الجماعات: من ركّز على الجانب الروحي ومنها من ركّز على الناحية الفكرية ومنها من ركّز على الناحية العقدية وخاصّة توحيد الأسماء والصفات، والابتعاد عن الشرك والبدع - ومنها من ركّز على جانب الفكر والجسد ومنها من أخذ حظّاً من كلّ هذه الجوانب وأظنّ وقد أكون مخطئاً أنّ أياً من الجماعات الإسلامية المعاصرة لم تتوفر فيها جميع الشروط المطلوبة للجماعة الإسلامية المثلى وإن كان بعض هذه الجماعات قد تحقّقت فيها غالبية الشروط المطلوبة، والبعض الآخر قد اتّصف ببعض هذه الشروط [1] رواه الترمذي أنظر النبهاني : الفتح الكبير 1348 كيف نعيد تربية أمتنا على الإسلام من جديد؟http://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-8Published Articlesكيف نعيد تربية أمتنا على الإسلام من جديد؟ في ظل الظروف الحالكة التي يعيشها المسلمون في كل مكان، والتي يعاني فيها غالبية المسلمين من الآلام ما لا تحتمله الرواسي الشامخات قد يسأل سائل: ما خلاص المسلمين من أزمتهم وعنائهم ونكدهم وشقائهم؟ والجواب معروف واضح لا غموض فيه: قال تعالى: فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى طه : 122 إذن فهدى الله هو الخلاص ولا منقذ غيره أبداً وهدى الله يتمثل في: الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عن طريق قيام جماعة تقوم بتكاليف هذه الدّعوة[1] قال تعالى: ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون آل عمران: 104 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لن يزال على هذا الأمر عصابة على الحقّ، لا يضرّهم خلاف من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله عزّ وجل وهم على ذلك[2] والعمل في جماعة لإعادة الخلافة الإسلامية إلى الأرض بعد غيابها عن الوجود والشهود فرض على كل مسلم؛ لأنّ معظم تكاليف الإسلام جماعية، ولا يستطيع المسلم أن يمارس أحكام دينه إلا في ظل مجتمع مسلم وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإعادة الخلافة الإسلامية إلى الحياة فرض، والعمل من أجل قيامها فرض كذلك قال تعالى: إنّما وليّكُم الله ورسوله والذين آمنوا المائدة: 55 فالولاية إنما تكون في الله مع المؤمنين: قال تعالى: والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير الأنفال: 73 فإنْ لم يتولّ المؤمنون بعضهم بعضا كما يتكالب الكفار جميعاً عليهم وينصر بعضهم بعضا فإنّ الفتنة تعمّ الأرض إنّ العمل لإعادة تربية الأمّة على الإسلام من جديد: فريضة شرعية وضرورة إنسانية، وهذا لا يكون إلا بالطريق التي سار عليها الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم؛ من تربية مجموعة تفهم حقيقة الدعوة وتتحرّك بها حتى النصر أو الشهادة : ولقد كُذّب رُسُلٌ من قَبْلك فصبروا على ما كُذّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مُبدّل لكلمات الله ولقد جاءك نبإ المرسلين الأنعام: 34 ومع الشقاء الذي يعانيه الناس فإنهم لا يؤوبون إلى دينهم بغير منارة يهتدون بها ويأوون إليها وهذه المنارة هي جماعة إسلامية عالمية عاملة صادقة ولكن هل يمكن أن يتحقّق وجود مجتمع إسلامي في هذا العصر الجاهلي؟ والجواب: بلى لأنه مجتمع يتجاوب مع الفطرة الإنسانية ويلبّي حاجاتها وقد شهد التاريخ قيام هذا المجتمع قروناً طويلة والذي حدث مرة يمكن أن يحدث مرات كيف لا وهو مجتمع يقوم على العقيدة الإلهية التي لا غناء للنفس أو الجماعة عنها، وهو كذلك يتّسع لجميع الأجناس والألوان في كل زمان ومكان؟ ومهما حاولت القوى المعادية طمس معالم هذا الدين فإنّها لن تفلح والتاريخ شاهد على ذلك وصدق الله العظيم : يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون الصف: 8 و 9 ولا يتمّ هذا إلا بوجود جماعة مؤمنة تدعو لهذا الدين ويتمثّل فيها، وتنطلق من أرض الإسلام كدولة مجاهدة لنشره بين الناس ومع الكيد العالمي للدعوة الإسلامية فإنّ المستقبل بإذن الله لهذا الدين: ألم تر كيف ضرب الله كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للنّاس لعلهم يتذكرون إبراهيم: 24 و 25 إنّ جذور الإسلام عميقة، ضاربة في شعاب الفطرة، متّصلة بأغوار النفس، مستكنّة في أعماق القلب والضمير وبإزالة الركام والران عن القلوب: فإنها تتجاوب مع هدى الله عزّ وجل والدعوة الإسلامية صاحبة حقّ، لأنها تستمد قوّتها من الحقّ تبارك وتعالى: ذلك بأنّ الله هو الحقّ ما يدعون من دونه هو الباطل الحج: 62 والمجتمع الإسلامي مع هذا كله هو طريق الخلاص الوحيد للبشرية المهدّدة بالدمار والبوار، حيث إنه الاستجابة لنداء الفطرة، والفطرة في ساعة الخطر تتنبّه وتعمل مهما تكن في خبال أو دوار إنّ الإسلام ضرورة إنسانية وحتمية فطريّة، ومن ثمّ فإنّ الدافع لبروزه أقوى من كل قوّة معوّقة إنه إن لم يقم اليوم فسيقوم غداً ولكنّ الطريق إليه شاق مليء بالأشواك وأعسر ما في الطريق: أن نرتفع بتصوّراتنا وأخلاقنا وسلوكنا ثم بواقعنا الحضاري الماديّ إلى مستوى الإسلام إنّ انهيار النظم القائمة سيعيد الإنسان إلى الله أما الرأسمالية فقد استهلكت كعقيدة ونظام في معظم أرجاء الأرض وأمّا الشيوعية فقد بدأت تنهار فلا بدّ من نظام آخر يملأ الفراغ والنظام الآخر هو الإسلام إنّ من استهزاء الله بهذه الجاهلية التي تكيد لدينه في كل الأرض، أن تقوم حركة إسلامية شابّة تدعو إلى إقامة حكم إسلامي في أمريكا: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين آل عمران: 54 ولن تستطيع قوى الشر العالمية أن تهزم الدعوة الإسلامية مهما بغت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحقّ، ظاهرين على من نأواهم حتى يقاتل آخرهم المسيج الدجال[3] وإذا كان من السنّة تأمير واحد إذا كانوا ثلاثة فأكثر في السفر، فما بالك بمن يريد إعادة المجتمع الإسلامي؟ وإذا كان الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم يسيحون في الأرض جهاداً في سبيل الله وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر وتبليغاً لدعوة الله وهم يعيشون في ظل مجتمع إسلامي، فإنّ الدعوة إلى الله اليوم أكثر ضرورة من أي وقت مضى وكلّ من يموت وهو لا يعمل لإعلاء كلمة الله فإنه آثم إنّ المعروف الأكبر: هو توحيد الله وعبادته، وثمرة ذلك: الفوز بسعادة الدارين وإنّ المنكر الأكبر: هو الشرك والكفر والنفاق، ونتيجة ذلك: خسارة الدارين والعياذ بالله وكلّ خيْر أو شرّ نابع من هذين الأمرين: يجب العمل للإزالة المنكر العظيم المتمثل بإقصاء الإسلام عن الحياة إنّ إقصاء الحكم الإسلامي، والتقاعس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك الجهاد في سبيل الله جرائم ر يكفّرها إلا النهوض بها فوراً وأيّ تخاذل عن هذه الفرائض يؤدّي إلى فتنة تعمّ الصالح والطالح: واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة الأنفال:25 يجب غرس العقيدة في النفوس حتى تحيا الأمة، قال تعالى: أوَمَنْ كان ميْتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس الأنعام: 122، والقلب الميّت لا يجاهد وبالتالي لا يمكن أن ينتصر وقد يزيّن الشيطان لبعض الناس اعتزال المسلمين والتفرّغ لأداء الشعائر التعبدية ومن يفكر هذا التفكير فإنه مخطئ لا محالة لأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الركن الركين الذي من أجله كرّم الله الأمة الإسلامية بقوله : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله آل عمران: 110 وقد جعل المولى تبارك وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علامة فارقة بين الإيمان والنفاق، فقال : المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف التوبة: 67 والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر التوبة: 71 وطريق الخلاص واحدة: هي طريق الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام : ولقد بعثنا في كل أمّة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت النحل: 36 فهذه الآية الكريمة تلخّص رسالة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وتبيّن أنّ مهمتهم عبادة الله تعالى، وإنقاذ الناس من براثن الطاغوت، وتحكيم شرع الله لقد بدأ كل رسول بهذه الدعوة والتفّ حول كثير منهم فئة من المؤمنين وقامت الجاهلية في كل مرة بفتنتهم عن دينهم فيصبر من يصبر ويرتدّ من يرتدّ والثابتون يجعلهم الله تعالى ستاراً لقدره، وأداة لنصرة دينه، ثمّ يمكّن لهم في الأرض: ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنّهم لهم المنصورون، وإنّ جندنا لهم الغالبون الصّافات: 171-173 ومن رحمة الله بعباده أنه كلما انحرفت البشرية عن الجادّة يرسل لها من يردّها إلى سواء الصراط وهكذا حتى جاءتنا الرسالة الخاتمة على صاحبها أفضل الصلاة وأتمّ التسليم : ثمّ أرسلنا رسل تترى كلما جاء أمّة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعداً لقوم لا يؤمنون المؤمنون: 44 وبعد طيّ سجل الرسالات ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي، بعد ذلك جعل الله مهمة الدعوة إلى أتباعه صلى الله عليه وسلم : وكذلك جعلناكم أمّة وسَطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا البقرة: 142 وعلى هذا فالأمة الإسلامية عامة والعرب بشكل خاص مسؤولة عن هدايا الناس، ومحاسبة على تبليغ الرسالة إلى البشرية، قال تعالى وإنه لذكرٌ لك ولقومك وسوف تسألون الزخرف: 44 والدعاة إلى الله في كل زمان ومكان يقومون بمهمة الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهذه المهمة ملقاة على عاتق علماء المسلمين ودعاتهم بشكل خاص وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك كما يقول الإمام ابن القيّم رحمه الله بالمحلّ الذي لا يُنكر فضله، ولا يُجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيّات، فكيف بمنصب التوقيع عن ربّ الأرض والسموات؟[4] وسنتناول في هذا البحث بإذن الله الحديث عن : كيفية إعادة تربية الأجيال على الإسلام؟ ومن أين نبدأ؟ وكيف نُعدّ المسلم ليكون داعية إلى الله؟ وكيف نُربّي الجماعة لتكون نموذجية رائدة منقذة؟ ونتعرّض خلال ذلك للحديث عن الحركات الإسلامية العاملة، ومن الله العون والتوفيق [1] من أهم مراجع البحث: كتاب الدعوة الإسلامية لصادق أمين، ومشكلات الدعوة والداعية لفتحي يكن [2] رواه الإمام أحمد أنظر البنا: الفتح الرباني 187، وانظر روايات هذا الحديث في مسلم 31523 ومعنى حتى يأتيهم أمر الله: أي: حتى تقوم الساعة أنظر سيّد قطب: الإسلام ومشكلات الحضارة وأكبر دليل على ذلك: انهيار الإمبراطورية الشيوعية في هذه الأيام أنظر محمد قطب: جاهلية القرن العشرين [3] مسلم 31523-1525 [4] ابن القيّم: أعلام الموقعين 110 أسباب انحراف أمتنا المعاصرةhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-7Published Articlesأسباب انحراف أمتنا المعاصرة إنّ الحديث عن أسباب انحراف المسلمين في القرون الأخيرة طويل ومتشعّب، ولكنّ السمة البارزة في ذلك الانحراف هي: الانحراف عن فهم لا إله إلا الله، وانحسار مفهومها في معان ضيّقة ومدلولات محدودة وهذا الانحراف نتيجة وسبب في نفس الوقت: نتيجة : للوهن الذي أصيبت به هذه الأمة بسبب حبّ الدنيا وكراهية الموت -، وللذلّ الذي ابتليت به بسبب ترك الجهاد في سبيل الله - وسبب : لما تلاه من مخاطر جسام اجتاحت الديار الإسلامية، منها: الركود العلمي الذي هيمن على الحياة الإسلامية، ثم الضعف الماديّ والمعنوي الذي جعل من الديار الإسلامية لقمة سائغة لأوروبا: فقد كانت الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م مؤشراً واضحاً على الركود العلمي والضعف المادي والمعنوي، وبداية لنهاية الزعامة الإسلامية كذلك فإنّ للعوامل الخارجية المتمثلة في: تفوّق الكفار علمياً وعسكرياً، والحقد الصليبي الأعمى الذي بثّ سراياه الفكرية المضللة مع سراياه العسكرية لهذه العوامل أيضاً أثر في انحطاط المسلمين لكنّ الواقع يؤكّد أنه مهما بلغت القوة الخارجية ومهما كان التخطيط لحرب الإسلام والمسلمين قوياً ودقيقاً فإنّ المسلمين لن يؤتوا إلا من قبل أنفسهم، حسب القاعدة الربانية: ذلك بأنّ الله لم يك مغيّراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم الأنفال: 35، والتي أوضحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: سألت ربي ثلاثاً، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسَنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها[1] أما أهم أسباب انحطاط المسلمين فيمكن إيجازها فيما يأتي: أولاً: الانحراف في مفهوم الألوهية: إنّ توحيد الألوهية يتمثل في: توحيد الطاعة والاتّباع، و توحيد الإرادة والقصد[2] ونتيجة للانحراف في توحيد الطاعة والاتّباع : فقد نسي المسلمون القاعدة التوحيدية الجليلة المتمثلة في قوله تعالى : إتّبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء الأعراف: 3، وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا طاعة في معصية الله[3] وصرفوا هذا النوع من العبادة أو جزءاً منه إلى أولي الأمر، من حكام وعلماء ومشايخ ومشعوذين ونتج عن ضيق الدائرة الفقهية عن استيعاب الحياة بسبب إغلاق باب الاجتهاد حلول القوانين المستوردة محل الشريعة الإسلامية، حيث صارت هذه القوانين تحتل رويداً رويداً مواقع جديدة من الحياة الإسلامية، دون أن تلفت النظر إلى خطورتها إلى أن جاء الوقت الذي أصبح اقتباس هذه القوانين أمراً مقرراً ومنهجاً لا غبار عليه أما آثار الانحراف في توحيد الإرادة والقصد العبادة فقد تمثّل فيما قامت به الطرق الصوفية من انحراف في العقيدة والعبادة معاً وفيما قام به بعض الفقهاء من غير قصد بتقسيم الأحكام الشرعية إلى عبادات ومعاملات، حيث أنشأ هذا التقسيم فيما بعد كما يقول الإمام سيّد قطب آثاراً سيئة في التصور، تبعته بعد فترة آثار سيئة في الحياة الإسلامية كلها إذ جعل يتسرب في تصورات الناس: أنّ صفة العبادة إنما هي خاصة بالنوع الأول من النشاط الذي يتناوله فقه العبادات[4] وانبثق من هذا الانحراف، وواكبه انحراف في مفهوم آخر: ثانياً: الانحراف في فهم القضاء والقدر: لقد حرّف المسلمون في العصور الأخيرة هذا المفهوم، واتخذوا من الإيمان بالقدر مبرّراً واهياً لعجزهم وانهيارهم متناسين أنّ أقدار الله عز وجل إنما تجري وفق سننه الثابتة التي بيّنها في كتابه الكريم، لكنهم مع الأسف غفلوا عنها وأهملوها[5] لقد انقلب التوكل الذي كان الباعث القوي لحركة الجهاد، والانطلاق في الأرض بأسباب الحياة إلى تواكل مذموم أسماه الصوفيون يقينا، وسمّاه غيرهم قناعة، واحتسبه الجميع عند الله لقد استسلم المسلمون لنوم طويل محتجّين بالقدر ولم يوقظهم سوى هدير الحضارة الغربية وهي تغزو ديارهم وكانت المفاجأة المذهلة التي زعزعت إيمان الأمة بدينها وهو الإيمان الذي كان لا حراك فيه وفي لحظة الانبهار هذه قال أعداء الإسلام من يهود وصليبيين ومستشرقين ومبشرين ومستغربين - : إنّ الدين وعقيدة القضاء والقدر بشكل خاص سبب تأخر المسلمين وهكذا تقهقرت الحضارة الإسلامية حتى ذبلت على يد الغزو العسكري والحضارة الغربية، وهكذا فإنّ المعادلة الخاطئة التي تقول إنّ الصلاح قرين الفقر، والفساد صنو الغنى، تطورت واتخذت بعد اليقظة المنبهرة شكلاً آخر مؤدّاه: أنّ الكفر والدنيا قرينان، والدين والتأخّر قرينان إنّ مثل هذا الانحراف في التصوّرات الإسلامية كان منفذاً تسربت منه العلمانية كإحدى مظاهر الغزو الفكري لتقول للناس: لا علاقة للدين بالحياة، ولم يدُرْ بخلد المسلمين حتى حين تعرضهم لهجمات الصليبيين والتتار أن يخضعوا للمهاجمين، أو أن يقتبسوا شيئاً من مناهجهم ونظمهم وتقاليدهم، إلا في العصور المتأخرة بعد الاستعمار الأوروبي الحديث وهذه أقوال لمشاهير فتنوا بالحضارة الغربية: يقول جمال الدين الأفغاني: إنّ الأمة هي مصدر القوة والحكم، وإرادة الشعب هي القانون المتّبع للشعب، والقانون الذي يجب على كل حاكم أن يكون خادماً له وأميناً ويقول تلميذه محمد عبده: والمبايعة لا تتوقّف صحّتها على الشورى، ولكن قد يحتاج فيها إلى الشورى لأجل جمع الكلمة على واحد ترضاه الأمة، فإذا أمكن ذلك بغير تشاور بين أهل الحل والعقد، كأن جعلوا ذلك بالانتخاب المعروف الآن في الحكومة الجمهورية وما هو في معناها حصل المقصود ويقول رفاعة الطهطاوي[6]: لقد ذكروا شموس الحسن طُرّا وقالوا إنّ مطلعها بمصر ولكن لو رأوها وهي تبدو بباريس لخصوها بذكر وملابس نساء الفرنسيين لطيفة، فيها نوع من الخلاعة خصوصاً إذا تزيّن بأغلى ما عليهنّ ويبدي الطهطاوي إكباره لملابس الرجال الفرنسيين فيقول: ومن العوائد العظيمة انتشار لبس القمصان والألبسة والصديريات ويبدو أن انبهاره بما شاهده في باريس دفعه إلى تبديل لباسه العربي بلباس إفرنجي حينما عاد إلى مصر إنّ الهدف من إيراد هذه الأقوال: بيان انبهار المسلمين بالغرب الكافر ونظمه الوضعية، واستعدادهم الذاتي للتلقّي عند بدون تمييز واختبار وإذا كان أمثال من ذكرنا قد تطوّعوا لتسويغ النظم الكافرة في حياة أمتهم، وهيّأوا النفسية الإسلامية لتقبّلها فقد جاء بعدهم أناس مغرضون صرحاء اتخذهم أعداء الإسلام أصابع لمخطّطاتهم الشريرة، ومعاول هدم الكيان المادي والمعنوي للمسلمين والمسلمون أنفسهم هم المسؤولون أولاً وأخيراً عن الغزو الفكري والعسكري، وعن الحرب النفسية التي كانت العلمانية إحدى طلائعها ثالثاً: التخطيط اليهودي الصليبي: ليس في تاريخ العدوان عداوة تماثل في شراستها وقدمها ذلك النوع الذي تواجه به طوائف اليهود والنصارى الأمة الإسلامية، وهذه العداوات المتغلغلة العميقة ليست مما يمكن تسويته واجتثاث آثاره، لأنها ليست خلافاً مذهبياً، ولا مطامع اقتصادية، ولا نزاعاً سياسياً، وإنما هي قضية هدى وضلال وتوحيد وكفر ومن هنا كان اللقاء بينهما مستحيلاً لقد تلا الحروب الصليبية تصفية الوجود الإسلامي في الأندلس بصفة لا نظير لها في تاريخ البشرية، ثم كان فتح المسلمين للقسطنطينية حدثاً رهيباً أزال عن أوروبا حلاوة انتصارها في الأندلس بعد ذلك جاءت الحروب الصليبية متخفّية برايات المكتشفين الجغرافيين ثم جاءت الحروب الصليبية كامنة في حملة نابليون على مصر والواقع التاريخي يؤكّد أنّ هذه الحروب لن تنتهي، حيث إنّ الذي خدع بعض المغفلين هو اختلاف فصولها ومظاهرها ومنذ أن حكمت اليهودية العالمية قبضتها على العالم الغربي اتخذت العداوة مساراً واحداً تحفزه الروح الصليبية، وتوجّهه الأفعى اليهودية، فقد تدخلت مصالح الطرفين للقضاء على الإسلام عدوهما الأكبر وأصبح عمل الصليبية واليهودية مشتركاً لمصلحة الطرفين، بعد الموقف الصلب الذي وقفه السلطان عبد الحميد رحمه الله أمام هرتزل، فقد كان النصارى يتحيّنون الفرصة للأخذ بثأر الحروب الصليبية، وكان اليهود قد أيقنوا أنّ فشلهم مع السلطان عبد الحميد، يستوجب التركيز على الصليبيين وتسخيرهم لمآربهم التلموديّة ومع أنّ عداوة هؤلاء لم تتغيّر إلا أنّ خطتهم في حربهم للإسلام والمسلمين قد تغيّرت فقد كان هناك تفكير ذكي اتعظ بالهزائم العسكرة المتلاحقة التي مني بها، فنقّب عن السرّ العظيم لصلابة المسلمين ويقظتهم المفاجئة، ووجد السرّ فعلاً إنه الإسلام نفسه ولا شيء سواه فقام بوضع خطّته الخبيثة بناء على هذه النتيجة، خطّة لا تقوم على سحق المسلمين واحتلال ديارهم فحسب، وإنما تقوم على اقتلاع الإسلام من نفوس المسلمين أو عزله عن واقع الحياة وهكذا فقد تغيّرت ملامح المعركة وأصبح ميدانها الأساسي هو الأدمغة والعقول ولم تعد جيوشها الجنود والأسلحة كما كان الحال قبل ذلك -، ولكنها المناهج والمؤسسات التعليمية والإعلامية ومن خبث هؤلاء ومكرهم أنهم جعلوا أكبر احتياطات هذه الحرب هو التكتّم الشديد عن ذكر الإسلام أو عداوة المسلمين ولتتخذ المعركة بعد ذلك ما شاءت من أسماء وشعارات، إلا وصفها بأنها دينية لأن ذلك جدير باستثارة الحميّة الجهادية، وهذا يعني فشل الخطة برمّتها وتكرار حطين من جديد ومن هذا المنطلق الماكر بدأت المخططات الغربية لإخراج المسلمين من دينهم وتعريتهم من مقوّمات وجودهم، وانتظمت جيوش الغزو في أربعة أجنحة كبيرة قوية منظمة هي : قوى الاحتلال المباشر، والمستشرقون، والمنصّرون، والطوائف الأجنبية قوى الاحتلال المباشر: لقد قامت قوى الاحتلال العسكري بالقضاء على الحركات الإسلامية الجهادية آنذاك، وإلغاء المحاكم الشرعية وإحلال القوانين الوضعية مكانها، والقضاء على التعليم الديني والأوقاف الإسلامية، وإحياء الفرق والطوائف والشعوبية واستخدامها في حرب المسلمين، وأخيراً: اصطناع العملاء المأجورين من أبناء المسلمين، والعمل على إنجاح مهمات المستشرقين والمنصّرين أما المستشرقون: فقد قاموا بالطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوّة، والزعم بأن الإسلام استنفد أغراضه، والقول بأنّ الفقه الإسلامي مأخوذ من القانون الروماني، والادّعاء بأنّ الشريعة الإسلامية لا تتلاءم مع الحضارة والمدنية، والدعوة إلى نبذ الفصحى وإحياء العاميّة، وإثارة ما سمّي بقضية تحرير المرأة، وتهوين شأن الحضارة الإسلامية، وتشويه تاريخها، وبعث الحركات الهدّامة والطوائف الضالّة وتضخيم أدوارها، ونبش الحضارات القديمة وإحياء معارفها، ووضع منهج لا ديني للبحث العلمي أما المنصّرون المبشّرون: فقد أدخلوا من استطاعوا من المسلمين في النصرانية المحرّفة، ثم قاموا بنشر الفكر العلماني في المحاضن والمدارس والكليات والجامعات في أرجاء العالم الإسلامي، وحطّموا عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين، وأفسدوا الريف الإسلامي، وركزوا على إفساد المرأة المسلمة، وسخّروا وسائل التربية والإعلام والتوجيه والتعليم لنشر سمومهم، وشجعوا تحديد النسل، واستهلكوا جهود المسلمين المخلصين في مقاومة وسائلهم، وراقبوا العالم الإسلامي وتجسّسوا عليه، ورصدوا تحركات العلماء والمجاهدين أما الطوائف والأقليات وعلى رأسها النصارى العرب: فهي أول من دعا إلى العلمانية بشعارها الصريح أو تحت أسماء أخرى: كالقومية والوطنية أما فرق التشيّع بجميع أصنافها: فقد أحياها الاستعمار، وأخذت تلعب أدواراً عملية منتهجة أساليب الحركات الباطنية التي اثخنت جسد الأمة الإسلامية بالجراح، متستّرة بستار الإسلام الذي أوّلته وحرّفته وصرفته عن أهدافه، حتى أدخلها ذلك في الكفر، فدخل أفرادها في جميع الأحزاب وفي دوائر الحكومات والجيوش ويمكن تقسيم جهود نصارى الشرق إلى: أعمال سياسية: حيث كانوا على صلة وثيقة بالجمعيات الهدّامة وشبكات التجسس العالمية، وعلى صلة كذلك بالجمعيات السرية التي تناهض الخلافة الإسلامية وأعمال فكرية : حيث كانوا أول من نشر الثقافة الغربية والفكر الأجنبي، مستخدمين في ذلك الوسائل الحديثة لا سيما الصحافة واتّجه قسم منهم إلى التراث والتأليف الموسوعي، اتجاهاً يشبه طريقة المستشرقين، وانكبّ بعضهم على الفلسفة العربية فنشر مؤلفاتها ومجّد زعماءها، ودعا العرب لاعتناقها وإقامة حياتهم على أساسها كما ظهر منهم شعراء أذكوا بشعرهم الحماسي القومي العواطف ضدّ الإسلام وصدر مثل هذه الدعاوى عن معظم الكتّاب والصحفيين النصارى واتخذت الأنظمة المعادية للإسلام من الأقليّات النصرانية ذريعة لرفع شعار الدين لله والوطن للجميع هذه المعالم التي أوردناها للمخطّط الصليبي تبيّن لنا أنّ هذا المخطّط ذكيّ خبيث، يملك من وسائل التأثير وفرص العمل ما يفوق به الحملات الصليبية السابقة، لأنه فكر تدعمه القوة، وحضارة يمدّها العلم، ونضال يحكمه النظام وهذا لا يعني أن ننسب إليه انهيارها معشر المسلمين كأنّما هو قوّة اجتاحتنا بغتة دون أن نستطيع ردّها ولكننا كما أشرنا إلى ذلك من قبل أتينا من قبل أنفسنا، وأعطينا أعداءنا الفرصة ليخطّطوا ضدّنا وأسهمنا بابتعادنا عن ديننا في إنجاح مخططاتهم الخبيثة وإذا كان المولى جلّ وعلا يقول في محكم التنزيل: وإن تصْبروا وتتّقوا لا يضرّكم كيدهم شيئا آل عمران : 120 فإننا والحقّ يقال لم نصبر ولم نتق، فأثّر الكيد فينا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم هذه الأسباب مقتبسة من كتاب العلمانية للزميل سفر ا لحوالي بتصرف واختصار [1] مسلم 42216 وعدم إهلاكهم بالسنة مقصود به: ألا يهلكهم بقحط يعمّ المسلمين كلّهم، بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسير بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام [2] يقول الإمام ابن تيمية: والتوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم قولاً وعملاً: التوحيد القولي مثل سورة الإخلاص والتوحيد العملي مثل سورة الكافرون -، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بهاتين السورتين في ركعتي الفجر والطواف أنظر التوسل والوسيلة ص159 و160 [3] مسلم 31469 [4] سيد قطب: خصائص التصور الإسلامي ص185 [5] مسلم 42216 وعدم إهلاكهم بالسنة مقصود به: ألا يهلكهم بقحط يعمّ المسلمين كلّهم، بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسير بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام [6] من العجائب والغرائب جمة أنّ أحمد أمين يعتبر الطهطاوي من زعماء الإصلاح الغزو الفكريhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-6Published Articlesالغزو الفكري لقد كانت تكاليف الاحتلال العسكري لبلاد الإسلام باهظة جداً، حيث واجه الغزاة مقاومة عنيفة في كثير من المناطق، وظهرت من ثم حركات إسلامية تدعو للجهاد في سبيل الله وإذا كان الهدف من الغزو العسكري محاربة الإسلام وتشويهه، ونهب خيرات البلاد، والقضاء على الخلافة الإسلامية، وتفتيت الديار الإسلامية وابتلاع قسم منها فقد خطّط المخرّبون الأوروبيون لاستمرار الأوضاع على ما هي عليه، ولكن بدون احتلال عسكري هذه المرة وقد قام الغزاة الأوروبيّون لتحقيق أهدافهم الجديدة بما يأتي: جلبوا المطابع لديار الإسلام، وقاموا بترجمة الكتب الأجنبية غير النافعة للعربية وقاموا بإرسال نفر من المسلمين ممن انقادوا لهم في بعثات خارجية لديار الكفر فانبهر هؤلاء بما عند الغرب من حضارة ماديّة وبعد إفسادهم أوْحوا لهم أنّ سبب تقدّم أوروبا هو تخيّلها عن السماء فمن أراد اللحاق بها فعليه أن يحذو حذوها وحين انسحبت الجيوش الأجنبية من ديار الإسلام فيما بعد تسلّم الأمر من بعدهم، قادة أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات كذلك قام الأوروبيّون أثناء احتلالهم بشنّ هجومهم المركّز على مناهج التربية والتعليم في العالم الإسلامي فشوّهوا مفهوم الدين في نفوس طلبة العلم، وهاجموا تاريخ الإسلام بصورة مباشرة وغير مباشرة بقصد قطع صلة الخلف بالسلف وحتى يضمنوا إفساد بقية المسلمين من غير طلبة المدارس والمعاهد والجامعات قاموا بإفساد وسائل الإعلام، وحوّلوها عن مدارها الصحيح، ثم شنّوا هجومهم الكاسح على مراكز الإشعاع في العالم الإسلامي: كالأزهر والقرويّين والزيتونة، وحوّلوها من مراكز للتعليم والتوجيه والدعوة وقيادة الأمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مقدسات أثرية خالية من الروح، وجعلوا رجالها كرجال الدين الكهنوت ثم قاموا بأعظم إفساد للأمة الإسلامية عن طريق إفساد الأسرة ممثلة في المرأة المسلمة -، فشنّوا هجومهم الكبير على الحجاب، وأخرجوا المرأة من بيتها وأوْحوا لها بأنّ الدين هو سبب ظلمها وتأخرها وجهلها فتحررت المرأة من الدين والأخلاق ومن قوامة الرجل عليها، وخرجت من بيتها للعمل وللفتنة ثم فصل المخرّبون الأوروبيّون الأخلاق والآداب عن جميع مجالات الحياة، واستبدلوا القوانين الوضعية عن طريق عملائهم ممن يحملون أسماء المسلمين بالشريعة الربانيّة ونادى أحد صنائعهم الذين جعلوهم أبطالاً وقادة في أعين الشعب بأنّ الدين لله والوطن للجميع وهكذا فإنّ الغزاة المحتلّين لم يرحلوا عن العالم الإسلامي إلا بعد القضاء على الخلافة الإسلامية وابتلاع قسم منها، وإلا بعد تشويه الإسلام عن طريق مناهج التعليم، ووسائل الإعلام، والاستشراق، والتنصير التبشير -، وإلا بعد الاطمئنان على أنّ من يخلفهم في الحكم لن يحكم بالإسلام، ولن يحول دون استمرار وصول ثروات المسلمين إليهم وبعد رحيل المخربين الأوروبيّين عن معظم ديار الإسلام، تسلّم الأمر من بعدهم أناس يتسمّون بأسماء المسلمين ويفكرون بعقول الغربيين، وأكمل هؤلاء ما بدأه الغزاة الأوروبيّون، ونفّذوا أكثر مما طلب منهم ثم وقفوا عائقاً أمام إعادة الخلافة إلى الأرض من جديد، واستمروا في إيصال ثروات المسلمين لأعداء الله وحكموا شعوبهم بالقوانين الأرضية، وفصلوا السياسة عن الدين وشجعوا ظهور الأحزاب العلمانية واليسارية وجعلوا وسائل الإعلام المختلفة بؤراً للفساد ومهاجمة الدين، وأبواقاً لتمجيد السلطة الحاكمة وحوّلوا مهمّة الجيش من الجهاد في سبيل الله إلى حماية النظام الحاكم، وإلى القضاء على المعارضة والتحرّش بالآخرين وأغرقوا الشعوب بالشهوات وشجعوا الاختلاط والمثيرات وأهدروا الأوقات ثم جعلوا من دوائر الوعظ والإرشاد ومن بعض العلماء مراكز وأدوات لتشويه حقيقة الإسلام، ولتحريف الكلم عن مواضعه، ولتخدير الشعوب، ولمحاربة الدعاة الصادقين، ولبثّ الدعاية للدولة الحاكمة وكمموا الأفواه وكبتوا الحريّات وسجنوا وقتلوا وأفسدوا وحكموا عباد الله بالحديد والنّار وتحقق قول الشاعر : أين اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ تجده كالطير مقصوصاً جناحاه يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالي: ضاعت الأمانات في ميدان الحكم وقلّما عثر لها على أثر ما وسّد الأمر إلا إلى غير أهله وما حاول الذين وسّد الأمر إليهم أن يرتفعوا إلى مستواه، ولا قنعوا مادياً وأدبياً بالعيش في نطاقه المحدود لقد خولفت خطّة السلف في اختيار الأكفاء، فإذا كان الصدّيق رضي الله عنه بويع لأنه أفضل الناس وإذا كان عمر رضي الله عنه اختير لكفاءته وقوّته فإنّ الجمهرة العظمة من الحكّام ولوا مناصبهم وهم دونها بمراحل ولما ولوها اتخذوها مصيدة لدنيا عريضة واستمتاع مطلق وكانت النتيجة وبالاً على الدولة وسواد الأمّة ومستقبل الرسالة[1] لقد بقي في حسّ المسلمين طيلة قرون أنّ الإيمان بالله يقتضي الحكم بما أنزل الله، وحينما جاء الاحتلال العسكري لديار الإسلام وما تبعه من غزو لعقول المسلمين غاب عن حسّ كثير من المسلمين ما كان من الحقائق المسلّمة عند كافّة المسلمين من قبل، من أنّ الإيمان يتبعه تلقائياً الخضوع والانقياد وتفويض الأمر لله ربّ العالمين لا شريك له وأصبح كثير من المسلمين يقول: لا إله إلا الله ولا يرى في الوقت نفسه حرجاً من رفض أوامر الله كلها أو بعضها أو تحكيم شريعة جاهلية ومن هنا انهار إيمان هؤلاء من القواعد وإن صلّوا أو صاموا ببعض الشعائر التعبدية: ألم تر إلى الذين يَزْعُمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يُضلّهم ضلالاً بعيدا النساء: 60 فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما النساء : 65 يقول العلامة أحمد شاكر رحمه الله: أفيجوز في شرع الله أن يُحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس من تشريعات أوروبا الوثنية الملحدة؟ بل بتشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة يغيّرونه ويبدّلونه كما يشاؤون، ولا يبالي واضعه أوافقَ شرعة الإسلام أم خالفها؟ أفيجوز إذن لأحدٍ من المسلمين أن يعتنق هذا الدين التشريع الجديد؟ أو يجوز لأبٍ أن يرسل أبناءه لتعلّمه واعتقاده والعمل به؛ عالماً كان الأب أو جاهلاً؟ أو يجوز لرجل مسلم أن يلي القضاء في ظل هذا الياسق العصري وأن يعمل به ويعرض عن الشريعة البيّنة؟ ما أظنّ أنّ رجلاً مسلماً يعرف دينه ويؤمن به جملةً وتفصيلا، ويؤمن بأنّ هذا القرآن أنزله الله تعالى على رسول صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً محكماً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبأنّ طاعته وطاعة الرسول الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنّه يستطيع إلا أن يجزم غير متردّد ولا متأوّل بأنّ ولاية القضاء في هذه الحال باطلة إنّ الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس: كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة ولا عذر لمن ينتسب إلى الإسلام كائناً من كان في العمل بها، أو الخضوع لها أو إقرارها، فيلحذر امرؤ نفسه[2] إنّ الله تعالى وهو أعلم بمن خلق أنزل الشريعة الإسلامية ليحكم الناس بها إلى أن تقوم الساعة وهذه الشريعة لا تعارض فيها بين العبادات والمعاملات، أو بين السياسة والأخلاق، أو بين العلم والإيمان، أو بين الدين وأمور الحياة وقد جعل الله في هذه الشريعة من المرونة مع المحافظة على الأركان والأصول ما يصلح لأمور البشر في أي زمان ومكان وقد فهم المسلمون عبر التاريخ هذه المبادئ البدهية حق الفهم بعد تحطيم كيان الدولة الإسلامية الواحدة وإزالة الخلافة الإسلامية من الأرض، انتهى الاحتلال العسكري لديار المسلمين، وحلّ محلّه الاحتلال الفكري الثقافي ونشأ كثير من أحفاد المسلمين يفكّرون بعقول غربيّة، ويكبرون الحضارة الغربية، مع أنّ هذه الحضارة الجاهلية لم تقم إلا بما استمدّته من علوم المسلمين ولكنها أخذت الجانب العملي والمادي ورفضت أن تأخذ العقيدة التي قامت عليها، فتقدّمت في الجانب المادي ولكنها هبطت بالإنسان إلى الحضيض وإذا كان مكيافللي دقّ إسفيناً بين السياسة والدين والأخلاق، وإذا كان فرويد قد فصل الجنس والأخلاق عن الدين والتقاليد، وإذا كان دارون قد دقّ المسامير في نعش الديانة النصرانية المحرّفة، وإذا كان ماركس قد ابتدع فصل الاقتصاد عن العقيدة والأخلاق، وإذا كان دركايم قد أتى بنظريات اجتماعية لم يعهدها العرف والعادات وإذا كان هؤلاء قد ابتدعوا هذه النظريات في النصرانية المحرّفة، فقد قام في الشرق أناس تتلمذوا على أفكار أعداء الإسلام، ووضعوا الإسلام في قف الاتهام وروّجوا للنظريات الشرقية والغربية الكافرة للأخذ بها في العالم الإسلامي: فها هو ذا علي عبد الرازق يقول بعدم تدخّل الدين في السياسة وها هو ذا طه حسين الذي أطلق عليه عميد الأدب العربي زوراً وبهتانا يهاجم الإسلام ويفتري على القرآن الكريم، وكلاهما أخذ من اليهودي مرجليوث، وتبنّى أفكاره المسمومة الخبيثة وها هو ذا محمد عبده زعيم المدرسة العقلية الحديثة يعطي العقل أكثر مما يستحقه في تأويل بعض الأمور الغيبية وها هو ذا تلميذه النجيب قاسم أمين يكتب بمساعدة شيخه محمد عبده كتاباً يحثّ المرأة فيه على تقليد الأجنبيّات وعلى الخروج والسفور وها هو ذا وهبة الزحيلي يمثل أكثرية الكتّاب المعاصرين في قصر مبدأ الجهاد على الدفاع وها هو ذا توفيق الحكيم يدعو المصريّين للعودة للأصول الفرعونية وهكذا نشأ جيل من أبناء المسلمين لم يتعمق في دراسة الثقافة الإسلامية، أصبح يشير بأصبع الاتهام إلى الإسلام: كيف يطبّق الإسلام في عصر وصل فيه الإنسان إلى القمر؟ كيف يطبّق الإسلام وبيننا أناس ليسوا مسلمين؟ لماذا يسمح الإسلام بالطلاق أو بتعدّد الزوجات؟ لماذا يكبت الإسلام حرية المراهقين؟ ولماذا يظلم المرأة؟ لماذا انتشر الإسلام بالسيف؟ ولماذا يكره الآخرين على اعتناقه؟ لماذا يحرّم الإسلام الربا، والعالم كله يتعامل به بواسطة البنوك؟ لماذا يسمح الإسلام بوجود الرّق؟ لماذا ؟ إلى غير ذلك من الشبهات والافتراءات التي تلقفوها من أعداء الإسلام وردّدوها كالببغاوات دون أن يكلّفوا أنفسهم فهم الحقيقة والواقع كل ذلك يحصل من أناس يتسمّون بالمسلمين علماً بأنّ الإسلام يعتبر مثل هذه الاتهامات كفراً وارتداداً، إن كانت عن علم وإصرار واقع أمتنا المعاصرة: بعد أن تحدّثنا عن نتائج الغزو الفكري، سنتحدث الآن عن واقع أمتنا، وسنرى أنّ هذا الواقع مختلف عن حياة الأمة الإسلامية في عصورها الأولى، شديد الشبه بالمجتمع الجاهلي الشرقي والغربي المعاصر ومما يزيد الأمر سوءاً: أنّ مجتمعاتنا الجاهلية اليوم والتي كانت فيما مضى مجتمعاً إسلامياً بحقّ ينقصها ما في الجاهلية الكافرة المعاصرة من التقدّم العلمي، والتفوّق التقني، والجلد على العمل، والحرص على النظام فكأنّ أمتنا ببعدها عن الإسلام جمعت بين خسران الآخرة وخسران الدنيا؛ بترك نواحي القوة المادية الموجودة في الجاهلية المعاصرة وإذا كانت أوروبا قد أخذت علوم المسلمين أثناء احتكاكها بالمسلمين في الأندلس وصقلية وشمال إفريقيا وفي الحروب الصليبية وقامت حضارتها على علوم المسلمين فإنها لم تأخذ الإسلام ديناً وشريعة رغم ضعفها آنذاك، ولم تجعل من أخلاق المسلمين الفاضلة قدوة لها في الحياة وأما أمتنا المعاصرة فقد أخذت مع الأسف تشريعات أوروبا وقوانينها، وقلّدت الأجانب في كل شيء، إلا في العلوم النافعة أو الأخذ بالقوة أو الجديّة في العمل وإذا كان عقلاء أوروبا ومفكّروها اليوم يحذّرون أقوامهم من الخواء الروحي المسيطر عليهم ويتنبّأون بأنّ الحضارة الغربية في طريقها إلى الانهيار فإننا نجد في عالمنا الإسلامي من لا يزال ييمّم وجهه شطر بلاد الكفر، لأخذ أوضار حضارته وعفنها، حتى ما تخلّت هي عنه لسوئه وفساده وحين نتحدّث عن واقع أمتنا الأليم: فإننا لا نهدف من وراء ذلك إلى التهويل أو بذر اليأس في النفوس أو ترك العمل معاذ الله ولكننا نهدف من وراء ذلك إلى تشجيع العاملين في حقل الدعوة الإسلامية، لمضاعفة الجهد والاستمرار في الدعوة دون ملل أو كلل، ولتحذير العامة: بأنّ الإيمان لا يكون بالتمني، ولكنه ما وقر في القلب وصدّقه العمل: فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ ورثوا الكتاب يأخذون عَرَض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإنْ يأتهم عَرَضٌ مثله يأخذوه، ألم يؤخذْ عليهم ميثاق الكتاب ألاّ يقولوا على الله إلا الحقّ ودرسوا ما فيه، والدّار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون الأعراف: 169 فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يَلْقَوْن غيّا إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً مريم : 59 و 60 ونحن نحاول تشخيص الداء لمعالجته بالدواء الناجع، ومعروف أنّ الطبيب حين يعالج المريض، فإنه يشخّص الداء ليقدّم الدّواء فهو عدوّ للمرض لا المريض لا يوجد في الإسلام رجال دين بل فيه علماء فحسب [1] الغزالي : عوامل انحطاط الحضارة الإسلامية ضمن بحوث الندوة 2321 الياسق: كتاب وضعه جنكيز خان التتري، وهو مؤلّف من مجموعة أحكام اقتبسها من الإسلام و النصرانية واليهودية وغيرها من الشرائع والقوانين الوضعية المنفّذة في معظم البلاد الإسلامية تشبه الياسق إلى حد كبير [2] أحمد شاكر : عمدة التفسير 4171-174 مقتطفات أنظر كتاب: محمد قطب: واقعنا المعاصر فصل خط الانحراف التدمير الأوروبي للعالم الإسلاميhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-5Published Articlesالتدمير الأوروبي للعالم الإسلامي نتيجة لتعلّم الأوروبيّين في معاهد المسلمين العلمية؛ في الأندلس وصقلية والشمال الإفريقي، ونتيجة لاحتكاك أوروبا بالمسلمين أثناء الحروب الصليبية: تقدّمت الدول الأوروبية في مختلف المجالات: الصناعية والزراعية والتجارية والعسكرية والطبيّة والعلمية وبعد ظهور الثورة الصناعية ازدادت قوة أوروبا المادية والعسكرية، ودفعها الحقد الصليبي الذي ورثته عن أجدادها حيث مرّغ المسلمون أنوفهم بالتراب في كثير من المعارك الحربية، إلى احتلال ديار الإسلام، نتيجة للظلام العقائدي والفكري الذي تراكم منذ أواخر الدولة الأموية، فأصبحت الأمة شبه ميتة بسبب فقدانها العقيدة الصحيحة في نفوسها، فالعقيدة هي التي تحيي الأمم : أو منْ كان ميْتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس الأنعام:122 وجاء اللعين الجنرال اللنبي وركل قبر صلاح الدين الأيوبي بقدمه وقال : الآن انتهت الحروب الصليبية مع أنها لم تنته في الحقيقة والواقع لقد جرت على المسلمين حين انحرفوا عن دينهم وتخلّفوا روحياً وعلمياً سُنّة الله التي لا تتغيّر، وسلّط الله تعالى عليهم من لا يخافه ولا يرحمهم فاقتسمت الدول الأوروبية تركة الرجل المريض حتى هولندا البلد الصغير والبعيد احتلت أكثر منطقة إسلامية تعداداً للسكان أندونيسيا وقسّمت الجيوش المحتلة العالم الإسلامي إلى دويلات وإمارات كثيرة، وابتلعت قسماً منها، وجعلت بعض المناطق ذات أقلية إسلامية بعد أن كانت ذات أغلبية إسلامية، ثم أثارت النزعة القبلية الجاهلية بين المسلمين، فظهرت القوميات المختلفة التي قضى عليها الإسلام، وكان الهدف من هذا الغزو محاولة القضاء على الإسلام وتشويهه ونهب خيرات العالم الإسلامي ثم قامت جيوش الاحتلال بعد غزوها للعالم الإسلامي وما غُزي قوم في عقر دارهم إلا ذلّو قامت بسحق الثورات الإسلامية التي قاومت هذا الاستعباد الكافر بقيادة العلماء، ثم نهبت خيرات البلاد الكثيرة، وأفقرت أهلها وضيّقت عليهم مادياً ومعنوياً، وسخّرت العباد لخدمة مصالحهم، وسامتهم سوء العذاب يقول الشيخ محمد الشقيري رحمه الله لقد رأيت الإفرنج يضربون كبار موظفي العمال على وجوههم حتى تُلْقى عمائمهم بالأرض فلا يتكلمون كلمة ولقد بلغ بهم الرعب إلى أن العشرين أو الثلاثين منهم إذا كانوا جالسين يفرّون هاربين عندما يرون شخصاً ما يضاهي لباسه لباس الإفرنجي، ولو كان المرئي بريق نعل[1] ولم يكتف المخرّبون الأوروبيّون بالاحتلال العسكري للعالم الإسلامي، فقد جرّبوا من قبل أنّ صيحات الله أكبر واإسلاماه حيّ على الجهاد كفيلة بإحياء شعلة الجهاد في نفوس المؤمنين، فقاموا لعنهم الله بغزو فريد من نوعه هو الغزو الفكري، الذي ما نزال نعاني منه حتى الآن والهدف من هذا الغزو الجديد هو تشويه معنى الدّين في نفوس المسلمين، وإلقاء الشبهات حوله، وإبعاد المسلمين عنه، سواء دخلوا في النصرانية أو اليهودية أو المجوسية أو الوثنية، أو صاروا ملحدين بلا دين وهذا يؤدّي بالتالي إلى إفساد العالم الإسلامي في مختلف شؤون الحياة من الأخطاء الشائعة قولهم: الاستعمار لأنه في الحقيقة خراب ودمار وبوار وقولهم: التبشير لأنه تكفير وتنصير وتبشير بعذاب السعير [1] محمد عبد السلام الشقيري : السنن والمبتدعات: ص384 المسلمون بين الأمس واليومhttp://blogs.najah.edu/staff/emp_2117/article/article-4Published Articlesالمسلمون بين الأمس واليوم كان العرب قبل الإسلام في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء وشاءت إرادة المولى عزّ وجل أن يبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين الجمعة : 2 وأن يخرجهم من عبادة الطاغوت وهو كل ما يعبد دون الله-، إلى عبادة الله تعالى وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جوْر الأديان إلى عدل الإسلام دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى كلمة التوحيد التي بعث بها الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، وحذّرهم أيضاً مما يناقضها من الكفر والشرك والجاهلية وكان الناس آنذاك من آمن منهم ومن كفر يفهمون جيّداً ما جاء به الدين الجديد، ويعرفون ما يترتّب على الإيمان ب لا إله إلا الله؛ من الفهم الصحيح، والسلوك السوي، وعدم الفصل بين القول والعمل، وما يقتضي هذا الإيمان من تغيير جذري في واقع الحياة ومكث صلى الله عليه وآله وسلم طوال العهد المكي وهو يدعو لهذه الكلمة لا إله إلا الله، ويغرس في نفوس أتباعه ما تعنيه هذه العقيدة من معان فآمن من آمن وهو يعرف حقيقة هذا الدين، وكفر من كفر وهو يعرف حقيقة هذا الدين وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ب لا إله إلا الله أي بنفي الألوهية عما سوى الله من إنسان أو حيوان أو جماد أو شيء معنوي وبإثبات الألوهية لله ربّ العالمين لا شريك له لا إله إلا الله: معناها : لا معبود بحقّ إلا الله، ومن مقتضاها: أن لا حاكم إلا الله، ولا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا محيي إلا الله، ولا مميت إلا الله، ولا معزّ ولا مذلّ إلا الله، ولا مشرّع إلا الله، ولا متصرّف في الكون بمن فيه وما فيه إلا الله، ولا آمر ولا ناهي إلا الله، ولا معطي ولا مانع إلا الله ومن مقتضاها كذلك: طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، لا بالأهواء والبدع وأنّ الله سبحانه وتعالى هو وحده السيّد المطاع، والربّ المعبود، وهو الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد وبالإضافة للحديث عن لا إله إلا الله في العهد المكي، تحدثت الآيات القرآنية عن أركان الإيمان؛ من إيمان بالملائكة الكرام وبالكتب السماوية وبالأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وباليوم الآخر وبالقضاء و القدر وهكذا فقد آمن من آمن عن بيّنة، وكفر من كفر عن بيّنة وبعد أن غرست العقيدة ركيزة الإسلام الكبرى في نفوس المؤمنين، أصبح من السهل بعد ذلك تنفيذ الشريعة بأوامرها ونواهيها تنفيذاً جادّاً متناسباً والدين الجديد وما يقتضيه من طاعة ولم يبدأ صلى الله عليه وآله وسلم بالدعوة إلى إصلاح الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأخلاقية أو الحربية مع أنّ إصلاح أيّ من هذه الأوضاع عمل رائع جميل، يستحق جهداً كبيراً: ذلك لأنّ الحكيم الخبير العليم جلّ جلاله يعلم أنّ هذا ليس هو الطريق السوي، فالصراط المستقيم هو ما بعث به الأنبياء من قبل: ولقد بعثنا في كل أمّة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت النحل : 36 ونتيجة لقيامه صلى الله عليه وآله وسلم بواجب الدعوة والتبليغ والإنذار والتبشير خير قيام، آمن به أناس عاشوا في الجاهلية وعرفوا حقيقتها رضوا بالله وحده ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيّاً ورسولاً وبعد تربية هؤلاء رضوان الله عليهم طويلاً على عقيدة التوحيد، استطاع صلى الله عليه وآله وسلم بعون من الله وفضل أن يقيم دولة الإسلام في المدينة النبوية وبعد جهاد طويل بين حزب الرحمن وحزب الشيطان، استطاع هو والمؤمنون معه أن يطهّروا جزيرة العرب من الكفر والشرك، وأن ينشروا فوق ربوعها راية التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله ثم التحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرفيق الأعلى، بعد أن بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة، وتركها على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها سواء وبعد أن جاهد في الله حقّ جهاده قام خلفاؤه من بعده رضي الله عنهم بالدعوة إلى الله وتبليغ دينه والجهاد في سبيله، وبذلوا في سبيل ذلك أنفسهم وما يملكون وقمع الصحابة رضي الله عنه فتنة الردّة، ثم انسابوا في أرض الله، ينادون ب لا إله إلا الله، ويجاهدون في سبيل الله من كفر بالله، وأزالوا ظلم القياصرة والأباطرة والأكاسرة وبقية الطواغيت عن كواهل الناس وبعد انتهاء عهد الراشدين وهو امتداد لعهد النبوة الزاهر - : جاءت الخلافة الأموية : وفي هذا العهد ظلت الأمة الإسلامية بحقّ كما كانت في صدر الإسلام، واستمرت العبادات خالصة من شوائب البدع، وبقي فهم الناس الإسلام صافياً، وسيطرت أخلاق الإسلام على معظم نواحي الحياة، وتعامل الناس بعضهم مع بعض حكاماً ومحكومين على أسس إسلامية، وكان الخلفاء يقومون بأركان الإسلام، ويجاهدون في سبيل الله، ويستمعون لنصائح الأئمة في أغلب الأحيان، وفتحت في زمنهم بلاد جديدة ذكر فيها اسم الله كثيراً، وازدهر العلم وكثر العلماء، وبقيت للعلماء هيبتهم وسلطانهم وتأثيرهم على عامة الناس وولاتهم وتقدمت الحضارة والمدنية والعمران بدون تعارض بينها وبين الدين، بل إن هذا الازدهار كان باسم الله وعلى بركة الله، ولكن حدثت في هذا العهد أمور ما كانت في العهد السابق: فقد تحوّلت الخلافة إلى ملك عضوض ففي العهد الراشدي: كانت الخلافة شورى، ينتخب أهل الحل والعقد أوّلاً والأمة ثانياً أكثر الناس صلاحاً للقيام بشئون الدين والدنيا، ثم لا يحرص الخليفة على الخلافة ولا يسألها، ويعتبرها تكليفاً لا تشريفاً، ويودّ لو أنّ غيره قام بأعبائها، ثم حمل الخلفاء أقاربهم والموالين لهم على رقاب الناس وأسرف الخلفاء والولاة في استعمال الأموال العامة لمصالحهم، وازداد تمتّع غالبية الناس بالحياة وزينتها وبعد أن كانت الحروب مقتصرة على الجهاد في سبيل الله، تحوّل بعض المجهود الحربي: للقضاء على الفتن وعلى المعارضين، ولحماية السلطة وبدأت بذور الفرق الإسلامية في الظهور: فقد تشيّع أناس لآل البيت وانحازوا لجانبهم وحاربوا من خالفهم، وتغصّب أناس لبني أمية السلطة الحاكمة وناصروها، واعتزل أناس فلم ينحازوا لطرف ودعوا لترك الفتنة ونتيجة لانحراف الخلافة الأموية عن الأخذ بمبدأ الانتخاب والشورى، وبسبب الخلاف حول الإمامة، وبسبب الخلاف حول قتلى المسلمين في المعارك الداخلية: ظهرت فرقة الشيعة، وفرقة الخوارج، وفرقة المعتزلة، وفرقة المرجئة ثم إنّ الفتوحات الإسلامية الجديدة كانت أكبر وأسرع من التربية الإيمانية البطيئة، التي تمّت لمعتنقي الإسلام في العهد الأوّل: فقد قضى الإسلام على معاقل اليهودية والنصرانية والمجوسية، ودخل قسم من هؤلاء في الإسلام ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، فقاموا بعملية التخريب من الداخل فكانوا طابوراً خامساً في حري المسلمين وعن طريقهم نشأت كثير من الفرق الإسلامية، وخاصة طائفة الشيعة بفرقها المتعددة ولم تعامل الدولة الأموية هؤلاء العجم المعاملة السليمة القائمة على الآية الكريمة: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم الحجرات :13 بل كان العنصر الغالب على الدولة هو العنصر العربي الإسلامي لا العنصر الإسلامي العربي العجمي وهذا ما جعل هؤلاء العجم يثيرون المتاعب للدولة فيما بعد، ولهذا ولظروف وأسباب أخرى سقطت الدولة الأموية وقامت الدولة العباسية جاءت الخلافة العباسية : وأحوال المسلمين تشبه إلى حدّ كبير ما كان عليه الحال في العهد الأموي فقد بقي مفهوم العبادة في حسّ المسلمين سليماً، وبقي المسجد كما كان يؤدّي دوره المطلوب، وزادت دروس العلم وحلقات الأئمة، واستمرّ العلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودوّنت في هذا العهد مختلف العلوم الدينية والدنيوية ويعتبر هذا العهد العصري الذهبي للتأليف وظهور النابغين : فقد برز علماء المذاهب الفقهية، وعلماء الحديث، وعلماء التاريخ، وعلماء اللغة، وعلماء الأدب وتقدّم المسلمون في علوم الفلك والطبّ و الصيدلة والرياضيات والبصريات وغيرها من العلوم المادية، وفاقوا غيرهم من الأمم باستعمالهم للمنهج التجريبي وفي هذا العهد أيضاً تمّت فتوحات إسلامية جديدة، وكان هارون الرشيد رحمه الله يقول مخاطباً السحابة في السماء: أمضي حيث شئت فإنّ خراجك عائد إليّ وازدهرت التجارة عن طريق البرّ والبحر وتقدّم العمران، وازداد تمتّع الناس بزخرف الحياة الدنيا، وكثر المال، وأنشئت المستشفيات المختلفة وكانت مدينة بغداد آنذاك حاضرة الدنيا ومدينة العلوم والعمران والسلام، وساح المسلمون في الأرض، واتّصلوا بغيرهم من الأمم، وعن طريق السياحة والتجارة نشروا الإسلام في أرجاء كثيرة من المعمورة كل هذا في صدر هذه الدولة الإسلامية الفتية ونتيجة لابتعاد المسلمين عن دينهم شيئاً فشيئاً، جرت عليهم السنّة الإلهية: لا ينال عهدي الظالمين البقرة : 124 وتفرّقوا إلى دويلات، وتركوا الجهاد في سبيل الله، ودبّ فيهم داء الأمم السابقة حبّ الدنيا وكراهية الموت، وأفل نجم المسلمين عن بلاد سطعت عليها شمس الإسلام حيناً من الدهر، وانتشرت البدع بين الناس، واستبدل التواكل الذي هو أدنى بالتوكل الذي هو خير -، وتخلّف المسلمون عن الإبداع العلمي الذي حققوه، والاختراعات المبتكرة التي قاموا بها، وغرّتهم الحياة الدنيا: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور آل عمران: 185 لقد كان لهم أثناء تمسكهم بالعروة الوثقى حضارة عظيمة سادت، ولكنها لمعصيتهم ذابت ثم بادت ففي الوقت الذي أخذ فيه القرامطة لعنهم الله الحجر الأسود، وألحدوا في حرم الله الآمن، وعاثوا في الأرض فساداً: يقتلون وينهبون ويرتكبون الفواحش في هذا الوقت رأينا بعض المسلمين يهتمون بأمور ثانوية، نتيجة لبعدهم عن روح الدين الإسلامي بسبب ظهور الفرق والمذاهب والطوائف والملل والأهواء والنحل - ، وهذه الحادثة التي رواها الحافظ ابن كثير تؤيّد ما نقول : ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة وفيها كان خلع المقتدر وأخذ القرامطة الحجر الأسود إلى بلادهم وفي هذه السنة وقعت فتنة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين طائفة من العامة، اختلفوا في تفسير قوله تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً الإسراء : 79 فقالت الحنابلة : يجلسه معه على العرش وقال الآخرون : المراد بذلك الشفاعة العظمى فاقتتلوا بسبب ذلك، ووقع بينهم قتلى فإنا لله وإنا إليه راجعون[1] في هذا العهد أيضاً ازداد الترف والفساد والتوسّع في التمتّع بالملذّات، وانتشر الغناء، وكثرت الجواري، ونبغ كثير من الشعراء المدّاحين وكان فساداً عامّاً شمل الرعاة والرعية ثم إنّ ضعف الخلفاء بعد ذلك شجع ظهور الإمارات والدويلات الصغيرة، وإن كانت تتبع ظاهرياً للخلافة العباسية كذلك فقد حدث الفساد في أواخر الدولة الإسلامية في الأندلس، حيث دبّ فيهم داء الأمم من قبلهم، وصاروا يحبّون الدنيا ويعمرونها مادياً، ويكرهون الموت والجهاد في سبيل الله، وأصبح بأسهم بينهم شديداً، فمع أنّ ربهم واحد، ودينهم واحد، وقبلتهم واحدة، ودستورهم واحد، إلا أنهم ولاة كثر ودويلات صغيرة متنافسة وجرت عليهم سنّة الله التي لا تتغيّر ولن تجد لسنّة الله تبديلا فاطر : 43، فزال عنهم التمكين والخلافة في الأرض : لأنهم ابتعدوا عن شروط الاستخلاف والتمكين : الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوْا عن المنكر ولله عاقبة الأمور الحج : 42 ومن عرف الله وعصاه سلّط عليه من لا يعرفه وهكذا كان ليس لأنّ أعداء الله أفضل من عصاة المسلمين، بل ليرجع المسلمون إلى دينهم ليعود لهم التمكين في الأرض من جديد وابتلي المسلمون ببلاء عظيم لا يستطيع المسلم أن يتوسّع في الحديث عنه فمن من المسلمين يطيق كما يقول ابن الأثير رحمه الله أن ينعى الإسلام والمسلمين؟ من يطيق أن يسمع ما آل إليه حال المسلمين على يد المغول؟ ومن يطيق أن يسمع ما آل إليه حال المسلمين على يد الصليبيين في الأندلس أو في بلاد الشام؟ وها نحن أولاء نقدّم قصيدة أبي البقاء الرندي رحمه الله التي نعى بها الإسلام والمسلمين، ففيها عبرة للمعتبرين : لكل شيء إذا ما تمّ نقصانُ فلا يغرّ بطيب العيش إنسانُ هي الأمور كما شاهدتها دول من سرّه زمن ساءته أزمانُ وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شانُ يمزّق الدهر حتماً كلّ سابغة إذا نَبَتْ مشرفيّات وخرصانُ وينتضي كل سيف للفناء ولو كان ابن ذي يزن والغمد غمدانُ أين الملوك ذوو التيجان من يَمن؟ وأين منهم أكاليل وتيجانُ؟ وأين ما شاده شداد في إرم؟ وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟ وأين ما حازه قارون من ذهب؟ وأين عاد وشداد وقحطان أتى على الكل أمر لا مردّ له حتى قضوا فكأنّ القوم ما كانوا وصار ما كان من مُلْك ومن مَلِك كما حكى عن خيال الطيف وسنانُ دار الزمان على دارا وقاتله وأمّ كسرى فما آواه إيوانُ كأنما الصعب لم يسهل له سبب يوماً ولا ملك الدنيا سليمانُ فجائع الدهر أنواع منوّعة وللزمان مسرات وأحزانُ وللحوادث سلوان يسهّلها وما لما حلّ بالإسلام سلوانُ دهى الجزيرة أمر لا عزاء له هوى له أحد وانهدّ ثهلانُ فاسأل بلنسية ما شأن مرسية وأين شاطبةٌ أم أين حيّانُ؟ وأين قرطبةٌ دار العلوم فكم من عالم قد سما فيها له شانُ؟ وأين حمصٌ وما تحويه من نُزَهٍ ونهرها العذب فيّاض وملآنُ؟ قواعدٌ كنّ أركان البلاد فما عسى البقاء إذا لم تبق أركانُ؟ تبكي الحنيفيّة البيضاء من أسف كما بكى لفراق الإلف هيمانُ على ديار من الإسلام خالية قد أقفرت ولها بالكفر عمرانُ حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهنّ إلا نواقيس وصلْبانُ حتى المحاريب تبكي وهي جامدة حتى المنابر ترثي وهي عيدانُ يا غافلاً وله في الدهر موعظة إن كنت في سِنَة فالدهر يقظانُ وماشياً مرحاً يلهيه موطنه أبعد حمص تغرّ المرء أوطانُ؟ تلك المصيبة أنست ما تقدّمها ومالها مع طول الدهر نسيانُ يا راكبين عتاق الخيل ضامرة كأنها في مجال السبق عقبانُ وحاملين سيوف الهند مرهفة كأنها في ظلام النقع نيرانُ وراتعين وراء البحر في دعة لهم بأوطانهم عزّ وسلطانُ أعندكم نبأ من أهل أندلس؟ فقد سرى بحديث القوم ركبانُ لمثل هذا يذوب القلب من كمدِ إن كان في القلب إسلام وإيمانُ[2] لقد احتل الصليبيون بلاد الشام، ومكثوا في بيت المقدس سنوات طويلة يهلكون الحرث والنسل، ويشهدون الله والناس والتاريخ والعدوّ والصديق، أنهم حثالة البشرية وأحقر الإنسانية، فجرة كفرة، لا ذمة لهم ولا عهد ولا وفاء، ولا ذرّة من خلق أو فضيلة، طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد بعد ذلك صبّ الله عليهم سوء عذاب، بوساطة من أعزّ الله به الإسلام وأعزّه بالإسلام، السلطان المظفّر والمجاهد البطل والإمام العادل صلاح الدين الأيوبيّ رحمه الله جاء صلاح الدين والمسلمون متنافرون متناحرون متباغضون متحاسدون لكل ولاية أمير لا تجمعهم دولة ولا توحّدهم راية فوحّدهم على كلمة لا إله إلا الله وانتزع من قلوبهم حبّ الدنيا وكراهية الموت، ونادى في الناس : الجنّة تحت ظلال السيوف، فهرع الناس للجهاد زرافات ووحدانا، وانتصروا على جحافل الصليبيين في معركة حطين، التي أعز الله بها الإسلام والمسلمين بعد ذلك عاث التتار في أرض المسلمين فسادا وعلوا في الأرض علواً كبيراً، وجاسوا خلال الديار، يقتّلون الرجال ويذبّحون الأطفال والنساء والشيوخ لا يخرجون من بلد إلا بعد أن يتركوه قاعاً صفصفاً وقضت إرادة المولى جل وعلا ألا يهلك المسلمين بسنة عامة، وألا يستبيح عدوّهم بيضتهم ويهلك خضراءهم، فبعث الله لهذه الأمة من وحّد كلمتها وأعادها إلى حظيرة الإسلام من جديد، وصاح في الناس : واإسلاماه حيّ على الفلاح حيّ على الجهاد وهبّ المسلمون من نومهم، وجفا الكرى أعينهم، وعافوا الشهيّ من المطعم، ولم يقرّ لهم قرار حتى فازوا بإحدى الحسنيين، وانتصروا بقيادة سيف الله قطز رحمه الله على وحوش الغاب من المغول، في معركة عين جالوت الخالدة ووقف التاريخ خاشعاً أمام هذا الانتصار الباهر، وسجّله بمداد من نور، وتلا فَمُ الزمان أنشودة النصر التي صيغت على لحن الجهاد ومع وجود إيجابيات في الخلافة العباسية، إلا أنّ هنالك أيضاً سلبيات كثيرة أهمها: استمرت الخلافة ملكاً عضوضاً كما كان الحال في الخلافة الأموية وهذا أدّى لحمل الأسرة الحاكمة ومواليها على رقاب الناس وترجمت في هذا العهد الكتب اليونانية بما فيها من فلسفة ومنطق فأدى هذا لنشأة علم الكلام وظهور الفلاسفة وعلماء الجدل والمناظرة، وازدادت الفجوة بالتالي بين الفرق والمذاهب الإسلامية المختلفة، ونتيجة لهذه الترجمة ظهر القول بخلق القرآن، وامتحن أئمة السلف لذلك واستمر التشيّع في رفع لواء المعارضة، بعد أن اندسّ فيه الزنادقة والحاقدون على الإسلام من يهود ومجوس ونصارى وفي هذا العهد أيضاً: كثرت الحروب الداخلية للقضاء على الخارجين على الدولة، وعلى المارقين، وعلى الفرق الضالّة واعتمد الخلفاء العباسيون على النقيض من الأمويين على العنصر الفارسي الذي ساعدهم في هزيمة الأمويين، وهذا لا غبار عليه لو أنهم أذابوا الفوارق الجنسية جميعها وصهروها في بوتقة واحدة هي التقوى كما كان الحال في صدر الإسلام، ولكنهم غلّبوا جانباً على جانب آخر فأثاروا العداوة والبغضاء والتحاسد والتدابر والعصبية بين رعايا الدولة وأصبح الخلفاء في أواخر الدولة العباسية ألعوبة بيد الأتراك، يعزلون وينصّبون ويقتلون وفي هذا العهد انتشرت الطرق الصوفية وانتشرت معها البدع والخرافات ولأول مرة في تاريخ الإسلام وجدت هناك دولتان إسلاميتان يحكمهما خليفتان : الدولة العباسية في معظم البلاد الإسلامية، والدولة الأموية في الأندلس وظهرت في العالم الإسلامي نتيجة للتخلّف الديني ومن ثمّ التخلّف العلمي دويلات كثيرة، وأصبح المسلمون كالغنم بدون راع وطمع فيهم الأعداء، وصاروا كالأيتام على مأدبة اللئام وكما قيل: اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج فقد لاحت في هذه الشدائد تباشير النصر، وانبثق النور، وجاء الفرج بعد الشدّة، ويسرّ الله تعالى لهذه الأمة الأتراك العثمانيين ليحملوا راية الإسلام من جديد ومن أهم الإيجابيات التي حققتها الخلافة العثمانية: أنها وحّدت معظم البلاد الإسلامية وأخضعتها لسيطرة الخلافة، وأنها حمت البلاد الإسلامية طوال قرون من تسلط الأعداء عليها، وأنها كانت أكبر دولة في الأرض آنذاك، وأنها فتحت عاصمة الإمبراطورية الرومانية القسطنطينية التي كانت حلماً يراود المسلمين منذ فجر الإسلام، وأنها دقت أسوار فينا، وأنها انتزعت من الصليبيين أصقاعاً كثيرة بعد أن غزتهم في عقر دارهم ومرّغت أنوف طواغيتهم بالتراب وأنها في أواخر عهدها وهي على فراش الموت رفضت تنفيذ المخطّط الصليبي اليهودي العالمي، بإعطاء شبر من فلسطين لشذّاذ الآفاق وجذور البلاء ومع ما سنذكره عن هذه الخلافة من سلبيات، فسيبقى لهذه الخلافة الإسلامية الذكر الخالد والثناء العطر، وحسبها أنها فتحت عاصمة الروم وحمت بلاد المسلمين: فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش [3] الذي جعل من كنيسة أيا صوفيا مسجداً يذكر فيه اسم الله كثيراً سلبيات الخلافة العثمانية: لقد استمرت الأسرة الحاكمة من الأتراك العثمانيين في الحكم على أساس الملك العضوض، لا على أساس الانتخاب والشورى ثم إنّ هذه الخلافة هي الوحيدة في تاريخ الإسلام التي لم تستعرب، فكان الطابع التركي العثماني هو الغالب عليها ونتيجة لذلك، ولعدم صهر جميع عناصر الدولة في بوتقة الإسلام، ظهرت القوميّات المختلفة في نهاية عهد الخلافة، وهذا أدّى فيما بعد لتقويض الخلافة الإسلامية، والاحتلال الأوروبيّ للدّيار الإسلامية ولم توافق الخلافة العثمانية بحسن نيه على إعادة فتح باب الاجتهاد الذي أغلق في زمن انحطاط الخلافة العباسية - ، فاستجدت أشياء لم تكن في العهود السابقة، فلم تجد الحلول لها أو الإجابات عليها، فكان ذلك من الأسباب التي ساعدت فيما بعد على حلول القوانين الوضعية محل الشريعة الإسلامية وفي أواخر الخلافة العثمانية ظهر الفساد تدريجياً أو مختلف نواحي الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والعسكرية والعلمية وانتشر الظلم وحدث التفاوت الكبير بين الأقلية الأغنياء وبين الأكثرية الفقراء - وفي هذا العهد أيضاً انتشرت الطرق الصوفية المنحرفة، ونشطت الحركات اليهودية المنظّمة وانحصر مفهوم الدين في نفوس كثير من المسلمين في إقامة الشعائر التعبدية، وفي جهاد النفس فحسب وبالإضافة لهذه الانحرافات الدينية فإنّ دولة الخلافة لم تأخذ بالأسباب الماديّة ولم تتقدّم في الناحية العلمية، فسبقتها أوروبا في هذه الناحية ونتيجة لتخلّف الخلافة العثمانية روحياً وعلمياً، أفل نجمها بعد أن كانت الشمس لا تكاد تغيب عن ممتلكاتها واحتلتها الجيوش الأوروبية [1] ابن كثير : البداية والنهاية 11162 [2] التلمساني : نفح الطيب 4487 [3] رواه أحمد وصححه الحاكم