An-Najah National University

An-Najah Blogs

 

 
  • Bookmark and Share Email
     
  • Tuesday, May 31, 2005
  • اللغة العربية في القرن الحادي والعشرين، في المؤسسات التعليمية في فلسطين: الواقع والتحديات واستشراف المستقبل
  • Published at:Not Found
  • بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،

    فهذه دراسة تحاول وصفَ المشهد اللغوي للعربية في فلسطين، وتصويرَ المُناخ الواقعي لذلك المشهد في المؤسسات التعليمية الفلسطينية. ويأتي الحديث عن هذا الموضوع، في فلسطين، وفي غيرها من أقطار العروبة الشقيقة، ونحن في مستهل عصر جديد، هو القرنُ الحادي والعشرون، الذي يتَّسم، كما هو معروف، بثورة المعلومات، وتفجرِ الإمكانات والطاقات في ميدان البحث والدرس، وما يستتبعه ذلك من كشوف وابتكارات في كل مجالات الحياة الإنسانية والعلمية.

    لقد أضاف مجمع اللغة العربية الأردني إلى مآثره الجمة، مأْثُرةً جديدة عندما خصَّص موسمه الثقافي الثالث والعشرين للحديث عن قضية خطيرة من قضايا وجودنا، ومعْلـَمٍ بارز من معالم هويتنا، ونعني بها اللغة العربية، التي تعدُّ عنواناً لهذه الأمة، بل أحدَ مقوماتها الرئيسة.

    وإذا كان الحديث عن اللغة العربية، وما تعرضت له في الماضي، على يد أبنائها حيناً، وعلى يد أعدائها أحياناً أخرى، من سوء استعمال، أو عدوان، أدى إلى إضعافها، وتراجعها، فإن الحديث عنها الآن، ومناقشة وضْعها في ظل ما تتعرض له الأمة العربية من هجمة تدميرية، تستهدف مقومات وجودها، ومن طغيان عولمة شرسة، تبتغي طمس معالم حضارتها، يبدوان لنا أكثر إلحاحاً، وأشدَّ أهمية، وبخاصة أننا نقف، في الوقت الحاضر، في الخندق الأخير للدفاع عن وجود هذه الأمة، وكرامتها، والذود عن شرفها، ورمز عزتها.

    إنَّ المشهد اللغوي، الذي يجسد واقع اللغة العربية في فلسطين، لا يختلف، فيما نرى، كثيراً عن أمثاله في الأقطار الشقيقة الأخرى، وإذا كان هناك ما يوحي بخلاف، أو فرق بين مشهد لغوي وآخر، بين قطرين عربيين أو أكثر، فإنَّ مردَّ ذلك يعود، في رأينا، إلى خصوصية المناخ والظروف التي يعيشها قطر ويميزه من غيره، أما في الثوابت الفكرية، والاجتماعية، والنفسية، أو، لنقل، الحضارية، بصفة عامة، فإن المشهد واحد، أو متشابهٌ إلى حدًّ  كبير. من هنا، فإن الحديث، في هذا الموسم الثقافي المبارك، عن لغتنا، وما تواجهه من ظروف أبعدتها عن خطَّها، وحالت دون قيامها بالدور الحضاري المأمول منها، سوف يأتي، في ائتلاف خيوطه وخطوطه أو اختلافهما، معبراً عن همًّ وطني وقومي مشترك، يجتاح الأمة العربية، ويؤرقها، وباحثاً، في الوقت نفسه، في ضمير هذه الأمة، عن حلًّ يشفيه من ألم وجعه، وينقذه من عمق وهدته.

    إن هذه القضية، التي يطرحها الموسم الثقافي لمجمع اللغة العربية الأردني، للمناقشة والتداول، تحمل، في طياتها، حساً وطنياً، وإحساساً قومياً لدى القائمين عليه، والمخططين له، في محاولة منهم لجمع شمل هذه الأمة بعد انفراط عقدها، وانفلات أمرها، وضياع هيبتها، وذلك بمخاطبة وجدان الأمة في عنوان بقائها، ورمز وجودها، المتمثل بهذه اللغة الشريفة التي تجمع بين أبنائها رغم كل عوامل الفرقة، وأسباب الاختلاف.

    لذا، فإن أهمية هذه القضية، تستدعي من الباحث فيها أن يكون دقيقاً وأميناً في وصف الواقع المعيش للغتنا، وهذا يتطلب منه أيضاً أن يضع إصبعه على الجرح النازف في جسد هذه اللغة، باحثا عن أسبابه الحقيقية والواقعية، ومجتهداً في وصف الحلول العلمية والعملية له، على أمل إيقاف هذا النزف الذي يستهلك، دونما شك، طاقة الأمة في أهم مقومات وجودها، وهو اللغة.

    وإذا جاز لأية لغة أن تبتلى بالتراجع والضعف، وأن تُمتحن بالانحدار والوهن، فإن اللغة العربية يجبُ أن يعصمها أبناؤها من الارتكاس في مثل هذه الآفات، وأن يرتقوا بها إلى حيث يجب أن تكون دائما، فهي لغة القرآن العظيم.

    وقد جاءت هذه الدراسة مشتملة على مدخل خُصَّص لوصف واقع المشهد اللغوي للعربية في المؤسسات التعليمية في فلسطين، ثم تمَّ الانتقال، بعد ذلك، إلى الحديث عن التحديات التي تواجهها لغتنا في فلسطين، وهي تحدَّيات عامة تواجه، فيما نظن، اللغة العربية في كل الأقطار الشقيقة، وإن كان التحدي عندنا، هنا في فلسطين، يأخذ بعداً خاصاً وخطيرا متمثلاً في تلك الهجمة العبرية الشرسة على لغتنا العربية.

    وفي النهاية، فقد حاولت هذه الدراسة أن تضع بعض التوصيات والإضاءات والاجتهادات كي تكون معالم وصوى يمكن الاستئناس بها، أو ببعضها، ونحن بصدد استشراف مستقبل نرجو له أن يكون واعداً، وأن يكون قادراً على انتشال هذه الأمة ولغتها من وهاد حاضرها إلى سفوح غدها.

     
  • Bookmark and Share Email
     
Leave a Comment

Attachments

PROFILE

Mohammad Jawad Moh. Al_Nouri
 
Show Full ProfileEnglish CV
 
 
 
Please do not email me if you do not know me
Please do not e-mail me if you do not know me