An-Najah National University

د. يوسف عبدالحق

 

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Monday, May 18, 2009
  • قمة العشرين :تلامذة ماركس غير النجباء - د. يوسف عبد الحق
  • Published at:http://yousefhaq.blogspot.com/2009/05/blog-post_6688.html
  •  

    منذ بداية صعود البرجوازية ( كبار ملاك راس المال) في بداية القرن الثامن عشر وهي تدفع بفعل دينها في تعظيم الربح، بملايين البشر إلى مأساة تلو مأساة، ويحضرني اليوم ونحن نعاني من نيران البرجوازية التي تلتهم كل شيء مقولة عالم الجاذبية الشهير ( نيوتن) في تعليقه على أزمة بحر الجنوب عام 1720 حين قال: (استطيع أن اعد كل حركات الإجرام السماوية في حين لا استطيع أن اعد الحركات الجنونية للبشر)، وقد جاء بعد ذلك ماركس بأكثر من مائة عام لتوضيح ما استعصى استيعابه على نيوتن حيث أكد أن السبب الحقيقي للازمات الاقتصادية للرأسمالية يكمن في تزايد الفقر وتناقص الاستهلاك مقابل نهم البرجوازية لتعظيم الربح من خلال تطوير قوى الإنتاج التي تصطدم دوما بسقف القدرة الاستهلاكية للمجتمع!!.

     

    حين حدثت أزمة النمور الآسيوية والتي شملت فيما بعد روسيا والصين خلال الفترة1997- (1999)، ادعى وتباهى خبراء الاقتصاد الرأسمالي أنهم تمكنوا من علاج هذه الأزمة وبالتالي أطلقوا عبارة أن الرأسمالية تجدد دوما ذاتها، لم يدركوا حينها أو أنهم لا يريدون أن يدركوا طمعاً في مزيد من الربح أن المشكلة ليست مجرد ضخ مليارات من الدولارات بل هي أصلا في ضعف الهيكل الحقيقي الإنتاجي مقابل ضخامة تدفق رؤوس الأموال الطيارة ( قصيرة الأجل) بحيث ما إن حدث تحرك واضح لهذه الأموال حتى ظهر فائض الإنتاج عن حاجة الطلب ، وطبعا نتج عن ذلك تخفيض عملات معظم دول النمور الآسيوية مما أدى إلى أن يتحمل الفقراء كالعادة جهنم الرأسمالية من خلال ارتفاع الأسعار والتضخم ، لقد أشار الفكر الماركسي في حينه 1999 على لسان تيد جرانت والان وودز إلى أن ما يجري ليس سوى مقدمة لازمة اقتصادية عالمية عميقة قادمة مستندين في ذلك إلى عدة مؤشرات أهمها أولا ضخامة حركة تمركز راس المال التي حدثت عام 1999 والتي تمكنت فيها من تحقيق زيادة بنسبة 30% في الولايات المتحدة الأمريكية وزيادة عالمية بنسبة 16% وثانيا عدم زيادة الإنتاجية في تلك الفترة، لا في السلع المعمرة ولا في السلع غير المعمرة، المجال الوحيد الذي تحققت فيه زيادة في الإنتاجية هو قطاع الكومبيوتر والتي بلغت زيادة الإنتاجية فيه أكثر من 10% منذ 1995 أو حتى عام 2000 حين وقع هذا القطاع في أزمة حادة أطلق عليها فقاعة النت.

    والان وبعد أن بلغت الديون الأمريكية الحكومية والخارجية الفردية والخاصة للشركات مبلغ يتراوح ما بين 40 ترليون دولار إلى 60 ترليون دولار، وبعد أن بلغت البطالة في الولايات المتحدة أكثر من 10% وانتقلت العدوى إلى جميع أنحاء العالم وان كان يشكل اقل حتى الآن مما أدى إلى انخفاض التجارة الدولية بنسبة 40% وفق بعض التقديرات وانخفاض في الإنتاج الصناعي بمعدل يتراوح ما بين 16% - 22% .

    تأتي قمة العشرين لتستخدم الدرس "الماركسي" بشكل مشوه مقرره رقابة مالية ، ضخا للأموال يصل إلى 5 ترليون دولار حتى عام 2010، زيادة في رأسمال صندوق النقد الدولي بمقدار الضعف ليصبح 750 مليار لتمويل التجارة الخارجية تاركة جانبا جوهر المشكلة المتمثل في قانون النمو المركب غير العادل للرأسمالية " تروتسكي" والذي يعني أن نمو المراكز الاميرالية المتصاعد وفقر الدول النامية وهما وجهان لعملة واحدة، ولعل أهم ما قيل عن قمة العشرين هو أن اعتماد قانون المنفعة الشخصية لتحقيق مصلحة المجتمع هو أمر لم يعد مقبولا، ومع ذلك فان المراكز الامبريالية في قمة العشرين تعتقد أن موافقتها على تدخل الدولة هي مجرد انحناء أمام العاصفة لمدة محدودة ثم تعود حليمة لعادتها القديمة.

    كل المؤشرات تؤكد أن الظرف الموضوعي بات مواتيا تماما لحركة الطبقة المقهورة نحو التغيير كما توقع تيد جرانت والان وودز قبل 15عاما في مقالهما على حد السكين والمطلوب هو إنضاج العامل الذاتي لحركة المقهورين في هذه الدولة أو تلك حتى يمكنها التقدم التدريجي على الطريق الاشتراكي، وهنا لا بد من الإشارة إلى انه على الاشتراكيين نواة المقهورين الصلبة ان ينخرطوا في قلب الحركة الجماهيرية والنقابية الرسمية وذلك باعتبار أن ضغط قوة الفقر والقهر الاجتماعي سيولد لا محالة قوة دفع فعالة للحركة الجماهيرية والنقابية الرسمية ، وبالتالي ستكون الفرصة متاحة أمام الاشتراكيين لتطوير هذه الحركة وتصعيدها بالتدريج إلى حركة جذرية للمقهورين على طريق التحرر و الاشتراكية العلمية .

     ولعل الوطن العربي من أكثر المناطق تأهيلا للتغيير فقد بلغت الخسائر العربية حتى الآن 2.2 ترليون والبطالة تزحف في كل الدول العربية بمتوسط لا يقل عن 15% وبعيدا عن المصالح العربية الحقيقية يزداد عمقا ,كما أن الفقر بمعيار 2 دولار يوميا يطال حوالي32% من العرب وعليه فقد آن الأوان لحركة المقهورين العرب للتقدم نحو التغيير من خلال إعادة البناء الذاتي لهذه الحركة على أسس واضحة وصلبة فكريا وتنظيميا.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

  • No Attachments Found for this Article

PROFILE

Yuosef Ibrahim Abdel -Haq
Economic Development and planning
 
Show Full ProfileEnglish CV
 
 

PUBLISHED ARTICLES

 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me